صحافة الأنترنت لها مالها وعليها ما عليها

بروفيسور د. عبد الإله الصائغ / مشيغن

assalam94@hotmail.com

يمكنني القول ان هذا الموضوع يصلح لأن يكون موضوع الساعة او ضيف الشرف على عديد المواقع! فبعض المواقع تدعو الى القتل نهارا جهارا بحجة الوطنية او الدين او المذهب او القومية! وبعض المواقع تلطخ سمعة الشرفاء وتنتقص من الأكفاء! والبعض الآخر يستعمل تقنية الأنترنت للعودة بالبشرية الى عصور اليربوع والناقة والقديد وحروب داحس والغبراء! وقد امنت تلكم المواقع العقاب او الحساب او حتى مجرد العتاب! فباتت احد أهم الاسباب الداعية الى الارهاب والخراب والاغتصاب والقتل من اجل القتل!! وما حفزني للنبش في هذا الموضوع الملغم المفخخ هو حوار هادف بناء اليوم دار بين كوكبة من مثقفي العراق التقدميين في غرفة ينابيع العراق البالتاكية عشية الاربعاء 13 سبتمبر 2006 لمناقشة العنوان الذي بين يدي هذه المقالة وفق نظام المائدة المستديرة فالحديث مفتوح ومسموح للجميع ولا ولي امر ولا ولا! وكان المتحدثون كلاً من الاستاذ جاسم المطير والدكتور احمد النعمان والدكتور عقيل الناصري وئآشتي احمد خضر والاستاذ الخزاعي وعبد الاله الصائغ وماجد لفتة العبيدي فضلا عن اسماء معهودة كبيرة اكتفت بمزية الإصغاء والتأمل!! الى جانب حضورعدد من الرواد دخلوا بالنك نيم! ومن خلال الحوار الهاديء الهادف قرت القواسم المشتركة على نحو أظهر تقارب الآراء وتبادل الخبرات والمعلومات وصولا الى الصيغة التي تنأى بهذا الضرب من الصحافة الجديدة عن هيمنات الجهلة والأميين والمعطوبين وذوي التمحور حول الذات واللذات او ما ندعوهم بالنراجسة! لكن ذلك لايعني التطابق في رؤية الاسباب والنتائج والمقترحات بين اولئك المفكرين المتحاورين في غرفة ينابيع العراق فسنة الفكر المعرفي الحضاري انه فكر يختلف ليأتلف ويشك ليوقن!! ولسوف اقدم بين يدي القاريء الكريم عددا من الأفكار وأنجِّم دفعة من الإشارات! طمعا او رغبة في ان يستثير هذا الموضوع الخطير والخطير جدا جدا اقلام الزملاء حتى تتضح الصورة وتتبلور الغاية!

لقد ظهرت صحافة الانترنت بشكل مكارب للمفاجأة وان هو لم يكن كذلك بالنسبة للشعوب المتطورة المتحضرة! منتجة الانترنت ونحن فقط المستهلكون! ظهور الانترنت سبق التمهيد له فكان الذي كان وكان الذي ليته لم يكن! كان ان نزلت مخلوقات فضائية جوعى عطشى متحفية متعرية تختزن شبق التاريخ لتحتل خلايا الانترنت دون رقيب او حسيب! فالشطارة هي ان تنشر غسيلك وتشعل فتيلك والخسارة ان تضع كفك على خدك متخلفا عن المهرولين والمحنجلين! في البدء بدأت حملات الايميلات والتراشق ببذيء المفردات بين الجماعات البعثية والمجموعات العراقية! ثم تطورت الاسلحة واستعيض عن حرب الايميلات بحرب خاطفة تعشي الأبصار! واعني بها حرب الفايروسات! ففي الصباح تفتح عينك باسم واحد من اصدقائك او صديقاتك! وقد ارسل احدهم او احداهن ايميلا بموضوع ناعم فتفتحه لينفجر الكمبيوتر ويحترق وتمحى الفايلات المهمة! وتسير الأيام بطيئة أو سريعة فيجيء دور المواقع او ما اصطلح عليه الصحافة الانترنيتية! فحمدنا الله ان المواقع العراقية كانت بعدد اصابع اليد الواحدة فتتبلور اسماء كتاب ذوي جاذبية بدأ القراء يدمنون على كتاباتهم واسماء كتاب ذوي جاهلية بات القراء يميزونهم ويجعلون كتاباتهم موضوعا للنكتة والإضحاك! ولكن لبث الحد الأدنى من الأعتبارات الأخلاقية والحرفية لدى تلك المواقع الرائدة او البادئة! ثم تغير مجرى الأمور فظهرت مجرة المواقع السهلة السريعة المتخلفة فاستيقظنا ذات صباح أو ذات مساء لتتكحل أعيننا بمرأى عشرات المواقع بل مئات المواقع بل آلاف المواقع! واضحينا وجها لوجه مع مديري مواقع زمن الأنترذوق! لكن بعضهم ( وهو بعض صغير ) والشهادة لله متمكن أمكن فضلا ومروءة وثقافة ووعيا إعلاميا ولا نريد ان نسمي فضليات المواقع خشية ان نكون مروجين دون ان ندري ولكنها موجود وماثلة ويتسابق كبار الكتاب والمبدعين للنشر من خلالها! والبعض الآخر ( وهو بعض كبير ) ما صدق انه صار مالك موقع فجعله وسيلة للرذيلة لاستدراج اسماء النساء! او سبيلا وبيلا لاستعجال نزوات الرجال! فيلطش صورهم ويبروز كتاباتهم! ولسان حاله يردد مع يزيد ( فلا نبأ جاء ولا وحي نزل ) فقد اكتشف هذا البعض البعوضي ان الاعلام سهل وسهل جدا! وكاذب من زعم انه علم! وان على الاعلامي ان يضبط اللغة والاساليب ويفهم قليلا في التاريخ وعلم الاجتماع! ومدع من ادعى ان زمننا هذا هو زمن ثورة الاعلام والمعلومات! يكفي ان تصنع موقعا لن يكلفك جهدا او مالا حتى تأتيك عاصفة من المقالات المقاتلات والقصائد الخرائد والأخبار الأوضار! وحين تفتح فمك لتقول كفاية لاتضيعوا الوقت تعلموا يامدراء! فلك ان تحتمل قلة الذوق وشحة المروءة فهذا يتهمك بالبعثية وارتداء البذلة الزيتوني وآخر يتهمك بتحبيب التخريب وثالث يفتي بكفرك ومروقك! كل ذلك يحصل لانك نبهتهم بمحبة! والمصيبة فإن الكثير ممن لا تعنيهم يظنون انك تعنيهم والكثير ممن تعنيهم موقنون انك لا تعنيهم! و ما بين حانا ومانا نُتِفَتْ لحانا!.

تحتاج صحافة الانترنت الى ميثاق عمل يتفق عليه المعنيون ويوقعون عليه ثم يلتزمون به او يلزمون! والأجدى عمل نقابة او نادي يمنح العضوية لمن توفر فيه الحد الأدنى! ولا يشترط الشهادة الجامعية حتى لايؤتى لك بالشهادات الفالصو ومن ارقى الجامعات! فقط خبرة مع حد اخلاقي ووطني ومعرفي وانساني وتقدمي مناسب! وما اجدر باليونسكو ان تستن نظاما ولا تكون المواقع إلا بإجازة رسمية حتى نتخلص من عمليات البلطجة والاستمناء باسم حرية الرأي!. وشيء آخر وهو ان على كاتب المقالة الانترنيتية ان لايطيل فالزمن لايسمح للقاريء اليوم بتضييع وقته في مقالة واحدة وليتأكد ذوو المقالات العيطبولية ( الطويلة ) أن لا احد يقرأ مقالاتهم ففيم تبذير الوقت والجهد الغاليين! صفحة فلسكوب تكفي وإن كان ولابد فصفحتان او ثلاث!. كما اننا نقترح على الموسرين من مدمني الأنترنت وضع جائزة مجزية لأفضل مقال انترنيتي او صورة او تحقيق او موقع او او بما يشد من ازر المبدع والمتنور! وتمنع المواقع نشر المقالات التي تثلم الشرف الشخصي للخصم او العائلي او الوطني فقد يؤول الامر اي امر صاحب الموقع والكاتب الى القضاء وقفص الإتهام وعندها فلن يجدي البكاء ولا العويل! وما زلنا نحن في صميم احترام الخصم فلابد من وضع تابو كبير على الاقلام التي لم تتعلم سوى الغلط والشتيمة والنميمة وبذيء القول ورديء الظن! ينبغي ان لاتشجع الأقلام الداعرة على نشر ملابسها الداخلية امام زوار الأنترنت حفاظا على الذوق العام والهاجس التربوي وذلك حسبنا!.

ولماذا لا نعنى بالأرشفة وكثير من المقالات والقصائد واللوحات تؤرخ وتحلل وتؤول وفق روح العصر وإشراط الفكر العلمي بما لاغنى للقاريء في المستقبل عنها بل قاريء زماننا ايضا! وقد تعتمد البحوث الانترنيتية الرصينة العلمية والأمينة مصادر او مراجع للدراسات العليا! او او وثائق فائقة القيمة للمؤرخين والسياسيين والعلماء! والنسق نفسه ممكن جدا حين ينهض ناشر حريص ليجمع مقالات فلان او قصائد علان او لوحات زيد ليخرجها في كتاب انيق يمكن توزيعه على دور النشر والشوارع والصالات الثقافية! ثم وهذا شيء مهم! ثم الم يحن الوقت لكي تنفق المواقع المقتدرة او المدعومة مكافآت نشر اسوة بالصحف الارضية والمجلات والدوريات!! ان الحديث ذو شجون ونتمنى ان تؤخذ مكابدتي هذه بروح المحبة وان يصغي اليها من يصغي على انها خطوة من اجل صحافة انترنيتية تبني ولاتهدم وتجمع ولاتشتت.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com