هل ستسمح أمريكا بإعدام الطاغية...؟

محمد الكحط / ستوكهولم

mk_obaid@yahoo.com

لا تفرحوا كثيراً أيها الشرفاء العراقيون بقرار المحكمة الصادر بحق هذا الطاغية، فها قد كشرت الأفاعي عن أنيابها السامة، لتدافع عنه من مأجورين وعملاء ومرتزقة ومن تلطخت أياديهم معه بجرائمه التي لا تحصى ضد أبناء شعبنا العراقي.

 وأمريكا التي خدم مصالحها وأتى بها إلى الخليج بفعل حربه وأحتلاله الجارة الكويت، ومن ثم أوصلها إلى بلادنا لتحتلها ولينزوي بحفرة تليق بهِ وبأمثاله، هل ستسمح بإعدام عميلها؟؟

فها قد جندت أوربا ومنظمات دولية وعربية لتستنكر قرار المحكمة العراقية وربما ستتدخل أمريكا وبأشكالٍ مختلفة لتنقذه كما أنقذت شاه أيران من أيادي الشعب الثائر ضده لتوصله إلى مصر ليموت هناك تلاحقه لعنات ضحايا نظامه البائد.

 

من يحق له أن يقاضي صدام؟

 ليس العرب وليس أمريكا ولا حتى الذين كانوا معه يوما ما بالسلطة و أرتبط معه بشكلٍ أو بآخر بمسلسل حكمه الجائر. ولا يحق لأحد أن يقول أن هذا الحكم جائر أو خاطئ إلا من أرتكب بحقه الجرم وهم آلاف بل مئات الآلاف من الشيوعيين والديمقراطيين والإسلاميين والقوميين وحتى البعثيين الشرفاء الذين رفضوا حكمه وجرت تصفيتهم بأشكالٍ مختلفة، ومئات الآلاف من الكرد الفيلية من أبناء شعبنا النجباء الذين قام مجرم العصر بتهجيرهم بعد أن جردهم من كل ما يملكوه من وثائق وأملاك وأبناء، ولا زال مصير أبنائهم مجهولا، هل صفوا بالإعدام الجماعي؟ هل جرب الأسلحة الجرثومية والكيماوية بهم؟ وأين جثثهم؟

من يحق له تقييم الحكم الصادر بحقه هم أبناء مدينة الدجيل التي أراد مسحها من الوجود وأبناء حلبجة التي قصفها بالأسلحة الكيماوية القاتلة ومئات الآلاف من القومية الكردية الذين قتلهم بحملات الأنفال المشئومة، ومن يحق له التعبير عن رأيه فقط هم أهالي الذين أعدموا دون ذنب والذين سجنوا وعذبوا كونهم عارضوا النهج الدكتاتوري، ومئات الآلاف من المناضلين ضد الدكتاتورية وأساليبها الهمجية، والملايين الذين أضطروا للهرب خارج العراق ليحموا أنفسهم من نظام أراد تحويل الشعب العراقي إلى قطيع أغنامٍ تقودهم عصابات البعث الهمجية.

من يدافع عن صدام اليوم هم المجرمون والمرتزقة فقط، فلا يمكن لشريف وذي بصيرة أن يدافع عن طاغية مجرم ويحق ربما لعائلته أن تدافع عنه بفعل العصبية القبلية ليس إلا ولكن هذه الأصوات النشاز التي تظهر هنا وهناك من عراقيين وعرب وغيرهم ، ما هي إلا أًصوات الأرتزاق ومعاداة الديمقراطية والحلم بعودة الدكتاتورية أو أصوات في أحسن الأحوال مخدوعة بدعاية النظام المقبور التي أوحت وتوحى لها أن نظام صدام قومي وهو أكثر من أضر بالقضايا القومية، وهو أول نظام يحتل دولة عربية ويهجر ويفتك بشعبها وبجيشها وينتهك المحرمات بحقها، ومنهم من يدافع عنه بأسم الإسلام والأديان كلها بريئة من هكذا مجرم سفاح عاث وزمرته في الأرضِ فساداً، وهو الذي هاجم دولة مسلمة جارة لنا كون نظامها سيعادي أمريكا وإسرائيل فما كان منه وخدمةً لأسياده إلا إشعال حرب معها دامت ثمان سنوات، أحرق فيها الأخضر واليابس وتحول العراق بفضله إلى أفقر دولة في العالم إذ يعاني أكثر من نصف الشعب من الفقر والأمية وعدم توفر مستلزمات الحياة الطبيعية وتوقفت عجلة الحياة الأقتصادية وتوقف النمو وتقلصت الصادرات وأصبح العراق من أكثر الدول مديونية بعد أن كان من المتوقع أن يكون في مقدمة الدول الغنية لما يتمتع به من خيرات طبيعية، ناهيك عن مئات الآلاف من المعوقين والأيتام والأرامل .

 هل المطلوب من المحكمة أن تبرأ مجرم لتكون شرعية وعادلة، أم العكس هو الصحيح، وهل هناك محكمة ستبرأ صدام وجرائمه لا تعد ولا تحصى، بالله أجيبوني؟؟

فعن ماذا يمكن أن يدافعوا، هل عن جرائم المقابر الجماعية، أم عن الضحايا في مئات الملفات التي لا تنتهي، عن الأحتلال الذي جاء بفضله، عن الجرائم التي لا زال عملاؤه يرتكبوها كل يوم بل كل دقيقة ضد أبناء شعبنا الأبرياء لما توفره لهم بناته من أموال شعبنا المسروقة والتي يجب أن تعاد ويقدم من بذرها ويبذرها للمحاكمة العادلة وهنا نطالب المحكمة بمصادرة جميع أموال أعضاء النظام السابق المنقولة وغير المنقولة في داخل وخارج العراق.

 اليوم الجميع مطالب بأن نفكر بشعب وبوطن ولكي ننقذ هذا الشعب وهذا الوطن علينا القضاء على أعدائه وأولهم صدام وزمرته ومن لف لفهم، ومن يدافع عنهم أو أراد لنفسه أن يكون من القتلة فيجب أن يقدم إلى المحاكمة وعلى الحكومة العراقية ملاحقة أي شخص يدافع عن صدام ونظامه قضائياً خصوصاً بعد أن أدينوا، كما على السادة الذين يملكون معلومات موثقة عن جرائم صدام عندما كانوا قريبين منه أن يكشفوا الستار عنها ويقدموها للمحاكم وللناس كي يعرفوا مدى إيغال هذا النظام بعالم الجريمة، ولا أظن أن سادة أمثال حسن العلوي وغيره سيترددون في ذلك وهذا هو اليوم للوقوف مع الشعب وضد أعدائه، وعلى الجميع أحترام إرادة الشعب العراقي وخياره في التخلص من الدكتاتورية وبناء وإرساء الديمقراطية، وعلى السياسيين العراقيين من أعضاء برلمان وكتل سياسية وطنية والحكومة عدم السماح لأحد للتدخل بالشأن العراقي، وأن يكون الجميع يقظين من المندسين والذين وصلوا بالطرق الملتوية إلى مراكز القرار وهم مع أعداء العراق، ثم الوطن والشعب لا يختصر بأفراد، فمن كان يحب صدام فصدام قد ولى من غير رجعة ومن أراد العراق فالعراق باقٍ إلى الأبد، ما نحتاجه حكومة وطنية النهج وكتل سياسية ديمقراطية المحتوى وقوى أمن موالية للشعب والوطن، وقادة بارعون أكفاء مخلصون بعيدون عن الشبهات، ناكرون لذاتهم واضعين وحدة الشعب والوطن صوب أعينهم، بهذا نكون قد أرسينا لعراقٍ جديد ، واهم من يعتقد ان أمريكا ستبني لنا العراق وأن تحررنا من أحد، بل ستسعمرنا إلى الأبد، ولا أظنها جاءت إلى هنا إلا لمصالحها الأنانية الخاصة ومصالح شركاتها الكبرى، فلنعمل يداً بيد لأرساء أسس صحيحة لبناء هذا البلد الذي لا زال ينزف دماً كل يوم.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com