|
مبروك للأدب الملتزم نوبل2006م محسن ظـافـرغريب / لاهاي في أولى سنوات القرن الحالي 2001م، أقرّ البرلمان الفرنسي مجزرة مليون ونصف المليون أرمني راحوا أضاح لفعل وردّ الفعل لماسميّ بالحروب الإفرنجية الصليبية، وفي حقيقتها كانت ردّ فعل إرتدادي تجلى بعد غبرة وقائع تاريخية تلبدت بها سماواتنا، مثل غيوم إكفهرت ولابدّ لها أن تنقشع، بزوال المؤثر، لأنها كانت بفعل مارق. وفي ظهيرة أمس الأول، صوّت مجلس النواب الفرنسي على مشروع قانون قدّمته المعارضة الإشتراكية لإنزال عقوبة الحبس بحقّ من ينفي"هوليكوست" أحاقت بالأرمن على يدّ الأتراك قبل قرن. لأنّ دوران إستراتيجيا( ترس التوسع الإستعماري) أوربيا، كان محظورا على سعته، على الإمبراطورية القيصرية الروسية التي ضاقت بها الأرض بما رُحبت، إندلق إحتقان ذاك الزمن الإستعماري جنوبا، وهو مثل" تيس" (عنز)، ينظر شزرا كخزر العيون الى روبيان وكافيار" بحيرة الخزر" ( "قزوين"، ماقبل عيون الذهب الأسود، النفط ) والى الحلقة الممكنة البحر الأسود، أين منها حلقتي البحرين؛ البلطيق والشمال أوالقنال الإنجليزي، فها هنا الوردة.. أرقصوا هنا على رأي " كارل ماركس"!، لما سميّ بثغور المسلمين في القفقاس والبلقان، من أجل إطلالة على جسر مضيق البُسفور، الموصل بين برزخ حضارتي قارتين هما آسيا وأوربا، وتلك ذات الإطلاله التي أتاحت للأديب التركي الفائز بجائزة نوبل للعام الجاري 2006م، " أورهان باموك "، تأملها من منزله في إسطنبول مستلهما سجال تاريخ فتح مضيق الدردنيل بالأمس البعيد، حتى تتراءى له عقبة قلعة سواسبول الكأداء، التي واجهت بالأمس القريب النازي الغازي هتلر في العصر السوفيتي، فخاطبها شاعر عرب القرن الماضي الجواهري الكبير بقصيده الشهير التعويذة " سواسبول سلامُ" أن؛ سلام قول من ربّ رحيم، ما ضامك ولا يُضيمك ضامُ!، كما خاطب القائد الهيليني سفن مليكته في بحيرة / البحر الأبيض المتوسط، أو كما خاطب القائد البربري طارق بن زياد، وقد إشرأبّ عنقه الى صخرة سُميّت بإسمه" جبل طارق"، أتباعا أضيع من أيتام على موائد اللئام؛ أن أين المفرّ والبحر من ورائكم والعدوّ من أمامكم؟!. مارس الروس الإبادة الجماعية بإستعلاء حضاري في أبراج حصونهم النابية على غضون تلك الثغور الناتئة على الجرف القاري المتاخمة لإمبراطوريتهم، وكأنهم يُنقمون من تتار تلك المجاهل البكر التي إجتاحت من قبلُ كما الإعصارالأصفر، الدولة الإسلامية في عقر دارها، سُرّة الدنيا حرّة الدنيا، مدينة السلام"بغداد"، لتكون سنة1258م في موضع أطلال قفا نبك الجناح المهيض الكسيح الكسير كما هو فينا، لهف نفس طائر الفينيق الحرّى الحُرّة المُرة الأجاج، على" دجلة الخير" وعلى فراتها العذب اليوم، في سرب حزين يمتدّ عنوة على شتى مشاربه في أفق فيافي المنافي والشتات، يرقص ويغني مذبوحا، ويُسبّح لها نبض الخافق المعذب شطر حبّ، القلب القائح الجريح الأشبه بخارطة حضرة الغائب العراق، ذاك الوحي المُلهم المُحدّث بديالوج مناجاة نداء ناء قصيّ متعب ذبيح، أرواحنا لتربه التبر الفداء. كأنّ الروس يُعيدون مأساة الأنجلوسكسون مع"الهنود الحمر" في فضّ بكارة العالم الجديد أميركا بالحربة، لتسويق تجار الحروب للرقيق الأبيض البضّ وللعبيد ليسلبوا بالسلاح الأسود والأبيض العرض والأرض مقابل الصليب والدين والمدنية المزعومة وقيم الحرية الإنسانية كأنهم كلمة الله العليا وغلاة شعبه المختارالعالي علوّا كبيرا وبقيته التي تملأ الأرض قسطا بملهاة عدل كأنه كأس ذلّ بيد خلّ وفيّ وغول!، يحملون رسالة لدنية لتحرير مجاهل آسيا وأفريقيا من عبودية أثرية قديمة الى" تشييء" حديث أشدّ كفرا ونفاقا، تجعل الغلّ بيدّ " العراقي" ليكون أداة بيد حامل الأختام والصولجان الوكيل المتسلط الممسوخ المعتلّ بالعصاب والذهان!. هكذا تسلط من قبل بصغاره الثمل الماجن المُداهن" بطرس الأكبر"، وكان في سكره الدائم شرّ سلف لبوريس يلتس في الكرملن، بفرضه الزيّ الموحد السكسوني فوق قمصان موشاة وسراويل وجزم أحذية وقبعات ألمانية الطراز، إعجابا من الضحية بجلآده، الغرب وبمدنيته في تسويقه التحديث!. وهكذا خلع بُردته على جنرال خارطة طريقته ونهجه في القرن19م" ديليا لينوف"، طبوغرافية حصون خيبر وموانع وشقّ طرق سالكة الى هضبة شبه جزيرة الأناضول( تركيا السهل والجبل)؛ أرضا محروقة أشبه ماتكون بحرق الزمن الستاليني لأجل الوفرة الإقتصادية لاحقا، وتهجيرا أشبه ما يكون بزمن التهجير المشفوع بالتفجير والمُداف بتفكير التكفير ما بين النهرين اليوم!. وهكذا تقول صحيفة" القفقاس" الرسمية، في مانشيت عريض؛ جنرالات الروس يشنون غزواتهم على الجبال ويطلقون النار على كلّ شىء حيّ متحرّر متحرك، يسلبون كلّ شىء لم يشأ أن"يتشيأ"، يجرفون القرى عن بكرة أبيها بعقاب جماعي، آخذين البرىء غنما كفارا بغرم جريرة البرىء وإن لم" تزر وزر وازرة" أخرى، قصاصاعدلآ، وبقول" الأنفال" النافل على مايعمهون ويصفون ، ولو كان أولاء غنما من إرث ابن أبيه (المتهم صدام السجين)، لكان ذلك والله سرفا عظيما!. فسقطت باكو ودربند سنة1723م وجورجيا سنة1873م لتدفع الجزية عن أيد صاغرة حتى ثورة المسلم" شامل" بين عامي1836 - 1759م المغدورة. لم يكن الأتراك طورانيون قوميون كما كانت الإغريق، وكما كان"ساطع الحصري" بعثيا في سبيل التاج ملكيا أكثر من الملك، بل كانوا إسلاميو الدولة العلية، وهي حقيقة يُشير إليها" جستن مكارثي" في تضاعيف مرجعية كتابه" الطرد والإبادة ". كأنّ الروس والأتراك إبّان صولة إمبراطوريتهما، إتفقوا ( ضمنا) على إبادة رعاياهم الأرمن والأكراد والكلدوآشوريين والعرب، وكأنهم أورثوا "صدام السجين" عهدا معهودا، من السلطان"عبد الحميد الثاني"، في تجنيده الكرد ( الفرسان) لمحاربة الكرد، زاد عليه هذا الصدام" المصدوم بالرعب"، بتجنيد أبناء القومية الواحدة والإثنية الواحدة في / والأسرة الواحدة، ليسبّح الكلّ ويكون في واحد!، وكان السلطان عبد الحميد الثاني في تشرين الثاني الحزين 1914م، يأمر وزير حربه " إسماعيل أنور" بمهاجمة القوات الروسية في القوقاز للإستيلاء على باكو عاصمة آذربيجان، في حين يهاجم وزير داخليته " محمد طلعت باشا" الأرمن، وقد عيل صبرهم في إسطنبول وما بين النهرين والشام، بتهمة تحالفهم مع الروس، كما فعل صدام وحلفاء وخلف له، أدانوا تعامل مقوديهم مع مخابرات حليفهم السابق صدام السجين اليوم على أنهم تعاملوا مع مخابرات إيران الجارة المسلمة الشقيقة اليوم!، وجلاء أكثر من مليون ونصف من أرمن تركيا والعراق والشام في25 أيار1915م!. لقد كان صاحب رائعة " الحرب والسلام"، و" آنا كارنينا"، الأديب الروسي" ليو تولستوي"، في الأدب، رُغم تسويقه ضمن روح رايخ الألف عام عبرأطروحة" تشومسكي"(الحروب روح رياضية، قائد ومقود- سيّد ومسود!)" رايخ الخمسمائة عام" التي تحرر منها أعراق عراق اليوم بكل أعراقه في سيرورة حوار حضارات متمدّن بديل لصراع بربري، كان الأعظم من جائزة نوبل ومن جائزة دولة الإمارات العربية المتحدة للرواية التي تفوقها ثلاثا بقيمتها بالريال الإماراتي!. هكذا حريّ بأمثال الأديب التركي الفائز أمس الأول بجائزة نوبل" باموك"، تحرّي ما نؤيّده فيه، دفاعه عن الأرمن، عندما نطالب معه تركيا الإعتذار، وإن كان العتب على ("الطليان" باللهجة العراقية الدارجة!) كما يقول المثل العربي( خاصة الليبي!)، عندما إختزل بما إصطلح عليه بالرجل المريض؛" قتل مليون أرمني و30 ألف كردي على هذه الأرض، ولا يجرأ أحد غيري ( بمعنى الغيرة الإنسانية والإثنية العرقية) بالحديث عن هكذا أمر"!. لقد أهان المهين" صدام الصغير"،" الأمة" (عربية، إسلامية، عراقية) وأسبغ عليها من هوانه على الناس، الذي يتسربل به ويمثل بقفص محكمتي الدجيل والأنفال، ولم يهن " باموك" قط أمته التركية ومثله من قبل الألمان في إعتذارهم الشجاع عن زمن النازي البغيض الردىء، وهو ينصرف عن العلم في دراسة الهندسة المعمارية الى رسالة الأدب الذي يبيعه من هبّ ودبّ بالذهب، وعن الفرنسية لغة أسرته الموسرة، الى روح إرث الترك في رائعته روايته التاريخية" القلعة البيضاء"( سنة1985م)، التي تدور حول "عبد" قد إشتراه سيّد شاب من البندقية، وهو صاحب رواية " إسمي أحمر" ومحورها ميت يبدأ بالحديث، وروايته" الثلج" ( سنة 2002م) حول هوية المجتمع التركي، وروايته " الكتاب الأسود" ومحورها البطل يبحث في إسطنبول العتيقة عن زوجته وأخيها غيرالشقيق الذي يبادله هويته!، روايته" إسطنبول" (سنة 2003م) وروايته " منزل الصمت" (1983م)، وروايته التي يرى فيها موته"الحياة الجديدة"(سنة1994م) كما يرى إبنته من مطلقته، كما يرى رفيق القلم سلمان رشدي بعد إسقاط الجمهورية الإسلامية فتوى مؤسسها هدر دمه، وشجبه هو تلك الفتوى. قبل نوبل نال الروائي" باموك" في تشرين الأول2005م، جائزة السلام لإتحاد الناشرين الألمان( بمجرّد إرتفاعها من15 الى25 ألف إيرو) ليفلت من سجن محقق وعده به القاضي التركي المحقق( ثلاث سنوات) ثم نال جائزة فرانكفونية- فرنسية عن الرواية الأجنبية في ذات العام، ولتترجم رواياته الى نحو20 لغة. مبروك للجارة تركيا إهدائها أديبها باموك للإنسانية المعذبة، ومبروك لحلم الأديب الذي يهتدي بباعه ويراعه وإبداعه وفوه فاهه و أبوه وأخوه وحموه وذو مال وحال، وتهتدي به أمته في وطنه، والأمم الأخرى، ومبروك لباموك!.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |