|
المدافعون عن طاغية العصر وفرعونه .. ليس حًباً بفرعون ولكن بُغضاً لموسى جاسم فيصل الزبيدي حين دخل هولاكو بغداد....لم نسأل التاريخ عن الجرائم التي اقترفها(خلفاء الله في ارضه)؟؟ وكم من دماء اريقت وارواح ازهقت بمجرد الشبهة والظن ـ وبعض الظن اثم ـ؟ وكم من فيلسوف وشاعر كبير وصاحب فكر انساني راق خانهم التعبير عن افكارهم في لحظة رعب...نحروا كما يُنحر الخروف بعد ان ذاقوا ويلات السياط والتعذيب في طوامير الدولة المرعبة...لا لشيء سوى الاختلاف في الراي. لم نسأل التاريخ عن خليفة اسرف في الانفاق على ( عبد الغنى بن فاخر )شيخ الفراشين في قصر الخلافة..الاموال والهدايا ...فيما كان علماء الاسلام ورجالها يتقاضون (عشرة دنانير)شهرياً كراتب لهم من المدرسة المستنصرية.. لم نسأل التاريخ عن حال الجيوش العربية الاسلامية التي صرفها الخليفة ومنع عنهم ارزاقهم حتى كانوا يتسولون على ابواب المساجد وفي الاسواق حتى انشد فيهم شعراء ذلك العصر قصائد يرثون لهم ويحزنون على الاسلام واهله على حد تعبير المؤرخ الاسلامي الكبير ابن كثير يقول اللدكتور احمد صبحي منصور (على ان شح الخليفة المستعصم بالاموال على الجند فى وقت حاجته لهم يقابله فى الناحية الاخرى اسرافه الشديد فى الانفاق على خدمه واتباعه من الظلمة الذين يأكلون أموال الناس ، وكان أولئك الخدم من الجهال واراذل العامة و المماليك الذين صعد بهم الزمن الردئ ، فى عصر انحلال الدولة العباسية ، فاحتكروا الثروة بينما عاش العلماء والاشراف يتضورون جوعا. ولنضرب أمثلة تاريخية على ما جرى فى اواخر الدولة العباسية ، حين أغدقت الأموال على الخدم فأصبحوا اعجوبة فى الثراء ، ومنهم : 1-علاء الدين الطبرسي الظاهرى ، كان دخله من أملاكه نحو 300 ألف دينار، وكانت له دار لم يكن ببغداد مثلها ، وحين تزوج دفع صداقا قدره 20 الف دينار .. ووهب له الخليفة المستنصر ليلة زفافه 100 الف دينار، وألحقه بأكابر الدولة ، ومنحه صنيعة كانت تدر له دخلا يزيد على 200 الف دينار سنويا. 2-مجاهد الدويدار ، قيل عن أملاكه : إنها كانت "مما يتعذر ضبطه على الحساب".. وفى ليلة زفافه حصل على هدايامن الجواهر و الذهب ما يزيد على 300 الف دينار ، وكان ايراده السنوي من مزارعه وأملاكه اكثر من 500 الف دينار، وكان ايراده السنوي من مزارعه اكثر من 500 الف دينار. 3-عبد الغني بن فاخر ، شيخ الفراشين فى قصر الخلافة ، كانت داره تشمل عدة حجرات ، وفى كل حجرة جارية وخادمة وخادم، ثم رتب لكل جارية عملا ، فواحدة لطعامه ، واخرى لشرابه ، واخرى لفراشه ، واخرى غسالة واخرى طباخة.. وفى المقابل كان أعظم العلماء وقتها لا يتقاضى احدهم اكثر من 12 دينار شهريا فحسب وذلك هو المرتب الذى كان ياخذه علماء المدرسة المستنصرية. وابن القوتى و ابن الساعي اشهر مؤرخى هذا العصر كان كلاهما يأخذ راتبا شهريا قدره عشرة دنانير !! فأين اولئك من شيخ الفراسين فى قصر الخلافة؟!). انها مهزلة بحق العلماء ورجال القكر..ضياع للامة التي ابتليت بهولاء الحكام الذين لا يعرفون معنى السياسة والرعية..اجرام بحق الشعوب الاسلامية..مهزلة تكررت في زمن صدام حسين حيث كان راتب استاذ الجامعة والمعلم والموظف لا يتجاوز (3000 الاف دينار) شهرياً وهو لا يكفي ليوم واحد؟؟ مهزلة دفعت بالكثير من المعلمين والاساتذة الى تبني اعمال لا تليق ومستواهم العلمي ولكن للضرورة احكامها. لم نسال التاريخ عن امنيات العراقيين التي اهملها الخليفة واتبع نزواته بالاقطاعات والمكاسب حتى جمع ثروة لا تقدر بثمن بعد ان اعترف لهولاكو عن وجود حوض في ساحة القصر مملوء بالذهب الاحمر والسبائك تزن الواحدة منها مائة مثقال ..مما حدا بهولاكو ان يصفه بالخسة ويستحقرة لانه جمع المال ولم يعبأ بالرجال..وكان من الممكن ان يعطيها الى الجند ليقاتلوا (الغزاة)..ولكنه ابى الى ان يضع نفسه في عنق الزجاجة ..فعلى أي شيء يتقاتل الامة؟؟ وهي تشكو البطنة وتعيش تحت مستوى خط الفقر..الامة هنا ليست مجبرة ان تقاتل لتحمي نظاماً ارهقها على الحصول للقمة العيش..نظاماً منح الولاة الامر في ظلم الرعية واكل اموالهم غصباً وعدوانا على مرأى ومسمع الخليفة ..هذه الأفعال انتبه لها السلطان (قطز) حين قرأ رسالة هولاكو التي أوردها المقريزي كاملة..يقول الدكتور احمد صبحي:ـ(ربما استفاد قطز من هذه الرسالة ، فكفّ المماليك عن الظلم وتحلّى بالورع وهو يحارب المغول فى معركة عين جالوت. وحين أوشك جنوده على الفرار صرخ فيهم قطز (وا إسلاماه)وألقى بخوذته ونزل للمعركة بنفسه فاندفعوا وراءه،وكان الانتصار). أسوق هذا الكلام وأنا أطالع في كتب الذين دونوا التاريخ فحملوا هولاكو مسؤولية سقوط بغداد من غير ان يذكروا الحقيقة ويحملوا الخليفة بانهيار الدولة من الداخل بسبب تجاهله الرعية وعدم مقدرته الى إمساك زمام الأمور وجهله بقوة ( الطرف الاخر). انه لون من العناد الحاد والإصرار على قلب الحقائق المحسوسة والملموسة وتزيفاً للواقع على الرغم من ان التاريخ يُعيد نفسه فيما يخص نظام صدام حسين غير أن الأسماء والمسميات تختلف ..ومن يقرأ تاريخ الخليفة المستعصم بالله سيرى تشابهاً كبيراً كالحالات الذي أوردناها أعلاه..وهذه صدفة تاريخية راقية المعنى لمن يحمل هولاكو او جورج دبليو بوش او العراقيين المسؤولية في سقوط بغداد..فالاثنان يشتركان في نفس المعنى والمضمون ( التجاهل لقوة العدو+ إهمال وظلم الشعب)..مع وجود الفارق البسيط الخطير وهو إن صدام حسين كان صاحب مغامرات عسكرية اتجاه شعبه والدول المجاورة.. المحزن في الأمر أن الممهديبن للفرعونية الحاكمة يرفضون الاعتراف بأخطاء صدام حسين ويعتبرون كل من خالف فكر صدام حسين(عميلاً)او(صفوياً)أو(إسرائيلياً)الى اخره من النعوت وانهم فقط القوميون والوطنيون..ولكنهم في حقيقة امرهم لم يكونوا يعترفون بصدام حسين ونظامه لا كقائد ولا كرئيس وانما لتنفيذ مآربهم في ان يكون الشعب العراقي عبيداً لا بل وان يُحسنوا العبودية..وهم يطبقون نظرية(الأكل مع معاوية أدسم والصلاة خلف علي أتم واعتزال الحرب بينهما اسلم)..ففي الوقت الذي كان فيه اهل الجنوب يقاتلون بضراوة القوات الامريكية في مناطقهم كان الممهدون للفرعونية الحاكمة يحزمون حقائبهم للفرار من الوطن الى احدى دول الجوار بعد ان استولوا على الاموال والكنوز التي حصلوا عليها من نظام صدام حسين ولكنهم عادوا من جديد يرفعون صور صدام ويهتفون بحياته وهم على قول الشاعر:ـ لا ألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زادي ان هولاء لا يكتبون التاريخ ..فالتاريخ تكتبه دماء الشهداء ودموع اليتامى والارامل..تكتبه الاقدام التي تحملت رمضاء الصحراء وبرد الجبال وهي تناضل من اجل الحرية والعدالة..تكتبه العيون التي لم يغمض لها جفن في سوح المعارضة العراقية الشريفة آنذاك وهي تتحرك بشرف المعارضة الحقيقية لا بشرف قتل العراقيين وذبحهم في الازقة والشوارع بدعوى العمالة..ان هولاء يعرفون ما يفعلون لشنشنة نعرفها من أخزم فليس لهم من حب لصدام حسين قيد أنمله وإنما بغضاً للعراقيين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |