|
عصام الراوي .. شهيد الوسطية والإعتدال باسم السعيدي / بغداد جاء في الذكر الحكيم (وكذلك جعلناكم أمة وسطا، لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) البقرة ـ 143. وورد عن عن النبي الأكرم (ص) أنه قال (خير الأمور أوسطها). وتتحدث المسيرة الإنسانية أن أكثر الناس دفعاً لثمن الرأي كانوا أهل الوسطية والإعتدال، ولعل الشهيد الدكتور عصام الراوي أحد أقرب الأمثلة الحاضرة بين أيدينا اليوم. وكانت آراؤه (رحمه الله) مثالاً للتوازن بين الآيديولوجية والواقع، فلم تدفعه الأهوال والصعاب الى تناسي المبادئ العامة للإسلام الحنيف ذي الشريعة السمحة التي تخاطب في الإنسان إنسانيته لتجعل منه مثلاً أعلى وقدوة يقتدى بها في أسلوب (فني) للدعوة الى الإسلام، وفي الوقت ذاته لم (يتنطع) وراء بعض الأدلة غير التامة التي وردت في كتب التأريخ والروايات التي تنتهك حرمات الناس ومنهم المسلمين أنفسهم .. لقد كان محققاً في الدليل ، موضوعياً، يؤمن إيماناً تامّاً بأن الإسلام المحمدي النقي يجمع لا يفرق. وكانت هذه الصفات التي تميَّز بها الربانيون على مدى مسيرة البشرية في طريق التكامل أكثر من كافية لدى البعض ممن تعلَّم حرفين .. وحفظ جملتين .. ليتنطع بها أشد ما يكون عليه التنطع فيحكم على مذهب الوسطية والإعتدال بالموت من خلال أحد أهم رموزه وأوضحها ألا وهو الدكتور عصام كاظم الراوي. وبإستشهاد الدكتور الفقيد يفرض علينا الواقع تساؤلاً .. هل ستؤدي عملية إغتيال الدكتور الشهيد الى (إنقراض) هذا المذهب التقريبي والتقاربي؟؟ أعتقد جازماً أن كفّة المنطق السليم والعقل والتحاور هي التي رجحت وإنتصرت، لأن الذي لجأ الى البندقية هو الذي فقد آليات (إيصال) الأمة الى مرحلة الإقتناع بآراءه المتطرفة، وبذلك يخط الشهيد بدمه الزكي صك براءة العقل والمنطق والتاريخ من الفكر التكفيري الراديكالي .. ويشطب عليه من صفحة التعامل الفكري الى الأبد ، ليقيم بدلاً منه نصباً رائعاً من نصب حرية الفكر لمذهب الوسطية والإعتدال.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |