|
ميليشيا الحب .. وسط ميلشيا الدمار علي القطبي فلنبقى ولو قليلاً مع الشعر والفن والأدب لعلنا نرتفع بمستوانا الروحي .. مصيبتنا هي في الروح والفكر، وليس في المال أو النفط أو موارد الثروة الأخرى.. كل هذه الثروات عندنا ولكنا صارت وبالاً علينا ونذبح بها ليل نهار ..السبب والعلة في النفوس .... حتى الدين السماوي الحنيف والعظيم أساء له الدمويون وأصحاب النعرات والغايات والميكافيليون . ******************** مسلسل تمثيلي * ميليشيا الحب* شادهدناه من قناة الشرقية ... هل ينجح بزراعة الحب .. ولو قليلاً من الحب ؟؟ مسلسل ميليشيا الحب جمع بين التراجديديا والكوميديا وبين الخوف والأمان .. الفن الهادف في ميليشيا الحب .. ربما مشهد تمثيلي واحد يؤثر في الوجدان والضمير تعجز عن مثله كل مقالات ومحاضرات وخطب العالم .. مسلسل تمثيلي إسمه * مسلسل حب وحرب * ... عرضته قناة الشرقية قبل شهر رمضان وقد عالج قضايا عديدة بشكل كوميدي ساخر أحياناً، وأحياناً من خلال دراما وتراجيدية مأساوية تذيب القلب .. لا أنسى تلك للحظات وأنا أرى الفنان قاسم الملاك وهو يرى أمه على فراش الموت في المستشفى تنازع أنفاسها الأخيرة في لحظات الوداع بعد إصابتها بانفجار غادر.. يصيب العراقيين في كل ساعة .. كان يصاحب هذا الوداع المرير صوت موسيقي هادي حزين ومنشد لا يقول إلا كلمتين فقط وآهتين فقط : يمه .. يا يمه ... آه..آه.. منظرمؤثر وكلمات بسيطة تنفذ إلى مسامات الفؤاد لتصل إلى أعمق نقطة في وجدان الروح السومرية المعذبة من الأزل .. لتلامس الحزن العراقي السرمدي الأبدي .. ما احلى تلك اللحظات والفنان قاسم الملاك يقف باكيا وهاتفاً أمام ضريح الحسين الشهيد ( ع) وهو يقول انت شهيد وابن شهيد يا حسين، وأنا أيضاً مظلوم وإبن شهيدة ماتت بانفجار ومعها عشرون من أبناء شعبي العراقيين . ويخاطب ضريح الحسين الشهيد : يا حسين أنت أحسن منا . .فا دعوا لله لنا أن يوقف عن العراق أنهار الدم.. ثم يرفع قاسم الملاك وجهه إلىالسماء ويصرخ يا الله يا الله .. والناس البسطاء يصرخون خلف قاسم : .. يا الله ... يا الله.. يا الله .. أوقف أنهار الدم عن العراق .. .. حين شاهدت ذلك المشهد بكيت، وهاجت أمام عيني ذكريات عديدة ورأيت نفسي في ذلك الفنان .. واليوم أنا أكتب هذه الكلمات دموعي تسيل بلا إرادة مني .. *************************** ولكني اليوم أتحدث عن مسلسل آخر جميل وهادف يعالج العديد من المشاهد العراقية النابعة من عمق الحياة والعراقية بايمانها وحزنها وفرحها وفكاهتها .. مسلسل ميليشيا الحب .. دراما متميزة جمعت الكوميديا والتراجيديا ، وجمعت الخوف والأحزان والحب والحقد الانساني لدى بعض البشر في مشهد متقارب .. وقد انتهى عرضه في شهر رمضان من على قناة الشرقية العراقية .. هذه السطور من مشاهد عادي وليس من خبير بالفن، ولكن متابع لكل ما يخص الشأن العراقي .. علاقتي بفن التمثيل .. فقط علاقة مشاهد يتذوق النص الهادف المعبر والاصلاحي التغييري .. ************************
مسلسل تمثيلي يعبرعن حالة الرعب والمأساة العراقية الرهيبة ممثلون يمشون في ساحات الموت والتقطيع والخطف، ويمثلون وسط الألغام ... تشعر بالخوف عليهم .. فلا تعرف بأي لحظة سيقع عليهم المحذور في العراق المستباح المذبوح .. ليس لي ساعتها إلاأن أدعوا الله تعالى قائلاً : يا خفي الألطاف نجنا مما نحذر ونخاف .. لقد لا حظت في هذا المسلسل اموراً جميلة كثيرة وطبعاً هناك حالات ضعف فنية وربما تقنية أحياناً، يعرفها أهل الاختصاص، ولست منهم .. لكن مهما قال أهل الإختصاص فيجب الأخذ بالحسبان أن هذه الأعمال الفنية تجري في أرض المعركة وليست في ظروف طبيعية .. العراق وخاصة بغداد هي ميدان معركة وأخطر من أي معركة في العالم كما هو معروف للجميع . إن الخطر الحقيقي يداهم هؤلاء الممثلين في كل لحظة . إضافة إلى القمع والكبت الفني الذي مارسه النظام الصدامي والبعثي ضد الفن وأهل الفن ... لا بد وان يترك آثاره .. هناك قمع كبير آخر من الميليشيات الحديثة العهد ، ولكن رغم هذا الوضع وهذه الميليشيات مازال هناك حيز ومجال لفكر جديد فيه نوع كبير من الحرية.. وما دام الوضع لم يستقر بالكامل للميليشيات الظلامية . جعلني هذا المسلسل أشعر إني أعيش في وسط بغداد الأحداث من وسط الواقع . الممثلون كانوا يمثلون ولكنهم في الحقيقة كانوا مقاتلين في نفس الوقت.. فإذا كان السياسي والقائد العسكري يحتمي بالجدران الكونكريتية نرى الممثل ينزل إلى الشارع ليقول لنا هذا حال الشارع. هذه بطولة حقيقية .. ********************* مشهد خطف بنات الجامعة كنت استمع إلى بنات الجامعة (الممثلات) وهن بين العصابة الخاطفة يصرخن .. كان صراخهن مخيفاً ومرعباً حتى إن أطفالي كانوا يهربون من صالة البيت التي يوجد بها التلفزيون خوفاً وهلعاً، وكلما قلت لهم أنا وأمهم : إن هذا تمثيل لم ينفع . بينما لم يهرب أطفالي من أي مسلسل غربي كان أو عربي مهما كان مرعباً أو مخيفاً .. فتساءلت مع نفسي لماذا ؟؟ واجبت نفسي بنفسي : انها الواقعية .. الممثلون والممثلات كانوا يشعرون بصرخة المخطوفات اللواتي ضاع أملهن وشرفهن ومستقبلهن الدراسي ... كانت الصرخات ربما أكثر من الحد الطبيعي لمثل هذه المسسلات ولكنها طبيعية وعفوية وقريبة من الواقع، بل هي الواقع بعينه . إنها صرخات الحزن والخوف العراقية السرمدية ... من سومر وبابل من والعباسيين والأمويين والعثمانيين والصفويين والصداميين وكل ظالم ترك لوعة في قلوب أهل العراق.. *********************** مشهد آخر في مسلسل ميليشيا الحب مثل الدور الحقيقي للدور الوطني الرائع والشريف والبطولي الذي يقدمه رجل الشرطة ورجل الأمن في الحرص والدفاع عن أبناء الشعب على الرغم من أن الشرطة ورجال الأمن في أحيان كثيرة هم المستهدفون من الإرهابيين ومن جهات عديدة في الساحة العراقية . ورغم كل خدماتهم وبطولاتهم وتضحياتهم فهناك من يسميهم بالعملاء والمرتشين ***************** آخر مشهد في آخر حلقة كان هناك اجتماع بين ميليشيا الحب وبين باقي الميليشيات، أو باقي التيارات النافذة في الساحة وكان هناك مسؤول يسئلهم وماذا عندكم ؟؟ هل عندكم وزراء ؟؟ هل عندكم نواب..؟؟ هل عندكم سيارات رباعية الدفع..؟؟ فكان جواب ميليشيا الحب عندنا مشاعر الحب للعراق مشاعر الإخوة مشاعر الحنان والكلمات الطيبة!! فقال لهم أحد أمراء الواقع الجديد وهو يضحك، والباقون ممن هم على شاكلته يقهقهون ويضحكون بسخرية : هذه لا تنـفع .. ****************** ابتعد هذا المسلسل عن أي نص يثير النعرات الطائفية والعرقية، وهذا مانريده من الخطيب الاسلامي والفنان والكاتب السياسي في هذه المحنة الحالية .. إن واجب المثقفين والفنانين التخفيف من وقع الخلافات والتقريب بن القلوب ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ... والله من وراء القصد إنه فن هادف يدعوا لميليشيا تحمل اسماء الحب والتعاطف الوطني والرحمة والمودة .. وهذه النقطة تثير عند كل عراقي الأمل بوجود نفوس جميلة ما زالت تحب العراق بدون طائفية وقومية وحزبية .
ابتعاد المسلسل عن المسميات الطائفية. ************** جمع المسلسل الكوميديا والتراجيديا في وقت واحد .. التغيير في مشاهد المسلسل كان ظاهراً .. والتغيير يشد المشاهد لأن التغيير عامل من عوامل النجاح في كل شئ . في المحاضرة ترى الخطيب الناجح يغير الموضوع ويضيف له بعض الطرائف بين الفترة والأخرى لكيلا يسهوا أو يغفل أو يتثاقل المستمع أو ربما ينام المستمع احياناً .... كذلك الاستاذ في المدرسة ... طبعاً مع عدم الخروج عن النص وأصل عنوان الموضوع .. هناك مسلسلات أخرى ربما لا تدخل الشوق إلى قلب المشاهد لوجود الجانب الكبير من الجد في تصوير الواقع الذي يحمل معه أنواع الكآبة والحزن والغضب من الواقع المرير، لذلك ربما لا يستطع العراقي أن يستمر بمشاهدتها لما تسببه من آلام روحية واحزان قاسية . ******** ميليشيا الحب .. فكرة جميلة ورائدة . النقطة الايجابية الأخرى للمسلسل هو أصل فكرة وتسمية المسسل * ميليشيا للحب * .. فكرة رائعة ... لم لا وقد امتلأ العراق بميليشيا الإرهاب الكره والتعصب والتطرف والعنف والحقد الطائفي ..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |