|
مؤتمر قادة الثقافة والفكر في العراق؟ الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان تتوالى الجهود الوطنية العراقية لمعالجة المشكلات والأزمات المستفحلة تلك التي تغور جراحها عميقا في قلب الشارع العراقي ومواطننا المبتلى... وآخر تلك الجهود مؤتمر مكة الذي ركز على الجهد الممكن أن تلعبه المرجعيات الدينية في التأثير على مجريات الحدث اليومي العراقي العام... وهناك جهود حثيثة تبذلها القيادات السياسية الحكومية والحزبية عبر تفاعلاتها المتصلة بواقعنا اليومي وعبر اتصالات إقليمية ودولية داعية لأبعد الحلول المتاحة لوقف نزيف الدم العراقي.. ومع تباين إمكانات التأثير وقدرات العمل المتاح والمتوافر في الوطن وخارجه، إلا أن الرئيس المتوافق عليه هو أننا بحاجة للجهد الهامشي مثلما نحن بحاجة للجهد الستراتيجي بكل ثقله وطاقاته بسبب من حجم الأزمة التي نواجهها... بمعنى أننا يلزم أن نعمل بجهد متصل مستمر من أجل وحدة قوانا لأكبر قدرة تأثيرية من جهة ولأوسع قاعدة وأعرضها للمشاركة والتفاعل بين مجموع العراقيين.. سواء منهم البسطاء من مواطني البلاد المغلوبين على أمرهم أم منهم القادة والنخب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية وليس بعيدا ولا غريبا أن نقول في الصميم نخبة الثقافة والفكر والتكنوقراط العراقي.. إنَّ عقد مؤتمرات الحل والربط والتأثير المؤمل للفئات الفاعلة ومنها الوجاهات الدينية والاجتماعية يعني أنَّ الأكثر ضرورة اليوم بعد أنْ بقيت جهات بعينها في الواجهة ولم تستطع إنجاز الاستقرار المنتظر لوحدها؛ من الضروري واللازم حتما إشراك العقل العراقي ونخبته العليا في إدارة شؤون الأزمة والدخول بفعل أكبر وأقوى للمشاركة في وضع المعالجات المتطلع إليها.. وعليه يبدو لي اليوم أكثر مما مضى حاجة العراق والعراقيين لزعاماتهم الفكرية الثقافية وللتكنوقراط الحقيقي في مجالات الإبداع ورسم مسارات الحلول الجدية المسؤولة بالتفاعل مع بقية زعامات الوطن لكي يكون تسريع الحسم بأفضله وأنجعه لأن أزمة كالتي نعيشها لا يمكن أن تنتظر جهودا فردية أو جزئية أو ترقيعية.. ومن هنا فإنَّ المؤتمر الذي ينوي عقده مثقفو العراق والذي تشكلت لجنته التحضيرية بحاجة لتسليط الضوء عليه ودعمه وتفعيل توجهاته الوطنية في التعامل مع الوضع العراقي وحل أزمته العميقة.. وعلى الرغم مما لمسألة الدعم المادي واحتضان المؤتمر من تأثيرات محتملة أو متخيَّلة فس تقدير بعض الرؤى إلا أنَّ مثقفي العراق يبقون الأحرص على استقلاليتهم ووطنيتهم وهويتهم العراقية والإنسانية.. ولا يمكن اختراقهم بالطريقة التي تجري في مجالات وفئات نخبوية أخرى.. وعليه لا يتردد مثقفونا ولجنتهم التحضيرية من دعوة مسؤولة لمسألة تفعيل دعم المؤتمر والتسريع بموعد انعقاده والمساعدة على توكيد الارتباط الوطيد بين القيادة الثقافية الفكرية لأبناء الرافدين وبين مجموع أبناء وادي الحضارة والنماء بكل أطيافه ومكوناته القومية والدينية والسياسية والاجتماعية وأن مثقفي العراق يمثلون الهوية الحقيقية والراية التي من دونها ليس للعراق من مسيرة صائبة صحيحة.. وإذا كانت كل الشعوب تحتفي بمفكر أو أديب أو أكاديمي أو إعلامي يولد لها، فإنَّ عراقنا وشعبه ليس بالذي يهمل أعلامه الخفاقة في دنيا العلم والتقدم الإنساني ولطالما كان الجواهري الكبير شاعر الوطنية والكلمة الصادقة والمعبر عن ضمير الشعب راية للوطن وعلما لا يُعلى عليه حتى أن حادثة إسقاط الجنسية عنه في زمن الطاغية قد أثارت سخرية العراقيين لأن شخصية بحجم راية عراقية تمثل ضمير الناس لا يمكن أن تعرِّف به ورقة بل هو الذي يمنحها القيمة.. وفي زمن يحترم المواطن العراقي ويهتم بشؤونه ويعلي من شأنه فإن الإعلاء من شأن نخبته صفوته سيكون ألصق وأكثر جدية ووضوحا لدى الناس ولدى المسؤولين.. ومن هذه الحقائق يكون التطلع لدور مميز لوزارة الثقافة في دعم انعقاد المؤتمر ولدور مميز للزعامات العراقية لا في دعم مثقف أو مفكر أو أكاديمي فرد وهو أمر صحيح ومتوقع دائما بل في دعم عموم مسيرة الفعل الثقافي وتفعيل دوره عبر المؤتمر المنتظر في هذه الأجواء السائدة.. ومن منبر الكلمة الحرة المستقلة المؤمنة بالوطن والناس أدعو الزعامات العراقية لا إلى التوقف عند دعم انعقاد مؤتمر الزعامات الثقافية بل والحضور الفاعل فيه وإظهار أهمية انعقاده وتأثيره في الساحة العراقية والمنتظر من وراء انعقاده في تقديم الحلول الناجعة التي تسير بخطوط موازية متفاعلة مع الخطوط السياسية والاقتصادية والأمنية بتبادل التأثير العميق بخاصة ما لدور الثقافة والفكر من فعل روحي وطيد.. كما يلزم لقوى الثقافة العراقية ألا تبقى في حدود الميدان الوطني بل أن تجذب ممثلي القوى الدولية والإقليمية التي يمكنها أن تشارك في دعم العلاج لكل تلك الأمراض من المخلفات الماضوية ومن صراعات الألم والدم الجارية اليوم.. وحتى ينعقد مؤتمر رايات العراق وأعلامه وحتى نجد له الفعل المؤمل سيبقى احتفال العراقيين بثقافتهم ومثقفيهم أمرا راسخا وفاعلا في الترابط بين الأزمة ومن سيستطيع المساهمة الجدية الفاعلة في حلها ممثلا بمؤتمر الثقافة المنوي عقده قريبا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |