|
بيند كتوس السادس عشر .. يرفع راية القرون الوسطى مصطفى المهاجر أن من السذاجة بمكان الإعتقاد بجهل بابا الفاتيكان بمدى التأثيرات السلبية التي ستكون لاقتباساته المنقوصة فيما يخص الإسلام وعلاقته بالعقل ، وكذلك فيما يخص النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلاقته بالإرهاب ودعوته إلى نشر الدين الحنيف بالسيف .... و منطلق سذاجة هذا الاعتقاد هي عمق الخلفية الثقافية والفكرية التي يتمتع بها البابا كمفر مسيحي عريق وبأستاذ جامعي تجاوزت سنوات أستاذته الخمسين عاما ... وكذلك كباحث متمرس في الفكر المسيحي ويدافع عن طروحات هذا الفكر في مواجهة العلمانية الحديثة والمعاصرة ودعوات الإلحاد وتنحية الكنيسة كمثل للفكر المسيحي في سياق الحياة المعاصرة و السياسة المحلية والدولية. ومن السذاجة أيضا الإعتقاد أن الإقتباس كان مجرد استشهاد بمقولة قديمة تجاوزها الزمن ، أنه مجرد نقل محايد لا يحمل في طياته ودوافعه أي تلازم فكري إيجابيا كان او سلبيا تجاد تلك المقولة ذاتها ، إذ لو كان الأمر كذلك لما كان النقل مستبشرا وخاليا من أي تعليق او توضيح او إبداء رأي في تلك المقولة؟؟!! أو على الأقل لتضمن الإقتباس تكملة ولو بسيطة لذلك الحوار القروسطي بإضافة رد المثقف الفارسي على تلك المقولة التي أطلقها الإمبراطور البيزنطي بحيادية النقل وتجرده من الهدفية المثيرة للشكوك والتساؤلات والداعية إلى الانفعال والغضب على مختلف المستويات الفكرية والنفسية والتعبوية لمتلقي تلك المقولات. ولعل من أكبر الإهانات التي يمكن توجيهها إلى قداسة بابا الفاتيكان في عقله وتفكيره ووعيه الديني والاجتماعي ، الإعتقاد بإنه قداسته لم يكن يدرك أو يتصور مدى خطورة ردود الفعل التي يمكن أن تتسبب بها اقتباساته المبتزة تلك في ظل أجواء التوتر المشحون بالمقولات الدينية على جانبي العالمين المسيحي –الأوربي –الأميركي والمسلم الشرقي وأمتدادته في خارطة العالم.؟؟!! كما أن من الإهانة والاستخفاف بعقول الآخرين حين يعتقد البابا نفسه او وزير خارجيته أو من يتحدث مبررا ، أن المسلمين قد أساؤوا فهم مقاصده من تلك البريئة (!!) الاقتباسات المبترة ، وأن مقولة سوء الفهم تتضمن إساءة ربما لا تقل فداحة عن الإساءة التي حملتها الإقتباسات وإذا كان إدعاء سوء الفهم مقصودا به التخفيف من الوقع السلبي للمقولة الأساسية ومحاولة لمعالجة ردود الفعل التي اكتسحت العالم الإسلامي، أو أن يقصد بها نوع من أنواع الاعتذار غير الصريح وغير المباشر ، فما يؤسف له القول أن ذك كان بمثابة العذر الأقبح من الجريمة ذاتها....!!! فلا يكفي أن المحاضرة ذهبت إلى تجريد الإيمان بالإسلام من نوازع العقل ودوافعه و مبرراته واتهام نبي الإسلام صلوات الله وسلامه عليه وآله بالدعوة إلى نشر السلاح بالسيف وهو اتهام يوازي محاولة الربط المعاصر بين الإسلام والإرهاب وتحديدا منذ أحداث 11 في أيلول قبل خمس سنوات في الولايات المتحدة ... بل إن محاولة التبرير أو ما يشبه الاعتذار هذه تذهب إلى اتهام المسلمين المعاصرين أيضا بالا عقلانية وبسوء الفهم وضعف الإدراك من خلال عدم فهمهم للنوايا الطيبة والبريئة (!!) لبابا الفاتيكان المعظم ، وعدم تقبلهم لتلك الاتهامات والافتراءات بروح رياضية وبتسامح ربما يساهم في تخفيف من تاريخية ومعاصرة اتهامنا بالإرهاب و اللا عقلانية....!! أترانا بحاجة إلى تذكير بابا الفاتيكان المعظم وهو الإستاذ الجامعي والباحث المفكر اللاهوتي بنقائض مقولاته وإقتباساته من أحداث التاريخ البعيد والقريب عن سماحة الإسلام ورحمته ورأفته ورعايته لإصحاب الديانات الآخرى..؟؟!! هل نذكره بحكم المسلمين في الأندلس وإستمرار المسيحية وكنائسها في ظل ذاك الحكم.... وما حدث بعد ذلك من مجاز للمسلمين قتلا وتجهيرا بعد سيطرة اتباع البابا على حكم الأندلس ومحاولات مسعورة لمحو آثار المسلمين وتهديم المساجد ودور العبادة الإسلامية؟!! أم نذكره براية الصليب التي حملها أسلافه وجيشوا الجيوش في ظلها لغزو العالم القريب والإسلامي وانهار الدماء التي سالت وملايين البشر المؤمنين من الجانبين الذين ذهبوا ضحية تلك الحروب الصلبية "المقدسة"......!!! أم ترى نحن بحاجة إلى تذكيره بالمواقف العقلية الرائعة لكنسيته من العلم والعلماء ومن ذهب منهم ضحية تلك السياسة العقلية (!!) وضحايا محاكم التفتيش!! ولا نريد الانحدار إلى مستوى متهافت لتذكير البابا المعظم بعقلانية صبلوك الغفران وبيع الجنة بالأمتار او الكيلومترات.......!! فضلا عن محاولة مناقشة العقيدة المسيحية ذاتها وما طالها من تحريف والذي أوصلها إلى مستويات تخريفية شائنة في بعض مفرداتها...!! إن خطورة ما أقدم عليه بابا الفاتيكان المعظم بوعي تام وإدراك كامل ومع سبق الإصرار والترصد هو أن صب بيديه المباركتين زيتا كثيرا على نار ملتهبة في العالم يحاول القائمون عليها إلباسها لباسا دينيا مقدسا ، وأنه خلع مسوحية الكهنوتية ليلبسها قادة ومشعلي الحروب الجديدة في العالم والتي كان المسلمون شعوبا وأوطانا أول وأهم ضحاياها ، وأنه رفع راية الصليب كما فعل أسلافه في القرون الوسطى من الذين أستشهد بمقولاتهم للتقييم الإسلام ونبيه ليقود جيوش غزو صليبي ما اشد حاجة العالم المعاصر لتجبنه والسلامة من آثاره وما يجره على البشرة من ويلات ودمار...!!! ولعل السؤال الأهم يبقى : أتلك هي رسالة التسامح التي جاء بها المسيح عليه السلام وحملها حواريوه وإتباعه المخلصون الذين قال فيهم القرآن الكريم " ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ) [المائدة: 82] سؤال برسم بابا الفاتيكان المعظم.......؟!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |