مبدعون في الغربة .. ستار الساعدي

 محمد الكحط / ستوكهولم

mk_obaid@yahoo.com

ضاقت بهم السبل فغادروا موطنهم الأول مرغمين، غادروه لكنهم حملوه معهم في حدقات عيونهم، ينبض معهم مع دقات قلبهم، مبدعون في شتى المجالات، العلمية الثقافية الأدبية الفنية الرياضية وغير ذلك، عراقيون نجباء، حبهم لوطنهم وشعبهم ليس له حدود، هنا في ستوكهولم أسعفتنا اللحظة أن نلتقي وجهاً لوجه مع أحدهم وهو الفنان المبدع " ستار الساعدي " أستاذ الإيقاعات الشرقية في كونسرفتوار أمستردام / هولندا الذي أستضافه إتحاد الكتاب العراقيين في السويد، يوم السبت 11 تشرين الثاني /نوفمبر ، 2006 ليلتقي مع جمهوره ومحبيه في مدينة ستوكهولم.

 الساعدي هذا المولود في بغداد 19 شباط/ فبراير 1967، منذ طفولته أستهوته الموسيقى وأغرم بها، ولكن طريقه إليها لم يكن سهلاً، فحتى أكاديمية الفنون الجميلة التي تخرج منها عام 1993 لم تنصفه بل قبلوه في قسم الفنون المسرحية بعيداً عن رغبته، ولكن عالم الموسيقى هواه الذي يشده إليه فلم يتبخر حلمه بل وضعه دائماً صوب عينيه، فكان له ما يريد ولكن في الغربة بعد أن غادر الوطن كمئات الآلاف من أبنائه.

الإيقاع هو مبتغاه والمجال الذي أجاد فيه وكان بجهوده الخاصة يتتبع أثره كمن يتتبع خطى الحبيبة، فصقل موهبته بالدراسة الجادة وخلق عوالمه الخاصة فكانت الآلات الموسيقية المتنوعة تترادف بين يديهِ وإن عجزَ عن الحصول على إحداها قامَ بصناعتها هو بنفسه، كما يحكي هو لنا كيف كان الناي ما ينقصه ولم يكن في هولندا قصب فصنع الناي من موادٍ بلاستيكية تؤدي نفس الغرض لحين توفر المادة الأصلية، وهي قصب البردي ما تمتاز بهِ أهوار بلادنا التي جففتها الدكتاتورية وأحرقت ما تبقى فيها من حياة.

  في هذهِ الأمسية الموسيقية كانت الآلات على تنوعها تترنح بينَ يديه وأنامله محدثةً فيضاً غير متناهي من الأصوات والتناغم، أدى معظم الإيقاعات المعروفة متنقلاً ببحار وشواطئ الموسيقى الشرقية معززاً حديثه بالأغاني التي تنطلق منها هذهِ الإيقاعات، مبتدأً من الإيقاعات المنتشرة في وادي الرافدين كالجورجينا، الأيوب، جابر، الهجع، الخشابة بأنواعه،

البياتي، نهاوند وإيقاع الدبكة الكردية وغيرها من الإيقاعات الأخرى التي عزفها لنا بآلات الإيقاع التي حملها معه، وكان صوت غناء الفنان عباس البصري متناغماً ومتألقا معه ليقدم لنا أغانٍ مصحوبة بالإيقاعات الجميلة لتكون الصورة متكاملة لدى الجمهور الذي سحرته الإيقاعات وأسكرته النغمات فأخذ ينشد الأغاني التراثية المعروفة مع الفنانين.

عزف الساعدي فأجاد وغنى فأطرب وألقى الشعر فنال التصفيق وتحدث عن الآلات الإيقاعية العراقية التي يمتد تاريخها إلى أكثر من ستة آلاف سنة، وتحدث عن تجربته الفنية الغنية والكبيرة فأنصتنا له كالتلاميذ في صفٍ دراسي.

عزفَ على الطبلة والرق والخشبة والناي والطار والكاسور، فكان رائعاً، في الوطن ورغم مشواره القصير فكان عازفاً للإيقاع للمطربين رياض أحمد، حسين نعمة، سعدي البياتي، فؤاد سالم، فاضل عواد، كاظم الساهر وغيرهم، تعلم الكثير من الأساتذة جميل جرجيس، كريم بنيان، تحسين البصري، هيثم شعوبي، فاروق هلال وآخرين، كما لحن العديد من المقطوعات والأغاني منها " كلنا نحبك يا عراق" للفنان شاكر زويد وكلمات الشاعر هاشم القريشي، له مع فنانين آخرين العديد من الألبومات الموسيقية عن قطع إيقاعية سجلها بالآلات المختلفة، وزع وعزف أوبريت "أيامك سعيدة عمري يا بغداد"، كما ألف الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام والمسرحيات منها مسرحية " حب في أوروك" للمؤلف صلاح حسن وإخراج شكري المغربي.  

حائز على عدة جوائز لمهرجانات عالمية وساهم في العديد من المهرجانات الدولية ويعمل مع عدد من الفرق الموسيقية ويرأس فرقة كلكامش وفرقة الأندلس وعازف في فرقة شرباستس الهولندية. له إيقاعات ضد العنصرية وقمر و حوار والسفينة الغرقى، جنوب وليل ونهار وغيرها من النشاطات والمساهمات الأخرى.

ستار الساعدي،أنه أحد مبدعي هذا الوطن بالغربة وهم كثر.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com