|
لقد قتلوا ـ أم حسين* ـ أيضاٌ!! جلال جرمكا / سويسرا كانت تتحدى القدر وكأنها تريد أن تقول (أما أنت وأما أنا) وتلوي ذراع الزمن وتربط الليل بالنهار من أجل لقمة عيش أولادها ـ القـٌصر ـ بعد أن أقدم ألأوغاد على أغتيال زوجها أمام الدار بحجة أنه ينوي ألأنخراط في صفوف الشرطة العراقية!!،................. وهل تلك جريمة ؟؟. كانت قد شـٌمرت عن ساعدها وتحزمت بأكثر من حزام ووضعت (صرة) * كبيرة على رأسها وتتنقل من قرية الى قرية ومن دار الى ألأخر وهي تعرض بضاعتها على نساء تلك القرى من أهالى (قرى الجبور) في محافظتي كركوك وصلاح الدين !!. كانت أمرأة شجاعة بمعنى الشجاعة...لبقة.. صادقة في تعاملها.. أمينة..ملتزمة في مواعيدها... طيبة المعشر لاتفكر بالربح الكثير.. كانت تضع ربحاٌ هامشياٌ على بضاعتها والتي كانت عبارة عن : أقمشة وأكسسوارات وحلى (كذابية) وقناني عطور ومستلزمات نسائية أخرى!!. كانت ذواقة في أختيار ألألوان ومن ثم تنسيقها مع بعض، أذن كانت بمثابة (خبيرة) في ألأزياء أيضاٌ.. ولم لاء فكانت في يوم من ألأيام (سيدة بيتها) ومدللة زوجها الشهيد.. حيث كان من الميسورين..!! ولكن القدر والوضع الحالي جعلهم ـ عزيز قوم ذل ـ !!.. وما أصعب من أن يغدر الزمن بهكذا ناس؟؟؟. كانت لديها العشرات من الزبونات.. نعم في كل قرية كانت لها زبونات دائميات.. وألأهم كانت لاتطلب السعر نقدي أو بالفقدي.. كانت متساهلة جداٌ ومع الجميع!!. كانت جميع بيوت القرى بيتها... تتناول الفطور عند (أم علي) والغداء عند (أم عمر) والشاي عند (أم جعفر) والماء البارد والرقي والبطيخ عند (أم كامل)..... وهكذا... كانت ضيفة (خفيفة الظل) لدى جميع أهالي تلك القرى!!. كانت أذا ما غابت يوم أو يومان... تبدأ التساؤلات ؟؟: ــ أم حسين مابينت!!! أنشاءالله خير!!. ــ أم حسين.. ماكو... يمة..(كامل) باجر أسأل عليها وجيبنة الخبر!!. هكذا كانوا يتفقدوها..... كانت لابل أصبحت جزءاٌ من أهالي تلك القرى.. تشاركهم ألأفراح وألأتراح.. وكانت بمثابة الخبيرة في العديد من المجالات التي تخص المرأة!!. قبل يوم من غيابها (ألأبدي) تفقدت أكثرية العوائل وهي تردد : ــ دادة ـ أم فلان ـ بروني الذمة..!! الدنيا ماتسوة والمشاكل والمصايب كثرت!!!. تعجن النساء؟؟؟، ماذا تقول ـ أم حسين ـ ليست من عادتها هكذا كلام الا في أيام ـ العرفات ـ أي قبل ألأعياد فقط !!. ــ شنو هالكلام يا ـ أم حسين ـ كولي يا الله... أستغفري ربك!!. ــ لاتلوموني.. الحياة صعبة..طلبات ألأولاد بأزدياد... والصحة ليست على مايرام.. عملي صعب.. المجرمون يتربصون لكل شخص، وداتشوفون الضحايا جميعهم أبرياء.. والله كلبي يعلمني بشي..الله يستر!!. قبل الوداع، كانت قد تناولت الغداء عند أحدى سيدات ناحية العلم / السيدة أم بدو.. وهي سيدة فاضلة مشهورة بالكرم والضيافة والطبخ اللذيذ وخبز التنور الذي لايشبع منه البشر.. أنها حنطة (ناحية العلم) حيث ألأرض الخصب وناسها الطيبون... و بيتها مفتوح للضيوف والمحتاجين وكأنها تريد أن تقول : ــ الدنيا بخير.. أهلاٌ بالضيوف... الخير وافر الحمد لله!!. تناولت الغداء مع تلك السيدة الفاضلة وودعتها صاحبة الدار الى خارج الدار وهي تسمعها كلمات الترحيب المعتادة من أولئك البشر الذين ما أن زارهم ضيف حتى يصبح صاحب الدار وصاحب الدار هو الضيف.. هكذا هي ألأصالة والكرم... فعلاٌ الدنيا بخير!!. أنطلقت ـ أم حسين ـ وهي تتلفت الى الوراء وكأنها تريد أن تقول لصاحبة الدار : ــ هذا هو اللقاء ألأخير... في آمان الله !!. في صباح اليوم التالي أنتشر خبر كالبرق ويقولون : لقد قتلوا ـ أم حسين ـ !!.. لم يكتفوا بقتلها فقط... بل ذبحوها من الوريد الى الوريد!!!. نعم ذبحوها وهي لاتحمل غير : ـ ثلاث أو أربعة قطع من القماش وبضع أكسسوارات. ــ وما يعادل ثلاثون دولاراٌ فقط. ــ عبائة ممزقة.... وزوج نعال لاستيك فقط!!!. يالرخص العراقيين... يذبحون من أجل عدد من الدولارات!!!. أي مجاهدين هؤلاء الخنازير... أي أسلام هؤلاء؟؟؟ أي بشر أولئك الذين يذبحون أرملة مسكينة تركت وراءها صبيان وبنت ولايملكون الا الله سبحانه وتعالى والطيبين وجميعهم في عمر الزهور؟؟. ــ قتلوا ـ أم حسين ـ لكنها لم تقتل..بل أستشهدت من أجل (لقمة عيش شريفة) ومن أجل أولادها الطلبة، أصبحت كالدراويش من قرية الى ألأخرى لالشىء سوى لتعيش بعز وبشرف!!!. ـ قتلوها لكونها كانت تنتقد ألأرهابيون وأعمالهم الوحشية...!! وهل كانت مخطئة؟؟؟. أيها ألأوغاد : لقد أستوليتم على ثروة ـ أم حسين ـ : ثلاثون دولار وعبائة ممزقة و (زوج نعال)... هنيئاٌ لكم تلك الغنائم وصحتين وهنا.. بذلك تكونون قد هزمتم ألأمريكان من بلاد الرافدين وسجلتم أنتصاراٌ لم يسبق أن حققه غيركم من (ثوار ووطنيوا) آخر زمان... عافرم ياشجعان!! عملكم بطولي وأنتصاراٌ كبيراٌ وضربة موجعة لأقتصاد أمريكا وبريطانيا، عملكم سبب في التأثير الواضح على ألأسواق العالمية (البورصة) وبذلك قد وضعتم اليد على الجرح.. فعلاٌ أنكم (نشامة وأبطال)!!.......... أدبي وتربيتي لاتسمحان لي أن أتفوه بكلمات غير لائقة.. ولكن ليس بوسعي غير أن أقول : حسبي الله ونعم الوكيل... وأمامنا الكثير!. أي أسلام أنتم؟؟... يشهد الله حتى الخنازير والقردة أشرف وأطهر منكم... ولكم يوم ياظلام!!. نعم لقد رحلت الشهيدة ـ أم حسين ـ ولكن ذكرياتها وطيبتها وأخلاقها وصدقها ظلت عالقة بأذهان الجميع!!!. رحلت الشهيدة ـ أم حسين ـ وتتبعها يومياٌ العشرات... وياترى كم ـ أم حسين ـ تستشهد يومياٌ في أنحاء العراق؟؟؟.... الهن الله..!!!.
ـــــــــــــــــــــــــ
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |