|
ما بعد سلسلة الإساءات للإسلام .. أما آنت الوقفة مع الذات!! باسم السعيدي / بغداد في ثمانينات القرن المنصرم كان كتاب آيات شيطانية لسلمان رشدي قد فتح البوابة الأولى للأسئلة حول حقيقة الإسلام .. ووهم النقل الإسلامي، وما كان من العالم الإسلامي إلا أن أهدر دم الكاتب ظنّاً منه بأنه سيغلق الباب أمام البحث، وبدلاً من أن يوصد ذلك الباب راحت الأسئلة تتوالى في أذهان المتحررين وتبحث عن إجابات عن تلك السئلة . ولمَّا أعلن سلمان رشدي توبته في الأزهر الشريف كان ظنُّ الكثيرين أن الإسلام قد إنتصر، والحقيقة التي مازلنا نغمض عيوننا عن رؤيتها هي أن البحث عن الحقيقة هو الذي انتصر .. وكانت الرؤية حول ظلامية التيارات المتطرفة التي تحل إشكالياتها الثقافية بالتهديد بالقتل وهدر الدماء توضح بشكلٍ لا لبس فيه أن الإسلاميين لا يمثلون قدرة الإسلام على الحوار، ولو صدق منظِّروا هؤلاء بأن الإسلاميين المتطرفين هم خير من يمثل الإسلام فهذه سبَّة على الإسلام لا نصر له. وما أن جرت السنون لتكشف المزيد من الممارسات التي ترفضها الإنسانية كمثل الأحداث التي جرت في الجزائر، أو أعمال طالبان في أفغانستان، ثم جاءت أحداث 11 سبتمبر لتصب الزيت على النار التي تشوه سمعة الإسلام ذلك الدين السمح. وتلت ذلك ممارسات الثوار الشيشانيين في روسيا كمدرسة (بيسلان) والمسرح وغيرها من العمليات التي تقرف النفس لمجرد ذكرها. وما إن اشتعلت نيران الحرب على العراق حتى نشأت مجاميع مسلَّحة تقوم بذبح الصحفيين والعمال الأبرياء وذبح أناس لاذنب لهم سوى أن حظهم العاثر جلبهم في ساعة نحس ليقعوا بين أيدي تلك المجاميع ما يمثل للمسلَّحين مادة إعلامية دسمة من خلال ذبح الأبرياء وتصويرهم لنشر الرعب في قلوب أهل الإنسانية جمعاء ويرسخ فكرة " الإرهاب الإسلامي" . عادت الى الأذهان رواية آيات شيطانية وتداعياتها المؤسفة حين نشرت الصحف الدنماركية رسوماً كاريكاتورية تسيء الى شخص النبي محمد (ص)، وثار العالم الإسلامي من أدناه الى أقصاه بوجه كل ما يمت الى إسم الدنمارك بصلة، وبذلك وزرت وازرة وزر أخرى في خلاف صريح للنص القرآني . وقف العالم الغربي بصراحة لا لبس فيها مع الصحيفة الدنماركية ونشرت عدة صحف أوربية تلك الرسوم في محاولة لإضاعة دم الرسوم والحقد الإسلامي بين القبائل، واجتهد العالم الغربي للتظافر والتآزر بوجه أي صورة من صور (قمع الرأي) خصوصاً وأن دماء السينمائي ثيو فان كوخ لم تبرد بعد في عملية سفك دم (رداً على رأي) أكثر من واضحة. وحين وقف البابا في جامعة ألمانية مثيراً حواراً قديماً ينتقد بوضوح فقه إبن حزم الأندلسي كان المسلمون يزخرون بالعواطف المعادية لتلك الإساءات ويخرجون أفواجاً وجماعات لإدانة البابا وحرقوا دمى تمثل البابا وطالب بعضهم بمحاكمة للبابا. وكما آزر العالم الغربي الصحيفة الدنماركية عضدوا البابا وراحت صحف فرنسية وأوربية أخرى تنشر مقالات تنال من الإسلام السياسي الذي يلجأ الى الوسائل التي يرفضها الإسلام نفسه في محاولة للتعويض عن النقص في القدرتين العسكرية .. والحوارية التي تقيض للإسلاميين النصر في صراع (وهمي) مع الغرب، وأقول صراعاً وهمياً ففي الحقيقة ليس الإسلام هو الذي في حالة صراع بل الدول الإسلامية هي التي لاتجد لها مكاناً في العالم المتحضر وتلجأ الى (أسلمة المعركة) من أجل حشد الرأي العام الإسلامي معها وسحبت ظلال الخسارة على الإسلام بعد أن كان بعيداً عنها. الأهم من ذلك هو أن المسلمين لم يتوقفوا للحظة واحدة للتفكير ومحاسبة النفس .. لماذا ظهرت كل هذه الإساءات في فترة ما بعد الممارسة الإرهابية لبعض الفصائل الإسلامية ؟؟ لم يسأل أحد الإسلاميين نفسه .. من المسؤول عن الإساءات ؟ الحضارة الغربية ؟ أم التنظيمات الراديكالية الإسلامية التي لم تُبْقِ موبقة إلا وارتكبتها ليس بحق المدنيين الغربيين فحسب !! بل حتى المسلمين أنفسهم .. والإحصاءات عن الجرائم المرتكبة بحق الجزائريين والعراقيين لا تتحدث عن أرقام مخيفة من المسيحيين والغربيين !! بل عن جرائم إرتُكِبت بحق مواطنين مسلمين ولكن تحت عنوان فضفاض هو " محاربة الصليبية وأذنابها" وهي حجة لايصدقها إلا من في قلبه مرض لايعترف به ولا رغبة به لمعالجة هذه السايكوباثية العقائدية الغريبة عن الإنسانية وليس فقط بعيدة عن الإسلام. آن لمثقفي العالم الإسلامي توجيه أصابع الإدانة أو على الأقل الإتهام للجماعات المتطرفة التي تقتل وتقتل وتقتل بإسم الإسلام .. وحين ينتقد أحد ذلك تثور ثائرة الناس بلا تروي أو بلا وعي . فيمن العيب ؟؟؟؟؟؟؟ رحم الله الإمام الشافعي القائل: نعيب زماننا والعيـب فينـــــا *** وما لزماننا عيـب سوانـا ونهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ *** ولو نطق الزمان لنا هجانـا وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ *** ويأكل بعضنا بعضنا عيانـا
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |