|
مناهضة التعذيب والمعاملة المهينة القاسية واللانسانية المحامية سحر مهدي الياسري البحث عن الحقيقة بأستعمال الالم والمعاناة الجسدية قديم وظل لفترة طويلة من التاريخ البشري وسيلة قانونية للحصول على أعترافات المتهم ولم تبدأ الحركة الجدية لمناهضة التعذيب الا مع بداية القرن التاسع عشر وقد سارت الانسانية طويلا في كفاحها ضد ممارسة التعذيب بأعتباره أبشع صور أنتهاكات حقوق الانسان حتى أمكن تجريم التعذيب قاطعا في القانون الدولي وبصفة خاصة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي ينص في مادته الخامسة على أنه ((لايجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو الماسة بالكرامة )) وتأتي أتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة على رأس آليات مكافحة التعذيب . وقد جاءت البدايات عام 1961 عندما وضعت الجمعية العامة للامم المتحدة عدة مبادئ تنظم معاملة الاشخاص المقبوض عليهم وتطالب الدول بأصدار قوانين تحرم جميع الانتهاكات هذه المبادئ ثم أعتمدت الامم المتحدة في عام 1979 مدونة قواعد تحكم سلوك الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين تتضمن تحريم قيام هؤلاء الموظفين بأي عمل من أعمال التعذيب أو التحريض على ذلك أو ألتغاضي عنه مما مهد الطريق أمام الامم المتحدة لابرام الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي دخلت حيز التنفيذ في 26 حزيران 1986 وهو اليوم الذي أعتمد كيوم عالمي لمناهضة التعذيب . تعريف التعذيب : لعل أهم ماجاء ت به هذه الاتفاقية هو النص على تعريف محدد للتعذيب في المادة الاولى يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عناء شديد، جسديا كان أو عقليا، يتم إلحاقه عمدا بشخص ما بفعل أحد الموظفين العموميين، أو بتحريض منه، لأغراض مثل الحصول من هذا الشخص أو من شخص آخر علي معلومات أو اعتراف، أو معاقبته علي عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه أو اللاإنسانية أو المهينة هو امتهان للكرامة الإنسانية، ويدان بوصفه إنكار لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. المادة 3 لا يجوز لأي دولة أن تسمح بالتعذيب أو يمثل التعذيب شكلا متفاقما ومتعمدا من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. المادة 2 أي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو أن تتسامح فيه. ولا يسمح باتخاذ الظروف الاستثنائية، مثل حالة الحرب أو خطر الحرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أية حالة طوارئ عامة أخري، ذريعة لتبرير التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ، أو تخويفه أو تخويف أشخاص آخرين. ولا يشمل التعذيب الألم أو العناء الذي يكون ناشئا عن مجرد جزاءات مشروعة أو ملازما لها أو مترتبا عليها، في حدود تمشي ذلك مع "القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المادة 4 علي كل دولة أن تتخذ، وفقا لأحكام هذا الإعلان، تدابير فعالة لمنع ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة داخل إطار ولايتها. وتنعقد الولاية القضائية للدولة عند أرتكاب جريمة التعذيب في اراضيها أو عندما يكون مرتكب الجريمة من مواطنيها أو عندما يكون المعتدى عليه من مواطنيها وللدولة استنادا للاتفاقية الحق في أحتجاز أي أجنبي يوجد على أراضيها أقترف جرما استنادا لهذه الاتفاقية هذا وتنص الاتفاقية على انه لايجوز أعتبارها أساسا قانونيا لتسليم المجرمين في حال عدم وجود معاهدات لتسليم المجرمين بين الدول أطراف المعاهدة الاعتراف سيد الادلة :- لطالما كرهت هذه المقولة الشهيرة التي اعتبرت الدليل الاكثر قبولا لاصدار الاحكام القضائية في العراق ودول كثيرة فتحت ستار الاعتراف سيد الادلة ارتكبت ولاتزال ترتكب أفظع الجرائم من قبل الاجهزة الامنية لانتزاع الاعترافات التي ستعفيهم من التنقيب عن أدلة أخرى للادانة وهي أحد أكثر الدوافع لارتكاب جريمة التعذيب وصولا للاعتراف لذا أضم صوتي للكثيرين بعدم الاعتداد بأي أعتراف خارج المحكمة وتقضي المادة 15 من الاتفاقية جميع الدول الى عدم الاعتداد بأي أعتراف ينتزع تحت التعذيب كدليل في أي أجراءات قضائية عالج المشرع العراقي موضوع التعذيب في قانون أصول المحاكمات الجزائية واعتبر أي أعتراف تحت الضغط والتعذيب البدني والنفسي لايعتد به اذا تم أثباته بتقرير طبي رسمي ومن تجربتي الطويلة في المحاماة لاحظت أن أعلب قضاة التحقيق يتهاونون في التحقيق بأدعاءات المتهمين بتعرضهم للتعذيب واذا اصدر القاضي قراره بالاحالة الى الطب العدلي يتعمد القائمون بالتحقيق بتأخير وصول المتهم الى الطبيب حتى تندمل جروح وأثار التعذيب وغالبا ما يتم التدخل من جهات عليا في السلطة الامنية لحماية مرتكبي جريمة التعذيب والضغط على الاطباء للحصول على تقارير تنكر وجود التعذيب أو الاثار الموجودة على جسم الضحية منذ فترة طويلة ولكنه لم يعتبر التعذيب كجريمة مستقلة في قانون العقوبات فقط في حالة أدى التعذيب الى الوفاة أعتبرها تجاوز حدود الواجب . مكافحة التعذيب:- 1- من أهم وسائله هو ألتزام الدول بتجريم التعذيب ومعاقبة فاعليه ومكافحة ظاهرة الافلات من العقوبة فغالبا ما يفلت مرتكب جريمة التعذيب بسبب صعوبة إثبات جريمة التعذيب خاصة في غياب آثار التعذيب أما لانها أندملت وأما لوجود وسائل متطورة للتعذيب لاتترك علامات وإما لوقوع تعذيب نفسي كالاعتداء الجنسي على قريبات المحتجز أمامه أو التهديد به 2- وجود قنوات مستقلة للشكوى يتم من خلالها التحقق بشكاوى التعذيب وأن تكون غير الجهة المشكو منها وأن يكون تحقيقا سريعا ونزيها وان تكفل الدولة حماية مقدم الشكوى والشهود من التخويف والمعاملة السيئة 3- تدريب أجهزة الامن أن تنظيم برامج تعليمية وتدريبية تتعلق بحظر التعذيب لكافة العاملين في مجال تنفيذ القوانين سواء المدنيين أو العسكريين أو العاملين في المهن الطبية أو غيرهم ممن تكون لهم علاقة بأحتجاز أي فرد بأي شكل من أشكال التوقيف أو الاعتقال أو السجن أو الاستجواب 4-الحق بالتعويض تنص الاتفاقية بموجب المادة 14 أن تضمن كل دولة في نظامها القانوني أنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتضمن له الحق في تعويض عادل ومناسب بما في ذلك رد أعتباره وإعادة تأهيله طبيا ونفسيا على أكمل وجه والحق بالتعويض وسيلة ممكن ان تكون رادعة أذا سمح للضحية بالسعي للحصول على تعويض مباشر من مرتكب الجريمة بالاضافة للتعويض الحكومي أجراءات إضافية لمكافحة التعذيب :توجد أجراءا ت أخرى تساعد على وجود بيئة غير مؤاتية للممارسة التعذيب ومن بينها الحبس الانفرادي Incommunicado Detention والذي ثبت أن أخطار التعذيب تزداد بدرجة كبيرة عندما يكون المحتجز في السجن الانفرادي ومحظور عليه الاتصال بالعالم الخارجي والذي نطالب بألغاءه نهائيا لانه يمثل أنهاءا لانسانية المحتجز ككائن مجتمعي .وكما ثبت أن الساعات الاولى للاحتجاز هي أخطر فترة يكون الشخص فيها معرضا للتعذيب أو لاستخدام العنف ضده لذا يجب التأكيد من الحقوق الاتية للمقبوض عليه :- 1-حق إخطار أحد الاقارب بمجرد إلقاء القبض عليه 2-الحق في الاتصال بمحام فور أعتقاله 3-الحق بتوقيع الكشف الطبي عليه بواسطة طبيب من أختياره التعذيب والارهاب :تقضى الاتفاقية بعد م جواز التذرع بأية ظروف أستثنائية لتبرير التعذيب فالارهاب لايبرر التعذيب لأن الجريمة لاتبرر الجريمة أود أن أوضح أن هجمات 11 سبتمبر 2001 قد أدت بشكل مباشر الى تقهقر كبير في حقوق الانسان في كافة أنحاء العالم لعقود طويلة وأضاعت جهود كبيرة ونضال البشرية لاقرار عدم انتهاك كرامة الانسان وعدم أمتهان أنسانيته ومنع تعذيبه فقد اباحت الولايات المتحدة لنفسها خرق هذه الاتفاق بل وسعت لاصدار قرار من مجلس الامن لتقوم الدول بتغيير قوانينها لمكافحة الارهاب وبالتالي فالدول معفية من الالتزام بأي اتفاق دولي يتعلق بمناهضة التعذيب وبالتالي كان معتقل غوانتا نامو وابو غريب مثال صارخ على انتهاكات حقوق الانسان تحت مظلة مكافحة الارهاب.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |