|
هكذا كانت البداية سناء صالح / هولندا أودّ قبل أن أخوض في موضوعي هذا أن أقدّم نفسي بأيجاز،يخدم ماسأطرحه في موضوعتي هذه.أنا مواطنة من عائلة الأب فيها شيعي من الفرات الأوسط والأم سنيّةمن الموصل وقد تزاوجت عائلتنا من الأخوال والأعمام من عوائل كرديّة وتركمانيّة،وفينا من تزوّج من مسيحيّة,ماأريد أن أصل أليه انّ عائلتي من الطرفين لم تكن متشدّدة ولم يخطر ببالنا أن نختلف حول هذا الموضوع بل كانت خلافاتنا في التوجّهات السياسيّةفهناك اليساريّون والقوميّون وأخوان المسلمين،حتّى نقاشاتنا كانت تنتهي بدون مشادّات. بعد سقوط النظام في عام 2003 زرت الوطن بعد غياب طويل، وفي قلبي لهفة أن أطفىء ظمأي من وطن أرغمت على فراقه،وفي الطريق الصحراوي الموحش كانت البهبهاني تسير بسرعة عالية كنت منصرفة الى ذاتي أستجمع الصور عن بغداد وكيف ستكون بعد كل مامرّ بها من العتاة والطغاة والغزاة لم تكن بغداد في مخيّلتي سوى صبيّة جميلة،ثمّ ماشكل مدينتي القابعة على فرع من الفرات تحيطها أشجار البرتقال ويعطّرها القدّاح وتزيّنها المنائر الذهبيّة.أفقت من أحلامي على بغداد الصبيّة،بغداد الحلم كان كلّ شيء قد تحوّل الى ركام وأفغمت أنوفنا رائحة البارود والمياه الآسنة وأكوام الزبالة وتشوّهها الحواجز الكونكريتيّة للمحتل وبيوت السادة المسؤولين. أثناء تواجدي زرت عائلتي من السنّة وبعد التحيّة وبث الأشواق كان لابدّ من الحديث في السياسة فاجئتني بالقول "هل رأيت ماحلّ بنا الوزارات اليوم يحكمها عبد الحر وعبد السادة " اشارة منها على تولّي الشيعة مناصب هامّة، أجبتها ولم لا؟الأسم غير مهم المهم هل هو كفوء هل هو في مكانه المناسب ؟ وبعدها زرت مدينتي،مدينة البخور والعطور والمنائر الذهبيّة وكانت فجيعتي بمدينتي كبيرة،حوّلها الدكتاتور الى أطلال أين البساتين التي تحيطها أحاطة السوار بالمعصم أين أسواقها المسقوفة المميّزة ؟ خبّروني عمّا أصابها. توجّهت الى الصحن الشريف لفت انتباهي اعلان ملصق على باب الأمام فيه قائمة من الممنوعات لم تكن موجودة حتّى نهاية السبعينات وكلها للنساء ممنوع الدخول بدون جواريب – ممنوع المكياج –ممنوع الدخول بالجبّة الشيطانيّة استوقفتني هذه الجملة تساءلت عن المقصود بالجبة الشيطانيّة أجابت انّها الجبّة التي ترتديها المحجبات من أهل السنّة،عجبت من ذلك لماذا المنع وهي تؤدّي الغرض وتستر كل العورات. من هذين المؤشرين البسيطين أحسست بعدم الأرتياح وأن شيئا ما سبحصل، أنا لاأريد أن أختزل وأبسّط فالصراع الآن محموم تحرّكه قوى خارجيّة وداخليّة من مصلحتها بقاء الحالة كما هي،بل أريد أن أقول أيضا أن ّالشارع العراقي لم يكن مهيّئا للتغيير لم تكن هناك فترة تمهيديّة تترك للناس فرصة للتفكير فتجعل ابنة خالتي تقتنع بأن يتبوأ أي عراقي منصبا هاما مهما كانت طائفته أو دينه بل حسب كفاءته وواضعي الأعلان سيرون أنّ عدوّهم هو النظام لاالطائفة. في عام 2005 زرت العراق مرّة أخرى لم أتمكّن من زيارة أحد من أقربائي في بغداد لأنّهم يسكنون المناطق المتوتّرة كما لم أستطع أن أزور مدينتي لأرى على الأقلّ أبناء أخي الذين كنت قد تعرّفت عليهم لأوّل مرّة في زيارتي السابقة فأحببتهم وأحبّوني لماذا ؟ لأنّالطريق الّذي يربط بغداد بمدينتي يقتل فيه الأنسان على الهويّة. أمّا اليوم فالعديد من أقاربي سنّة وشيعة هربوا من بيوتهم الى بلدان الجواربحثا لهم ولأطفالهم عن ملاذ آمن حيث لاخطف وقتل ومفخخات.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |