|
صحيفة المنسي جمعة اللامي “ألا ليتني من غير عُكلٍ قبيلتي ولم أدرِ ما شُبّان عكلٍ وشيبُها” (السّمهري بن بشر الُعكلي)
اتصفح حزمة من أوراق كان الصديق الراحل حسيب كيالي، قد بعث بها إليً في سنوات متقاربة قبل رحيله عنا، أودع فيها لواعجه وسخطه وعتبه وثورته، وإحباطه! من يتذكر منا، حسيب كيالي، القاص والصحافي والإذاعي والمتهكم، والمتمرد؟! بل من يعرف أين مكان قبره، وهو الذي أوصى أن يدفن بين ظهرانينا، في دبي، لأنه رأى أن “أدلب” و”الشام” انسحبتا الى حيث مدينة دبي، وارتحلت سوريا الى الإمارات، فجمع الرجل، حسيب كيالي، الذي وصفه النقاد العرب بأنه “تشيخوف العرب”، بين خبرة بلاد الشام وحاضر منطقة الخليج العربي؟ قبل رحيله بأشهر، وعندما كان “السرطان” يلاعبه لعبة الموت، كنا نرتكن ركناً غربياً في نادٍ بمنطقة “الجميرة” حيث كان يحلو له أن يتلو عليّ اسماء عدد من الشباب الذين اكتهلوا أثناء مسيرته الأدبية، او يتذكر اسماء شخصيات أخرى كانوا لا يفرقون حرف “الكاف” من “اللام”، فعلّمهم الكتابة، كما نطق الحرف العربي أيضاً. وهو، رحمة الله عليه، لسانه قُدّ من حديد مبرود، لا يوازيه في حدّته إلا تهكمه.. وهو ما يعطيه امتياز أن يضع النقاط فوق الحروف، او يرجع البعض الى احضان امهاتهم، او يقول عن آخرين: من هؤلاء؟ كان حسيب كيالي، في رسائله المكتوبة اليّ، ثائراً على مسببي هزيمة الخامس من يونيو/حزيران، وفي الآن ذاته لم يسلم من لسانه اولئك الذين يرتقون المنابر بسرعة وينسون مواضع اقدامهم السابقة، ويتجاهلون أصحاب الأقدام الثابتة، والتأثير الذي لا يلغى، في الوسط الثقافي وحركته، ما علم منها، وما أريد له أن يبقى طي الستر. وفي لقاءاتنا المتعددة، قبيل موته، كان يردد بعضاً من قصائد “العُكلي”، ويتوسع في ذكر أخبار قبيلة هذا الشاعر الطريد. وكأنه يرى اتفاق هذا وذاك على هجران العُكلي، ونكران جميل اديب راق هو حسيب كيالي، على كثيرين في غير مطرح، وفي أكثر من منتدى أدبي وإعلامي. وكنت أقول له: يا صديقي يا حسيب، ثمة فرق بين هؤلاء وبين “ابن منظور” صاحب “مختار الأغاني”، لأن الأخير يعرف الفرق بين الصقر والغراب.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |