بصراحة ليس هذا العراق الذي كنا نحلم به!

عقيل القفطان

raad100@msn.com

قبل سقوط الصنم يوم 9 نيسان في ساحة الفردوس في بغداد وقبل ذلك بكثير وحتى بعده بفترة  غير قليلة كنا نحلم ونخطط لعراق جديد وجميل وافضل، عراق الحلم والتسامح، عراق يضع نصب عينيه خدمة أبنائه المظلومين، عراق يشمر عن ساعديه ليسابق الزمن من اجل اللحاق بالركب العالمي، اللحاق بالحضارة والمدنية  والتطور. وكان كل منا يسعى لهذا الهدف من موقعه،يحلم ويفكر ويعمل ما يستطيع من اجل انجاز هذا الهدف العظيم .

كنا نحلم بعراق القانون، عراق الديمقراطية، عراق العدل، حتى ان الحلم والتفكير ذهب بنا بعيدا .

بدأنا نجادل المعترضين كعادتنا بان العراق سيكون افضل حتى من الدول المتقدمة خلال فترة قصيرة، لربما سنة او سنين  وله الويل كل الويل من يعارضنا الراي ويجادلنا على ذلك.

كانت احلامنا كثيرة ومتعددة وشاملة، كنا نحلم كيف ان شواطيء الانهر وبسرعة ستتحول الى منتزهات تظاهي اشهر المنتزاهات العالمية، حيث الجمال، جمال الطبيعة وجمال الانسان والطيور والفراشات، وكنا نحلم كيف ان الشركات العالمية ستتسارع الى ارض الخير، ارض الرافدين لتاسس لها افرع منتجة هناك، وكيف ان الوضع الاقتصادي سيتحسن كثيرا،وكنا نحلم ونفكر كيف نعوض صحة العراقي المتدهورة نتيجة الحصار، وحلمت مرة بان افضل حل ان نعلن مسابقة عالمية لانتاج  اغذية خاصة للعراقيين من اجل تعويضهم عما مضى من جوع وحرمان، وكنا نحلم بالشوارع النظيفة والخدمات اللطيفة والسلطة العفيفة .

 كنا نحلم ونفكر كثيرا بعراق الغد، عراق المستقبل، حتى اني وبسذاجة طفولية سميت موقعي ووسيلتي الاعلامية ب ( الحالم بغد افضل ) كل الاخوة قالوا لي ستصدم يوما، وكل الاخوة دون استثناء يسموني الحالم، ويتساءلوا بمحبة :

هل لازلت تحلم بغد افضل ؟

نعم لازلت احلم بغد افضل (كانت اجابتي الفورية)

وبالفعل ولازالت الىالان احلم بغد افضل، بعراق افضل رغم الاحباط القاتل الذي نمر به .

لكن  احلامنا كانت اشبه ما تكون باحلام طفولية غير ناضجة، كنا نحلم بكل شيء، ونخطط لكل شيء بشكل عفوي وبريء!

لكنه للانصاف  والحقيقة كان لابد ان نفكر هكذا، كان لابد ان نحلم هكذا، لأنه ليس من المعقول بعد فترة الظلم التي عشناها في زمن الطاغية المجرم صدام حسين وما قبله منذ ان خلق الله البشرية وجعل قسم منهم في ارض الرافدين ونحن نمارس ونتعرض للظلم في آن واحد على بعضنا البعض، فيقتل احدنا الأخر، ويكفر احدنا الأخر، ويسقط احدنا الأخر .

 منذ ان وطأة قدم الإنسان ارض العراق ونحن نعيش التناقض بشكل صارخ، فمن جهة نحن شعب معطاء، شعب قدم للحضارة والإنسانية الكثير ومن جانب أخر كان تاريخنا مخجلا، وصفحاتنا، صفحات تاريخنا رغم كل الادعاء سوداء قاتمة ...

لا أريد ان اجرد ما اقترفته أيادينا وأيادي أبائنا وأجدادنا !!!

لا أريد القول إننا أناس نحتاج الى مصلحين اجتماعيين وأطباء لمعالجة الإمراض النفسية أكثر من حاجتنا الى قادة سياسيين ورجال دين معممين، لا أريد  قول ذلك لكني ارغب ان اذكر ان ما مر خلال حكم صدام وقبله من ظلم وحيف وتخلف وهزيمة كان لابد ان يجعلنا نحلم بالافضل، ونفكر بالاحسن، وكان لابد ان نتعلم مما مر بشكل جدي.

 نتعلم ماذا ؟

هذا هو السؤال الذي لربما لم نسال أنفسنا إياه وبالتالي لم نجاوب عليه لا نحن ولا قادتنا الاشاوس !!!

كان لابد ان نتعلم درسا اساسيا ومحوريا في حياتنا وهو ان الظلم والحيف الذي مر علينا وعلى كل الأجيال التي سبقتنا يجب ان ينتهي والى الأبد .

كان لابد ان نخطط كيف ننهي هذا الظلم والى الأبد .

كان لابد والحال هذه ان نستحضر كل أدوات النجاح من اجل تحقيق هذا الهدف المركزي، هذا الحلم الكبير.

 واهم تلك العوامل من وجهة نظري البسيطة هو توفر الاخلاص ونكران الذات وامتلاك الشجاعة ووضع الانسان المناسب في مكانه المناسب.

عشرات القادة  المتصدين للقضية العراقية، كلهم يدعي الوطنية، وكلهم يدعي النزاهة، وكلهم يرفع صوته عاليا ويخطب بنا ليل نهار بأنه هو المنقذ، وهو الذي يمتلك مفاتيح الحل للمعضلة، معضلتنا الأبدية .

وبصراحة لا توجد مواصفات القائد بين هؤلاء المدعين الجبناء جميعا.

كلهم جبناء متخاذلين وهم سبب المأساة التي نمر بها.

عشرات القادة صعد نجمهم بعد سقوط الطاغية بشكل صاروخي، فتركزت عليهم الكاميرات وحاورتهم وتحاورهم وسائل الأعلام، قد تمتعوا بخيرات العراق وثروات العراق وسرقوا الكثير ونهبوا الكثير وقلنا في البداية ان ذلك غير صحيح وعندما تاكنا قلنا لابد من ذلك  في ظل الارباك وغياب الدولة ومؤسساتها، وانها مرحلة ستنتهي ويحدث نوع من الفرز بين الجيد وغير الجيد فيما بعد.

 وكنا نأمل ان يتعلم هؤلاء ان سبب مجيئهم هو لخدمة العراق، سبب مجيئهم إنقاذ العراق من تبعات الطاغية صدام .

كل الدلائل التي بأيدينا ألان، كل ما نعرفه ونسمعه ونشاهده وما ينقله لنا الأهل من داخل الوطن يثبت لنا بشكل قاطع، ان العراق الذي كنا نحلم به، ونفكر به ليس هذا العراق !

بصراحة أمام جرائم البعثيين المجرمين، وجرائم التكفيريين المتخلفين من الإرهابيين السنة، وأمام الجرائم التي ترتكبها المليشيات الإرهابية الشيعية، أمام الفساد الإداري، أمام السرقات الكبرى، أمام الجبن والتخاذل والهزيمة التي تتمتع به الحكومة العراقية الحالية وما قبلها بامتياز، أمام كل ذلك نزداد قناعة بان العراق الحالي ليس العراق الذي كنا نحلم به .

اني بريء من الحكومة الحالية  حكومة نوري المالكي ومن حكومة الجعفري وحكومة علاوي ومن مجلس الحكم الذي سبق هذه الحكومات الثلاثة، انني بريء من أعمال الإرهابية التي تقوم بها المجموعات الإرهابية السنية التي تريد بالعراق شرا، وانني بريء من المجموعات الإرهابية الشيعية التي تعبث بالأرض فسادا، وانني بريء من كل القادة العراقيين الذين يحكمون عراق اليوم رغم العلاقات التي تربطنا بالكثير منهم .

انني بريء منكم جميعا،ان مايحدث للعراق من خطر وما يحدث لشعبنا من قتل على الهوية انتم سببه،انكم بصراحة جبناء وسراق تركتم اهلنا للارهابيين السفلة مكشوفي الظهر دون مدافع عنهم، فعلتم ذلك لانكم جبناء مهزمين، ولانكم ايضا بدون مؤهلات قيادة، قيادة دولة مثل العراق.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com