|
دليل تورطهم بالارهاب نزار حيدر اعتبر نـزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، ان تصريحات الرئيس الاميركي يوم امس بشان طلب ادارته من السعودية والاردن، للمساعدة في وقف نزيف الدم في العراق، دليل تورط هؤلاء مع جماعات العنف والارهاب الذي لا زال يحصد ارواح العراقيين الابرياء. واضاف نـزار حيدر الذي كان يتحدث في برنامجين حواريين منفصلين، الاول على قناة العالم الفضائية، والثاني على قناة الحرة الفضائية: ان كل الدلائل على الارض تشير الى ان امثال هذه الانظمة العربية الطائفية متورطة في دعم جماعات العنف والارهاب في العراق، سواء بالفتوى الطائفية التي اهدرت دم العراقيين واستباحت اعراضهم واملاكهم، او بالمال الحرام الذي لا زال يصل الى جماعات العنف والارهاب، اما تحت غطاء المؤسسات الخيرية والانسانية المنتشرة في مثل هذه الدول، والتي تعمل تحت مرآى ومسمع سلطاتها الامنية، او من اموال العراقيين التي هرب بها ايتام النظام الشمولي البائد وعائلة الطاغية الذليل الى خارج العراق، وخاصة الاردن، أو بالدعم اللوجستي والتعبئة والتدريب الذي يتلقاه الارهابيون على اراضي مثل هذه الدول، أو بالدعم الاعلامي الطائفي الذي يحرض على قتل العراقيين ليل نهار. واضاف: بالرغم من كل ذلك، الا ان واشنطن تحذر الاعتراف بهذه الحقيقة لاسباب عدة، من اهمها، ربما، حربها الباردة مع ايران، فهي ترى بان الاعتراف بهذه الحقيقة يضعف من تحالفها مع هذه الانظمة التي تشترك معها في الحرب الباردة على جارتهم اللدودة، كما انه يشجع ايران على المضي قدما في سياساتها المعادية للولايات المتحدة، ولذلك نرى واشنطن تبدي استعدادا منقطع النظير لابتلاع الموس (كما يقولون) على ان تعترف بما يمكن ان يكون سببا لدعم ايران بشكل مباشر او غير مباشر. عن الخطة الاميركية الجديدة التي اعلن عنها السفير زاد في بغداد، وايدها الرئيس بوش، قال نـزار حيدر: من الواضح جدا، فان بنود هذه الخطة صيغت في العاصمة السعودية الرياض، التي تكررت زيارتها من قبل السفير الاميركي في بغداد زاد، وليس في بغداد او واشنطن، ولذلك فهي جانبت مصالح العراق والاغلبية من الشعب العراقي، ولم تاخذ بعين الاعتبار سوى مصلحة الفئة القليلة من العراقيين الذي حكموا البلاد بالحديد والنار على مدى نيف وثلاثين عاما، في اطار سياسة الاقصاء والتهميش للاغلبية. وحذر نـزار حيدر، ادارة الرئيس بوش من مغبة الانصياع الى ضغوط الانظمة العربية الشمولية في المنطقة، فيما يخص الشان العراقي، لانها، في حقيقة الامر، تكره ان ترى نظاما ديمقراطيا في العراق، اذ تعتبر ذلك تهديدا مباشرا لامن الاسر الحاكمة، خاصة وان مثل هذا النظام يقوم على اساس الانتخابات والشراكة الحقيقية بين مختلف مكونات المجتمع العراق، فلاول مرة منذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة، مطلع القرن الماضي، يكون للاغلبية من العراقيين (الشيعة) ولكل القوميات غير العربية، خاصة الكرد، هذا الدور الهام والمفصلي والاستراتيجي في النظام السياسي، بعد ان عانوا الامرين من سياسات الاقصاء والتهميش والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية، ان لم يكن اكثر، بسبب سياسة التمييز الطائفي والعنصري الذي مارسته ضدهم الاقلية. واضاف نـزار حيدر: ان الذهاب مع هذه الانظمة بعيدا، سيعرض مصداقية الولايات المتحدة الاميركية للخطر، وهي لا زالت تقول بانها تريد ان تساعد شعوب المنطقة لاقامة انظمة سياسية ديمقراطية تحترم حقوق الانسان، وذلك في اطار مشروعها الاستراتيجي الرامي الى نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط، فأية ديمقراطية هذه التي تعتمد في تحقيقها واشنطن، على انظمة عائلية شمولية تنتهك حقوق الانسان بشكل فضيع ولا تؤمن بالمشاركة السياسية للمواطنين الذين تتعامل معهم دستوريا وقانونيا كفئة ثانية في البلاد، اما الفئة الاولى فهي الاسرة الحاكمة بطبيعة الحال، كما هو المثال في المملكة العربية السعودية، التي شرعنت هذه المفاهيم مؤخرا في اطار ما بات يعرف بـ (هيئة البيعة) وهي الوثيقة التي يخجل منها المرء ويندى لها جبين (المسلمين) والتي طبل لها وزمر وفلسف (مثقفو واعلامييو البترول والدولار) كما هو ديدنهم دائما في خدمة السلطان. واضاف نـزار حيدر: ان اي انقلاب على العملية السياسية في العراق، خاصة من قبل واشنطن، سيزيد من تعقيد الامور، وان على جميع المعنيين بالشان العراقي، التيقن من ان الزمن قد تغير فلا يمكن ان تعود عقارب الساعة الى الوراء، فالاغلبية من العراقيين سوف لن تقف مكتوفة الايدي تتفرج مرة اخرى على ذباحيها وعلى السلطة التي تنتهك حقوقها، فلقد خرج المارد من قمقمه ومن المستحيل ان يعود اليه تارة اخرى، وان العراقيين مستعدون للدفاع عن مصالحهم لحماية ارواحهم ودمائهم واعراضهم ومستقبل ابنائهم، باسنانهم واظافرهم، ولذلك فان على واشنطن ان لا تلعب بالنار ولا تظن بانها قادرة على استضعاف العراقيين او استغفالهم مرة اخرى. عن ما يسمى بوثيقة (مكة المكرمة) قال نـزار حيدر: لا احد من العراقيين يرفض اية محاولة يبذلها اي كان من اجل وقف نزيف الدم العراقي واعادة الامن والاستقرار لهذا البلد الذي استباحه الارهابيون، ولكن ان تتحول الوثائق بذاتها الى هدف، فهذا ما يرفضه العقل السليم والمنطق المستقيم. ان الوثائق والتوقيع عليها، وسيلة لتحقيق هدف اسمى، فاذا لم تحقق اية وثيقة من الوثائق الهدف المرجو منها، فلا خير فيها، وان تم توقيعها في بقعة مقدسة من الارض، مثل مكة المكرمة. لقد وقع العراقيون على العشرات من مواثيق الشرف لحد الان، ولكن حتى ولا وثيقة واحدة من كل هذه الوثائق نجحت في ان تتحول الى واقع حقيقي تلتزم به كل الاطراف، خاصة المتورطة بدم العراقيين. نحن نعرف بان لكل انسان شرف واحد وليس اكثر، فاذا ما وقع عليه، يجب ان يلتزم به ليصون شرفه، اما اذا حنث به ولم يلتزم به، فماذا يمكن ان نقول عنه؟. ان من يقتل المواطن العراقي على الهوية وفي شهر الله الفضيل وفي يوم عيد الفطر المبارك والمقدس، هل يمكن ان تردعه وثيقة خطت بالحبر الاسود وتم التوقيع عليها بالقلم؟. ان من لا يردعه القران الكريم وليلة القدر ويوم العيد عن ارتكاب مثل هذه الجرائم التي يهتز لها العرش، لا تردعه بكل تاكيد وثيقة بل حتى وثائق. لقد ولدت الوثيقة ميتة، ففي اللحظة التي كان فيها عدد من العراقيين يجتمعون في رحاب بيت الله الحرام في مكة المكرمة، للتوقيع على الوثيقة، في تلك اللحظة، كان رأس الشر، يقصف بتصريحاته العراقيين، ويحرض الارهابيين على نشر الموت والدمار في صفوف العراقيين، فلم تتوقف السيارات المفخخة عن الانفجار، ولا الاحزمة الناسفة عن حصد ارواح الابرياء، ولا القذائف والصواريخ الموجهة عن الانفجار في وسط الابرياء لتحصد المزيد من الارواح، وتسيل المزيد من الدماء الطاهرة. واضاف نـزار حيدر يقول: اعتقد ان الخلل في مثل هذه الوثائق هي انها تريد ان تحل مشكلة معقدة بسياسة تبويس اللحى، وهذا مستحيل. ان على من يريد ان يبحث عن الحل الحقيقي عليه اولا ان يضع اصبعه على الجرح ويؤشر على الخطا والمشكلة، ثم يبدا بتدوين الحل، والا فان مثل من يريد ان يحل مشكلة مستعصية، بالدعوة الى التوقيع على مثل هذه الوثائق، كمن يريد علاج المريض المصاب بالسرطان باقراص الاسبرين المهدئة، فهل يعقل ذلك؟. ان مشكلة العراق الحالية، تكمن في امرين، الاول هو ان الاقلية التي توارثت الحكم لا تريد الاعتراف بالواقع الجديد، وتظن بانها قادرة على العودة بعقارب الساعة الى الوراء، فتعود تحكم البلاد والعباد بلا منازع وكأن العراق بستان لهم، يتصرفون فيه كيف يشاؤون، والثاني، هو ان جيران العراق من الانظمة الشمولية ترى في التغيير السياسي والاجتماعي الذي يشهده العراق منذ سقوط الصنم ولحد الان، خطر مباشر على امنهم القومي، ولذلك فهي لا زالت تفعل المستحيل وتبذل كل ما بوسعها من اجل وأد الجنين في رحم امه وقتل الامل وتدمير العملية السياسية برمتها. اما القتلة الذين يتعبدون بفتاوى التكفير، فللازم ردعهم بفتاوى معتدلة تصدر عن فقهاء التكفير حصرا، وليس عن فقهاء وعلماء هم بالاساس يحرمون الدم في العملية السياسية، ممن لا يصغ اليهم الارهابيون، فليفت، مثلا، راس فقهاء التكفير باسمه ورسمه وهيئته، بحرمة دم العراقي الشيعي، وليس (المسلم) لان الارهابيين لا يعتبرون الشيعة مسلمون، بناء على فتاوى فقهاء التكفير، ولذلك يبيحون دماءهم وينتهكون اعراضهم ويستولون على اموالهم، ليفت مثل هؤلاء، فقد يكون ذلك سببا في حقن دماء المسلمين. عن الهديدات التي اطلقها السفير الاميركي زاد ضد الحكومة العراقية، والتي ثنى عليها الرئيس بوش، قال نـزار حيدر: مشكلة الولايات المتحدة انها في كل مرة ترتكب فيها الاخطاء القاتلة، تنتظر من الاخرين ان يتحملوا المسؤولية، واحيانا تجبرهم على ذلك. لقد ورطت واشنطن العراقيين، ومن خلال سفيرها في بغداد، في ثلاثة خطط فاشلة، الاولى، عندما اجبرتهم على تشكيل ما سمي بحكومة الوحدة الوطنية، والتي مثلت اول انقلاب على العملية السياسية ونتائج الانتخابات، والتي كانت قد منحت الارهابيين حصانة سياسية ومظلة قانونية للتحرك من خلال العملية السياسية، وهم الذين لم يؤمنوا بها قيد انملة، فيما اصابت الاغلبية من العراقيين الذين يتشوقون للعملية السياسية والديمقراطية الجديدة، بالاحباط وهم يرون ان (اغلبيتهم) ذهبت مع الريح وادراجها، وانها فقدت معناها الحقيقي والجوهري. اما الخطة الفاشلة الثانية، فهي ما اطلق عليه (مشروع المصالحة الوطنية) والتي اطلقت يد الارهابيين بشكل كبير ليعيثوا فسادا في بلاد الرافدين، كان من ابرز نتائجها، هذا التصعيد المرعب في جرائم القتل والارهاب، الى جانب الاجهار بالدعوة الى اعادة النظام الشمولي البائد الى السلطة، بعد ان احس هؤلاء بانهم في مأمن من القصاص، وقديما قيل (من امن العقوبة اساء الادب). اما الخطة الفاشلة الثالثة، فهي تلك التي اسماها السفير زاد بـ (معركة بغداد) والتي طالما سمعناه وقرانا له وهو يطبل لها ويزمر في وسائل الاعلام الاميركية والتي حاول توظيفها كمادة انتخابية لصالح حملة رئيسه والحزب الحاكم (الجمهوري) ولما تبين للادارة الاميركية فشل كل هذه الخطط التي تحولت الى سبب مباشر في التدهور الامني الخطير الذي شهده العراق خلال هذا الشهر، والذي اعترف به الرئيس بوش في مؤتمره الصحفي يوم امس، راحت تلقي باللوم على الحكومة العراقية، وكأن الخطط من بنات افكارها، فحسب. صحيح ان حكومة المالكي تتحمل مسؤولية في ذلك، بسبب قبولها لتنفيذ خطا واضح جدا، على اعتبار ان (المصالحة الوطنية) ساوت سياسيا بين الفائز والخاسرفي الانتخابات، بين الجلاد والضحية، بين الاغلبية والاقلية، ولكن هذا لا يعني ان من حق احد ان يستفرد بالحكومة ويحملها كامل المسؤولية، ابدا. عن المعنى الذي يمكن قراءته، من تزايد عدد القتلى في صفوف القوات الاميركية خلال الشهر الجاري، قال نـزار حيدر: انه دليل صارخ على فشل الخطة الاميركية الامنية، التي تعتمد الحوار مع الارهابيين. ان خطة زاد تقوم على اساس الحوار مع جماعات العنف والارهاب لاستدراجهم الى العملية السياسية، بعد نزع سلاحهم، الا اننا راينا كيف ان هذه (الفلسفة) اتت بنتائج عكسية، لماذا؟ لان الارهابيين يعتمدون قاعدة (اذبح وطالب) وليس على قاعدة (خذ وطالب) فهذه قاعدة من يؤمن بالسياسة، اما الارهابيون فلا يؤمنون بالسياسة، وانما بالذبح فقط للوصول الى اهدافهم الدنيئة المتمثلة بتدمير العملية السياسية والعودة الى السلطة على أشلاء الضحايا وجثث الناس الابرياء. كذلك فان ذلك دليل فشل الاميركان وليس الحكومة العراقية، لاننا نعرف بان الحكومة العراقية غير مسؤولة عن حماية الجنود الاميركان، وانما واشنطن هي المسؤولة المباشرة عن حماية جنودها في العراق او في اي مكان آخر، خاصة وان التصعيد جاء في مناطق ليس للحكومة العراقية فيها سلطة، وانما السلطة للاميركان والارهابيين، فلماذا، اذن، لا تعترف واشنطن بفشل خططها الجديدة؟. أخيرا، قال نـزار حيدر، في معرض رده عمن يقول بان واشنطن في التي تقف وراء الحرب الطائفية الجارية في العراق، قال: وهل ان فقهاء التكفير الـ (28) الذين اصدروا الفتاوى الطائفية التي اباحت دماء العراقيين، من القابعين في المملكة العربية السعودية، هل ان هؤلاء اميركيون؟ قد يكونوا يخدمون الاميركان بمثل هذه الفتاوى، لكنهم بالتاكيد ليسوا اميركان وانما (عرب اقحاح) و(مسلمون) اليس كذلك؟. وهل ان كبيرهم الذي اعاد قبل يومين الكرة فدعا (الذباحين) الى قتل العراقيين من على احدى القنوات الفضائية، هل هو اميركي؟. بالتاكيد لا. ان الحرب السياسية الطائفية والعنصرية في العراق لها جذور تاريخية، يحاول العراقيون تصحيحها هذه المرة، ولذلك ياتي الثمن باهضا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |