لحم حلال .. لحم حرام

علاء مهدي - سدني

alamahdi@optushome.com.au

 (على ضوء التصريحات الأخيرة التي أثارت ضجة إعلامية في أستراليا حول عدم حشمة النساء)

في إحدى خطبه في الجامع المحلي بمنطقة شعبية في بغداد، قال أمام الجامع مخاطباً جمهور المصلين باللغة الدارجة، وكان أغلبهم من الشباب :

أوصيكم أيها الشباب بالإبتعاد عن تناول الخمر، فهو حرام ومنكر، حرمه ديننا الحنيف، ولست أدري مالذي يعجكم في تناول هذا – العصرية – في أيام الصيف الحار؟ فالـ - العصرية وحتى المسَّيَحْ يؤدي إلى شحطه في البلعوم في الصباح -، بالتأكيد أن طعمه مرٌّ وغير مستساغ، يحرق بلعومكم وأفواهكم. ثم أن تناول المقبلات مثل اللبلبي، والباكله والجاجيك والنومي حامض لن ينفع في تخفيف حدة طعمه وحرقته. فيا أبنائي، أن شرب الخمر يفقدكم الصواب ويقلل من قدراتكم . . .، سواء كان هذا المنكر - عصرية – و– أسود - و– أبو الكلبجه – وبطل فريدة ! أن تناول هذه المشروبات له تأثيرات صحية أخرى، مثل، تعودكم على الأكلات الدسمه بعد الشرب، مثل الكباب والمعلاق والفشافيش والباجه اللي يكثر فيها الدسم والشحم وغير ذلك. . .

(السؤال : كيف عرف الرجل كل هذه المسميات ولوازمها وهو رجل دين؟!)

التصريحات الأخيرة التي تم فيها تشبيهه النساء اللواتي باللحوم المتروكه دون غطاء أمام القطط والتي عاد مفتيها معتذراً عما قاله، أثارت ضجة أعلامية شملت كل الأستراليين المسلمين وألقت بظلالها على الدين الإسلامي.ً

جميل أن يكون لنا ممثلون في مجالات الدين، والسياسة والنشاطات الأخرى، لكن الأجمل أن يكون لهؤلاءالقدرة على التمييز في قول ما يستحق قوله في المكان والوقت المناسبين، لا أن يتم إطلاق العنان للإدلاء بتصريحات دونما رويه. فعلى مثل هؤلاء أن يأخذوا بنظر الإعتبار الثوابت الأساسية في المجتمعات في الأوطان غير الأم.

جميل أن تكون لنا كياناتنا المستقلة ذاتياً وفق خصوصياتنا وثوابتنا الدينية واللغوية والقومية، لكنه ليس جميلاً بالتأكيد أن نتعرض كل يوم لحملات إعلامية حكومية كانت ومدنية تحملنا مسؤولية تصريحات لم نكن مسؤولين عنها.

جميل أن يكون رجال الدين المسلمون من الملمين بإمور الدين والدنيا وأن تكون لديهم خبرة فيما يتحدثون عنه في خطبهم، لكن الأهم أن تكون لديهم خبرة في قول الكلام المناسب في الوقت المناسب دون الإساءة للثوابت الأساسية للمجتمعات التي تواجدوا فيها.

أن الحط من قيمة النساء بصورة عامة هو أمر غير حضاري ويتعارض لا مع بنود وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فحسب إنما يتعارض أيضاً مع قواعد الدين الإسلامي..

ليس لديَّ أدنى شك في أن أستراليا لم تبعث بطاقات دعوة للمهاجرين للقدوم والعيش بأمان في ربوعها، فالمؤكد أننا نحن الذين سعينا بكل الوسائل للقدوم طلباً للأمان الذي أفتقدناه بفعل أرهاب أوطاننا الأم. . . وللحرية والديمقراطية اللتين ناضلنا من أجلهما في أوطاننا فلم نحصل عليهما لنجدهما في أوطاننا البديلة دون أن نبذل أي عناءْ.

ليس لديَّ أدنى شك في أننا جميعاً كنا نعلم أن أستراليا ليست بالمملكة العربية السعودية وإيران . . أنما هي دولة علمانية يدين أغلب شعبها بغير الإسلام. كان نعلم أننا سنعيش في وطن لا يطبق القوانين والشرائع والسنن التي ندين بها. كنا نعلم بأختلاف الكثير من المعايير المتبعة في هذا البلد الكريم عن تلك التي نشأنا عليها، ومع ذلك سلكنا كل الطرق للحصول على شرف الجنسية الإسترالية.

وما يؤسف له أن بعض رجال الدين ومن خلال تصريحات لا يمكن وصفها بأكثر من زلة لسان قد أدت إلى العصبيات الإعلامية في مسألة لم يكن المسلمون طرفاً فيها.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com