وثيقة مكة .. بادرة نور

 كريم الربيعي

k2rim@tele2adsl.dk

الوثائق والعهود تعد مبادئ أساسية ومقدمات ضرورية لتحديد السلوكيات البشرية وتنظيم حياتهم وفيها تدخل القوانين المحلية أو الوطنية كما هي العهود والمواثيق المحلية أو الدولية أيضا. وثيقة مكة ، وبعد توقيعها من قبل 29 عالما من السنة والشيعة بالإضافة إلى ثلاثة شهود، يوم 20-10-2006 في مكة، تنظم لتلك المواثيق والعهود التي ترسم أو تحدد سلوكيات البشر في هذه البقعة الجغرافية، على الرغم من أن مبادئها تتعدى حدود العراق.

 تعد الوثيقة بحد ذاتها بادرة نور وأساسا يمكن البناء عليه كي تكون عقدا جديدا للمسلمين. بادرة طيبة لأنها حددت الموقف من عمليات القتل والنهب ومصادرة الأموال والأملاك والتهجير الطائفي والتمييز في الفقرات العشرة التي احتوتها الوثيقة.

شهد العراق وبلدان المنطقة تحديد ظهور العديد من التنظيمات التي تدعي إلى الجهاد والتي لم توفر اسما تاريخيا إلا واستخدمته كي تضفي على نفسها روح التقديس وحب الإسلام!! وهذا ينطبق أيضا على شخصيات كثيرة بعينها أيضا ، تلك المنظمات والجماعات والشخصيات تلبست رداء الإسلام مما زاد من صعوبة ووضوح الرؤيا لدى المواطن العادي، حيث انطلت على الكثير منهم ، دعوات تلك الجماعات والأشخاص على أنها جماعات تنشد الحق وتريد أعادة الوجه الحق للدين ، وما شجع تلك الجماعات هو عدم وجود رد من العلماء ورجال الفقه الإسلامي. إلا أن وثيقة مكة تعد بادرة من الضروري تعميقها وتعزيزها كي تكون عامة وكي تكون إعلانا إسلاميا للدفاع عن الدين الإسلامي وإعلاء روح الإخاء والتسامح ومبادئ العدل فيه، وهذا يفرض على منظمة المؤتمر الإسلامي وعلى علماء الدين تعميق تلك الوثيقة ونشرها بشكل أوسع من اجل إرساء وعي يدحض منطق الغلاة والمتطرفين في مجتمعاتنا.

لقد ورد في مقدمة الوثيقة على " دعاوي تتلبس برداء الإسلام والإسلام منها براء " وهذه الحقيقة يجب التأكيد عليها وهي قولا جريئا يزيل رداء الإسلام عن تلك الجماعات والأشخاص الذين يمارسون القتل والخطف ومصادرة أملاك الغير وزرع الفوضى وحرق دور العبادة والتهجير وتشويه وعي المواطن ومصادرة حقوقه وباختصار تجيش الدين الإسلامي، وهي بوضوح تقول لأولئك " أن الإسلام بريء منكم " .

 وقد جاءت المادة الثانية في الوثيقة لتؤكد على تحريم القتل واغتصاب حق الغير ، هذا الأمر الشائع اليوم في العراق والذي تمارسه مليشيات الطوائف ودعاتها، سوى كان ذلك الحق خاص أو عام. ونصت الفقرة على " دماء المسلمين وأموالهم وإعراضهم عليهم حرام" معززا بأية قرآنية " أتمنى أن يقراها السادة أمراء الطوائف خارج أركان الحكومة والبرلمان وداخله أيضا " ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما" وتدعم تلك الآية بحديث للنبي محمد"ص" " كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه "

وهذا تأكيدا أخر وكما يقول المثل الشعبي " ليس كلمن دهن وجهه أصبح حداد " أي أن أولئك الذين أطالوا أللحي وحرقوا جبينهم علامة على التعبد من الذين يعملون ودون كلل على تجيش وتسليح الدين الإسلامي من أمراء الطوائف وعصابات القتل اليومي التي تمارس جرائم يندى لها الجبين، ما جزائهم عند الله إلا اللعنة وجهنم!! وتلبسهم للدين ما هو إلا أسلوب مفضوح للضحك على ذقون المواطنين.

 لقد جاءت الفقرات الأخرى تأكيد وتعميقا على الفقرتين الأولى والثانية ولابد من أن أشير إلى الفقرة الثامنة التي نصت على "أطلاق سراح المعتقلين الأبرياء وتقديم من تقوم بحقه أدلة جنائية إلى محاكمة عاجلة وتنفيذ حكمها..." وهنا لابد من التذكير أن هناك العشرات بل المئات من السجناء الذين اعتقلوا بشكل عشوائي ، وهناك الكثير ممن حكمت المحاكم بإخلاء سبيلهم ألا أن السلطات المختصة والمسئولة على السجون لم تطلق سراحهم لأنها تطلب من ذويهم مبالغ مقابل أطلاق سراحهم.

 أن الوثيقة تبقى مبادئ لا يمكن أن تكتمل دون الدعوة إلى نشرها وتوعية الناس بما حملته من مبادئ وبالتالي وجود آليات لتطبيقها رغم أن تطبيقها يجب أن يكون أمرا طبيعيا وجزءا لا يتجزأ من التزام كل مسلم بدينه .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com