واحد صح وأربعة غلط

 فوزي حكاك / النرويج

fauzi1711@hotmail.com

هذا ما قرأته في الإخبار على المواقع العراقية وكما يلي:

أعلنت الكتلة الصدرية رفض مشروع الأقاليم، وتبدو الأسباب التي تستند إليها والتي ابلغها لـ(الصباح) النائب فلاح حسن شنشل صعبة في مسعى الاتفاق على صياغات متقاربة ونهائية، ووضعت الكتلة خمسة أسباب للرفض الأول: إن الأقاليم لا يمكن إقامتها في ظل وجود الاحتلال لأنها مدعاة لتجزئة وتفرقة البلاد. الثاني: إن تجزئة البلاد على أساس الهوية ستؤدي إلى إيجاد ثلاثة أقاليم كردي وسني وشيعي، وهذا تنفيذ كامل للمخطط الغربي كما قال فضلا عن وجود مناطق متداخلة، فأين سيكون مصيرها، هل سيكون التهجير، الثالث: يجب تقوية مجالس المحافظات وإعادة النظر بهذه التجربة(غير الموفقة) والإسراع بوضع قانون هذه المجالس. الرابع: إن الوضع الأمني يحول دون تطبيق نظام الأقاليم. والخامس: تقترح الكتلة الصدرية عرض مسودة المشروع على الاستفتاء قبل إقراره.

 

الغلط الأول

ــــــــــــــــ

وجود الاحتلال لا ينفي الحق في إلاعلان عن الأقاليم في هذا الظرف. إعلان الأقاليم يعني تصميم الشيعة على انتزاع حقوقهم, سواء الأقاليم مستقلة أم ضمن الدولة العراقية. لا يمكن الاستمرار بالتخوف من كل شي وتبرير الأمر بوجود قوات الاحتلال لأنه الاحتلال أمده غير معروف, وهذا يعني حسب الكتلة الصدرية ستبقى قضية الأقاليم غير منتهية أو ستبقى معلقة لأمد غير معروف, وهذا أمر وتفكير يبدو ترسخ اليوم في نفسية السياسي العراقي الذي دائما يبقي الأمور معلقة دون حلول ولا حزم...وموت يازمال حتى يچيك الربيع.

 

الغلط الثاني

ــــــــــــــــ

تقسيم الأقاليم على أساس الهوية هو أمر فرضه الواقع العراقي ألان, لان ذبح الشيعة واغتيال ناس من السنة هو أمر يتم يوميا على الهوية, فلماذا إنكار الواقع. والى متى تبقى الزرافة تدفن رأسها في الرمل. وهذه نقطة أخرى من صفات السياسي العراقي, الذي لا يرى مصالح شعبه, ولا طائفته, ويهتم بشفافية الكلمات ويترك الأمور على غاريها.

ولا ندري كيف الكتلة الصدرية تقول ان تجزئة البلاد هو تكريس للمخطط الغربي...كيف يعني مخطط غربي؟

هل هذا الكلام يعني أن الغرب يقبل بتكوين إقليم شيعي مجاور لإيران ويسيطر هذا الإقليم على منابع النفط الخليجية الذي قربها شيعة الخليج؟

هل الغرب يقبل بتسهيل الامتداد الإيراني عبر الإقليم الشيعي العراقي لتقترب الصواريخ الإيرانية أكثر من الأراضي الإسرائيلية والأوربية؟

هل الغرب أصبح شيعيا متعصبا ليفعل ذلك؟ أم الغرب أصابه الجنون ليجعل أهم المناطق النفطية في العالم بيد الشيعة؟

أم إن الكتلة الصدرية لم تعرف بالموقف العدائي الأمريكي من حزب الله ومن إيران؟

إن طرح هذه ألنقطة وهذا التعليل هو الغلط الأكبر في الرأي الصدري لرفض الأقاليم.

إنا أرى العكس من ذلك, لأني في الحقيقة اجد في رفض الأقاليم على أساس طائفي هو تكريس للمخطط الغربي الذي جعل شيعة العراق مصلخ بشري يتم فيه ذبح الشيعة في أي وقت يرغب به الغرب. وما الحرب على إيران واحتلال الكويت إلا إثباتا لذلك.

إما كون المناطق المتداخلة من شيعة وسنة فهذا سيثبت لنا مستقبلا مَن هي الأقاليم الإرهابية, كيف تضطهد الأقليات فيها, فإذا كان في الأقاليم الشيعية ناس من آهل السنة يتم اضطهادهم, فلماذا لا يضطهد الشيعة بقية الأقليات من مسيحين وصابئة؟

الأقليات دائما موجودة بين الاكثريات, وصحيح تتعرض للاضطهاد مرات, هذا نعرفه ولا ننكره, وهو يحصل, والزمن كفيل بإنهائه عندما تهدأ نفوس الناس, ويكون حقها بيدها لا بيد أقليات تحكم الأغلبية.

 

الخطأ الثالث

ـــــــــــــــــ

إما موضوع تقوية مجالس المحافظات فهذا أمر مضحك حقاً.

 فمن يسيطر على البصرة اليوم؟ أليس حزب الفضيلة؟ فإذا هنالك خلل في مجلس محافظة البصرة مثلا فهذا بسبب خلل تصرفات حزب الفضيلة والكتلة الصدرية, وكان الأجدر تقوية مجلس البصرة وحل مشاكله وإنجاحه في خططه وخطواته وجعله نموذج أفضل من النموذج الكردي في إدارة المحافظات الكردية, بدلا من انتقاد مجالس المحافظات العراقية.

هذه النقطة أساسا لم يكن من الصحيح ذكرها كسبب لرفض مشروع الأقاليم. السبب إن كل مجالس المحافظات عدا الكردية هي مجالس فاشلة. كلنا نعرف ذلك...السبب واضح...لان من يسيطر ويدير مجالس المحافظات هي الأحزاب العراقية الفاشلة في إدارة كل شي, حتى في إدارة نفسها.

 

الخطأ الرابع

ـــــــــــــــــ

مسالة الوضع الأمني يحول دون تطبيق نظام الأقاليم لعمري هو سبب غريب جدا...وسبب اغرب من الغريب.

الناس تريد نظام الإقليم لتتخلص من الإرهاب , لتقوم بنفسها بتدبير أمنها, فكيف تريدون من شيعة العراق يبقون ساكتين ودمائهم تسيل في الشارع يوميا, وتنتظر من العم سام ومن نوري المالكي والكتلة الصدرية وغيرهما حتى يقوموا بإثبات الأمن, وبعده نفكر في نظام الأقاليم؟

يا أيها الإخوة في حزب الفضيلة والكتلة الصدرية, الناس تريد الهرب من الإرهاب, وتريد حفظ حياتها وستر إعراضها بتكوين أقاليم خاصة بها, حتى لا يعيث التكفيري في البصرة فسادا....

كان الأجدر في هذه النقطة إن تقولوا لشيعة العراق بصراحة :

- يا شيعة العراق ابقوا تحت سكاكين التكفيريين, واصبروا كما صبر أُولو العزم من الرسل, حتى يستتب الأمن ونعطيك الأقاليم بعد أحقاب من الزمن.

 

خامسا وهو الصحيح

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فكرة طرح مسودة المشروع على الاستفتاء هو الصحيح الوحيد في الطرح الصدري, وهو أمر كان يجب أن يكون أولا وأخيرا قبل رفض المشروع بتلك الصورة القاسية التي صدمت أهالي شهداء المقابر الجماعية.

 ثم طرح الاقتراحات والمواضيع المصيرية على الاستفتاء هي طريقة حضارية, وكان على الكتل الصدرية عدم استعمال الرفض العنيف وإغلاق الطرق أمام الشيعة لتكوين أقاليمهم. لان الطرق الحضارية في الاستفتاء تدل على عقلية متنورة تجذب اهتمام الناس.

لمعرفة هل العراقيون يرغبون بأقاليم يحكمونها سكانها, يجب الاستفتاء المفتوح والعلمي, وعلى ضوءه يتم اتخاذ القرارات, لان القرار الصادر من مجلس النواب أي كان, حتى ولو كان موافقة على الأقاليم, فهو قرار ناقص, فمن يقرر للشعب يجب أن يكون كامل الأهلية وبكامل قواه العقلية, ونوابنا ليسوا بذلك المستوى, وهذا ما أثبته الواقع العملي, وليس مجرد ثرثرة.

في النهاية أقول لو وصل سياسيو العراق إلى إن مشاكلهم وحسدهم الشخصي والعائلي يجب دفنها وراء ظهورهم, لأصبحوا واجهة حضارية يفخر بها العراقيون كما يفخرون بمسلة حمورابي....هذه المرة فعلا ثرثرة لأنها ضرب من الخيال.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com