|
النقابات بين المهنية والموقف السياسي المحامية سحر مهدي الياسري في لقاء أذاعي في راديو BBC العربي حول الواقع النقابي لنقابات العمال في المنطقة العربية وشمل اللقاء عدة شخصيات نقابية من مصر والمغرب والاردن والعراق وكنت ضمن المتحدثين من العراق فوجه المذيع لي سؤلا حول واقع العمال العراقيين المهاجرين والنازحين في الاردن بسبب الظروف الحالية في العراق فشرحت للمستمعين وضع العمال العراقيين في الاردن فشبهت وضعهم بعبيد السخرة فالعامل يقضي أشهرا يعمل لدى رب العمل الاردني ولايستلم أجوره وقسم منهم يعمل لقاء الطعام والسكن فقط دون أية أجور وفي حالة أستنكار العامل ومطالبته بحقوقه فمصيره تسليمه للسلطات الامنية لترحيله لانه غالب الاحيان لايقيم في الاردن بصورة قانونية والتي يتطلب الحصول عليها أيداع مبلغ خمسون ألف دينار أردني في أحد المصارف الاردنية والاكيد أن أي عامل لايمتلك هذا المبلغ .وطبعا لايحق لهولاء العمال الانتماء للنقابات الاردنية أو تأسيس نقابات خاصة بهم للدفاع عن حقوقهم التي غالبا ما يسلبها رب العمل الاردني مع كلمة مأثورة يعرفها العراقيين (يعطيك العافية ) وأكثر ما يحدث هذا الامر في القطاع الخاص الاردني والمناطق الصناعية الحرة والمعفية من تطبيق قوانين الاردن وضرائبه ومعفية من أداء أية حقوق عمالية أو ضمان أجتماعي للعمال وتحدثت عن تقصير من النقابات الاردنية والحكومة الاردنية والحكومة العراقية والسفارة العراقية في عمان والنقابات العمالية العراقية بحق العمال العراقيين الذين يعملون في أسوء ظروف رغم الشكاوى الكثيرة التي وجهت أتهامات كثيرة لارباب العمل الاردنيين بأستغلال العمال وعدم دفع اجورهم وليس آخرها تقرير منظمة العمل الدولية حول عدم دفع أجور العمال في مصانع الغزل والنسيج وتقرير وزارة الخارجية الامريكية حول وضع العمال في العالم والذي وجهت أتهامات مباشرة الى أرباب العمل الاردنيين بأستغلال العمال العراقيين ولكن أي إجراء لم يتخذ بل جرى أنكار كل الوقائع. فكان رد النقابي الاردني الذي قدمه المذيع على أنه من مناهضي التطبيع مع أسرائيل ردا مبسترا ترك كل ما تحدثت عنه وأمسك بالمناطق الصناعية الحرة التي تشكل الشركات الاسرائيلية نسبة 15% من شركات هذه المناطق والقسم الاكبر هو رأس مال وطني أردني أو أستثمارات عربية وأنهم كنقابات عمالية لن يدافعوا عن العمال في هذه الشركات لكونهم يناهضون التطبيع مع هذه الشركات ولم يخبرنا الاخ الزميل عن باقي العمال الواقعين تحت رحمة الشركات الاردنية وأرباب العمل الاردنيين غير العاملين في المناطق الصناعية الحرة وعن تقصيرهم كنقابات عمالية بحق هولاء العمال التي أضطرتهم ظروف بلدهم للهجرة وتهرب من الاجابة بحجة الموقف السياسي لهذه النقابات بمناهضة التطبيع مع أسرائيل. لم تتاح لي الفرصة للرد على ما ذكره الزميل لضيق وقت البرنامج ووجود ضيوف آخرين يجب السماح لهم بالحديث وأكمل المذيع لقاءه مع المناضل النقابي المغربي محمد الحنفي من كونفدرالية الشغل المغربية والذي للاسف أيد النقابي الاردني بضرورة أن تتخذ النقابات المواقف السياسية في القضايا العربية وأنه معه في توجهه في مقاطعة النقابات الاردنية للعمال العاملين في الشركات التي يكون جزء من رأسمالها أسرائيلي .أولا أود أن أوضح أنا مع أن يكون للنقابات موقف سياسي في كل ما يحدث في بلدانهم ولكن من غير المقبول أنسانيا ومهنيا أن يكون الموقف السياسي على حساب مهنية هذه النقابات في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة أينما كان مقر عملها بالاخص المناطق الصناعية الحرة أفرازات العولمة فهي مناطق نضال نقابي حقيقي للدفاع عن العمال حولتهم هذه الشركات الى عبيد سخرة .النقابات ليست أحزاب سياسية تتخذ المواقف على رؤى سياسية والا كانت هروبا وعجزا عن مواجهة الواقع الجديد والتخلي عن مهمة تأسيسها الاصلية في الدفاع عن عمال تنتهك كرامتهم الانسانية ويعملون دون أي ضمان وأية حماية قانونية وأبسطها الحصول على أجورهم مقابل موقف سياسي ليس مطلوبا من النقابيين وليس من أهداف تأسيس هذه النقابات . أن الشعارات غير مجدية مع كل التحولات في العالم وحتى في منطقتنا ونحن لازلنا كنقابات نردد شعارات عفى عليها الزمن وتسحق الطبقة العاملة وتعيش عصر عبيد جديد ونحن ننسى مهمتنا الاصلية بالدفاع عنهم والنضال معهم ضد الاستغلال وشروط العمل المجحفة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |