|
أستاذ جامعي عراقي ... والخبز في التنور بواسطة البعرور!! جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية
قيل : شر البلية مايضحك!!... هذا ماحصل معي وأنا أقرأ رسالة أخي وصديقي الدكتور / أبو أحمد ، تلك الرسالة التي كانت تفوح منها رائحة ( الغضب واليأس والحيرة والمسرة ) في آن واحد .. نعم أنه في حيرة من أمره .. ولكن بعد أن أكملت الرسالة تبين أنه قد طبق المثل القائل { الحاجة أم ألأختراع } ... واليكم الرسالة : كما تعلم ياعزيزي أن أرسال ألأولاد الى ( المخابز وألأفران ) من أكبر المجازفات .. لكون ( ألأرهابيون ) أخزاهم الله أصبحوا ومنذ فترة يغتالون عمال المخابز لابل حتى الزبائن المتواجون هناك .. ولافرق لهم بين الطفل والمرأة الشيخ وغيرهم .. هدفهم واضح أنهم يريدون قتل العراقيون من الجوع!! ياترى من المستفيد ؟؟ هذا هو السؤال واللغز الذي لم نستطع الوصول اليه!!. وكما تعلم أن ( الخبز ) من المواد التي لايمكن ألأستغناء عنه في الوجبات الثلاث... لذلك ما العمل ؟؟. كلما يذهب أحد ألأولاد الى ( المخابز وألأفران ) وحتى عودته نحسب الف حساب .. أما والدتهم فتقرأ عشرات ألأيات من القرأن الكريم .. ياترى هل هذا وضع ؟؟. لذلك فكرت بأنقاذ العائلة من هذه الورطة .. أجتمعت بالعائلة وقلت لهم : ــ قررت أن أشيد ( تنوراٌ)* في الحديقة الخلفية .. وبذلك سيكون ألأولاد في آمان!!. تعجب الجميع بالأخص ( أم أحمد ) التي كانت مندهشة من الفكرة بين التأييد وألأستغراب ..على أية حال بين الرفض والتأييد قررنا التوكل على الله والبدأ بتنفيذ المشروع!!. في الجامعة تشاورت مع عدد من الزملاء.. فالجميع أيدوني بقوة وشدوا على أيدي وتعهد ألأكثرية بأنهم ينتظرون نجاح تجربتي وبعدها سيخوضون التجربة هم ألأخرون!!. نعم لقد حصلت على ( كرين كارت وضؤأخضر ) للبدأ بالمشروع .. ولكن الخطوة ألأولى على أن أجد ( التنور ) أولاٌ وبالتالي الخطوات ألأخرى!!. بدأت بالأستفسار عن كيفية الحصول على ( التنور ) .. نعم بعد التشاور وصلت الى ضالتي المنشودة .. نعم لقد أهدوني الى أحدى السيدات الفاضلات التي هي الخبيرة في صناعة ( التنانير!!) ..ذهبت ووجدت تلك السيدة في منطقة بالقرب من حي ( البياع ) .. لقد وجدت العجب .. نعم وجدت العديدون جاؤا ليسجلوا أسماءهم للحصول على ظالتهم المنشودة.. تقدمت وجرى بيني وبينها حوارأ ظريفا : ــ حاجة .. أقدر الحصول على تنور؟؟. نظرت الى من الفوق الى ألأسفل .. وقالت : ــ وبهذه السهولة ؟؟. ــ ولم لاء..؟؟ ماذا تريدين أنا حاظر ؟؟. ــ أنت ماذا تعمل ؟؟. ــ أنا دكتور.. أستاذ جامعي!!. ــ الله جابك .. كل ألأدوية عندكم!!. أخبرتها بأني دكتور ولست طبيبأ ... ضحكت وقالت : ــ خوش نكتة!! .. دكتور بس مو طبيب!!. حاولت أفهمها ولكن دون جدوى!! ... بعدها منحتني شهرأ وطلبت مبلغأ خياليا!!! ولكن ما العمل ؟؟ أنها مسألة ملحة ولابد من أكمل المشروع!!. في اليوم المحدد.. ذهبت وكانت صادقة في وعدها لقد جهزت ( المطلوب ) وحينها أستأجرت ( بيكب آب ) ونقلته الى البيت وأنزلناه الى الحديقة الخلفية لأبدأ المهمة ألأصعب!!!. جلست وجلبت ورقة وقلم وبدأت أخطط ... صدقني المهمة كانت أصعب من رسالتي الدكتوراه التي قدمتها الى أرقى الجامعات البريطانية!!. خططت ورسمت .. وبعدها ذهبت لأستطلع عدد من ( التنانير ) فأخذت فكرة جيدة .. عدت وقررت أن أبدا بالعمل بعد ظهر الخميس.. ومن الله التوفيق!!. نعم لقد بدأت بالعمل ( البناء بالطين ) ..قبل الغروب أنتهيت من العملية بنجاح باهر.. ولكن لم يخطر ببالي بأية مادة سنشعل النار ..؟؟ .. الحطب ؟؟ لاء والف لاء!! أين هو الحطب ؟؟.. الغاز ؟؟ لاء والف لاء!!!. مع هذا وذاك .. قلت مع نفسي ..لاتفكر لها مدبر ... في اليوم ألأول للدوام أستقبلني الزملاء وتركوا كل ألأخبار وهم كلهم ( آذان صاغية ) لذلك ألأختراع العجيب!! .. شرحت لهم ألأمر فكان ألأكثرية يطلب مني الخبرة وألأشراف على نفس التجربة في بيوتهم ...!! لله الحمد لقد أصبحت خبيرأ للتنور!!. مع ذلك المؤتمر الصحفي لزملائي.. وفي ألأخير قلت لهم : ــ ولكن يا أخوان بماذا سنخبز ..؟؟ الحطب غالي وقليل في نفس الوقت ... والغاز كذلك!!. قبل أنتهاء الدوام تقدم أحد الزملاء وبشرني بأحلى بشرى وقال : ــ يا أبو أحمد .. كما تعلم أن كل أقربائي من الريف .. لذلك ولاتفكر .. سأزودك بعدد من أكياس ( البعرور )* وكما تعلم أن تلك المادة من أفضل المواد للتنور!!!. شكرته وقبلته ... وأخيرأ ( فـُرجت ) .. شكرأ يارب... ماذا نريد [ تنور ... وبعرور وخبز تنور!!!) .. نعم لقد فرجت لك الشكر يارب!!!. قرأت الرسالة أكثر من مرة .. أكاد لا أصدق..!! .. ولكن صديقي لم يكتب لي : ياترى هل بأمكان ألأخت / أم أحمد الطبيبة أن تقوم بالعملية وتخبز بالتنور والبعرور ؟؟؟. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التنور / فرن شعبي يصنع من الطين .. وهي تسمية عراقية ومنتشرة في جميع المدن. البعرور / فضلات ألأغنام .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |