حكومة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) .. الحلقة الأولى

إعداد المركز الوطني للدراسات الاجتماعية والتاريخية

almarkazalwatani@yahoo.com

اعتادت الحكومات الحديثة أن تعلن خططها التنموية في أول بيان رسمي تخاطب به شعوبها، وقد ألِفَت الشعوب أن تتلقى برنامج الحكومة بعد تصديها للعمل مباشرةً، سواء أكانت تلك الحكومة تعتمد الأسلوب الديمقراطي في الوصول إلى الحكم، أو تتصدى للمسؤولية من خلال الأساليب الأخرى كالانقلاب العسكري ـ مثلاً ـ.

ويشتمل برنامج الحكومة عادةً على الخطط السياسية، والاقتصادية والعلاقات، وشؤون الدفاع ومسائل الثقافة، والتعليم، والمسائل الاجتماعية، وغيرها من شؤون ذات أهمية لحياة الناس..

وعند تولي أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لشؤون الأمة، شرع بإعلان برنامجه الإصلاحي العام، بيد أننا لا نملك بياناً رسمياً شاملاً لكل خطط الإمام (عليه السلام) ومشاريعه التي أذاعها للأمة، يشتمل على تفاصيل برامجه كلها، من بين الوثائق التاريخية التي توفر التاريخ على حفظها، بينما نجد جملة من المواقف، والنصوص والحوارات، والنشاطات التي تلت توليه للحكم مباشرةً تكشف عن تفاصيل برنامجه الإصلاحي المبارك، كالموقف من الولاة، وجباة الصدقات، والعلاقة بالأمة، وطريقة العطاء، وتوزيع الثروة، وما إلى ذلك من أمور، وكان برنامجه لواليه على مصر مالك الأشتر النخعي شاملاً لتفاصيل خطته الإصلاحية لشؤون مصر أو غيرها..

وإذا كنّا لم نوفق التوفيق المناسب للعثور على بيانه الشامل المفصل الذي يحمل توجهات حكومته فور توليه لشؤون الأمة، وضوابط تلك التوجهات، وأبعادها، فأننا ـ والحمد لله ـ نمتلك العديد من البيانات الرسمية المباشرة التي تؤلف بمجموعها مفاصل برنامجه العام، حيث ورد كل بيان في محور أو أكثر من محاور مشروعه التغييري العام.

وليس واضحاً بشكل دقيق لدينا، ما إذا كان الإمام (عليه السلام) قد التزم طريقة التدرج في الإعلان عن تفاصيل برنامجه الإصلاحي شيئاً، فشيئاً!

ومهما يكن من أمر، فإن ما تبقى من بيانات الإمام (عليه السلام) الرسمية بين أيدي الناس اليوم تكشف عن برنامج متكامل للمشروع التغييري الذي حمل الإمام (عليه السلام) مسؤولية تنفيذه في حياة المسلمين ـ مخالفاً فيه سيرة السابقين من الخلفاء ـ وفيما يأتي أهم المحاور المركزية لمشروع أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) سنتناولها تباعاً في الحلقات القادمة أن شاء الله تعالى.