|
الوطن للجميع سناء صالح / هولندا العراق ,البلد الجميل ,الثري بخيراته وحضارته الضاربة في عمق أرض الرافدين ,وبطبيعته المتنوّعة بتنوع تضاريسه التي تحدد ملامح سكانه وألوان بشرتهم وتعدد ثقافاتهم ,ولاعجب في ذلك ,فالعراق هو موطن أبراهيم أبو الأنبياء عليهم السلام ,وعند ملتقى الرافدين دجلة والفرات تستقرّشجرة آدم , هذه الأرض المباركة تحتضن أجداث الأولياء من مختلف الملل ,فالعراق جميل بهذا الموزائيك بهذه اللوحة الزاخرة بالألوان المتناسقة المعبّرة وأنّ أيّ خلل سيفقد اللوحة قيمتها ورونقها. هزّني ماقرأت وما سمعت عن حملات الترويع والأرهاب التي تطال الصابئة المندائيين والمسيحيين اطلعت على بعض الفتاوى الموقعة بأسماء مثل كتائب التحرير ومكتب السيد الفلاني والتي وزعت في بغداد والبصرة وقد وجهت الى الصابئة المندائيين وغيرهم وتتضمن سبا وقذفا وتطالبهم بالعودة الى ( أوطانهم ) اذا رفضوا اعتناق الأسلام والاّ فالقتل , فالفتاوى التي تصدرها هذه الجماعات الأرهابية وتهدد بها هذه الطوائف المسالمة التي لم نلمس لها طموحا في الأستئثار بالسلطة أو عدوانيّة بل هم أناس شأنهم شأن الآخرين يرومون ضمان حقوقهم كبشر بما نصت عليه الشرائع السماوية وما تضمنته لائحة حقوق الأنسان فيما يتعلق بحريّة المعتقد وممارسة الحرية الدينية والعيش الكريم ,لقد ناضلوا ضمن الحركة الوطنية ضد الأستبداد والدكتاتورية وسقوا تربة الوطن بدمائهم الزكية في سبيل الديمقراطية والحياة الحرة الكريمة وزجوا في السجون كما لعبوا دورا مميّزا في بناء الوطن وبرزت أسماء لامعة في ميادين العلم والمعرفة كان همهم رفع مكانة العراق الى مصاف الدول المتقدّمة . ان مايثير الفزع هو آخر الأحصائيات التي وردت اذ تشير الى تقلص أعداد أبناء الطائفة المندائية الى 860 عائلة فقط بعد ان كان عددهم في عام 2003 مايقارب 50 ألف شخص وذلك بسبب التهديدات وأعمال القتل والخطف والأبتزاز حيث اضطرّ الكثير منهم الى الهرب الى بلدان الجوار بحثا عن الأمان وهم يعانون اليوم هم وأطفالهم من شظف العيش وقد تركوا كل شيء خلفهم منتظرين بلدا يقبلهم وهذا ينسحب أيضا على المسيحيين في بغداد والبصرة والموصل وغيرها من المدن العراقية ويحاسبون على مواقف لاناقة لهم فيها ولا جمل , لمجرد أن البابا قد صرّح بتصريحات مسيئة أو ليبب آخر يفتعلونه , انّ تراجع عدد المسيحيين من العراقيين حسب ماذكر في بعض التقارير الدولية الى 800 الف بعد أن كان مايقارب المليونين والرقم مرشّح للتناقص اذا استمرّالحال على هذه الشاكلة . سؤال يطرح على من يريد افراغ العراق من المسيحيين والصابئة المندائيين ويجبرهم على الرحيل من وطن هم من سكانه الأصليين ,وهم من أسهموا في بناء حضارة وادي الرافدين , لماذا ؟ ومن أعطاهم الحق في ازهاق أرواح بريئة أو انتهاك أعراض أوترويع وتشريد , كم هو رائع التنوع أن تكون بيوت الله بجوامعها وكنائسها ودور عبادتها جنبا الى جنب , أن تقرع النواقيس وتترنم الشفاه بالمحبة وعلى الأرض السلام ,أن ترى دجلة مزدانا بالمندائيين يؤدون مراسيمهم بثياب بيضاء ورؤوس تحيطها أطواق من الآس والزهور معبرة عن الطهر والنقاء . انّ على كلّ الشرفاء من أبناء وطننا والغيارى على مصلحته التكاتف ودعم كل الجهود الخيّرة التي تسعى الى تطويق هذه المشكلة الأنسانيّة وحماية مكونات شعبنا من الأذى , أن تفضح من خلال وسائل الأعلام كل المحاولات الرامية الى النيل من ثروتنا البشريّة وتدميرها كما حصل مسبقا لمتاحفنا ومكتباتنا وثروتنا النفطيّة . وخلاصة قولي الدين لله ,أمّاالوطن ((العراق ))فهو للجميع .
هامش : استقيت الأحصائيات فيما يتعلق بالأخوة المندائيين من مصدر موثوق .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |