الأعلام - الطابور الأكثر خطورة من طوابير الإرهاب

فالح الساعدي

faleh@iraq-info.com

- طابور الإعلام هو أخطر و أكثر طوابير الإرهاب شراسة و قوة و تأثير.

- الإعلام الإرهابي خبيث جداً و لا يختلف بوحشينه عن الممارسات الأخرى للإرهاب.

- المحاصصة في الإعلام هي أكبر دعم لقوى الظلام.

- الجهل هو عدونا الأول و ينبغي أن نحاربه أولاً.

- لا يمكن القضاء على الإرهاب مالم ينتفظ جميع الإعلاميين الشرفاء ويفضحوا الأساليب الخبيثة للإعلام الإرهابي.

 لا يسعني هنا سوى فتح باب للنقاش حول هذا الموضوع المصيري عن طريق التطرق بإقتضاب لبعض جوانبه.

 

وسائل الإعلام الغربية

موقف الإعلام الغربي من هذا الطابور هو غير واضح و يصب بالموقف السياسي الغير واضح للدول الغربية مما يجري في العراق، لا بل و حتى يمكنني أن أقول من الإرهاب بشكل عام. ففي أكثر الأحيان نرى أن طروحات الإعلام الغربي حول الأوضاع في العراق تتناغم مع طروحات الإعلام العربي المتحيز ضد العراق.

فلم يعد الأمر سراً أن بعض الدول الأوربية تغض النضر عن تجنيد و توميل الإرهاب في دولها، إذا كان ذلك موجه ضد العراق، في الوقت الذي تتهم به زوراً المسلمين جميعاً دون تمييز بميلهم للإرهاب. وحديثهم السياسي الرسمي عن محاربة الإرهاب ليس سوى ذر للرمال في العيون.

فالكثير من الأحزاب السياسية العاملة في ألمانيا و فرنسا (محورا الإتحاد الأوربي الرئيسيان) دفعها العداء الى الولايات المتحدة الى العداء للعراق و الوقوف (بأفضل حال) متفرج على ما يجري فيه، نكاية بالولايات المتحدة .

 المراقب للإعلام الأمريكي يعلم جيداً أن ما يحكم هذا الإعلام هو ليس كلمة الحق بقدر ما تحكمه مصلحة هذه الكتلة السياسية أو تلك. و الأخطاء العديدة المتكررة لسياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش في العراق هي مادة دسمة و معين لا ينضب لمن يريد إفشال العملية السياسية في العراق مجنداً الإعلام لهذا الغرض، لنقل إنصافاً، نكاية بالرئيس الأمريكي و ليس كرهاً بالعراقيين.

 حديث وزير الدفاع الأمريكي، على سبيل المثال، أنه خسر الحرب الإعلامية (ياعيني عليه - خطية) ضد الإرهاب هو أمر يثير الإستغراب حقاً. كيف يريدنا أن نصدق أن أحداً ما يمكنه أن يغلب أكبر ماكنة إعلام عدة و عدد و جودة عرفها تأريخ البشرية؟

فهل بدء هو حرباً ما ضد الإعلام الإرهابي حتى يقول لنا أنه خسرها؟

و هل تم دعم الإعلاميين العراقيين من أية جهة، عن طريق تأهيلهم المهني للتصدي للإعلام الإرهابي لتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم و عن وطنهم الجريح من هجمات هذا لإعلام اليومية؟

في نفس الوقت نرى فيه الإمكانيات المالية الغير محدودة لوسائل الإعلام المعادية للعراق.

 

وسائل الإعلام العربية

بعض وسائل الإعلام العربية لا تكف عن تأييد منهج القوى التي تعمل على تدمير العراق عن طريق إثارة النعرات الطائفية لدفع الوطن الجريح بقوة أكبر بإتجاه حرب أهلية.

 لقد جعل الجهل و الكبت الكثير من الشباب أدوات يسهل لوسائل الإعلام هذه تجنيدها في خدمة مصالح دول و قوى ظلامية تريد بالمنطقة أن تبقى متخلفة عن ركب الحضارة والتقدم لكي يسهل حكمها والإستحواذ على مواردها الطبيعية. حديث بعض الفضائيات العربية عن بطولات الفاشيون و التكفيرون وإظهار الأمر و كأنهم المنتصرون دائماً يشجع العديد من هؤلاء الشباب على الإنخراط بصفوفهم.

 تحيز هذه الفضائيات يحث العديد من الجهلاء الى جمع التبرعات المالية لمن يسموهم بالمقاومة العراقية. وهذا بدوره يمكنهم من شراء ذمم ضعفاء النفوس، إذ يرشون بهذه الأموال منظمات مجتمع مدني شكلت لغرض إعطائهم الغطاء السياسي في نفس الوقت الذي يمارسون فيه سياسة الترهيب و الترغيب مع المنظمات الأخرى للوقوف معهم أو السكوت عن جرائمهم.

 يعمل الإعلام الإرهابي يداً بيد مع هذه المنظمات بإسم الدفاع عن حقوق الإنسان (ياسلام) في الضغط على الحكومة العراقية بالمطالبة بإطلاق صراح الإرهابين دونما حتى التحقيق معهم أو تقديمهم للمحاكم لينالوا جزائهم، و كأن الإرهابي هو الوحيد الذي ينبغي أن يتمتع بكامل الحقوق. و أما ضحايا الإرهاب، الذين أنتهكت أعراضهم و سبيت نسائهم و حرقت إشلائهم وقطعت رؤوسهم، فهذا قضاء و قدر فلا أحد يطالب بحقوقهم، أو يتطرق بالشكل الصحيح لمظلومياتهم و يفضح الجرائم التي أرتكبت بحقهم.

حتى صار أنزال الأحكام القانونية بمن ثبتت عليهم الجريمة أمر خارق و توصف بأنها بطولة من بطولات الحكومة العراقية، إذا ما تجرئت و قامت بذلك.

 

يقتل القتيل و يسير في جنازته

من أكثر أساليب فضائيات الموت خبثاً هو أنهم كما يقول المثل (يقتلون القتيل و يسيرون في جنازته). وهذا المثل ينطبق حرفياً على جريمة قتل السيدة أطوار بهجت، التي تعرضت الى جريمة تعذيب و إغتصاب و من بعدها قتل وحشي بعد أن تركت العمل في فضائية الجزيرة القطرية وإنتقدت أساليب هذه الفضائية الرامية لإثارة الحرب الطائفية في العراق. كما أن مجموعة إرهابية قامت بمهاجمة موكب دفنها. فضاية الجزيرة كانت سباقة في نشر نعي لوفاة السيدة أطوار بهجت.

فهم يثيرون القتل و الرعب في العراق ويتباكون على سوء الأوضاع الأمنية فيه. يدفعون بمجريميهم لقتل العراقيين و يتباكون عليهم إذا تم ألقاء القبض عليهم و سجنهم. يغضون النضر عن كل إنتهاكات حقوق الإنسان في الدول العربية و يقومون الدنيا و لا يقعدوها على إنتهاك حقوق الإنسان في العراق، الذي يقصدون به حقهم بقتلنا و عدم حقنا بالدفاع عن أنفسنا.

 

وسائل الإعلام العراقية

 المحاصصة في الإعلام هو أكبر دعم لقوى الظلام.

 وسائل الإعلام العراقية، رغم كل الجهد الذي تبذله، لا زالت غير مؤهلة بمهمة الدفاع عن العراق ضد هجمات الإعلام الإرهابي.

فإغلاق مكاتب بعض الفضائيات التي يشك بولائها للإرهاب هو دليل على ضعف الحكومة العراقية وعجز الإعلام العراقي أمام وحشية طابور الإعلام الإرهابي ويؤيد ما جاء في مقالي هذا و المقالات الأخرى التي نشرتها بلغات أخرى حول هذا الموضوع.

ينبغي بالأحزاب السياسية و الدينية العراقية، إذا كانت فعلاً تريد محاربة الإرهاب أن تطالب هي نفسهاأولاً بتطهير وسائل الإعلام العراقية من بقايا النظام البائد ومن الوصوليين و الجهلاء و الطائفيين و المهرجيين.

فلا يكفي ولاء مهرج ما لطائفة ما بأن يتبوء هذا مركزاً أعلامياً. فمثل هؤلاء قد يساهمون بالسعي الى تدمير العراق عن طريق دعم المواقف الطائفية و التهريج لها تقرباً من هذا الحزب أو ذاك.

 

والجهل سيبقى عدونا الأول و ينبغي أن نحاربه أولاً.

 إنها حرب شعواء يتقن أصولها أعداء لنا، خبثاء قسى الله على قلوبهم، ينبغي بنا أن نؤهل بناتنا و أبنائنا بالتقنيات الازمة التي تمكنهم من الدفاع عن الوطن و الأمة العراقية المظلومة.

ينبغي بالأحزاب أن تثقف منتسبيها بهذه الأمور. ينبغي دعم الإعلامي العراقي المؤهل مهنياً الذي لديه ولاء لهذا الوطن و لهذه الأمة دون النضر الى إنتمائه الفكري. ينبغي حمايته و فسح المجال أمامه للمساهمة في الدفاع عن العراق.

 إن طابور الإعلام هو أخطر و أكثر طوابير الإرهاب شراسة و قوة و محاربته هي مهمة كل الشرفاء.

 أشد على أيدي جميع الخيرين الذين يسعون للحد من نفوذ الإرهاب و الجهل على وسائل الإعلام. و أدعم كل ما من شأنه بناء وسائل إعلام حرة تحترم الإساليب المتحضرة في نشر الكلمة.

 إنني على ثقة تامة،رغم أمكانتياتنا الضعيفة، إذا ما قورنت بالإمكانيات الهائلة لفضائيات الموت و نفوذ العديد من قوى الباطل هذه على مؤسسات دولية ومنظمات مجتمع مدني مأجورة، بأن الحق في النهاية سينتصر.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com