|
التركمان . والاستفتاء لتقرير مصير محافظة كركوك حسين عوني محمد علي المستشار السياسي لحزب توركمن ايلي إن عملية الاستفتاء التي من المزمع أجراؤها نهاية عام 2007، هي الخطوة الأخيرة ضمن خارطة الطريق التي رسمها قانون إدارة الدولة لتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك. وهذه الخطوة- أي عملية الاستفتاء- تواجه عقبات ومسائل متداخلة كثيرة تجعلها موضع خلاف واختلاف بين مكونات الشعب العراقي والكتل السياسية الفاعلة في الساحة العراقية. ومما لاشك فيه أن هذه الأمور يجب معالجتها قبل البدء بتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك وتقرير مصيرها باستفتاء خاص وذلك باعتبار إن قضية كركوك هي جزء من الكل أولاً، وإنها أصبحت قضية دستورية ثانياً. وعلية يصبح من المؤكد التريث في معالجة قضية كركوك حتى إتمام إعادة النظر في الدستور وإدخال تغييرات وتعديلات عليه من قبل اللجنة التي سوف يشكلها المجلس الوطني المنتخب لكي يتسنى للشعب العراقي معرفة هذه التعديلات والتغييرات التي لا تستثنى منها قضية كركوك طالما إنها مدرجة ضمن الأحكام الانتقالية من الدستور. وأما في حال الإصرار على تطبيع الأوضاع في محافظة كركوك وتقرير مصيرها بالاستفتاء قبل إتمام عملية إعادة النظر في الدستور، فأننا نقول أن الاستفتاء ليس الخيار الوحيد لتقرير مصير كركوك، بل أنه يصلح لأن يكون أساساً للحوار بدل أن يكون نتيجة حتمية له، وذلك لوجود خيارات أخرى أفضل من الاستفتاء لمعالجة قضية كركوك بصورة مرضية لجميع الأطراف في هذه المدينة.
أسئلة مشروعة:- 1. كيف يمكن إجراء استفتاء نزيه وشفاف لتقرير مصير محافظة كركوك في ظل التغيير الديمغرافي الجاري نتيجة النزوح الهائل للعوائل من محافظات أخرى إلى كركوك بعد سقوط النظام البائد؟ 2. هل يشترك العراقيون في الشتات في عملية الاستفتاء؟ خاصة أن موضوع الاستفتاء يهمهم ويمسهم لأن كركوك لهم كما هي لأهل الداخل من الشعب العراقي؟ وهل يكون الاستفتاء قانونياً ونافذاً دون مشاركتهم؟ 3. أين هو القانون الذي ينظم مثل هذا الاستفتاء؟ 4. من هي الجهة العليا التي ستشرف وتصادق على صحة أو عدم صحة الاستفتاء؟ 5. ماذا سيكون عنوان الاستفتاء؟ 6. ما الضمانات المعروضة للالتزام بأي نتيجة للاستفتاء؟ وهل من الحكمة التنازل عن كل شي‘وبالمجان ومقابل لا شي‘؟
النتيجة:- لا يصح أن نترك الخيارات الأخرى ونتمسك بالاستفتاء لتقرير مصير محافظة كركوك، حيث لا يخفى على أحد بأن قضية كركوك قضية شائكة ومعقدة يتطلب معالجتها الرجوع إلى مكونات المجتمع في كركوك لمعرفة وجهات نظرها وفرز النقاط الخلافية والمشتركة واعتبارها أساساً للحوار بين هذه المكونات بغية الوصول إلى تسوية مبنية على الرضا والتراضي لمشكلة هذه المدينة. ومن هذا المنطلق نطرح النقاط التالية لتكون مقدمة لفتح باب الحوار حول مستقبل محافظة كركوك، وهذه النقاط هي :- 1. إن الإصرار على التمسك بالاستفتاء لتقرير مصير محافظة كركوك، لا يعني سوى استخدامه كورقة ضغط على الشعب وتمرير ما يرفضه من تنازل واعتراف. 2. إن الاستفتاء أداة قابلة للإصابة والاستغلال من جهات متعددة وحتى لو تم إجراؤه من طرف محايد. ولا يوجد أي طريقة من اجل ضمان أن الاستفتاء يستطيع التعبير عن مواقف الجماهير تجاه القضايا المطروحة. 3. في حالة الاتفاق على إجراء الاستفتاء لا يكون هناك أي مجال للمناورة أو التسوية بالنسبة للنتائج المتوقعة، وفي هذه الحال فان الخاسر ينتهي تماماً والمنتصر يحصل على كل شى‘ ويتم اتخاذ قرار لا تراجع عنه. 4. إن الخطر في استخدام مثل هذا النوع من الاستفتاءات هو ما يحمله من مخاطر بعيدة المدى على الاستقرار والنظام داخل السلطة والدولة. 5. هناك مخاطر قد تمس بشرعية البرلمان حتى لو كان له دور خاص في إجراء الاستفتاء.إذ يستطيع الشعب اتخاذ قرار عكسي تماماً لقرارات البرلمان ومؤسساته الديمقراطية وفي ذلك تنازل واضح عن لب الديمقراطية البرلمانية، وقدرة هذه المؤسسات المنتخبة بطريقة ديمقراطية على التوصل إلى تسويات سياسية معقولة. 6. إن الاستفتاء لتقرير مصير محافظة كركوك، يتعارض مع مبدأ تقرير مصير الشعوب الصادر من الجمعية العمومية للأمم المتحدة بالإضافة إلى المواثيق الدولية في الحقوق العامة وتطابقها مع المادة (3) من الدستور العراقي النافذ : (العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب)، فضلاً عن تطابق هذه المادة بالذات وبالتمام والكمال على التركيبة السكانية في محافظة كركوك. 7. إن مشروع إقليم كردستان هو مشروع قومي بحت، حيث إن الأكراد يعتبرون أنفسهم جزءاً من الأمة الكردية، وعلية فقد رفضت الأحزاب الكردية تدوين مادة في الدستور العراقي النافذ مفادها ( إن العراق جزء من الأمة العربية ). والى ذلك نتساءل : لماذا لا يحق للتر كمان والعرب والكلدو آشوريين في كركوك اعتبار أنفسهم جزءاً من الأمم التي ينتمون إليها وإقامة كيان خاص بهم للحفاظ على هويتهم القومية؟ 8. هناك تناقض جوهري في الخطاب السياسي الكردي بما يتعلق بهوية محافظة كركوك وتقرير مصيرها، حيث أن الأكراد أخفقوا حتى ألان في توضيح إدعاءاتهم بأن كركوك ليست مدينة كردية ولكنها كردستانية. وتبعاً لذلك يتساءل الداني والقاضي : كيف يجب أن تصبح محافظة كركوك جزء من إقليم كــردستان وهي في الحقيقة ليست كردية؟ وكيف يجب أن تكون مدينة كركوك للأكراد في عام 2007 مع عدم وجود أية أدلة تقر بعائدية كركوك إلى الأكراد تاريخيا؟ على أي حال، إذا أردنا اختزال الكلام بشأن قضية كركوك فأننا نستطيع القول : إن تطبيع الأوضاع في كركوك هو جزء مهم من تطلعات الشعب العراقي لمستقبل آمن ومزدهر لبلادهم. وعليه يسهل التأكيد بأن لا أحد يرفض تطبيع الأوضاع في كركوك بصورة عادلة وشفافة ونزيهة. ولكن ما هو مرفوض حتى الآن هو تحديد عائدية كركوك بالاستفتاء، حيث من الملاحظ حتى هذه الساعة ليس هناك أي طرف باستثناء الطرف الكردي من يقبل تقرير مصير مدينة كركوك بالاستفتاء نهاية عام 2007، وذلك للأسباب التي ذكرناها آنفاً. ومن هنا ينبغي التفكير بصورة حدية وفعالة لإيجاد حل وسط من بين الخيارات والسيناريوهات المطروحة لتفادي المشكلة التي تختزنها عملية الاستفتاء. والى ذلك نبادر إلى طرح هذا السيناريو الذي نراه مناسباً لتجميع الأفكار وتقريب وجهات النظر في هذا الشأن :- 1. إجراء مفاوضات بين ممثلي القوميات المختلفة في محافظة كركوك وذلك بمساعدة الحكومة المركزية في بغداد للاتفاق على فترة انتقالية - ثمان سنوات مثلاً – لأجل الوصول إلى حل سلمي وسليم لقضية كركوك. 2. اعتبار محافظة كركوك في هذه الفترة الانتقالية منطقة فدرالية بذاتها. 3. تقاسم السلطة على أساس التوافق بين القوميات المختلفة في المدينة في الفترة الانتقالية. 4. تحديد إلية للوصول إلى حل في نهاية الفترة الانتقالية. 5. إن تدعوا الحكومة العراقية الأمم المتحدة لتعيين ممثل خاص لها في كركوك، يتولى ضمان إقامة فدرالية خاصة للمدينة وتقاسم السلطة بين القوميات وتحديد آلية لتفعيل الفترة الانتقالية التي يتم الاتفاق عليها.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |