|
صحيفة الأنساب والألقاب جمعة اللامي “يا ابْنَ عبْد ربّه، لَقَدْ تأتيكَ العراق حَبْواً” (المتنبي) كثير من الفضل في تشييد هذه المقالة، يعود الى شباب قبيلة البلوشي وكهولها، في دولة الإمارات العربية المتحدة، كان بعضهم قد تحدث إلي، حديث الغاضب، وحديث المعاتب، وحديث المنصت الفهيم، وحديث المعجب بأهله والفخور بنفسه، كما كان “ابن عبد ربّه” يفعل مع نفسه وكتبه، بعدما مرّوا كراماً على “صحيفة الشروكية” المنشورة في عدد “الخليج” في الثاني من هذا الشهر الذي صادف يوم الاثنين الماضي. ودعونا نمرّ مسرعين على “ابن عبد ربّه”، الذي هو “شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربّه بن حبيب بن سالم القرطبي” وكان مولى “هشام بن عبدالرحمن بن معاوية بن عبدالملك بن مروان”. اختلف مجايلوه في تقييمه أدبياً وشعرياً، ولم يتفق التابعون على تجويده من عدمه. إلا أن حَكَماً فيْصلاً، مثل المتنبي، وهو تيّاه معجب بنفسه أيضاً، سوف ينصف هذا الرجل الذي يلقبه كتاب سيرته ب”أبي عمر”، ويسمونه “الإمام” أيضاً. يقولون ان المتنبي لقي الشاعر الاندلسي “أبا الوليد بن عيال”، فقال له: “أنشدني لابن عبد ربّه”، وكان المتنبي يسميه “مليح الاندلس”، فأنشد “أبوالوليد” أبياتاً، منها: يا مَنْ تَقَطّعَ خصْرُهُ منْ رِقّةٍ ما بالُ قلبكَ لا يكون رقيقاً؟ ويقولون أيضاً، ان المتنبي استعادها، ثم قال: “يا ابن عبد ربّه لقد تأتيك العراق حَبْواً”. وهذه شهادة ضخمة من شاعر أضخم، ومن فارس أكثر ضخامة. ولابن عبد ربّه مُصنّف مشهور هو “العقد الفريد”، الذي فيه كتاب عن الأنساب، وبلغ الرجل من شدة العجب بنفسه وكتبه أنه سماها جواهر ولآلئ. ومع ذلك فإن هناك من لا ينظر الى نسبه، ولا الى رأي الآخرين في فصله، وإنما ينظر الى إنجازه وفعله، ويقول: “قال ابن عبد ربّه”. وهذه كتب الأنساب، رعاك الله، بين يديك، مقرونة بأسماء الأئمة التقاة في التأليف والتقصّي. فإذا ما دقّقْت في محتوياتها وتقصّيتَ مضامينها، وقفْتَ على جميل إبداعهم، وحُسْن صنيعهم، واستحسان منابت أهلهم أيضاً. فهذا هو “السيوطي” في “لُبّ الألباب في تحرير الأنساب”. وهذا “ابن الكلبي” في كتابيه: “نَسَبُ مَعْد واليمن الكبير” و”جمهرة أنساب العرب”. وذاك هو “ابن حزم الاندلسي الظاهري” و”البلاذري” و”المغيري” و”السّمْعاني” و”ابنَ دُريْد” وغيرهم كثر والحمد لله. ومن يقدر على المرور سريعاً على اسم جهبذ في الأنساب، هو الإمام “القلقشندي”؟ أو “ظهير الدين البيهقي”؟ أو “مرعي الكرمي” أو “عمر رضا كحالة”؟ إنما هذه الهامات قامت بالعلم، وتلك القامات ارتفعت بالعلم والعمل أيضاً، ولا أشرف من التقوى. والتفاخر بالأنساب مذموم. والتعصب للعشيرة على حساب العشائر الأخرى فعل أخرق. ومن هذا المنطلق الذي نادى به ديننا الحنيف، غضبت لعشائر العراق الجنوبي والأوسط والشرقي ولكل العراقيين، وكذلك لاخوتي أبناء البلوش الكرام، بعدما شتمنا ذلك المتعصّب من مقلدي “خير الله طلفاح” الذي يعرفه أهل العراق على حقيقته. وحين كنت أتحدث مع شباب البلوش وكهولهم حول قبائل العرب، وأذكرهم ببعض مآثر أهلهم القدماء حيثُ منبتهم في جنوب الجزيرة العربية، وبأحاديث خير الأنام عليه أفضل الصلوات والسلام، يبادر الشباب للاعتذار بأدب جمّ، ويتأدّب الكهول بأدب العروبة والإسلام.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |