تهدمت والله أركان الهدى .. فزت ورب الكعبة

جعفر الصفار

jajs9@hotmail.com

ونحن على أعتاب ليالِ القدر المباركة التي جعلها الله معراجاً لنيل الكمالات والفيوضات الرحمانية تطل علينا ليلةٌ عظيمةٌ عند الله إذ عرجت فيها إليه روحٌ مقدسة.. اصطبغت بدم الشهادة ووسام الكرامة والمجد والخلود والعظمة.. روحٌ طالما ناجت خالقها وذابت في ملكوته وتدرجت في كمالاته ونالت رضاه ورحمته..


أتـغـفــى عــيــونٌ دمـعُـهــا صـبّـابــا = ويـــلام قــلــبٌ فــــارق الأحــبــابَ ؟
وتغـفـى عـيــونُ مـوالــيٍ فـــي لـيـلـةٍ = فـيـهـا صــــلاةٌ فــارقــت مـحـرابــا
تـهـدمــت فـيـهــاأركــــان الــهــدى = وضــاع الـهـدى مــذ فـــارق الأصـحــابَ

 

بدر غاب عن السماء، تبعه فجر باهت بلا ملامح..أخفت الشمس وجهها بأشعتها الذهبية بعد حادثة فجر الــ 40 من الهجرة..أي مصيبة أعظم من بعد فقد النبي  من ضربة الخارجي ابن ملجم اللعين هامة حيدرة !!
أي مصيبة أكبر من فقد باب العلم الذي من شاءه يؤتى !!

حيث قال الرسول الأكرم : «أنا مدينة العلم وعلي بابها، ومن أراد المدينة فليأتها من بابها»أي مصيبة  أمضّ على الشيعة والموالين من وفاة علي بن أبي طالب !!

مشهد أحمر يصطبغ بلون الدم حينما دخل بن ملجم المسجد في بزوغ الفجر وكمن اللعين لأمير المؤمنين وضربه بالسيف المسموم على رأسه.فقال علي : «احبسوه ثلاثاً وأطعموه واسقوه، فإن أعش أرى فيه رأيي، وإن متّ فاقتلوه ولا تمثّلوا به».

لكنّ الإمام عليّ عليه السلام مات من الضربة.. فأخذه «عبد الله بن جعفر» فقطع يديه ورجليه ثم قطع لسانه وضرب عنقه.. حتى للموت. فلسفة عظمى لديه ..في تعامله مع أعدائه..تولى الحسنين عليهما السلام تغسيله وتكفينه ودفنه في النجف الأشرف.. أي رثاء نُرثي به..وأي هجاء نهجو به قاتله اللعين.. خاسِر الدارين..

 

أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب

الإمام علي  روحي فداه هو الميزان والمعيار الذي وضعه الله للتمييز بين الحق والباطل، بين الحلال والحرام وبين الإنسان وسواه ولذلك يجب علينا أن نكون أما مع الإمام علي روحي فداه أو مع المعسكر الأخر الذي يتمثل بكل الفواحش التي حذرنا الله منها فالإسلام علمنا أن الارتباط بعلي  ارتباط بالحق، فعلي  مقياس الحق يدور معه حيث ما دار، وحق علي  لا يتجزأ فهو صريح وواضح لا حياد فيه ولا مساومة ولا توجد فيه مسافة لكي ينفذ الباطل من خلالها، طريق واحد لا سواه، إما أن تكون مع علي  أو تكون مع الباطل، والمشكلة كل المشكلة أن عليا  يريد الحق كله والناس تريده أن يخلطه بشيء من الباطل، لذلك ما ترك له الحق من صديق, الانتماء الى علي موقف ورسالة ومسئولية عظمى، لا يقوى على تحملها كل أحد ولا يصمد أمامها أي أحد.

نعم هذه منهجية أمير المؤمنين وهذا خطهُ وإسلامه, فهل نحنُ نقتدي بهِ فعلاً؟؟

موقف من مواقف أمير المؤمنين  في معركة صفين عندما نزل معاوية بمن معه عند نهر الفرات، في وادي صفّين، واستولى على الماء، ونزل أمير المؤمنين في ذلك الوادي الفسيح أيضاً، وقد حال معاوية بين أهل العراق والماء، ومنعهم من أن يشربوا منه ولو قطرة واحدة فأضرّ بهم وبدوابهم العطش، ولما لم تنفع محاولات أمير المؤمنين بلوغ الماء بالحسنى، اضطره الأمر إلى استعمال القوة لإنقاذ عشرات الألوف ممن كانوا معه من الموت عطشاً، ولمّا تمّت له السيطرة على الماء حاول بعض أصحابه إقناعه أن يقابلهم بالمثل، فأبى ذلك أشدّ الإباء، وأتاح لخصومه، الذين هددوه قبل ساعات قليلة بالموت عطشاً، أن يردوا الماء أسوة بأصحابه.

نعم هذا هو أمير المؤمنين سلامُ الله عليه لم يعرف في حياته شي اسمهُ الغدر أو التسقيط أو الانتقام. أين نحنُ من هذه المواقف !!

فعندما تكون مُوالياً لأمير المؤمنين  يجب إن تكون مُرتبطاً فكرياً وإتباع أفعال أمير المؤمنين وكل حركاته وان يكون هناك ارتباط وثيق بينك وبينه, هذه الولاية الحقة.

 

فضائله علي عليه السلام

نحن نعيش شهر رمضان المبارك... وهو شهر الله عز وجل.... ونحن نعيش الذكرى السنوية لاستشهاد أمير المؤمنين علي .. كان لابد من ذكر بعض من فضائله .. التي لا تعد ولا تحصى.. وهي كثيرة عظيمة شهيرة.. حتّى قال أحمد: ما جاء لأحد من الفضائل مثل ما جاء لعليّ.. وهنا سأذكر لكم الفضيلة الأولى... وهي مولده الشريف في بيت الله الحرام الكعبة المشرفة.... إذ كانت أمه فاطمة بنت أسد تطوف حول الكعبة وهي حامل تبتهل من الله طالبة أن يهون عليها آلام الوضع.... وإذا بجدار الكعبة ينشق من الناحية اليمانية (المستجار) ويقال أن أثر الشق ما زال موجودا هناك.... وتدخل فاطمة بنت أسد داخل الكعبة.... وتمكث فيها ثلاثة أيام... لا يستطيع خلالهم أحد من الدخول داخل الكعبة... وتخرج في اليوم الرابع حاملة رضيعها المبارك الذي تفرد بأن كانت ولادته في الكعبة الشريفة..

 

مسئوليتنا في ذكرى استشهاده

يجب علينا أن نعرف الإمام علي  كما أراد له الله سبحانه وكما وضعه الله تعالى وكما أعطاه من منزلة... يجب أن نعرفه أنه القمة في الفكر الإنساني والإسلامي والقمة في الاصطفاء، كل الدنيا تقف ضد علي وكل الزمن يعادي عليا، ولكن عليا يقف مع كل المحرومين والمستضعفين في العالم باختلاف أديانهم وألوانهم وانتماءاتهم حيث يجدون فيه الأمل والإشراقة والحق والطريق القويم والضالة التي ينشدونها وطريق الفوز والفلاح. فلا نريد نحن « شيعة» علي  أن نكون الأقل حظا والأبخس نصيبا من ذلك الفوز، بل نريد أن نكون معه لا مع غيره فيظلنا بظله ويسقينا بكفه الأوفر..

الحقيقة تتركز جلية واضحة في شخصية علي بن أبي طالب  فإذاً هو الإمام في الأدب كما هو الإمام في ما أثبت من حقوق وفي ما علمّ وهدى، وآيته في ذلك (نهج البلاغة ).. وعظم الله لنا ولكم الأجر بمصاب الإمام وجعلنا الله من المُتبعين الموالين بالقول وبالعمل بأهل بيت النبوة الأطهار عليهم السلام .

أفي شهر الصيام فجعتمونا

لبـس الإسـلام أبـراد السـواد = يوم غال المرتضي سيف المرادي

دائماً ما كان يذكر أمير المؤمنين  هذه المقولة : متى ينبعث أشقاها ويخضب هذه من هذا - وأشار الى لحيته ورأسه الشريف ليتني كنت فداك يا سيدي ليتني كنت استطيع أن أفديك بكل أهلي وعشيرتي وكل من أبصرته عيناي يا مولاي ليت يد ابن ملجم شلت قبل أن تصل الى هامتك الشريفة يا مولاي ولكن أراد الله لك الشهادة لتكون أول شهيد للمحراب صلوات الله عليك يا سيدي ..

ففي فجر اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك، عام (40 هـ)، امتدت يد اللئيم ابن ملجم إلى أمير المؤمنين ، إذ ضربه بسيفه المسموم وهو يصلي في مسجد الكوفة.. فوقع الإمام على وجهه قائلاً: بسم الله وعلى ملة رسول الله ثم صاح الإمام: قتلني ابن ملجم قتلني ابن اليهودية، أيها الناس لا يفوتكم ابن ملجم... فضجت الملائكة في السماء بالدعاء وهبت ريح عاصف سوداء مظلمة ونادي جبرائيل بين السماء والأرض بصوت يسمعه كل مستيقظ: تهدمت والله أركان الهدى وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى وانفصمت والله العروة الوثقى قتل ابن عم محمد المصطفى  قتل الوصي المجتبى قتل علي المرتضى، قتل والله سيد الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء.

لقد بقي الإمام علي يعاني من ضربة المجرم الأثيم ابن ملجم.. ثلاثة أيام ثم عهد خلالها بالإمامة إلى ابنه الإمام الحسن المجتبى ، وطوال تلك الأيام الثلاثة كان يلهج بذكر الله.. والرضا بقضائه.. والتسليم لأمره.. كما كان يُصدر الوصية تلو الوصية، داعياً إلى إقامة حدود الله عزوجل، محذراً من أتباع الهوى والتراجع عن حمل الرسالة الإسلامية..

السلام عليك يا ولي الله.. السلام عليك يا أمير المؤمنين يا علي.. السلام عليك يا أمين الله في أرضه السلام عليك يا ابن عم الرسول.. السلام عليك يا بطل الإسلام الخالد السلام عليك يا قالع باب خيبر.. السلام عليك يا يعسوب الدين وقائد الغر المحجلين السلام عليك يا سيدي ويا مولاي روحي وأرواح العالمين لك الفداء
سلام عليك يوم ولدت ويوم جاهدت ويوم نصر بك الإسلام ويوم ناديك فزت ورب الكعبة ويوم استشهدت. بل في كل يوم يطلع على الأرض. سلاما لا يحصيه العادون ولا يعلم عدده إلا الله.

وختاما أتقدم برفع أحر التعازي لصاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء وكما نرفع تعازينا للمراجع العظام والعلماء الإعلام.. وللأمة الإسلامية جمعاء بمناسبة استشهاد سيد الوصيين وقاتل الغر المحجلين كافل اليتامى الإمام الهمام علي بن أبي طالب  المستشهد في المحراب... وعظم الله لكم الأجر.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com