|
الأنهار .. زينة المدن وسحر جمالها ووحي شبابها الدائم وعين لفتنتها لم يعرف النضوب على شواطئها شمخت حضارات واندرست أخرى . بها تغنى كل من استهوتهم جرفة الإبداع ولأجلها صدحت حناجر امتزجت عذوبة أصواتها الشجية مع عذوبة ماءها . هي جدائل الالق وهامة الطلعة البهية لكل حواضر وادينا الأخضر الخالد العريق .. تضيق الصدور فتنشرح مع لحظات مرح وسمر وتذاكر نقضيها على الضفاف . فنلوذ بها وتتألق مزهرة بنا تحتضن الأسر فتبدد عندها الهموم ويرحل التعب .تضم بأذرعها براءة الأطفال وأحلامهم الفضة الطرية وهموم الشباب ونزهتهم وتغفو وتسرح محلقة بعيدا" أجنحة ذاكرتنا . هذا التواصل المتوالي دونما انقطاع ظل يغذي منابع الأمل فينا فيحيلها دوما" خضراء يانعة . وما أن حلت سنون الجدب المنضرة للحياة تحمل معها أطواق قيدها اللئيم لتصادر شواطئ زهونا وتستقطع بأنانيتها وحقدها الدفين للحياة ساحات مرض وسكن همومنا الذي تعودنا قضاءها على مغربة من أنهارنا الكريمة المعطاء حتى سدت المنافس الموحشة شوارع الأنهر الزاهية وصادرت معاول الهدم حدائق غناء شكلت توأم للفرح ولذة الحياة بين الناس وزرقة ماء شواطئهم . حتى باتت حال مصادرة حق مشاع أزلي عرفا" يطمع به بهجة وجمال وسرور مع النهر لترتفع مكانها قلاع تحجب الشمس والماء عن المدن لتشكل حاجزا" انانيا" عدوا" ويستحوذ عليه المتلهفون على كرسي السلطان يدفعه الواحد للأخر قاضمين حق الناس ومحاصرين الشط وان تباعدت وتلونت عناوينهم . تاركين النهر حبيس أنانيتهم والناس سجناء الغصة والشوق لأيام ألقتهم شواطئ متعتهم . والأمل معقود بالعودة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |