اسطورة أسمها شعبان وحكايات لايمحوها النسيان (1)

احمد مهدي الياسري

a67679@yahoo.com

لم يكن شعبانا ًكأي شعبان آخر , فشعبان ساحكي لكم حكايته قد حل فيه الفجر في الساعة الثانية ظهرا وتلك لعمري اولى معجزاته ..
تقول الاسطورة ان هناك فتية صدقوا ماعاهدوا الله عليه , اخرجوا القلوب خارج الصدور واقبلوا يتهافتون على ذهاب الانفس كما لبس الاجداد العظام قلوبهم فوق الدروع ومضوا يتنافسون على ذهاب الانفس ..
كانت ساعات لم نشعر فيها باي هاجس من الخوف والوجل واحتمال الفشل فكم من معركة خاضها الكثير من القادة والابطال ولم يكن لاحتمالات الفشل السبق في التوقع لا بل يسبق اي تحرك مثل ضخامة مانحن قادمون عليه احتمال الفشل والترتيب اليه ولتاثيراته المحتملة ..
اتحدث الان عن احدى الملاحم والبطولات وتأريخ ثورة عظيمة يجب ان تسجل في سفر الثورات الخالدة , فمقوماتها متوفرة والتضحيات كانت جسام والبطولة في أوج عنفوانها والطغاة في اوج حقدهم وقسوتهم وجبروتهم ..
معادلة غير متكافئة كانت هي السمة التي وصفت بها تلك الملحمة التي وقعت بين سماط الخير وخسة الشر وتلك ايضا قسمة ضيزى هي التي قوبلت بها تلك الثورة الدامية من قبل الجميع الحاقد واستثني منهم الشرفاء ممن ساند وتالم وبكى تلك الجموع الثائرة حينما قــُبرت في ترب توزعت في كل الانحاء والصحاري..
حكايات تلك الثورة المعطاء كثيرة والشهود اكثر والتأريخ متعطش للتسجيل فسفره لما ينضب وبحاجة ماسة للحقيقة كما هي من دون رتوش او تزويق او زيادة او نقصان ولهذا وذاك سابدا ليس كعادة المالوف من البداية حتى النهاية بل ساختار اليوم احد ايام النهاية لتلك الثورة الخالدة واقتطع لكم هذا المقطع الانساني من مآسي هذا الشعب الذي يلوم الاخر ابنائه على صبهم جام غضبهم ولعنهم وسخطهم على كل من آذاهم وعذبهم وقبر اعزتهم ولما يزل يواصل درب الحقد والغل والذبح الى اليوم واقولها لمن يلومنا على الاسلوب والصيغة ان كنتم من نعنيهم في الكلام فقد اوصلنا لكم الرسالة وتلقينا حنقكم وغضبكم وشتيمتكم ونفخر بما نكتب وبما تردون من تعقيبات وايميلات مسمومة حاقدة تشي بان مرسلها هو الذباح والمجرم فكل اللعنات عليكم وعلى من توالون وتعبدون , وان لم تكونوا منهم فلم تعاتبونا فنحن لانعني سوى قتلتنا وذباحينا وازبال التاريخ فاصمتوا يرحمكم الله ولاتنسوا ان من نعنيهم اولائك من عليهم لعنة الله والناس اجمعين .
كانت المعركة في اوجها وصواريخ الحقد تتساقط كالمطر على بقعة من اطهر بقاع الارض تلك التي تحوي في اديمها اطهر جسد لاطهر وصي لنبي احمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين والزمان هو شعبان الانتفاظة الخالدة ..
لم تكن هناك قوانين واعراف يمكن الركون اليها فحابل الاجساد اختلط بنابل الدماء وقد تجد راسا لرجل قرب جسد امراة وحتى انني عثرت على جسد رجل مقطوع الراس وقربه راس طفل في ريعان صباه فاحترت وبحثت عن الجسد والراس الاخرين فلم اجدهم ..!!!
تلك الصورة هي التي رايتها انا وبقية الاحبة المتبقين هناك قرب تلك البوابة الدامية لضريح امام المتقين ابا الحسن عليه افضل الصلاة والسلام وكانت القنابل وازيز الرصاص والهاونات تتقاطر كالمطر علينا نتقيها بالصبروالصلاة والدعاء وبركة رحمة رب العباد فلم يبقى لنا حينها سواها وحقا انها كانت في بعض الاحيان تستحيل تلك الحمم والاحقاد والسموم بردا وسلاما ولكنه بردا على من تركهم القدر ليتلوعوا فيما بعد بتلك المناظر الدامية لاعز الاحبة والاهل والاطياب وليتنا كنا معهم لنفوز بعطاء الله بدل رؤية اللئام وعيش الحمام وقسوة الاقزام ..
الجموع من نساء واطفال وعجزة وقد زحفت من اطراف المدينة ومن المدن والقرى المجاورة ومن كربلاء قبل ايام حالما بدأ الطاغية زحفه القاتل والمسعور لكي تحتمي بسد وحصن ابا الاحرار المنيع, فاين سيلوذ الضعيف الا عند الاقوياء الابطال والضرغام حيدر الكرار ..
كانت ساحة الصحن الحيدري الشريف ملجأ لتلك النساء والاطفال والشيوخ ظنا منهم ان الطاغية سيستحي من الله ورسوله والتاريخ والانسانية ولن يقصف داخل الضريح المقدس ولكن الظن الحسن في الفاجر امراستطيع تسميته جهل وسذاجة وطيبة زائدة عن اللزوم مع احترامي لتك الاطياب فمن هم مثل حثالات البعث لايمكن تصنيفهم من بين اصناف البشر ولا حتى من الحيوانات لان الحيوان له ممالكه وقوانينه ودستوره ولم ارى بحياتي حيوانا اعتدى على بني جنسه كفعل متكرر ودائم ولكن الطاغية وازلامه فعلوها وتجاوزوا الخطوط الحمراء..
لم تزل القوات الصدامية الباغية تحاول الوصول الى عرين الاسد والاسود التي تدافع عنه بكل مالديها من حياة وقوة ودم ولم يبخل احد بشئ ولم يرمي احد سلاحه الا وقد اخترقت رصاصات الحقد قلبه النابض وكانت اصوات الصراخ تتعالى من تلك الجيف العفنة حينما يأسرها الابطال وتتوسل الحياة وكلها تنطق بـ ( عجل يابة ودحج يول ) تلك لهجة ابناء العوجة القتلة واوباش المرتزقة من قطعان منافقي خلق وبعض الفلسطينيين ..
دبابتان تمركزتا في شارع الصادق واخرى في بداية سوق الكبير ترميان بحممهما البعثية الحاقدة على عرين الاسد الكرار ومحبيه ومن احتمو فيه اتقاءاً لشر السموم الصدامية المجرمة , وكنت التقط عبر احدى الموجات القصيرة في الراديوموجات البث لاوامرهم وكلها تنادي قوات الصقر والنسر وتامر قطعان الذل بالتقدم نحو البوابات الحيدرية واوامر اخرى كثيرة كنا نرصدها ويذهب الابطال الى حيث يتحركون فيسقطون على رؤوسهم حمم الغضب البطولي وتنسحب الفلول تجمع اشتاتها وتعود للكر مرات ومرات ..
ولان الامر وقد وصل حدا لايمكن معه ابقاء تلك الآلاف البريئة في الداخل فقد عزمنا الامر بتامين خروجهم باي صورة كانت ولانها بوابة واحدة من الممكن النجاة منها وهي باب القبلة لانها تؤدي الى شارع الرسول الغير محتل من قبل ازلام النظام حتى اخر يوم من الانتفاضة وايضا لان تلك البوابة تؤدي الى النفاذ الى الطريق المؤدي الى جنوب العراق او الى منطقة البحر ومن ثم الى حدود السعودية والكويت اما بقية الابواب فهي موصدة بالنيران وسيطرة الاوباش والقناصة على مداخلها وان من بُعد امتار ليست بالقليلة اي في مرمى الاوغاد والغدرة المتمركزين في شرفات الفنادق والبيوت المهجورة ..
كانت الدبابة التي في شارع الصادق ترمي بحممها على من يخرج من بوابة القبلة ومعها رمي الرشاش المنصوب فوقها اي بعد كل قذيفة تكون رشقة رصاص وحتى يتم حشوها بقذيفة اخرى يواصل المجرمين الرمي على تلك الابرياء الخارجة بسرعة من تلك البوابة لكي تدخل وتحتمي في الشارع المقابل لها ولان الشارع جانبي اي ليس بمقابل لتلك الدبابة اللعينة كنا نحتمي فيه وننتظر فرصة توقف الرمي للنفاذ الى البوابة واخراج مجموعة تلو الاخرى من النساء والاطفال والشيوخ وكان من لايمتلك فرصة في الحياة او هو رزق برزق الشهادة يتكوم فوق بعض الاشلاء الممزقة في تلك المساحة الضيقة والتي هي تقاطع الدم والمذابح التي لن انساها او ينساها من حظر تلك الواقعة واحسب بعضهم حيا حتى اليوم ويشهدون على تلك الايام الدامية من شعبان العز والفخار ..
خيم صمت رهيب وانبرت نفس ابية طاهرة عزيزة كريمة ومن دون ايعاز او توجيه الا اللهم ايعاز الواجب وحمية الرجال وضمير ونخوة العز والشرف والاباء فانبرى احد الابطال وتسلل الى تلك الدبابة القذرة وفجرها وهنا سنحت لنا الفرصة وان بعد فوات الكثير من الاوان وازهاق المئات من الارواح لان ننتشل الجثث المكدسة في ذلك المكان واخراج من بقي في الداخل من نساء واطفال وعجزة وحتى من المتخلفين عقليا وكنا نعلم ان هذا الموقع سيعوضوه بدبابة اخرى وبسرعة فهو موقع استراتجي من ارض المعركة وقد وصلوه بعد ايام دامية وطويلة وخسائر فادحة بالارواح العفنة والمعدات القذرة نتيجة التصدي البطولي لابناء علي والحسين عليهم السلام وكل حر عزيز وقي القناصة يلتقطون الاحبة واحدا تلو الاخر ولكن من فزعهم وجبنهم يختبؤون بعد اطلاق رصاصة من القناص لانهم يعلمون انهم حينما يرصدون سيكون مصيرهم الفناء والتقطيع ..
كنا وبعض الاخوة وصلنا الى ذلك الكوم اللحم المتكدس والرؤوس المقطعة والاجساد الدامية واغتنمنا الفرصة وكان الهم في انتشال الجرحى الاحياء اولا من بين ذلك التل البشري القاني وبعدها نقل الشهداء ورصهم في مسجد كان في وسط شارع الرسول ومدرسة الشربياني والرصيف وبعض الازقة المجاورة وبعد ان تكدست الجثث فوق بعضها البعض وفي الجمعية الاستهلاكية في وسط الشارع والتي جعلناها مستوصفا لانقاذ الجرحى وكان يدار من قبل اخوة اطباء متبرعين واخوات كريمات يشهد الله لم اعرف من هن الى هذه الساعة فلايظهر من وجوههن الطاهرة سوى العينين واليدين الملطخات بدماء الاطفال والنساء والرجال يداوين تلك الجراح ويخطن الممزق منها ويضعن البلسم على الحروق ولاحول لنا الى بقوة الله ورحمته الواسعة وتلك الروح المعطاء من ابناء علي وبنات فاطمة الزهراء سلام الله عليهم اجمعين ..
كنا نخشى عودة تلك الدبابة اللعينة والعتاد وقاذفات الآربي جي التي مع الابطال وقد نفذت صواريخها ولايوجد صواريخ لاطلاقها عليها ان قدمت مرة اخرى ولم يتبقى في ايدي المتبقين من ابطال الانتفاظة سوى كلاشنكوفات وبعض البنادق القناصة وعتاد قليل وهنا اتكلم عن تلك الزاوية التي اتواجد فيها فقط ولكن في اماكن اخرى كان بعض الاخوة لديه هاونات وبعض القاذفات وكانت تدور ملاحم في المقبرة وخان المخضر وصافي صفا ومناطق اخرى من الطريق المؤدي الى كربلاء الشهادة والفخار ..
كانت هناك من بين الهواجس التي تنتابنا ان نكون نسينا او تركنا حيا من بين الجرحى فاقدا لوعيه وكنا لانترك قذيفة او صاروخ ارض ارض سقط على البيوت المتداعية والقديمة المجاورة الى ونلهث سراعا اليها علنا نستطيع انتشال احدهم من بين الانقاض ومحضوض في ذلك اليوم من يستشهد ويدفن تحت الانقاض والتراب لان من يسقطون في الشوارع تهتك حرماتهم وتنتفخ بطونهم وتنطلق بعد حين الروائح نتيجة التفسخ اما من يبقى تحت الانقاض فهو في بيته ولكنه في ذلك اليوم في قبر بيته وقرب احبته واطفاله الا لعنة الله على من فعلها ومن سمع بذلك ورضي به وعلى امة اسرجت والجمت وتنقبت لقتلنا ولعن الله امة طبلت ونادت بعد ذلك ان هؤلاء الشرفاء يستحقون الموت والذبح ولعنة الله على من لم يقل فينا قولة الحق وغدا بين يدي الله سيكون اللقاء وغدا نار الحميم ..
كان ينبعث من تلك التلة الآدمية المتكومة صوت لبكاء طفل رضيع وينطلق بين الحين والآخر من بين تلك الاجساد الدامية المقطعة الاوصال عند ذلك التل القاني وانطلقنا الى حيث الصوت فهو يصمت ويكرر الصراخ والبكاء..
وبينما نسير ونتنقل بين الاشلاء نبحث عن الجرحى الاحياء سمعت صوتا أخر يأن بين احضان الشهداء..
ماهذا ..؟ عيون ممزقة تاكل الديدان فيها بنهم برواء...اشلاء متناثرة نقلبها متوزعة هنا وهناك ..
رباه لايوجد بين الجمع احدا من الاحياء ..
لانظر هناك ابعد قليلا فالصوت يظهر ويختفي ..
وانا في حيرة من امري والصبر كاد ان ينفذ ولكن ..انه الصوت مرة اخرى ينطلق من بين تلك الكومة من الابرياء ..
وبين الاشلاء برز شعر اسود وضفائر تزينها اشرطة قماش حمراء ..
انه بين احضان ام ولازالت ممسكة به وبقوة كان يرقد وبرقوده رقود الصفاء ..
قلت مع نفسي ولعيني على تلك الام ورضيعها لاطل ..
لارى من يكون هناك من بينهم من الاحياء ويان بصمت وحياء ..
يرفض الصراخ وهو جريح لألى تنهيه رصاصة الاوغاد الجبناء ..
ورفعت يدا ونحيت راسا مخضبا بالدماء .. وذلك صدر مشقوق وبطن مبقورة واحشاء تعانق الاحشاء ..
نحيت الاجساد عن الاجساد واللحوم عن اللحوم والدماء تغسل الارض والام والاب والابناء ..وفجأة رايت وليتني مارايت..
وفي تلك الساعة مت او عميت ...
من بين تلك الاكوام والاشلاء برزت اثداء .. ووجه جميل كانه البدر ولسان حاله يقول للباغين انا منكم براء ..
مالكم امي مزقتها رصاصات الحقراء ..
وجف الحليب في تلك الاثداء ...
تلمست بيدي نبضها وحولي الاخوة في بكاء وبكاء وبكاء ..
فوجدته النبض يقول انا لازلت حية بين النساء ..
انا لم امت وان تمزقت مني الاشلاء ... او صرت بهذا الحال الخواء ..
انا لازلت انتظر ان يمتلئ صدري بالحليب بالغذاء ..
حتى اشبع طفلي الذي لاذنب له سوى انه موجود بين اجساد الاصلاء ..
فبالامس كان في احضان اهليه النجباء ..
نظرت في عينيها والحال يقول انها ممزقة عيناها مغمضة كانها عمياء ..
قلبتها حتى ارى جروحها فلا الامسها حتى لاتتوجع فاصابني الذهول ...
تسمرت في مكاني ونسيت الاصول ..
فالحال لايتقبل الانتظار رفعناها بالثياب الممزقة والدماء ..نحيت الكثير من الشضايا المبعثرة على جسدها الطاهر وكان كل الامر يجري بعناء بشقاء فهي حرة وهي اخت وام وهي حرمة لايمكن ان تستباح ولكنه الزمن العصيب وقلتها في البداية لاقوانين ولا اعراف وانت في تلك الحال والزمن القاتل يسابقنا وله حسابه والمكان ايضا ...
اوصلناها الى جانب الرصيف ولكن الجميع صرخ رباه كيف بقيت حية ولم يبقى في جسمها مكان لم تخترقه شضية اورصاصة ومن اين لها كل تلك القوة التي تحتضن فيها طفلها الرضيع وبقوة لانستطيع انتزاعه منها وبيد واحدة والاخرى دامية..
كأني بها تقول ..هو الموت اصارعه وسابقى اناشده ان يبقني الله حية حتى اسقيه رضعة حليب تحييه في هذه الدنيا القذرة ..
حتى يكبر وياخذ لي ثاري من ايدي الفجرة ..
انا ميتة ولكن يدي واثدائي لازالت نضرة ..
سالتها ما اسمك ؟؟
من ابوك ؟؟ من اخوك ؟؟ من زوجك ؟؟ من اي عشيرة ؟؟
لم استطع ان اقول لها لماذا انا اسالها لما رايته من عظيم مصابها انني اسال لانك بعد حين راحلة فلامجال لافزاعها فوق الفزع ..
لم تجبني فهي تحاول تحريك لسانها ولكن الفم كان ازرق واللسان مشلول والرصاصات اخترقت عمودها الفقري واصابت بعض الاعصاب التي شلت اغلب اعضائها الا ماتمسك به طفلها الرضيع ..
كانت عينيها تتحرك بايمائات معينة غير مفهومة ولكني حسبتها تتوسل ان نعينها او نعين الرضيع ان هي رحلت وايقنا انها لن تنطق باي كلمة ..
حملناها الى حيث الجمعية المسوتصف لانقاذ الجرحى وكان البكاء والعويل هو من استقبلها هناك فقد ضج الجميع لحالها وطفلها والعجب احتوى الجميع لقدرة الله وكيف بقي هذا الرضيع حيا وامه ممزقة الى حد الفزع لاي جراح متمرس ..
كان جواب الدكتور المعالج في تلك اللحظة انها منتهية ولم يتبقى لها سوى دقائق فقد برز كل شئ من احشائها ونزفت كل دمها وهي في النزع الاخير ..
كان المكان يعج بالعشرات العشرات من الجرحى اما الميؤوس منهم فقد كنا نحملهم اما الى مدرسة الشربياني او يتكفل احد البيوت القريبة بالرعاية او الاخوة على الرصيف هذا يسقيه اخر شربة ماء وذاك يتشهد له وذلك يوصينا بايصاله الى اهله وووووووو مما يشيب له الرضيع..
حملناها الى قرب دارنا التي كانت قريبة للمكان ...
كان الجميع من كان هناك يفكر بهذا الرضيع وحاله ..
اجتمعت بعض النسوة حولها يحاولن سؤالها عن اهلها ومن تكون حتى يوصلوا الطفل اليهم ان هدئت الامور ولكن دون جدوى ..
سالت امي كيف تفعل معها لو كانت ابنتها ..
حينما راتها صرخت انها ميتة والحياة فقط في الايادي ويلتاه كم من الظلم والجور نقاسي ماذنب الرضيع وامه ..
كان الجميع يبكيها وحتى من فقدت في ذلك اليوم عزيزا او فقد كان يهون عليه مصابه امام هول مانراه من اصرار على الامومة وروعة مدرسة الحنان الفطري لتلك المراة الزينبية الاصيلة ..
رحلت وتركت يدها الطفل بعد ان فاضت روحها الطاهرة الى الله تشكوه ظلم الطغاة وجبروتهم وقسوتهم ..
رحلت ولسان حالها يقول بايديكم لملموا اشلائي ..
وارعوا اعز ابنائي ..
انه نور عيني وصفائي .. وفخري وبكائي ..
امانتي لكم لاتتركو السلطان الجائر متربع على عرش بلادي ..
لاتتركو الاوباش يهنئون بدمائي ..
بعنائي ..
لاتتركو الانسان في بلادي يعامل بماء النار ...فالجلاد يحسن سر الصنعة صناعة القتل والدمار ..
لاتتركوه يحيل العدل اشلاء ودم مسكوب ..
او يتسامر مع فريسته وينهشها كذئب مسعور منكوب ..
لاتتركوه يمزق اشلاء الاطفال ...يفتي بان حرام الارض حلال .. يجعل الجسد الغض رمال ..
كنت افكر في اوجاعها وافكر ولا املك حتى رصاصة الرحمة ,انها الحيرة تملكتنا كيف ننهي هذا البؤس ... هذا الشقاء
ماذا نفعل بجسد امراة فيه الرصاص اكثر من كريات الدم الحمراء..
ماذا نفعل لصدر ام ينبض شلالا من الدم ويعيش بنبض الابناء ..
ذلك الفتى اليوم موجود واسمه احمد وربته عائلة من عوائل النجف ولكن السؤال المحير الى الان هو من ياترى هم اهله وجده وعمه وخاله فقد بقيت جثة تلك الام حتى دخل الطغاة ودفنوها في المقابر الجماعية ولم نستطع معرفة عائلتها .. والى حكاية اخرى نسال الله لشرفاء شعب العراق الامن والصحة والعافية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com