يوم في مغتسل الصدر في النجف الأشرف

يوسف الفضل

yousif432000@yahoo.ca

كان الوقت عصرأ والجو معتدلأ والمكان هادئأ خلا بعض سيارات نقل جثامين الموتى ومرافقيهم. البناء متواضع يعلوه صورة كبيرة لآل الصدر الذين سقطوا شهداء برصاص ازلام صدام المجرمين. على جهة اليمين تقع واحة كأنها حديقة لما تحتوي من ورود واعلام ملونة وقد اشاروا علي انها مقبرة التيار الصدري! اما الجانب الجنوبي فتقع مقبرة وادي السلام القديمة وقبورها الملونة بلون الصحراء.

لقد دفع القدر لرؤية ذلك المنظر الذي يتكرر يوميأ في العراق الجديد: عراق الحرية والديمقراطية والكرامة! لقد وضعنا جثمان فقيدنا أرضأ ننتظر الدور! نعم هناك ازدحام على المغسل. ولكن الكل ينتظر دوره بوقار وبدون تزاحم كالذي يحدث على كل شيئ وبدون استثناء! وفجئة ارتفع صوت امرأة في العقد الخامس او السادس وهي تولول بصوت أهدج ولدي ولدي! ورجل يدفعها برفق الى  خارج المغسل وبدون كلام! هدأت المرأة قليلأ ومن ثم بدأت تولول اولادي كلهم قتلوا وتركوا لي اطفالأ صغارأ! ثم اردفت: خمسة ايام وانا ابحث في مستشفيات بغداد عن جثمان ولدي. لم اذق طعم النوم كل هذه الفترة! وهمت بالدخول الى المغسل وكان ذلك الرجل واقفأ لها بالباب ليصدها ويدفعها بحزم ويمنعها من الدخول. بدأت تولول مرة أخرى وكأنها تريد من يقول لها شيئأ! الواقفون لم يتحركوا ولم ينطق أحدأ بحرف واحد! لعل الجميع كان غارقأ بمأساته ومنشغلأ عما سواها! أما انا فخجلت لما رأيت من تضور وحجم مأسات هذه المرأة!

لقد سرح بي الخيال وتصورت نفس هذا المنظر لأمرأة في احد مغاسل المناطق السنية في بغداد وهي تتضور وتستغيث! ثم ترفع يدها الى السماء ولسان حالها يقول اللهم انتقم ممن سبب هذه الآلام لنا!

لقد قتل أخي بدم بارد وبحقد اعمى! انه بالعقد السادس من العمر وليس له نشاط سياسي. كان رجل مريض يقضي معظم وقته في البيت وفي خدمة عائلته. كان ذنبه انه ولد في وسط عائلة شيعية! نعم كان متذمرأ من القوات الأمريكية لما تقترفه من عنف ضد المدنيين. لقد عاش في منطقة العامرية اكثر من ثلاثون عامأ! ولم تكن هناك مشكلة والكل يعيش بسلام وانسجام. لقد دخلوا عليه ليلأ في يوم 19/10/2006 بعد ان استدرجوه بواسطة رجل سوري الجنسية كان يسكن قريبأ منه! كتفوه وعصبو عيناه وحبسوا زوجته في احدى الغرف ومن ثم فتشوا الدار بحثأ عن مال وسلاح. فوجدوا المال الذي كانوا يبحثون عنه ولكن احدهم صاح لقد قتلوا ثلاثة من اقربائي وسأنتقم! حذروا المرأة من الأتصال بالشرطة او ترك البيت وانتظار التعليمات! وفي اليوم التالي اتصلوا بها ليعلموا امرأته ان المطلوب هو دفع فدية قدرها خمسون الف دولارأ والأ!

لقد نفذوا وعدهم وقتلوه في نفس الليلة ورموه في منطقة الخضراء القريبة. ونقل الى مستشفى اليرموك بلا هوية تعرفه. وكنا خلال ثمانية أيام نبحث عن جثمانه بدون جدوى! لقد وجدنا الجثة أخيرأ ولكن كان علينا نقلها الى النجف لدفنها. الطريق غير آمنة بين بغداد والنجف حتى لغرض دفن الموتى او اسعاف الجرحى!

هذا هو الأسلام الجديد الذي يبشر به الزرقاوي ومن يؤازره بقلبه ولسانه ويده.

رحمك الله ياأخي عزيز وأخزى اعداء السنة والشية. هؤلاء هم اعداء الأنسانية والحياة والأسلام. قبح الله أعمالهم وسود وجوههم وأخزاهم في الدنيا والآخرة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com