|
ماذا يحدث لو لم يحكم على صدام بالإعدام؟ حمزة الجواهري لم تنقطع التهديدات والتوقعات التي تنذر بشر مستطير فيما لو حكمت المحكمة على صدام وزبانيته بالإعدام، شارك بها الكثيرون وعلى رأسهم محامي الشيطان ذلك الدليمي الذي قيل أنه محاميا، وأحزاب تشارك في السلطة كالحزب الذي يزعم أنه إسلامي، وغيرهم كثر، وحين حكمت المحكمة عليهم فعلا بالإعدام زادت نغمات التهديد ارتفاعا تنذر بالويل والثبور فيما لو تم تنفيذ الحكم فعلا، شارك بها إعلام خبيث وإعلاميون من أساتذة الشيطان وحتى بروتس، الأخ بلير، هو الآخر كان له رأيا في تنفيذ حكم الإعدام برموز الشر المطلق صدام وزمرته من سقط المتاع، لملوم أبناء الشوارع، الذين قدموا للتاريخ أبلغ شهادة على مدى بشاعة الشر عندما يتحكم بمقادير الناس، كل تلك التوقعات والتهديدات تنذر بشؤم وانتقام رهيب وحرب أهلية، ومنهم من ذهب بعيدا ليحذر من انفجار لم ترى الشمس مثله منذ تكونت! ربما تكون عصابات الشر الصدامية التي مازالت تعمل قد أعدت العدة لمثل هذا الحكم المتوقع، وربما تكون قد ادخرت شيئا من أدوات الشر ليوم التنفيذ الذي تنتظره رقاب هذه الزمرة المجرمة، وقد تثير هذه الفلول مزيدا من الشغب والفوضى وارتكاب مزيد من الجرائم. لكني لا أعتقد أنها تستطيع أن تفعل أكثر مما فعلت، فقد وضعت هذه العصابات كل إمكانياتها في خلق حالة الفوضى، بل واستنفذت كل ما في جعبة الشر من سهام، ولو كان لديهم ما هو أكثر مما يفعلون حاليا لما ادخروه أبدا، فهم ينحدرون من إفلاس إلى إفلاس آخر، ومن هزيمة أخلاقية إلى رذيلة أدنى من سابقتها، وقد وظفوا بالفعل كل الأموال التي سرقوها من الشعب لقتل الشعب، ولا أعتقد أنهم يستطيعون توظيف المزيد، واستفادوا من كل ما عرف عن الأعراب من خبث وعداء للشعب العراقي بتنفيذ جرائمهم، ولم يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا واستفادوا منها من أجل الانتقام منذ سقوط نظامهم الهمجي وحتى الساعة، فلم يبق في جعبتهم سهام أكثر من تلك التي أطلقوها، ولا شرا في نفوسهم أكثر مما شهدنا ومازلنا نراه، فعن أي زلزال أو انفجار يتحدثون؟! فإذا كان كل ما يجري ليس انفجارا وهبة لشياطين العالم السفلي الذي تحدثت عنه ملاحم العراق الكبرى، فماذا يكون إذا؟! "لا يوجد كمرك على الكلام" كما يقول العقلاء، فهم يهددون بشكل مكشوف، ويشككون بشرعية المحكمة، ويستخفون بإرادة الشعب والقانون، ويشتمون الآخرين إذا لم يجدوا ما يتحدثون عنه! لذا لا ينبغي الإصغاء إلى لغوهم الفارغ، لنأخذ مثالا واحدا على هذيانهم، ألا وهو مسألة التشكيك بشرعية المحكمة للاستدلال على حقيقة أن كلامهم أجوف ولا معنى له. المحاكمة جرت وفق قانون خاص بالمحكمة، كتبه برلمان عراقي منتخب، يستند إلى دستور أقره الشعب، وقوانين نافذة على الناس جميعا، والمحكمة مستقلة ويديرها عراقيون ويراقب أدائها من الداخل خبراء دوليون، ويجلس على منصتها قضاة عراقيون عرفوا بنزاهتهم ومارسوا القضاء لسنين طويلة، ومحامون من كل حدب وصوب من المعمورة وصل عدد المتطوعين منهم إلى1500 محامي بعد أن تحامى أشرار العالم السفلي لنصرة رمزهم الأكبر، ووثائق بالملايين كل حرف منها يدين الأشرار، وشهود على كل جريمة من جرائمهم يعدون بالمئات، بل الآلاف، وشعب بكل أطيافه شاهد وعاش أحداث جرائم صدام ونظام البعث بكل سنواتها الطويلة والثقيلة، ووسائل إعلام متطورة تنقل المحاكمة على الهواء لحظة بلحظة، وجلسات فاقت بعددها الأربعين دامت شهورا، وكان قد سبقها تحقيق على أيدي قضاة تحت رقابة دولية دام سنتين، وشعب يؤيد كل ما جاء في المحكمة وكل ما يتعلق بها، وضحايا لجرائمهم مازالوا أحياء يتلهفون لرؤية اليوم المشهود الذي يصدر به الحكم العادل، أي بمعنى أن الإرادة الشعبية كانت أكبر من كل ما تقدم من الحديث عن شرعية المحكمة، ولابد لي من التذكير أن الشعب في النظام العراقي الجديد هو الذي يمنح الشرعية والتخويل. لكن بالرغم من كل ما تقدم، مازال هناك من يقول أن المحكمة غير شرعية!! ويسوقون دائما تلك الحجة الساذجة وهي "أن البلد تحت الاحتلال"! بالرغم من أنهم يعرفون أن العراق لم يعد محتلا وأن القوات التي تعمل فيه تمثل المجتمع الدولي، أي الأمم المتحدة، لضرورات أسس لها وعمل على إبقائها فلول النظام البعثي المقبور! ولنفترض جدلا وتعسفا أن العراق مازال تحت الاحتلال، فهل ينبغي أن تتوقف العدالة وأن يسود قانون الغابة؟ ولماذا ينطبق هذا الأمر على العراق فقط؟ أريد أحدا يدلني على بلد عربي يمتلك السيادة الكاملة؟ وهل غاب القضاة عن منصاتهم في فلسطين التي تقبع تحت احتلال معتق ولا يوجد أمل بجلائه لأنه احتلال استيطاني، أي أبدي؟ ألا يوجد قانون وقضاء ومحاكم وسجون وغرف إعدام لدى السلطة الفلسطينية؟ وهل تلك الدويلات التي تسكنها القواعد الأمريكية وتتربع على مساحات أوسع مما تبقى لسكانها لا تملك قضاء ولا قانون ولا محاكم لأن الأمريكان يب..... في سمائهم؟! وهل اليابان أو ألمانيا التي مازالت لحد الآن تحت حماية القوات الدولية وتحديدا أمريكا قد تعطل فيها القضاء؟! غريب أمر الإفلاس حينما يضرب ضربته! فإنه يثقب الجيوب بالرغم من أنها خاوية! صحيح..........لقد تنبهت لهذه الحقيقة الآن، أثناء الكتابة، فعلا!! لماذا جيوب المفلسون مثقوبة دائما في حين هي أصلا خاوية؟!!!!! أعود لأصل الموضوع المتمثل بعنوان المقال، "ماذا يحدث لو لم يحكم على صدام بالإعدام"؟ أنا لا أستطيع أن أهدد كما يفعلون، لأني لا أملك مليشيا ولا أموال تقدر بمئات المليارات سرقت من العراق، ولا يوجد لي بعد إقليمي قذر أستند إليه، ولكن كل ما أملك هو العقل والمنطق، وبها فقط أستجير. إن صدام قتل من العراقيين ومن أبناء دول الجوار الملايين، ولا أريد أن أعدد جرائم النظام التي كانت بأوامر مباشرة منه، فهي كثيرة جدا، والوثائق التي تعتبر أدلة على جرائم صدام تقدر بعشرات الأطنان، وتعد بعشرات الملايين، كلها كما أسلفت تدين صدام وجلاوزته والنظام بلا أدنى شك أو ريبة، وإن من يقتل شخصا واحدا بغير ذنب فهو مجرم، ومن قتل ألفا هو مجرم أيضا وليس أكثر، ومن يقتل الملايين ليس أكثر من مجرم، وبالتالي فإن هذه النماذج الثلاثة يعتبرون مجرمين فقط، لكن لابد من فرق بينهم، لأن لا يمكن أن يتساوى الواحد والمليون، والذي ارتكب الجرائم المليونية لابد أن تكون له مكانة خاصة بين المجرمين، ولا أجد من يزاحم صدام على هذه المكانة، فهو الرمز المرشد والمثل الأعلى وسننه تعتبر المرجع لجميع المجرمين، لأنها تعتبر كتاب الأشرار المقدس، فهو نبي الجريمة الذي أخرجته لنا شياطين وآلهة الشر المطلق من العالم السفلي، أما زبانيته فهم الصحابة الذين ما كان له ولا لدينه أن ينتشر من دونهم. فإذا لم يحاكم هذا المجرم وزبانيته وفق قوانين البشر فإن ذلك يعني أننا نحرض على الجريمة ونجعل من ارتكابها أمرا سهلا، "فمن أمن العقاب ساء الأدب" كما هو معروف، وإذا لم يأخذ العقوبة المنصوص عليها وفق القانون فإن ذلك يعني أننا نستخف بالقانون وبكل الشرائع السماوية والأرضية وكل الفلسفات العظيمة التي يهتدي بها عالم البشر المستهدف دائما وأبدا من قبل الأشرار، ويعني أيضا استهانة بكل القيم النبيلة ومفاهيم الشرف والأخلاق، وإذا لم ينفذ القانون بحذافيره على هذا المجرم وزبانيته بالكامل فإننا فعلا سنغرق في آتون الرذيلة والجريمة والخبث والسحر الأسود إلى يوم يبعثون، وهذا هو التحذير الحقيقي الذي يجب أن يطلقه العقلاء، وليس تلك التحذيرات التي تحاول أن تحمي القتلة المجرمين ليفلتوا من العقاب العادل. إن من لديه الاستعداد أن يتنازل عن إنسانيته وآدميته وكل ما تحمله نفسه من معاني الحب والخير، يمكنه أن يدعوا لنصرة صدام، لأن لو تحقق ذلك، لا سامح الله، وأفلت هذا المجرم، الرمز لعالم الجريمة، من العقاب العادل، فإن ذلك يعني أن القوانين والأديان والأعراف الإنسانية والقيم النبيلة كلها مجرد هراء ولا معنى لها على الإطلاق، وعلى الناس أن يحتكموا من الآن فصاعدا لغرائزهم الحيوانية وحسب.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |