|
فيدرالية الحكيم تتخلّى عنّا باسم السعيدي / بغداد أثارت أطروحة السيد عبد العزيز الحكيم لقانون الفيدراليات والتي تتضمن فيما تتضمنه إقامة فيدرالية الوسط والجنوب أثارت جدلاً كبيراً بين الأحزاب المتآلفة تحت خيمة الإئتلاف العراقي الموحد نفسه فضلاً على القوائم الأخرى تحت قبة البرلمان (لو استثنينا التحالف الكردستاني). وأول الجهات المعترضة من داخل الإئتلاف كان التيار الصدري وحزب الفضيلة وحزب الدعوة بشقيه وبعض المستقلين ،كما إن الأخبار المتواترة عن رأي النجف " مرجعية السيد السيستاني تحديداً" هو مناوئ للفيدرالية في الوقت الحاضر وبشكلها الحالي، ولو تتبعنا النقاط التي تثير الجدل لوجدناها غاية في الخطورة وأول هذه النقاط هي التوزيع الديموغرافي لأبناء الطائفة الشيعية ، ويتواجد الشيعة زيادة على المحافظات التسعة المطروحة لإقامة الفيدرالية المقترحة في مناطق خارج هذه الرقعة أي كركوك – الموصل وبعض ضواحيها – الدجيل وبلد – ديالى عموماً – بغداد. ولعل الثقل الأكبر بين هذه المحافظات هي العاصمة بغداد إذ يتراوح الوجود الشيعي فيها بحدود 4-5 مليون نسمة وهي نسبة قد تصل الى 85% من سكان العاصمة ، بينما نسبة الشيعة في ديالى تتراوح من 45 – 50 % (بضمنهم الكرد الفيلية) ، بينما تقل النسبة بكثير في بقية المناطق وهي:- كركوك – صلاح الدين – نينوى ( مرتبة تنازلياً). ويكمن الخطر في طرح فيدرالية المحافظات التسعة ( بغض النظر عما في التقسيم المحتمل من مخاطر) يكمن في :- 1- إرسال رسالة مغلوطة الى الإرهاب الذي لم ولن يألُ جهداً في التقتيل والتنكيل بشيعة العراق مُفادُها إن النظام السياسي الجديد في العراق يتخلّى عن كل شيعي خارج الفيدرالية وهو موكول بحماية الشيعة داخل الفيدرالية ، وملزم بتطوير البنية التحتية والإقتصاد والبنية الإجتماعية فقط في هذه الرقعة ، وتتضح معالم " وصول هذه الرسالة" من خلال أعمال التهجير القسري تحت تهديد السلاح للشيعة وأعمال القتل والتنكيل بين صفوفهم خارج فيدرالية الحكيم، وكذلك ينعش الأمل بـ (بغداد سنية) مما يزيد من سعار القتل والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة في المناطق ذات الغالبية الشيعية بغرض إقناعهم بالقوة الى مغادرة بغداد وإخلائها والالتحاق بفيدرالية السيد الحكيم. 2- إرسال رسالة الى الجانب الأمريكي (ويلاحظ أن زلماي خليل زاد يعمل على وفقها فعلاً اليوم) مُفادها أننا مستعدون للتخلي عن الوجود الشيعي خارج الفيدرالية وهو ضوء أخضر للجيش الأمريكي لإسناد الخلايا الإرهابية الناشطة في تلك البقاع لأعمال التهجير والتنكيل ، ولو يتتبع القارئ مجريات أحداث محافظة ديالى لوجد أن الجيش الأمريكي وقف محايداً أزاء كل تعرُّض مسلّح ينال من الشيعة ومدنهم وقراهم (وهذه الأحداث موثقة في المقدادية – خان بني سعد – بهرز – الخالص ) وما خفي ولم يصل الى الصحافة أكبر بكثير والله وحده يعلم به، ويقول أحد شهود العيان أن الجيش الأمريكي طارد الأهالي التي دافعت عن مساكنها في المقدادية بحجة " إنتماءها الى ميليشيا محظورة" بينما ظلَّ الإرهابيون ( أو المهاجمون) طلقاء أحرار في إستهداف الأهالي بمثابرة عجيبة وصمت أمريكي أعجب، وتتكرر الحادثة في مناطق أخرى كقرية سبع بالقرب من خان بني سعد حيث نجا المهاجمون بفعلتهم وغنائمهم وشُرِّدت أهالي القرية من الشيعة وأعتقل كل من هبَّ للدفاع عن القرية بيد الجيش الأمريكي ، وما زالت دورهم تعوي بها الذئاب والذئاب البشرية. 3- الفيدرالية المطروحة فعّلت أمراً في غاية الخطورة وهي ( تشكيل ألوية للجيش العراقي ) على أسس طائفية ، ففي معسكر بمدينة النعمانية تم تشكيل لواء مشاة آلي فيه مختلف المكونات العراقية ، وجاء أحد الضباط الأمريكان الكبار (بحسب رواية أحد المدربين في المعسكر) وبدأ بفرز الشيعة من السنة (كلٌّ حسب إنتماءه العشائري وبمعاونة المترجم الذي يبدو أنه كان ضليعاً بالأنساب الطائفية) وحين إنتهى منهم بدأ بالعشائر مشتركة الطوائف كالجبوري والعبيدي والشمري وغيرها وطلب من الشيعة الخروج خارج ساحة العرض.. بعدها طلب منهم مغادرة اللواء فإنهم مطرودون ، وهذه الحادثة تثبت شيئاً واحداً لاغير : (إن الأمريكان في نيتهم التأسيس لحرب شيعية سنية نظامية ) حيث لم يكتفي السيد السفير (فوق السيادة) زلماي خليلزاد بالإقتتال على المستوى المليشيوي بل يريد عكس هذا الصراع على مستوى ألوية الجيش فيما بينها. 4- المستوى القادم من الصراع بحسب الأجندة الحكيمية - الزلمايوية هي فرض التقسيم بقوة السلاح بعد الإقتتال بين جيشين جيش سني وجيش شيعي.. وكل ذلك ستكون ساحته الكبرى (بغداد) بعد خلوّ ديالى وكركوك وصلاح الدين ونينوى من بؤر التوتر (وأقصد بها الوجود الديموغرافي الشيعي). 5- إن الإستقراءات الحالية لمجلس النواب تثبت أن مشروع القانون في طريقه الى الفشل وبالتالي فهذه نكسة سياسية تنعكس سلباً على الموقف الموحد للإئتلاف العراقي الموحد ويثير التساؤلات حول (زعامة) السيد الحكيم للكتلة ومدى نجاحه في النهوض بهذه المسؤولية الجسيمة. السؤال الذي يطرح نفسه هو :- هي يعي الحكيم ما يفعله بمستقبل كل شيعي خارج حدود فيدراليته؟ وهل ينوي فعلاً تسليم كل الشيعة وأعدادهم بالملايين الى غضبة ونقمة الدولة الطالبانية (الإمارة الإسلامية) التي ينوي إعلان قيامها أبو أيوب المصري في رمضان من هذا العام؟ هل يعي الحكيم أنه بفيدراليته ينوي التخلّي عن كل شيعة بغداد وهم بثقلهم التصويتي أوصلوه الى زعامة قائمة المئة وثلاثين مقعداً؟؟ أو يظن أننا سنسكت على ذلك؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |