تركيا خطوة أخرى بإتجاه كركوك

 والبرلمان التركي أكثر غيرة من البرلمان العراقي تجاه مواطنيه التركمان

يشار آصلان كركوكلي

يبدوا أن تركيا قد إستنفذت معظم الوسائل السلمية في إبلاغ الدولة العراقية مباشرة وعبروساطات المنظمة الدولية والناتو لإيقاف النشاطات الإرهابية لحزب العمال الكردستاني التركي من أراضيها التي لم تتوقف، وأن أية حادثة في المرحلة القادمة قد تكون الشرارة للبدء بتنفيذ سيناريو عسكري تركي في شمال العراق بعد ان تهيأت لتفعيله كل الدعامات القانونية والعسكرية والرأي العام التركي، وفي محاولة أخيرة لإستقصاء الحقائق وتقييم الأوضاع لبلورة القرار النهائي بعثت تركيا وفدا برلمانيا عالي المستوى برئاسة تورهان تشوماز نائب رئيس البرلمان التركي برفقة أورهان ضياء من الحزب المعارض الى شمال العراق ولزيارة مناطق تركمانية وكركوك بالخصوص للإطلاع على أوضاع التركمان عن كثب وتقديم تقرير مفصل عن نتائجها الى الحكومة التركية كخطوة أخيرة لتحديد طبيعة التعامل التركي وحسم القرار تجاه التمرد الكردي من شمال العراق ويبدوا أن الزيارة قد عكست الصورة للمرحلة القادمة عندما قال بأن من حقنا كدولة جارة أن يكون لنا وجود في العراق كما لأمريكا وجود فيه وأضاف معلقا على أوضاع التركمان المزرية في ظل تحكم الميليشيات الكردية على مناطقهم وبهذا المعنى أن أي شيء يضر بكركوك وأهلها التركمان بالإستناد على المادة 140 سنواجهه ونقف ضده ومؤكدا على أن تركيا حريصة على وحدة الأراضي العراقية .

والمعلوم أن تركيا ومنذ سنوات تطالب الحكومة العراقية السيطرة على حدودها الشمالية لمنع تسلل المتمردين الأكراد من حزب العمال التركي اللذين يتخذون من شمال العراق قواعد إنطلاق ومعسكرات تدريب لهم وأنها على علم من أن الأحزاب الكردية العراقية تقدم الدعم اللوجستي والمساعدات والتغطية الإعلامية لنشاطاتهم بطرق شتى وأن طلباتها لم تلقى أذنا صاغية في بغداد، وأن قرارمجلس الوزراء العراقي الأخير الذي حظر تواجد حزب العمال التركي على اراضي (أقليم العراق!!) حسب البيان الرسمي جاء ليؤكد عن وصول الرسالة التركية الى الحكومة العراقية . لقد عبرت تركيا مرارا أن صبرها أوشك للنفاذ وأنها لن تنتظر المزيد من قتل مواطنيها مراعاة لقواعد حسن الجوار من طرف واحد وأن السيناريو المحتمل ومن خلال مجموع المفردات الفعلية للسياسة التركية على حدودها مع العراق وتمركز قرابة 200000 جندي تركي كامل التجهيز والإعداد تنتظر أوامر القيادة العسكرية للتحرك عل الأهداف هي الأرضية الفعلية للسيناريو الذي قد يبدأ بحادثة ما لتتحرك في الخطوة الأولى فرقتين عسكريتين من منطقة الخابور للسيطرة على محافظة دهوك لتأمين الطريق الى تدفق عنيف وسريع للفرق العسكرية التركية الى الأهداف المرسومة في شمال العراق وأن السيناريو قد يكون في إطار تفاهمات ثنائية تركية – أمريكية محددة سلفا وأن قرار مجلس الوزراء في حظر حزب العمال قبل أيام كان إجراءا قانونيا متأخرا حول التزامات العراق الدولية وغير معلوم جدية تفعيله سيما أن الشمال لا يخضع لنفوذ بغداد إلا شكليا بل أن بغداد نفسها تعيش تحت نفوذ وهيمنة الأحزاب الكردية ذات الوجوه والأطماع المختلفة. وتكرارا لنفس المقولة الكردية بأن الزمان قد إختلف يبدوا أن السيناريو العسكري التركي بات من أكثر الإحتمالات الواردة للمرحلة القادمة سيما أن المشاركة العسكرية التركية في العراق كانت مطلبا أمريكيا رفضه البرلمان التركي في حينه ولأنها أصبحت اليوم مطلبا قوميا للأمن التركي فإن البرلمان سوف لن يمتنع عن التصويت لو دعت الحاجة اليها وأن القوات الأمريكية قد ترى في وجود القوات التركية في الشمال سدا لمنع التسلل الإيراني من البوابة الشمالية الى الداخل العراقي وهو الذي يلقى قبولا إيرانيا ما دامت تركيا تتفهم النوايا السلمية للمشروع النووي الإيراني.

 وأن تصريحات الطالباني الأخيرة في نيويورك مع واشنطن بوست حول ترحيب كردستان!! لإقامة قاعدتين جويتين دائميتين مع عشرة آلاف جندي أمريكي كافية لمنع التدخلات الأجنبية في الشأن العراقي وكأن الأمريكان هم العراقيين الأصلاء كانت رسالة الى الأمريكيين لتفهم مستويات القبول الكردي اللامحدود لقواتهم وتركيزها في الشمال وجها لوجه مع تركيا ذات العلاقات والمصالح الكبيرة معها بما لا تقاس مع مصالحها وعلاقاتها مع أحزاب كردية صغيرة محصورة بين جدران سميكة من دول الكماشة الإقليمية المعارضة الثلاثة وأن بوش على دراية من إستحالة العرض الطالباني عراقيا وعربيا وأقليميا وواقعيا إلا في حالة تقسيم العراق الغير القابل للتقسيم وربط كردستان الى البحر والعالم عبر الأنفاق ورحلات المكوك الفضائي ويعتقد أن التقنيات الكردستانية عاجزة من حفر نفقق، وأن  الحسابات الأمريكية لم تعد اليوم كما كانت بالأمس فهناك الكثير من المتغيرات الدولية الجديدة التي تنتقد إدارة بوش في معالجتها قضايا الإرهاب وقد جاء تقرير الإستخبارات الأمريكية الأخير ليعزز هذا الإعتقاد بأن  الحرب في العراق قد أدت الى تفاقم الخطر الإرهابي في العالم كما أكده التقرير وهو الأخطر ما فيه والذي يأتي قبل أسابيع من بدأ الإنتخابات التشريعية التي يحتمل كثيرا أن يخسر الحزب الجمهوري الأغلبية في الكونغرس مما تقوض الكثير من الآمال والمشارييع المرتبطة بالمطالب والطموحات الكردية ومنها كركوك لتبدأ رحلة الصيف الى الشمال والجبال.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com