جريمة الانفال من الجرائم الموجهة ضد الانسانية

 

جريمة الانفال من الجرائم الموجهة ضد الانسانية

 

رياض العطار – رئيس تحرير الموسوعة الثقافية لحقوق الانسان

رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الانسان في العراق - السويد

r_alattar@hotmail.com

من المؤكد ان ضحايا هذه الجريمة البشعة قد دفنوا في مقابر جماعية وخصوصا الذين أسروا ونقلوا الى مناطق اخرى من العراق والسؤال المطروح في هذا السياق:

 من هم ضحايا المقابر الجماعية?

 في البداية اسمحوا لنا ان نحدد من هم ضحايا المقابرالجماعية.

في اعتقادي ان الضحايا يتوزعون على عدة جرائم ارتكبت من قبل النظام السابق وهي:

 1- جريمة انفال ثمانية الاف برزاني اختطفوا من مناطق سكناهم عام 1983 واختفوا منذ ذلك الوقت وتبين انهم قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية وقد عثرعلى رفاتهم في في مقابر جماعية في اربيل والسليمانية ونقرة السلمان..

 2- جريمة قصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية والتي أدت الى استشهاد اكثر من خمسة الاف انسان دفن معظمهم في مقابر جماعية.

3- جريمة الانفال من عام 1987 الى 1988 حيث شنت حملات عسكرية استخدمت فيها الاسلحة الكيمياوية والتي أدت الى استشهاد 182 الف انسان وتم

نقل اعداد كبيرة من السكان كالاسرى الى منطقة الحضر في محافظة الموصل والى نقرة السلمان في محافظة السماوة حيث دفنوا احياء مع عوائلهم في مقابر جماعية.

4- ضحايا قمع انتفاضة اذار المجيدة عام 1991 حيث قتل عشرات الاف من الناس في المحافظات الوسطى والجنوبية وكردستان واستخدمت ضد المنتفضين كل انواع الاسلحة وهدمت البيوت على رؤوس ساكنيها ودفن معظم الشهداء في مقابر جماعية. 5- الضحايا الذين اعدموا في سجن ابوغريب عام 1996 -1997 ويقدر عددهم بين 1500-2000 وقد دفنوا في مقابر جماعية.

6- ابناء المهجرين الشباب الذين اعتقلوا خلال تهجير عوائلهم الى ايران بحجة انهم من التابعية الايرانية عام 1980، وقد اختفوا وتبين انهم اعدموا ودفنوا في مقابر جماعية ويقدر عددهم بحوالي سة الاف شخص.

7- الكويتيون الذين خطفتهم القوات العراقية خلال انسحابها من الكويت فتبين بعد سقوط النظام انهم قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية.

 لقد عثر في صحراء السماوة وكربلاء والديوانية... على مقابر جماعية لضحايا الانتفاضة كما عثر في كردستان على 17 – 18 قبر جماعي في المناطق المحيطة بكركوك ونينوى وصلاح الدين تضم رفات اكراد تعود وفاتهم الى عام 1988، وهي فترة حدوث جريمة حلبجة والانفال، وقد اكد خبراء القبور، ان النار قد اطلقت على الضحايا، كما عثر على مقابر جماعية في محافظة دهوك واربيل والسليمانية تعود الى ضحايا الانفال وحلبجة.

 وهنا، لا بد ان نتطرق بالتفصيل الى واحدة من هذه الجرائم وقد اخترت جريمة الانفال لتكون محور دراستي هذه:

جريمة الانفال من الجرائم الموجهة ضد الانسانية

 لقد تم تنفيذ حملات الانفال العسكرية تحت اشراف وقيادة علي حسن المجيد، مسؤول منطقة كردستان انذاك وبصلاحيات أستثنائية واسعة، عندما تبين أن محمد حمزة الزبيدي (توفى في السجن أوائل عام 2006) لم يكن بمستوى المهمةالمناطة به وقد بدأ علي حسن المجيد بأصدار مجموعة من التعليمات الصارمة والقاسية والتي تحدد بوضوح سيطرتة الشخصية على الامور هناك، وقد ورد في هذه التعليمات الامر المرقم 38 - 2950 والمؤرخ في 3 حزيران عام 1987 الموجه الى القيادات العسكرية وقيادات فروع الحزب ومديريات الامن ومديرية المخابرات العامة ومنظومة الاستخبارات ما يلي: الموضوع: - قرار-

 1 - يمنع منعا باتا وصول أي مادة غذائية وبشرية وألية الى القرى المحظورة أمنيا المشمولة بالمرحلة الثانية من تجميع القرى ويسمح للعودة الى الصف الوطني من يرغب منهم ولا يسمح الاتصال بهم من أأقربائهم نهائيا الا بعلم الاجهزة الامنية.

 2 - يمنع التواجد منعا باتا في مناطق المرحلة من القرى المحظورة أمنيا والمشمولة بالمرحلة اولى لغاية 31 - 6 - 1987 للمنطقة المشمولة بالمرحلة الثانية.

3 - بعد اكمال الموسم الشتوي والذي يجب ان ينتهي في 15 تموز بالنسبة الى الحصاد ولا يجوز استمرار الزراعة فيه للموسمين الشتوي

و الصيفي لهذا الموسم أيضا.

 4 - يحرم كذلك رعي المواشي ضمن هذه المناطق.

5 - على القوى العسكرية ضمن كل قطاعه قتل أي انسان وحيوان يتواجد ضمن هذه المناطق وتعتبر محرمة تحريما كاملا.

 6 - يبلغ المشمولون بترحيلهم الى المجمعات بهذا القرار ويتحملون مسؤولية مخالفتهم له. للاطلاع والعمل بموجبه كل ضمن أختصاصه.

 التوقيع - علي حسن المجيد - أمين سر قيادة مكتب تنظيم الشمال.

 

متى بدأت العمليات العسكرية:

 قام مرصد الشرق الاوسط بدراسة 40% من الوثائق التي أستولت عليها المعارضة الكردية من المكاتب الحكومية في كردستان العراق عقب أنتفاضة أذار عام 1991 ووفقا لهذه الدراسة فقد بدأت عمليات الابادة ضد الاكراد بحملة الانفال الاولى بتأريخ 23 شباط 1988, بشن عدة هجمات في وادي (جفاتي) في محافظة السليمانية، وقد حققت هذه الحملة أهدافها المحددة لها يوم 19 أذار بسقوط أخر قاعدة للمقاومة الكردية في قرية (بير غالو)) ودمرت في هذه الحملة معظم قوات المقاومة الكردية مما اجبر بقية القوات على الهروب بأتجاه ايران،، ولم يأسر في هذه العملية الا القليل.

في يوم 16 أذار شنتالقوات الحكومية التي يشرف عليها علي حسن المجيد، عدة هجمات بالاسلحة الكيمياوية على مدينة (حلبجة) التي راح ضحيتها خمسة الاف شهيد ومثلهم جرحى !.

يوم 22 أذار بدأت الحملة الثانية للانفال، عندما شنت القوات الحكومية عدة هجمات بالاسلحة الكيمياوية على عدة قرى، وتم خلال هذه الحملة أختفاء اعداد كبيرة من الشباب وتم نقل بعض العوائل الى مخيمات الاعتقال في الصحراء جنوب العراق وسجن (نقرة السلمان)، وقد أنتهت هذه الحملة في الاول من نيسان عام 1988.

في 7 نيسان بدأت حملة الانفال الثالثة في سهل (جرمي) حيث شنت القوات الحكومية هجوما كبيرا أستخدمت فيه جميع انواع الاسلحة بما فيها الطيران، ولم تواجه قوات الحكومة مقاومة شديدة بسبب شدة الهجوم، وقد أنتهت هذه الحملة يوم 30 نيسان بعد ان دمرت جميع القرى في المنطقة وقد تم أختفاء عدد كبير من العوائل (تبين بعد سقوط النظام ان هؤلاء قد دفنوا احياء في مقابر جماعية في السماوة والناصرية...).

يوم 2 أيار بدأت عملية حملة الانفال الرابعة بشن هجوم عنيف بالاسلحة الكيمياوية بواسطة سلاح الطيران وقد قتل في هذا الهجوم عدد كبير من المدنيين ونفذت عمليات أعدام جماعية بحق المقاتلين والمدنيين من اطفال ونساء...

في 8 أيار دمرت جميع المستوطنات السكانية في منطقة العمليات الحربية.

و من 15 أيار الى 28 أب بدأت حملات الانفال الخامسة والسادسة والسابعة، عندما شنت هجمات واسعة لقوات الحكومة على وادي (شقلاوة) و(راوندوز) وقد أستخدمت في هذه الهجمات الاسلحة الكيمياوية وقد قتل وأسر وأختفى الاف من الاكراد ونقل بعضهم الى معسكرات الاعتقال.

يوم 25 أب نفذت حملة الانفال الثامنة والاخيرة في منطقة (باديان) بشن هجمات بالاسلحة الكيمياوية على عدة قرى وبعد هذه الهجمات

العنيفة فر السكان الى الجبال المحيطة بالمنطقة، وقتل وجرح في هذه الهجمات ألاف من الاكراد.

يوم 6 يلول أنتهت حملات الانفال سيئة الصيت والتي شكلت وصمة عار في جبين حكم صدام حسين البائد وقد أستمرت أكثر من ستة أشهر (من23 شباط الى 6 أيلول) وأدت الى قتل وأسر واختفاء الاف من العوائل الكردية.

لقد لاحظ المقرر الخاص لحقوق الانسان السابق (فان دير شتويل) ان حملات الانفال كانت محكمة التخطيط والتنفيذ وقد أدت الى وفاة وأختفاء الاف الاسر، وتم تدمير الاف القرى، بما في ذلك الموارد الاقتصادية والممتلكات الثقافية العامة...الخ.

ان حملات الانفال التي نفذتها حكومة صدام حسين ضد الشعب الكردي هي أحدى جرائم الابادة للجنس البشري ويتحمل مسؤوليتها بالتضامن جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة (المنحل) ووزير الدفاع والقادة انذاك الذين ساهموا وخططوا وأمروا بتنفيذها.

 

موقف المجتمع الدولي من جريمة الانفال

لقد ادان المجتمع الدولي قمع الشعب العراقي وخصوصا الاكراد واصدر مجلس الامن عام 1991 القرار رقم 688 الذي ندد فيه بقمع السكان المدنيين العراقيين، بما في ذلك في المناطق التي يسكنها الاكراد، وطالب المجلس وضع حد لذلك، وذكر ان نتائج القمع تهدد السلام والامن الدوليين، وفي بيانيين أخرين أدلى بهما رئيس مجلس الامن الدولي في 11 أذار و23 تشرين الثاني عام 1992، ذكر ان المجلس، لا يزال يساوره بالغ القلق، أ زاء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان التي أرتكبتها حكومة العراق ضد شعبها ولا سيما في المنطقة الشمالية (كردستان) من العراق ومراكز الشيعة في الجنوب والاهوارفي الجنوب.، وفي هذا السياق فقد ذكر المقرر الخاص لحقوق الانسان:

 أنه درس حالة عرب الاهوار، وافاد ان طريقة عيشهم التقليدية معرضة للخطر نتيجة لافعال الحكومة العراقية، وأضطر الاف من عرب الاهوار الى الفرار داخل البلد وخارج حدوده بسبب الحملة العسكرية التي شنتها الحكومة على من تظن أنهم معارضون وهي حملة تضمنت قصف القرى عشوائيا بالقذائف السامة وتم تسميم القنوات المائية بالمواد الكيمياوية والاعتقال والاحتجاز التعسفين لاعداد كبيرة من الاشخاص، كما نشرت الالغام مما اضطر السكان للهجرة من مناطقهم وحدثت ايضا عمليات تشريد قسرية من جراء (مشروع النهر الثالث) الذي نفذته الحكومة، وهو مشروع يرمي الى أنشاء طريق مائي مركزي للري.

لقد أدى تجفيف الاهوار الى تغيير تام في أقدم نظام لتنقية المياه وتعديل نسبة الملوحة في نهري دجلة والفرات، فنسبة الملوحة أرتفعت الى الضعف بعد سنتين، ومعدل درجة الحرارة أرتفع في مناطق وسط العراق وجنوبه باكثر من درجة ونصف، كما أصبحت المنطقة خالية من سكانها وماتت فيها أصناف من النباتات ورحلت عنها طيور كانت تتخذ من هذه المنطقة موطنا دائما ومؤقتا لها.

 

و السؤال المطروح في هذا السياق:

 من هم الذين ارتكبوا جريمة الانفال? وما هي مواقعهم عند ارتكاب الجريمة? وما نوعها? وماذا كان موقف القانون الدولي من هذه الجريمة?

 لقد شارك صدام حسين شخصيا في الجوانب العملياتية لجريمة الانفال من خلال مكتب رئاسة الجمهورية ¸و بأعتباره القائد العام للقوات المسلحة الا ان السلطات العليا لتسيير الشؤون الكردية بين اعوام 1986 – 1989 قد انيطت ب علي حسن المجيد (علي كيمياوي) بأمر من صدام حسين.

كانت جريمة الانفال عملية خاصة قادها مكتب تنظيم الشمال الذي يرأسه علي كيمياوي الذي اعطيت له سلطات أستثنائية بموجب القرار الصادر عن مكتب تنظيم الشمال ولجنة الشمال المرقم 160 بتاريخ 29 اذار 1987، حيث وضعت تحت تصرفه جميع اجهزة الدولة الحزبية والعسكرية والامنية، وقد شارل في التوقيع على الاوامر الصادرة عن قيادة مكتب شؤون الشمال، طاهر توفيق العاني، سكرتير المكتب (احتفظ عندي ببعض هذه الاوامر في الارشيف الخاص بالانفال)، وشارل ايضا راضي حسن سلمان مساعد امين عام قيادة مكتب الشمال (كان محافظ القادسية سابقا).

لقد وضعت تحت قيادة على كيمياوي في عمليات الانفال الاجهزة الرئيسية التالية:

 * الجيش العراقي الذي يضم (قوات الكوماندوس والقوات الخاصة ووحدات الاسلحة الكيمياوية وسلاح الهندسة...).

كان وزير الدفاع انذاك اللواء عدنان خير الله (توفى) ورئيس اركان الجيش نزار عبد الكريم الخزرجي، وكانت معظم عمليات الانفال تدار من قبل الفيلق الاول المتمركزفي كركوك بقيادة سلطان هاشم والفيلق الخامس المتمركز في اربيل بقيادة العميد يونس محمد الضارب، وكان سلطان هاشم ايضا قائدا ميدانيا لعملية الانفال الاولى, وقاد كل من العميد اياد خليل زكي والعميد بارق عبد الله الحاج حنطة على التوالي عمليتي الانفال الثانية والثالثة (الاخير قتله صدام).

قوات الحرس الجمهوري وحدة العمليات الخاصة التي شاركت في عمليات الانفال الاولى والثانية.

* مديرية الاستخبارات العسكرية العامة، التي اشرفت على مراكز الحجز التمهيدية في قلعتي (قورانتو ونزاركه وغيرها) والتحقيق في بعض المسائل الخاصة بالمتخلفين والهاربين من الخدمة العسكرية … وكان قائد القاطع الشرقي للاستخبارات (خالد محمد عباس) وقائد القاطع الشمالي للاستخبارات(فرمان مطلك صالح).

 * مديرية الامن العامة، ومن ضمنها الوحدات الخاصة بالعملاء الكرد (المفارز الخاصة) والتي من مهامها جمع المعلومات ومراقبة السكان والتحقيق مع المعتقلين في (توب زاوا) ومعسكرات الاعتقال الاخرى، والاشراف على المخبرين وتعقب الفارين والذين يؤونهم ومراقبة المجمعات... وكان انذاك عبد الرحمن عزيز حسين مديرا لامن منطقة الحكم الذاتي لكردستان.

* قوات الطوارئ، وهي الوحدات الموجودة تحت قيادة حزب البعث من ضمنها، الجحوش، عملاء الشرطة المسؤولين عن المعلومات حول المدن،مقاومة الارهاب، والاشراف على مراكز الحجز الاولية في مدينة السليمانية ومواقع اخرى.

 * جحافل الدفاع الوطني، لها دور مساعد في العمليات القتالية، جمع السجناء، مهمات الحراسة في مراكز التجميع...

 * الجيش الشعبي، مهمات الحراسة في مراكز النقل الرئيسية (توب زاوا، دوبز...)

* لجنة استقبال العائدين، التي كانت مسؤولة عن الذين يعودون الى الصف الوطني بموجب قرارات العفو العام...

 * اللجان الامنية ولجان مكافحة النشاط المعادي وقد نظمت هذه اللجان لمقتلة البيشمركه على مستوى المحافظة، وكان عدد من هذه اللجان تراقب الحصار الاقتصادي للمناطق المحرمة وتتحكم في حصص التموين وتحاول منع عمليات التهريب...

* لجان المتابعة التي كانت مسؤولة عن اذعان العائدين بحسب القوانين وتعقب الفارين...

لقد لعبت بعض الوزارات ادوارا مساعدة في عمليات الانفال حيث قامت وزارة الزراعة بحصد المحاصيل المتروكة، ووزارة المالية بمصادرة الممتلكات واشرفت على تهديم المنازل....

ان جريمة الانفال تعتبر بنظر القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني (قانون الحرب) من الجرائم الموجهة ضد الانسانية التي لا تسقط بالتقادم حيث صوت البرلمان الفرنسي في 26 ديسمبر عام 1985 عل جعل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم استنادا الى اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الانسانية وفي هذا السياق لا بد لنا ان نعرف بشكل قانوني مصطلح جرائم ضد الانسانية وماذا يشمل ومتى ولد هذا المصطلح?

لقد ولد مصطلح جريمة ضد الانسانية على اثر المجازر الجماعية التي تعرض لها الشعب الارمني على ايدي الاتراك عام 1915، وقد عرف بشكل قانوني حين قرر الحلفاء عام 1945 محاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية في نورنبرغ حيث عرفته المحكمة العسكرية الدوليةالتي أنشأت لهذه الغاية الجرائم ضد الانسانية: (جرائم تستهدف القتل والابادة والاستعباد والتغريب وكل عمل بشري تم ارتكابه ضد السكان المدنيين قبل واثناء الحرب، والاضطهادات التي تم ارتكابها لغايات سياسية، عرقية، دينية. وخلال محاكمة مجرم الحرب (كلاوس باربي) تم تعريف جرائم ضد الانسانية بشكل اوسع حيث عرفته محكمة الاستئناف في مدينة ليون الفرنسية التي حاكمته: (اعمال غير انسانية واضطهادات تمت بأسم دولة تمارس سياسةهيمنة ايديولوجية وتم ارتكابها بشكل منهجي ليس فقط ضد اشخاص بسبب انتمائهم العرقي والديني، وانما ايضا ضد خصوم سياسيين، مهما كان شكل معارضتهم). ومن هنا يتبين ان عمليات الانفال نفذت بأسم دولة وبشكل منهجي ضد مجموعات من السكان بسبب انتمائهم القومي اولا واعتبارهم خصوم سياسيين ثانيا.

لقد تطور تعريف مصطلح جرائم ضد الانسانية، حيث اغفلت التعاريف السابقة بعض الجرائم التي هي ليست اقل شأنا، حيث عرفته المحكمة الجنائية الدوليةعام 1998 حيث ورد في المادة السابعة من ميثاق المحكمة، تشمل جرائم ضد الانسانية الاعتداءات التي يتم ارتكاب أي منها بصورة منهجية وعلى نطاق واسع وهي:

(القتل المتعمد، الابادة، الاستعباد،الابعاد القسري للسكان، السجن والاشكال الاخرى للحرمان من الحرية بما يخالف الشرعة الدولية لحقوق الانسان، التعذيب، الاغتصاب، الاستعباد الجنسي، الاجبار على البغاء، الاجبار على الحمل والتعقيم وأي شكل من الاشكال الاخرى للاعتداء الجنسي، قمع مجموعة وجماعة سياسية وعرقية وقومية وأقنية وثقافية ودينية، أختطاف الاشخاص، جريمة الابارتايد، وكل جريمةتسبب في أيذاء النفس والجسد والصحة العقلية.

و من هنا لا بد من توجيه اتهام جرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة الجماعية الى كل من شارك وساهم (بأي شكل) وخطط وامر في عمليات الانفال سيئة الصيت.

و اخيرا، اسمحوا ان اقترح على مؤتمركم ان يوصي بأقامة نصب تذكاري لضحايا المقابرالجماعية الذين استشهدوا في حملات الانفال والاهوار وخلال انتفاضة اذار المجيدة وانفال ثمانية الاف برزاني وضحايا الاعدامات والاغتيالات السياسية وابناء المهجرين... هؤلاء هم ضحايا المقابر الجماعية.

 

لا افلات من العقاب مهما طال الزمن

ان جميع المتهمين الذين ارتكبوا جرائم ضد السلم وجرائم الحرب والجرائم الموجهة ضد الانسانية لا يمكن ان يفلتوا من العقاب بموجب الاتفاقية المنشورة ادناة وعلى الاجهزة العراقية المكلفة بمتابعة المطلوبين ان يعتمدوها لجلب المتهمين الى العراق ومحاكمتهم امام القضاء لنيل جزائهم العادل.

 وبموجب هذه الاتفاقية لا يمكن ان يمنح هؤلاء المتهمين في اي بلد الاقامة واللجوء والحماية... الخ. ان جرائم الانفال وحلبجة والاهوار وقمع انتفاضة اذار 1991 والتسفير القسري والاعدامات خارج نطاق القضاء واختفاء ثمانية الاف برزاني وتدميراربعة الاف قرية في كردستان والمقابر الجماعية ونهب اموال العراق والاغتيالات السياسية وعمليات تسميم المعارضين السياسيين للنظام البائد، لا يمكن ان تذهب بدون محاسبة فلا افلات من العقاب مهما طال الزمن وذلك لان الاتفاقية تخول السلطات المختصة في اي دولة بتعقب وأعتقال وتسليم ومعاقبة كل المتهمين بأرتكاب الجرائم المنصوص عليها بالاتفاقية:

نص الاتفاقية

مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية

اعتمدت ونشرت علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة
3074 (د-28) المؤرخ في 3 كانون الأول/ديسمبر 1973

إن الجمعية العامة
إذ تشير إلي قرارها 2583 (د-24) المتخذ في 15 كانون الأول/ديسمبر 1969، وقرارها 2712 (د-25) المتخذ في 15 كانون الأول/ديسمبر 1970، وقرارها 2840 (د-26) المتخذ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1971، وقرارها 3020 (د-27) المتخذ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1972،
وإذ تأخذ بعين الاعتبار وجود ضرورة خاصة لاتخاذ إجراءات علي الصعيد الدولي بغية تأمين ملاحقة ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية،
وقد نظرت في مشروع مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية،
تعلن أن الأمم المتحدة، عملا بالمبادئ والمقاصد المبينة في الميثاق والمتعلقة بتعزيز التعاون بين الشعوب وصيانة السلم والأمن الدوليين، تعلن المبادئ التالية للتعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية:

1. تكون جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، أيا كان المكان الذي ارتكبت فيه، موضع تحقيق، ويكون الأشخاص الذين تقوم دلائل علي أنهم قد ارتكبوا الجرائم المذكورة محل تعقب وتوقيف ومحاكمة، ويعاقبون إذا وجدوا مذنبين.
2. لكل دولة الحق في محاكمة مواطنيها بسبب جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
3. تتعاون الدول بعضها مع بعض، علي أساس ثنائي ومتعدد الأطراف، بغية وقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والحيلولة دون وقوعها، وتتخذ علي كلا الصعيدين الداخلي والدولي التدابير اللازمة لهذا الغرض.
4. تؤازر الدول بعضها بعضا في تعقب واعتقال ومحاكمة الذين يشتبه بأنهم ارتكبوا مثل هذه الجرائم، وفي معاقبتهم إذا وجدوا مذنبين.
5. يقدم للمحاكمة الأشخاص الذين تقوم ضدهم دلائل علي أنهم ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويعاقبون إذا وجدوا مذنبين، وذلك، كقاعدة عامة، في البلدان التي ارتكبوا فيها هذه الجرائم. وفي هذا الصدد، تتعاون الدول في كل ما يتصل بتسليم هؤلاء الأشخاص.
6. تتعاون الدول بعضها مع بعض في جمع المعلومات والدلائل التي من شأنها أن تساعد علي تقديم الأشخاص المشار إليهم في الفقرة 5 أعلاه إلي المحاكمة، وتتبادل هذه المعلومات.
7. عملا بأحكام المادة 1 من إعلان اللجوء الإقليمي الصادر في 14 كانون الأول/ديسمبر 1967، لا يجوز للدول منح ملجأ لأي شخص توجد دواع جدية للظن بارتكابه جريمة ضد السلم وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
8. لا تتخذ الدول أية تدابير، تشريعية وغير تشريعية، قد يكون فيها مساس بما أخذته علي عاتقها من التزامات دولية فيما يتعلق بتعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
9. تتصرف الدول، حين تتعاون بغية تعقب واعتقال وتسلم الأشخاص الذين تقوم دلائل علي أنهم ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومعاقبتهم إذا وجدوا مذنبين، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وإعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com