|
هل من مجيب على السؤال: الا ترون قفص الاتهام في جرائم الانفال صغيرا؟! يوسف ابو الفوز / سماوة القطب بقدر سروري البالغ في مثول الديكتاتور، السفاح العفلقي صدام حسين، ورموز من جلاوزة نظامه الديكتاتوري المقبور، ممن ولغوا بدماء ابناء شعبنا، وكان لهم دور قيادي قذر في جرائم الانفال، في قفص الاتهام في المحكمة الخاصة بجرائم الانفال، الا اني اصبت ببعض الالم لصغر حجم قفص الاتهام، اذ انه صمم ليضم عددا محدودا فقط من المتهمين. وكمواطن عراقي معني بما ارتكبه النظام المقبور من جرائم في بلاده، في كوردستان وبقية المناطق، ارى ان القفص كان يجب ان يضم عدد اكبر من المتهمين. لا اريد في سطوري هذه الدعوة لروح الثار، ولا لظلم احد برئ، ولا لخلط الاوراق والملفات، فمن أول يوم لسقوط النظام الديكتاتوري البغيض دعوت وعبر عدة مقالات (لا تزال منشورة في ارشيف صحف عراقية وعربية وبعض مواقع الانترنيت ) الى اعتقال الديكتاتور الهارب وعدم قتله ومنحه فرصة التحول الى شهيد وبطل، بل ليقدم الى محاكمة عراقية عادلة وليقف ذليلا في قفص الاتهام، والامر كذلك مع كل شخص ساهم بأي شكل في جرائم النظام المقبور وكان سببا في قتل نفس بريئة واحدة، وادامة عمر النظام الديكتاتوري البغيض. في الحديث عن جرائم الانفال، وفي طرح وجهات نظري حولها انطلق ليس فقط من موقعي ككاتب، بل وايضا من كون الظروف جعلتني شاهدا وضحية لجرائم الانفال، الى جانب ابناء شعبنا الكوردي الذين عاصروا الاحداث، وان ذلك يلزمني ان ارفع صوتي بالصراخ وفضح كل المجرمين المساهمين في ابادة شعبنا العراقي في كوردستان والمناطق الاخرى. اتحدث هنا بمرارة وحرقة قلب كشاهد وضحية لاحداث الانفال، لاني خلال ايام الانفال السوداء كنت متواجدا في كوردستان ضمن فصائل انصار الحزب الشيوعي العراقي، وفي منطقة بهدينان بالتحديد. كنت في قلب الأحداث، وسط أجواء التحدي والحصار والموت والجوع والعطش. ان انصار الحزب الشيوعي العراقي، ومن مختلف الطيف العراقي، وبينهم عدد لا يستهان به من ابناء مدن الجنوب، كانوا ايامها مع بسطاء الناس، جزءا من المأساة ومن ضحاياها، وشهودا على كثير من الفصول البشعة لجرائم " فارس الامة العربية " ونظامه الشوفيني الفاشي، و ما جرى بحق ابناء شعبنا الكوردي. شخصيا ومن واقع مسؤوليتي ككاتب ومن الايام الاولى لاجتيازي الحدود الى ايران، وكنت لا ازال بالملابس التي عبرت بها الحدود، شرعت لتسجيل بعض ما جرى. وحاولت في كتاب "لدي اسئلة كثيرة او اطفال الانفال "،والذي صدر عن وزارة الثقافة الكردية في السليمانية، شتاء 2004، ان ارصد بعض ما جرى، ومن خلال زاوية محددة : الأطفال الأكراد، وبدأت في الفترة الاخيرة نشر مقتطفات من الكتاب على مواقع الانترنيت يمكن مراجعتها للاطلاع. خلال احداث الانفال، كان واضحا لكل الضحايا والشهود، ان المجرم صدام حسين لم يقم بمفرده بتفيذ جرائم الانفال، التي استمرت من شهر شباط حتى شهر ايلول من عام 1988، وفيها تم تدمير كل مظاهر الحياة في اكثر من اربعة الاف قرية وذلك بنسفها بالديناميت واحراقها وردم الينابيع بالاسمنت، وحصد فيها الطاغية وجلاوزة نظامه نصرا على الشيوخ والاطفال والنساء، كان نتيجته الاف القتلى والجرحى والاسرى، قدر عددهم برقم 182 الف انسان برئ. وفي حديث صحفي نشر مؤخرا في اكثر من صحيفة وموقع اليكتروني، يقول السياسي الكوردي المعروف الدكتور محمود عثمان إن الرقم (182 الف) طرح خلال المفاوضات بين القادة الأكراد وقيادة نظام صدام حسين عام 1991 فاعترض علي حسن المجيد ( الحائز بأمتياز على لقب علي كيمياوي اثر منجزاته في جرائم الانفال )، والذي كان حاضرا الاجتماع، مصححا بغضب بأن الرقم 100 ألف فقط !! في جرائم الانفال كان هناك اطراف عديدة ساهمت في التنفيذ والاشتراك في التغطية لها. كان هناك صمت مشبوه من القوى الكبرى، وحتى منظمات دولية معنية بحقوق الانسان، وفي مقدمة ذلك الولايات المتحدة الامريكية، المتباكية على حقوق الانسان في خضم صراعها لاطلاق وحش العولمة الراسمالية، التي وبشكل مفاجئ اصاب العمى اقمارها الاصطناعية المشهود لها بالدقة في المتابعة والتصوير، فلم تقدم لنا ولو صورة واحدة لما حدث، وهي التي تتباهى بكونها التقطت صورا واضحة لاعقاب سكائر افراد المقاومة الفلسطينية في لبنان ساعدتها في دراساتها لتحديد مستوى معيشتهم وحجم مواردهم. في جرائم الانفال اشتركت جيوش مختلفة، داخلية وخارجية، من المرتزقة والاعلاميين والفنانين والسياسيين والخ. ان قفص الاتهام للمجرمين المساهمين في جرائم الانفال يجب ان يتسع ليشمل ليس رؤوس النظام الديكتاتوري المقبور وحدهم، بل وايضا ممثلي الشركات الدولية، التي يثبت التحقيق انها ساهمت في تزويد النظام المقبور بكل ما ساعده على انتاج الاسلحة الكيماوية الفتاكة. ان قفص الاتهام في محكمة جرائم الانفال يجب ان يضم ممثلين عن اؤلئك الذين صفقوا وبدراية وعن قصد وبحماس لجرائم النظام البغيض وكتبوا له اشعار الغزل والمديح وردحوا وطبلوا له باغانيهم وموسيقاهم الفجة وصاروا اليوم يلبسون قمصان الديمقراطية ويتصدرون المشهد الثقافي العراقي ويتباكون على حرية واستقلال العراق. وايضا وقبل كل ذلك، وهو الاساس في كل ما تقدم، وفي مقالي هذا، علينا التذكير بأنه خلال احداث الانفال كان هناك نشاط ومساهمة مباشرة وقذرة لافواج المرتزقة، الذين وصمهم ابناء الشعب الكوردي بلقب "الجحوش " لخيانتهم ابناء قوميتهم. ان هذا الجهاز القذر، الذي عمل تحت اسم " قوات الفرسان " وفي المحكمة يسمونه " افواج الدفاع الوطني" وبلغ عدد افراده في بعض الاحصاءات الرسمية للنظام المقبور اكثر من 30 الف مرتزق ـ جحش، وكانوا يستلمون رواتبهم الدسمة و"المكرمات " من الاجهزة الامنية للنظام الديكتاتوري، ساهم خلال الاحداث وبشكل مباشر في حرق القرى الكوردستانية ونهبها وردم عيون المياه واعتقال الناس والاعتداء علىاعراضهم وفرض الحصار على المنطقة، وساهم في قطع طرق الفرار على الناس الابرياء الناجين بجلودهم، وكنت شاهدا مباشرا على جانب من هذا الفصل المريع، مما اجبر العديد من مفارز البيشمه ركة، وفي اكثر من موقع للدخول في اشتباك قريب ومباشر مع قوات الجحوش من اجل خرق الحصار وايجاد طريق نجاة باتجاه الحدود التركية والايرانية. اننا ندرك جيدا ان القوى السياسية الكوردية لا تريد زج مجرمين اكراد في المحاكمة من اجل تثبيت تهمة الابادة "الجيوناسيد " ضد نظام صدام حسين، وفي نفس الوقت بدى واضحا وخلال جلسات المحكمة، ان المتهمين ومحاميهم يحاولون استغلال عدم تساهل القاضي ونقل التهم الى قوات الجحوش (وايران ) لاغراض واضحة تماما. هنا وكمواطن عراقي وكشاهد وضحية لاحداث الانفال، وكواحد من المقاتلين الذين ولسنين طويلة شاركوا الشعب الكوردي ايام كفاحه من اجل حقوقه المشروعة، وقدموا زهرة شبابهم في العمل ضمن فصائل البيشمه ركه، ومعروف جيدا ككاتب بمواقفي المبدئية الثابتة في الوقوف الى جانب الشعب الكوردي لنيل حقوقه المشروعة، بما في ذلك ايماني بحقه في تقرير مصيره بنفسه، اطالب هنا وبشدة، ومن اجل الحقيقة والتاريخ، بضرورة ان ينال المجرمين من الجحوش الكبار، من الرؤساء والمسؤولين وما يعرف بالمستشارين، جزائهم العادل وان تكون اسماء منهم، معروفة للشعب جيدا بجرائمها واتجارها بدماء ابناء الشعب الكوردي، الى جانب المجرم صدام حسين في قفص الاتهام. ان الصراع والتنافس بين ما يعرف بالحزبين الكورديين الكبيرين، والذي وصل ـ للاسف ـ حد الاقتتال الدموي بالسلاح، ادى وكما هو معروف لكل مراقب، ووسط نقمة وغيض ابناء شعبنا الكوردي، الى كسب العديد من رؤوساء العشائر والجحوش، وبعضهم مجرمين بحق ابناء شعبهم، وتحولوا ـ للاسف ـ الى رجال سياسة نافذين ومقربين من قيادة هذا الحزب او ذاك، وبعضهم الان ـ للاسف ـ يتصدر الساحة السياسية ويشغرون مواقع مهمة. ان العفو الصار عام 1992 من قيادات الاحزاب الكوردية بحاجة للمراجعة، ويجب ان لا يكون غطاءا لتغطية وطمر الجرائم ضد ابناء شعبنا. ان القيادات الكوردية التي عملت وناضلت من اجل حقوق شعبها الكوردي، عليها ان تثبت مصداقية حقيقية لعملها ونضالها وشعاراتها، فهي مطالبة بالعمل الجاد لتوسيع قفص الاتهام في مجازر الانفال ليضم تلك الرموز القذرة من المرتزقة ـ الجحوش ممن ولغوا بدماء ابناء شعبنا الكوردي الباسل.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |