|
الفيدرالية هي الوليد الشرعي للدستور عبد الرزاق السلطاني لقد اثبتت الاحداث المتسارعة على الساحة السياسية العراقية ان العنف لا يمكن ان يكون وسيلة مجدية لحلحلة الاشكاليات من دون الرضوخ للمناخات الجديدة التي افرزتها المتغيرات الوطنية، فالامان والاستقرار مرتبط ببناء جسور ثقة وايمان الاخرين بالعراق الجديد من خلال رفض التمايزات التي طفت نتيجة تداعيات المراحل السابقة، فالنظام الديمقراطي هو الضمان لوحدة العراق الذي يمنع الوصايا والروح السادوية الماضوية لتغيير ديموغرافية معينة بطريقة بشعة ومسيسة للحصول على مكاسب معينة، فالاعلام المسيس لم يعلن عن نقاط القوة في البنية العراقية بل يشير من هنا وهناك ويركز على حالات محددة ليصور حالات اختراق تبين عجز وترهل حكومي غير صحيح ولا يمت الى الواقع بصلة، فبعد الاجتماعات الاخيرة الموسعة والجدل المحتدم حول الاجراءات التنفيذية لملف الفيدرالية والحل المطروح للخروج من الازمة هو اقرارها، فتنضيج الاراء وبيان الازمة المفتعلة لا يمكن ان يستمر لاصطدامه بالحواجز الدستورية والسقف الزمني، فالموضوعات التي تعنى بالتعديلات وفق المادة(142) يجب ان تضفي عليها اجواء المسؤولية التي تستدعي ادراك المعارضين من ان الخلاف والاختلاف ينعكس سلبا على الامن الوطني واستقراره، فالتنصل عن المواثيق والمقرارات لبعض الفرقاء هي سابقة خطيرة كون تحفظاتهم على الفيدرالية والطعن بها يدخل ضمن توصيفات واهية لا تستند الى اسانيد واقعية، لذا يجب عليهم ان يعيدوا حساباتهم حول المواضيع الاستراتيجية التي تمثل قلب الدستور المنتخب، لذا فمن يحاول تعطيلها او العبث بها يجب عليه اولاً تعطيل نفسه لسبب بسيط كون الناخب هو الذي اجلسه تحت قبة البرلمان. فمسالة الفيدرالية التي اقرها الدستور، هي مسالة مفروض منها وهي واقع حال ومحاولات الالتفاف عليها هو قتل معطيات الديموقراطية، كما انها تمثل تغييرا جوهريا في طبيعة النظام السياسي والاداري في العراق، ناهيك عن التداعيات الخطيرة التي قد تنجم عن رفضها والسماح لمركزية الاستبداد في الولوج مرة اخرى بعد ان تناثرت شضاياها على غالبية العراقيين ودول الجوار، فدعاة المركزية لم يتورعوا من التاسيس للمقابر الجماعية والانفلة من جديد، اما الفيدرالية وعلى الرغم من السنين الطويلة لم تشهد الدول المنضوية تحتها اية حالة انفصالية فهي ليست مشروع فئة او حزب انما هي مشروع العراقيين كافة فنظام التعددية السياسية هو بالضد من الشمولية والاستبداد، وشد اللحمة الوطنية، فضلا عن انها النظام المتطور الذي يوزع السلطات ليمنع الحواضن الديكتاتورية من العودة، ومن القضايا ذات الصلة هو التركيز على البعد الامني من دون التركيز على البعد الوطني والسياسي والثقافي الشامل لهذه القضية الحيوية، فكل الحلول المقدمة كانت ضمن الاطار الامني فقط مما يدلل العجز الكامل لتلك المشاريع لتحقيق تطلعات الغالبية المسحوقة التي تتمتع بمشتركات مضادة لنزعات الانفصالية وفي ذات الوقت تحترم التنوع الديني والعرقي واللغوي والمذهبي، فاقامة اقليم الوسط والجنوب على غرار اقليم كردستان هو من اقل الحقوق الدستورية لابناء المقابر الجماعية فالسماح لاقليم ثانٍ دون الاول يضع علامات استفهام كثيرة للمتربصين بالعراق الجديد. لقد بينت الفترات المتعاقبة من ان علاقة العراق وجيرانه وغالبية الدول العربية علاقة ود من طرف واحد، بالوقت الذي نسعى فيه لوقف النزيف الدموي والتهجير القسري المستمر لاتباع اهل البيت(ع) واعادة البناء والاعمار بعيدا عن الشعاراتية والاستراتيجيات الواقعية، فيما يروج العروبيون مفاهيم اختزال مشاهد القتل بمحددات وتدليس بتشخيصات ترقيعية تدخل ضمن عقلية طائفية وهي وليدته، فتنشيط البعد الطائفي على اسس ردود الافعال حولها الى انكفائية للتخندق ضمن اطر خاصة بها، وبالتالي تتحول الى ساحة تصفيات تمتد باخطبوط اذرعه الفضائيات الماجورة التي تسعى لترويج الفتن بين العراقيين، والراديكاليين من ائمة الجوامع الذين يشرعنون استباحة الدماء البريئة، لذا يجب على الحكومة المنتخبة الضرب بيد من حديد تلك الابواق وتدجين المتورطين منهم، سيما ان القوات العراقية بدات تتنامى بسرعة كبيرة باعتبارها القطب الاول والاخير لحفظ الامن والنظام ووحدة العراق وتمنعه من ان يكون ساحة لتصفية الحسابات بدءا بطرد المنظمات الارهابية التي تتخذ من العراق موطئ قدم لها وما تشكله من مصدر تهديد ووسيلة ضغط على دول الجوار، ومن اجل خلق مناخات سلمية وفرص صادقة للسلام تتناسب مع دعواتنا لغلق المنافذ امام المتصيدين بالماء العكر وبناء وشائج المحبة والتعاون المشترك على اسس حسن الجوار ومنع التدخل بالشؤون الداخلية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |