بنت الرافدين

في بغداد سكتت شهرزاد بسبب الحداد!!

جلال جرمكا / سويسرا

لو كان الخليفة ـ أبو جعفر المنصور ـ يعلم ماتحل بعاصمته ـ دار السلام ـ لما أمر بتشييدها وجعلها قبلة العلم والعلماء والشعر والشعراء وقلعة التحدي للأعداء والطامعين!!.

لو يعلم شهريار بهذه الحالة المأساوية لهاجر الى البلدان ألأخرى مكتفياٌ بشهرزاد وحكاياتها التي لاتنتهي أبدا!!.

لو تعلم دجلة الخير تكون هكذا لغيرت مجراها بعيدة عن دار السلام !!.

لو يعلم الشعراء بهذه الكوارث لما كتبوا سطراٌ واحداٌ عن بغداد ودجلة الخير!!!:

حييت سفحك عن بعد فحيينـي    يادجلة الخير ياأم البساتيـن
حييت صفحك ظمآنا ألوذ بـه      لوذ الحمائم بين الماء والطيـن
يادجلة الخير يانبعا أفارقـه     على الكراهة بين الحين والحين
إني وردت عيون الماء صافية     نبعا فنبعا فما كانت لتروينـي
وأنت ياقاربا تلوي الرياح بـه     ليّ النسائم أطراف الأفانيـن
وددت ذاك الشراع الرخص لوكفني    يحاك منه غداة البين يطويني
يادجلة الخير قد هانت مطامحنـا حتى لأدنى طماح غير مضمون
أتضمنين مقيلا لي سواسيـة    بين الحشائش أو بين الرياحيـن؟
خلوا من الهم إلا همّ خافقـه    بين الجوانح أعنيها وتعنينـي
تهزني فأجاريها فتدفعني     كالريح تعجل في دفع الطواحيـن

لو تنبأ كاتب هذه السطور، بهذه الكوارث التي حلت وتحل بمدينة الطفولة والذكريات الجميلة، لأختار مدينة

( مقاديشو ) مكاناٌ لتلك ألأيام لكون النتيجة هي نفسها.. حيث يعيش أهلنا اليوم كما يعيش أهالي العاصمة الصومالية.... ياترى أين الفرق؟؟.

أيها ألأوغاد... يا أولاد ( .....) لماذا:

تكرهون بغداد.. وأهل بغداد.. وتأريخ بغداد.. وجمال بغداد .. ومستقبل بغداد؟؟؟.

أكاد لا أصدق حينما يخبرني ألأهل وألأحبة عن بغداد:

ـ قبل الغروب الجميع الى داخل مساكنهم.. تخلى الشوارع من المارة والسيارت.. تغلق المحلات... ولاحركة.. كنا قبل فترة قليلة نتمتع بأصوات ( المولدات الكهربائية ) .. ها وقد أصيبت هي ألأخرى بالخرس بسبب عدم وجود البنزين وكثرة العطلات التي لاتعالج!!!.

ـ البساتين لم تعد تعطي الثمر المطلوب ...والسبب كثرة ألأمراض والحشرات الضارة وعدم وجود الدواء الشافي والكافي.. ناهيك عن عدم وجود الوقت للقيام بالمطلوب!!!.

ـ دجلة الخير حزينة ... أنسيابها أقل من السنوات الماضية بكثير..!!.

ـ بالأمس هجموا على ـ شهريار* ـ في عقر داره وقطعوا يده اليسرى، بذلك هربت شهرزاد الى جهة مجهولة بعد تهديدات من ( فرق الموت) وتركت الحبيب الغالي بمفرده في قصره الذي تحول الى أطلال... لا حراس ولا أبهة ولاخدم وحشم... جميعهم هربوا... يامسكين ياشهريار!!!.

ـ هنالك تشاور بين { المتنبي والرصافي وأبي نؤاس وعبد المحسن الكاظمي} لنقل تماثيلهم الى الجنوب وليحلوا ضيوفا على الشاعر الكبير ـ السياب ـ، ولكن المصيبة أن ثغر العراق الباسم قد فقدت بسمتها هي ألأخرى.. فأين المفر؟؟؟.

بالله عليكم:

وماذا عن مقاهي [ الشاهبندر، البرازيلي، الرصافي، حسن عجمي، البرلمان، الزهاوي، الكسرة، باب الشيخ، الفضل؟؟).

ـ عن أية مقاهي تتحدث؟؟؟ ياترى من يتجرأ ويجلس في ألأماكن العامة؟؟ وبالمناسبة أكثرية رواد تلك المقاهي أما أستشهدوا وأما رحلوا الى الشام وعمان!!!.

ـ وماذا عن ليالي أبي نؤاس؟؟؟ والسمك المسكوف والسهر حتى مطلع الفجر؟؟؟.

ـأية سهرات؟؟ هو أين آلآمن وألأمان؟؟؟ وبالتالي أين هم البشر؟؟ حتى ألأسماك لم تعد موجودة في دجلة الخير... ياللمأساة!!.

خبرني عن الشباب وليالي رمضان ولعبة المحيبس والبقلاوة والزلابية !!!.

ـ الشباب... كل الشباب همهم ألأول وألأخير ...كيف السبيل للخروج من هذا الجحيم!!!.

اليس من الكفر أن نطلق على ـ دار السلام ـ ... الجحيم؟؟؟.

أخشى ما أخشاه:

أن نترحم على ـ هولاكو ـ وجيش هولاكو... لكونهم أبقوا شيئاٌ من بغداد ... أما اليوم لقد أحرقوا ألأخضر واليابس!!!.

ياترى الى متى تنزفين الدماء يابغداد؟؟؟ وهل من طبيب يداويك؟؟؟.

ـــــــــــــــــــــــ

* قبل فترة قطع ألأوغاد اليد اليسرى لتمثال شهريار لكونه مصنوع من النحاس!!

العودة الى الصفحة الرئيسية