|
نافذة على القضية الكردية
ابو نور البعيجي / بابل نعم نافذة، ولكن ليست نافذة ككل النوافذ، نافذة ارتفاعها كارتفاع جبال آرارات، وعرضها كعرض كردستان التاريخية، وعمقها كعمق الجذور الكردية في التاريخ الإنساني. لقد أريد لهذه النافذة أن تكون إطلالة منفتحة على الكرد وكردستان، نطل منها على الكرد وعلى قضيتهم وعلى الواقع المعاش بكل جوانبه التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، والواقع المأمول بآفاقه الرحبة مع إخوان العقيدة وشركاء التاريخ والأرض والمصالح الحيوية لأجيال نعايشها وأجيال لم تر النور بعد. قد تكون الخطوة متأخرة، ولكن أن تأتي متأخرة خير من ألا تأتي. يقوم الحوار على أرضية مشتركة صلبة عمرها عمر إنسان المنطقة وتاريخها تاريخه. نقاط اللقاء، حين نسقط العنعنات التي لا تنطوي على معاني حقيقية هي الأصل الجامع بين شعوب المنطقة ـ كرداًً وعرباً وتركاً وفرساً. القومية في فهمنا وجود إنساني مفتوح الاختلاف الذي ينتج عنه هو تنوع لا تضادّ. هذا هو الأصل في فهمنا لقضية الأعراق والأجناس في إطار الوجود الإنساني العقائدي والفكري والثقافي. وفي هذا الإطار تنتفي تلقائياً عقلية الإقصاء والتذويب والطغيان، أو تعمد النظر إلى الواقع بمنظار شوفيني أسود وقاتم. وجدت هذه النافذة لتكون واحة للتلاقي والتعاون المثمر، ومساحة حب وتعارف ورأي ورأي مخالف، ومحاولة عملية وجادة للتعبير عن رؤية وموقف الجماهير الصامتة من المجتمع الكردي وسط عالم تموج فيه الادعاءات ويكثر فيه الهرج. هذه النافذة نقطة انطلاق نحو غد مشترك مشرق. لقد علمتنا تجارب التاريخ والعصر الذي نعيشه أن البقاء للأقوى، ففي عالم يسوده منطق القوة، لا وجود ولا اعتراف إلا بالأقوياء. وحين تسعى الدول الأوروبية، على ما بينها من اختلافات قومية ولغوية ومذهبية، إلى إيجاد اتحاد سياسي اقتصادي بينها على أسس ديموقراطية، لا إلغاء فيها ولا تهميش، تصادر على كل الفرقاء من بني قومنا ووطننا الذين يريدون أن يعودوا بالتاريخ خطوات إلى الوراء. نزعم أن القرن التاسع عشر وكل الدعوات التي ارتفعت فيه والتي مايزال البعض يتقمصها حتى في القرن الحادي والعشرين أصبحت من غبار التاريخ. من حق أجيالنا أن نفكر بالمصلحة العليا لإنسان العقيدة والفكر والأرض في إطار من العصر الذي نعيش دون أن نلح على تفسير أحلام ولىّ صبحها. ولا نقول هذا لنزين لأنفسنا نحن الكرد بأن علينا أن نتحمل السياسات الشوفينية والعنصرية، وأن نذوب في بوتقة القوميات الأخرى التي تحكمنا، كما تحكم بقية أبناء وطننا، بالحديد والنار. كلا، ولا قصدنا من هذا الكلام طمس هويتنا، وتجاهل مطالبنا العادلة. ولكننا قصدنا إلى ما هو أصلح لنا جميعاً، وهو الخروج من القوقعة المادية الغليظة إلى الفضاء الإنساني الفكري الرحب الذي يسعنا جميعاً. التمسك بالخصوصية والمطالبة بالاعتراف بها لا يعني حفر الخنادق أو تقطيع الجسور فالخصوصية تنوع في إطار الوحدة العامة التي تضم الجميع، الوحدة التي تقوم على العقيدة والثقافة والولاء للأرض التي أنجبتنا، وترفع رايات العدل والمساواة في الكرامة الإنسانية وفي الحقوق الخاصة والعامة. بهذه الروح سننطلق في هذه النافذة أخذاً وعطاء نعبر عن موقف كردي طال صمته دون أن نحجر على رأي، أو نتعصب لرأي، ولكننا سنخطو دائماً إلى الأمام على بصيرة من أمرنا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |