|
هتف معنا مثلما نهتف وكبر وهلل وكان وجهه يشع ضياءا ومحبة وفي تلك اللحظة انطلق ازيز قريب من الرصاص فانزلناه واحتمى الجميع ولم يتفرقوا فقد كان هناك احدهم وقد ترصد الجموع من احد الابنية القريبة واخذ باطلاق الرصاص فهم الابطال بتمشيط البنايات والشوارع والقي القبض عليه بعد نفاذ رصاصه ونال جزائه العادل , وتقرر التعجيل بالزحف نحو اوكار البعث الاجرامية وهي موزعة في مناطق عدة من المدينة وهناك المراكز الامنية ومراكز الشرطة ومعسكر التدريب في شارع ابو صخير ومديرية الامن العامة في طريق الكوفة ومديرية الاستخبارات في القرب من حي السعد امام مستشفى الزهراء والانضباط العسكري في حي السعد ومكافحة مايسمى الاجرام ومركز قوات الطوارئ ومديرية الشرطة العامة في منطقة الميدان قرب الكراج القديم وبجاورها مديرية امن فرعية اضافة الى مركز للمخابرات في منطقة الجديدة قرب اعدادية النجف للبنات وبعض اوكار البعث الاجرامية .. خرجت مسيرة حاشدة لم تشهد لها مثيلا في التحدي من قبالة باب القبلة باتجاه شارع الرسول ورفعت فيها الشعارات والهتافات المنددة بالطغمة الباغية المجرمة المهيمنة على مقدرات شعبنا العراقي وكانت كلما تتقدم خطوات ينظم اليها الشباب والنساء والاطفال والشيوخ وبدات تتسع ويزيدها حماسا تلك الاصوات المتحدية التي تنطلق من المنائر الطاهرة لمرقد ابي تراب سلام الله عليه وعلى اهل بيته الاطهار وبالطبع الى هذه اللحظة لم يسقط من الابطال اي شهيد سوى بعض الجرحى .. وصل الزحف الى قرب مقام ومرقد بنات الحسن في تقاطع شارع الخورنق وهنا توقف الجميع واتخذوا من الجدران والاعمدة ساترا يحميهم من زخات الرصاص القاتلة والتي بدات تنهال عليهم من كل الجهات وبالخصوص من اعدادية الخورنق والتي يتمركز فيها بعض الجلاوزة وشُخص بعضهم فيما بعد حينما رآهم الابطال وهم ينسحبون و يهربون وهم المجرم حسن ابو طبيخ عضو حزب البعث الاجرامي والمجرم في الشرطة نوري فرهود واخرين من رفاق السوء البعث الاجرامي وكانو يطلقون النار العشوائي على التقاطع بين شارع الخورنق و شارع السدير كنت هناك وقبلها بدقائق طلبت من اخي العزيز الشهيد امين ان يعود الى البيت , كانت تقودني عاطفة الاخوة لان اطلب منه ذلك حينما رايته وقد هم باقتحام الاعدادية فرد الجواب ولماذا انت وحدك هنا , وقالها بالنص (بس انت تشارك ) ... نهرته بان لايناقشني ويعود للبيت القريب من المنطقة وقلت له ارجع عبر الازقة فالرصاص شديد وخذ حذرك .. لبى رحمه الله طلبي ضاهريا ولكنه راوغني مراوغة الابطال ودخل الزقاق ليخرج منه الى شارع الخورنق كما كان واخوته مصر في ان يقتحم معهم وكر البعث هناك وكنا نحتمي في الركن قرب مقام بنات الحسن وفي لمح البصر رايته امامي على بعد خطوات وقربه اخوته ابطال العزة والاقدام ولكنه هذه المرة يريد عبور الشارع بسرعة الى الجهة الثانية وفي لمح البصر هوى الى الارض وقد اخترقت رصاصات الغدر راسه الطاهر محدثة فيه فتحة كبيرة لم اصدق ما اراه وُذهل الجميع من هول المصرع فكان له الفخر ولابيه ولي ولامه واهله واصدقائه واحبته وابطال الانتفاظة ان يكون اول شهيد يسقط فوق ثرى تلك الترب الطاهرة معلنا افتتاح قوافل الشهداء التي بدات تترى من بعده معبدة ارض علي والعراق بحناء الدم , فرفعه اخوته واحبته والدم الطاهر يسيل من راسه ممزوجا ببياض دماغه وهتفوا به والهب فيهم روح الانتقام وحماس الثورة من القتلة المجرمين ولم يبالوا بازيز الرصاص الشديد واقتحموا تلك الاوكار الاجرامية وهنا انقطعت عن مواصلة الطريق معهم وبقيت معه فاحتضنته معانقا متوسدا الارض واياه وكان فيه بعض الرمق وانشغلت بعرسه ووداعه وبعد لحظات فاضت روحه الطاهرة الى بارئها , ومضى اخوته واحبته يقتحمون ذلك الوكر مواصلين درب تحرير ارض ابي الاحرار والشهداء من سرطانات وعقارب وحربائات البعثصدامية وبقي معنا بعض الاخوة فطلبت منهم حمله الى احد بيوتهم حتى تنجلي الغبرة ويستقر الامر فمضوا بجسده المخضب بدماء الشهادة وحملوه في سيارة كوستر كانت تسير قربنا وعلمت فيما بعد انهم حالما وصلوا قرب خان المخضر قرب ساحة التسوق امام مديرية الشرطة تم رميهم بالرصاص من تلك المديرية التي يتمركز فيها بعض الشرطة والامن وبعض اعضاء الحزب بينهم المجرم عبد الامير جيثوم ونجم مزهر جريو واخرين انتهو الى سقر وبئس مصير الظالمين واستشهد السائق وجرح المرحوم دكتور ليث الزهيري في قدمه وبقي معه السيد قاسم ابو طبيخ والشهيد البطل والذي استشهد فيما بعد محمد خوير رحمه الله في السيارة .. كان لسان حال الشهداء يقول ان كان دين الحق وحرية العراق لاتستقم الا بدمانا فيارصاص البعث اقتلنا ولن بنالي بالموت ان وقعنا عليه او هو وقع علينا وذلك هو خزينهم الذي ورثوه من سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين وابنه علي الاكبر سلام الله عليهم وعلى من استشهد بين ايديهم حيمنا قال لابيه لانبالي ان وقع الموت علينا او وقعنا عليه مادمنا على الحق .. كانت المقاومة البعثية باهتة ومنهارة وانهزامية ولكن هناك جيوب اجرامية تعلم انها ان وقعت بايدي الثوار سيكون مصيرها الهلاك فكانت تقاوم علها تحصل على مدد بعثي صدامي ينقذها فهؤلاء لم يكن يتصورو ان دولة سيدهم ستنهار بسهولة لانهم خبروا بطشه وانتقامه واستماتته من اجل الحياة والبقاء .. تحرك الابطال في كل اتجاه فها هي مجموعة حاصرت مركز شرطة الغري في شارع المدينة واستولت عليه وعلى الاسلحة التي فيه واخرى اتجهت الى منظمة الامام علي في شارع الكوفة نجف وسيطرت عليها بعد ان اسر الابطال البعثي المجرم خالد الكيشوان وبعض الاقزام معه وهو مجرم مخلص لبعثه ولطالما اذاق شعبنا واهالي النجف وعلمائها مر التهديد والوعيد بالاعدام وهو السبب في ان نحرم ومجموعة من الطلبة في المراحل المنتهية من الاعدادية من مواصلة الدراسة رغم التفوق الذي كنا فيه نتيجة عدم انتمائنا لحزب العبث البعثي الصدامي المجرم وعدم الحظور لاجتماعاتهم الحزبية الاجبارية وقتذاك وفي حقبة الثمانينات وكان قد شارك بالاعدامات في الشوارع ومراكز التدريب وتم سوقه الى غرفة القردة والخنازير البعثية في الصحن الحيدري مع من اسر وقتها محلوق نصف شاربه ونصف شعر راسه القذر .. بقي من المدينة القديمة فقط مديرية الشرطة في الميدان وكانت المآذن تبشر اهالي المدينة بالانتصارات المتلاحقة لابطال الانتفاظة الباسلة وهناك مديرية الامن في وسط شارع الكوفة نجف قرب حي الغدير وبيت المجرم محافظ النجف وقت ذاك وهو المجرم فهد ونائبه ابو لواء وكان ان تم اسر المجرم المخضرم عضو القيادة القطرية يونس الشمري وتم اقتيادهم الى الغرفة المخصصة لتجميعهم واستطاع المحافظ الفرار فيما وقع المجرم ابو لواء وبعض الجلاوزة في الاسر واستطاع الفرار المجرم القاتل والمخضبة اياديه بدماء آلاف الشرفاء من ابناء النجف الاشرف والطلبة الذين يدرسون في الحوزة من الباكستان وايران والافغان وغيرهم من شباب العراق المؤمنين الخسيس المجرم عظيم سعد راضي والذي اذاقنا فيما بعد عودة سيده الجرذ مر الهوان والتنكيل والقتل في عمليات ابادة جماعية ساخصص لها حلقة خاصة انشاء الله .. كانت البهجة قد عمت المدينة القديمة في تلك الليلة فها نحن ننعم بالحرية والانعتاق من ربقة الظلم والجور والطغيان الصدامي واعلنت الافراح وانطلقت الاهازيج المنوعة والاشعار والخطب التي كان محتواها لعن الطاغية واجرامه والتمجيد بقوافل الشهداء من علماء وشباب ونساء وشيوخ وانزلت واحرقت صور الطاغية ورفعت مكانها صور الشهيد الخالد السيد محمد باقر الصدر وعلمائنا الاخيار وتم محاصرة مديرية الشرطة القريبة مركز المدينة واستمر تبادل لاطلاق النار هناك حتى وقت متاخر من الليل وتم القضاء على اخر الجيوب الاجرامية فيها وقد سبق وان نوهت الى عملية اقتحام تلك المديرية والتي دخلناها وشاهدنا تلك الزنازين القذرة والجثث البعثية المتعفنة والمحترقة بجحيم الدنيا قبل الاخرة والتي طالما احتوت المجرمين والشرفاء معا في معادلة لم ارى مثلا لها في التاريخ .. كنت لا ادري ماذا اقول للوالدة والوالد والاهل عن اخي الشهيد الذي غاب تلك الليلة لاول مرة عن البيت و لم يعلموا بشهادته الى تلك الليلة وكنت اكتم عنهم دموعي وملابسي الملطخة بدمه الطاهر وحينما وجدوني في الغرفة ابكي ارتفع بكائهم فقلت لهم انه صديقي ليث قد استشهد وان امين ذهب معهم الى بيته لايصال جثته هناك وانا طلبت منه المبيت عندهم لخطورة الطريق واقنعتهم بهذه الكذبة لخوفي عليهم من الموت نتيجة الصدمة وقلت غدا يحلها الله وكنت لااعلم بالاخوة واين وصلوا بجثته .. لم انم ليلتي تلك وكان الاخوة والاحبة والاصدقاء يحيطون بي نتجول بين رياض تلك القباب الطاهرة وبيتنا ونحاول تنظيم انفسنا والتفكير بجدية الوضع الجديد ونبحث كيفية التعامل مع الاوكار المتبقية في مديرية امن النجف وحالما حل الصباح كان في اجندة اهتماماتي الوصول الى جثة اخي الشهيد وبعض الاخوة الذين تبعوه في مسيرة الشهادة وكانوا ستة ثلاثة منهم اخوة من عائلة واحدة هم ابناء احد الاخوة القصابين ولا اتذكر اسمائهم والشهيد حسن النويني واثنين اخرين تخونني الذاكرة في ذكر اسمائهما وجيئ بجثثهم الطاهرة الى المرقد العلوي المطهر وتقرر ان يكون هناك تشيع جماعي كبير لهما وان تكون هناك مسيرة حاشدة وزفة عرس يستحقها هؤلاء الابطال الشهداء الميامين .. علمت فيما بعد ان الاخوة تعرضوا لاطلاق النار من قبل ازلام الطغيان البعثي ومنهم المجرم المقبور عبد الامير جيثوم ونجم مزهر جريو وقد اصيب المرحوم الدكتور ليث في قدمه واستشهد السائق وبقيت الجثة في السيارة في وسط الشارع حتى صباح اليوم الثاني حينما كانوا يهمون بايصال جثة الشهيد الى ثلاجات المستشفى العام وعادوا اليها في الصباح واستطاعوا ايصالها لغرفة تجميد جثث الموتى في مستشفى مايسمى سابقا مستشفى (صدام ) لان هذا المجرم كان يسجل كل شئ باسمه وكل عراقي يعرف ذلك فالعراق كان ملكه الذي ورثه من امه الفاجرة صبحة وابيه الغير معروف من هو الى هذا الوقت ولولا ان الدكتور ليث كان يعمل في المستشفى آنذاك كتطبيق عملي وكخريج من كلية الطب لما استطاع ادخال الجثة هناك ... انتقلنا الى هناك في اليوم التالي متحاشين الطريق العام فلازالت مديرية الامن وبعض الاوكار البعثية تقاوم وتطلق الرصاص العشوائي وقمنا بالاتفاف من طريق كربلاء عبر منطقة السهلة ووصلنا المستشفى من الخلف واخرجنا الجثة بسرعة وانطلقنا عائدين وتم بحمد الله ايصاله الى مرقد جده وصفت جثته بجانب اخوته الستة وكان من المقرر ان يصلي عليهم المرجع الاعلى اية الله السيد الخوئي قدس سره الشريف ولاسباب امنية ناب عنه سماحة الشهيد السعيد الشيخ مرتضى البروجردي رضوان الله عليه وقد ام الصلاة بعض العلماء و الآلاف المؤلفة من ابناء النجف والمناطق المجاورة في زفة عرس لم تشهد لها النجف مثيلا وانطلق العرس من نهاية شارع الرسول ولكل الشهداء الستة الذين رفعت نعوشهم على اصابع اليد وحالما وصلت الجنائز قرب بيتنا طلبت من الاخوة ان يعرجوا باخي الشهيد على البيت لكي يودعه الاهل وهنا في هذه اللحظة علموا ان بينهم امين الشهيد فكان ماكان من اي ام واب واخوة واحبة تجاه اي عزيز يفقدوه وهو لسان حال كل بيت عراقي مذ ان تربع الطاغية السفاح على مقادير هذا الشعب المظلوم حتى الان ... وصلت نعوش الشهداء الابرار الى الصحن الحيدري الشريف وامتلأ المرقد والصحن بالجموع الغفيرة الزاحفة والهاتفة وبقي البعض خارج الضريح في الشوارع المجاورة وكنت اسير خلف اخي الشهيد مباشرة يرفعه محبيه واصدقائه وحالما وصل الشهداء الى بوابة سوق الكبير حتى انطلق دوي رصاص كثيف من احد الغرف العلوية للصحن الحيدري تجاه تلك الجموع المشيعة واذا بـ .......... التقيكم ان بقي من العمر بقية انشاء الله في الحلقة التاسعة من تلك الحقائق المنسية والتي اتمنى ان تؤرخ كحقبة مشرفة من تاريخ العراق البطولي مع الثورات والانتفاظات المشرفة الاخرى وهنا احببت التنويه واعدكم انني ساتكلم بعد الانتهاء من هذه السلسلة والتي اكتبها الان مباشرة معتمدا على ذاكرتي المتعبة نوعا ما عن انتفاظة رمضان المباركة تلك الانتفاظة التي لم يذكرها احد والتي حصلت ابان الثمانينات في عام 1986 في ذكرى يوم استشهاد امير المتقين ابا الحسنين عليهم السلام وفي قمة بطش وقسوة الطاغية والتي لم يتطرق لها احد في اي مكان وهذا امر غريب رغم توفر كل الوسائل وتقنيات الكتابة والتدوين واتمنى من الله ان يوفقني لذلك ..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |