أصبروا .. بس يرحل السلطان .. سنشبع خوخ ورمان!! (الفصل ألأول)

جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا

عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية

tcharmaga@hotmail.com

كان..ماكان...في قديم الزمان:

سلطان جائر..يحكم مملكة جميلة..فيها الكثير من أفخر أنواع الفواكه.. ولكن ذلك السلطان ما أن أستولى على الحكم حتى قام بتسييج كافة البساتين بحجة المحافظة عليها من ( ألأعداء المارقين)!!.

لم يكتف بالتسييج..بل بنى العديد من ألأبراج العالية لجنده..ووضع بين كل مئة متر...عشرات الجنود المسلحين بأحدث ألأسلحة المختلفة!!.

في البداية..صدق الناس وقاموا بأنفسهم بمساعدة أتباع السلطان ببناء ألأبراج والتسييج..طبعأ حتى يحافظوا على ممتلكاتهم من ألأعداء المارقين!!.

مرت سنة وسنتان..والسلطان يشدد على تلك ألأملاك... حتى صار من الممنوع التقرب من تلك البساتين..الويل لمن يقترب !!! العقوبة جاهزة:

فرمان سلطاني: الحاضر يعلم الغائب... كل من يقترب من أملاك السلطان يصلب في مكانه... أملاك السلطان من ألأماكن المحرمة على كافة الناس.. لذلك لقد أعذر من أنذر..... التوقيع ..جلالة السلطان.

تمر سنوات وسنوات والشعب يعاني ويعاني.. قام البعض بتشجير مساحات من ألأراضي لعله يحصل على ( خبزة) لأفراد عائلته... ولكن ............. موت ياحمار!!!............ المسألة تحتاج الى عقد أو أو أكثرمن الزمن!!.

تحققت الكثير من ألأحلام .. بات الكثيرون وبعد سنوات من العمل والجهد يملكون بستاناٌ صغيرأ ولكن مع نضوج الثمر كان ( سركال ) السلطان قد حضر وأضافها الى ممتلكات السلطان .. وسيجوها وبنوا حولها ألأبراج العالية، لذلك قرروا الهجرة وترك أرض ألأباء وألأجداد ... ولكن المصيبة أنهم ملايين البشر... [ وين ينطون وجوههم؟؟) .

 مع ذلك فر العديدون من أبناء الشعب الى دول أخرى... أنشأوا ( جمعيات وحركات وأحزاب) .. كلها من أجل تحرير البساتين......... لابل القضاء على السلطان!!.

ـ من يستطيع أن يقضي على السلطان؟؟؟... أنه يملك بساتين الدنيا... كلها..خوخ ورمان وأعناب ... يصدر العنب الى الخارج وتشتريها المصانع.. وتتحول الى ...الذ وأجود أنواع النبيذ... ياسبحان الله.. هل هنالك أطيب وأجود من نبيذ بلادي!!.

السلطان كان شاطر لذلك:

أشترى العديد من المصانع... وبدأ ينتج النبيذ ( على حسابه!!) .. المعارضة تشتد.. ما أن تحاول دولة التقرب من تلك المعارضة... حتى يقوم السلطان بأهداء كذا برميل من ( أفخر أنواع النبيذ) لسلطان ذلك البلد... هنا المسألة تدخل في خانة..صداقة ومودة وأخوة!!! وما أن شرب السلطان أول ( كأس) من ذلك النبيذ حتى أصدر الفرمان التالي:

فرمان سلطاني:

بناء على مقتضيات المصلحة العامة... وأستنادأ الى مبدأ عدم التدخل في شؤون بلدان الجوار..لذلك قررنا مايلي:

أولاٌ / طرد كافة أهالي مملكة الفواكه من البلد...وفوراٌ.

ثانيا / من لم يمتثل...نضطر الى تسليمه الى بلده.. ونتعهد بأن السلطان ( صاحب البساتين) سيعامله بلطف!.

التوقيع ........ جلالة السلطان..................................( سكران حتى الثمالة)!!!.

تمر سنوات وسنوات وسنوات...بساتين جلالته تتوسع..ألأبراج تكثر...الحراسة أشد... ياترى ما العمل؟؟؟.

بالمقابل تتكاثر المعارضة...تتكرر عمليات أقتحام ألأسوار وكالعادة يقوم رجال ( السلطان ) بتنفيذ أوامر جلالته

[ ألأعدام في مكانه ] وأبقاء جثته معلقة لعدد من ألأيام ليكون عبرة للأخرين!!.

تمر السنوات وسنوات والبساتين تدر أموالاٌ طائلة على السلطان وعائلة السلطان وأزلام السلطان... المعارضة تصل الى حالة اليأس..الكثيرون أمسوا يرددون مايلي:

ـ يبدوا أننا نطرق حديدأ بارداٌ... لا وجود لأي أمل!!!.

مع تلك السنوات يزاد جلالته ( ثراءٌ وقوة وجبروت وأموال وعلاقات مع العالم!!).

في بلد بعيد وبعيد .. تتضارب مصالحهم مع مصالح السلطان ، حيث أن ألأخير لم يعد يزودهم بالنبيذ بعد أن أصبح قوياٌ وبأمكانه أن يدافع عن عرشه ومملكة البساتين من دون مساعدة أحد وألأهم بدأ السلطان وبمساعدة دول أخرى من تصنيع ألأسلحة الحربية ، لذلك أمسى الجيران يحسبون له الف حساب لابل ( يجفون شره)!!.

غضب ( سلطان ) البلد ألأخر .. : كيف يتجرأ ويحرمنا من تلك النعمة التي تعودنا عليها...لابد أن يعاقب.. وبعد العقاب يجب أن يزال من الوجود... أجل أنه دكتاتور.. يقتل الناس ويحرمهم من أبسط الحقوق .. لابد من جمع التأييد اللازم لتلك المحاولة ... فالأصدقاء كثيرون!!.

ـ ولكن يامولاي بالأمس القريب كنتم حلفاء وأصدقاء؟؟؟.

ـ هكذا هي السياسة .. لم نعلم بأنه جائر هكذا..!!! اليوم كشفت كل الحقائق!!!.

لذلك أمر ( السلطان ) لأجتماع طارىء لمجلسي الشيوخ وألأعيان وأصدروا الفرمان التالي:

لقد طفح الكيل.. يا أحرار العالم .. هنالك( سلطان ) جائر وظالم يحكم شعب مسكين بالنار والحديد.. لابد من ألأطاحة به .. وجلب مجموعة من الوطنيون الغيارى ليحكموا البلد .. ويجب أن تكون دولة ( البساتين ) نموذجاٌ ديمقراطياٌ لكافة البلدان الموجودة في المنطقة!!!.... ليبارك الرب خطواتنا!!.

ويستعد الجنود ويبدأون بحد( سيوفهم ورماحهم ) مع تهيئة الخيول والمناجيق.. وبدأوا الهجوم من البحر والبر ، الغريب أن جنود ( سلطان البساتين) لم يقاموموا مقاومة تذكر... قتل منهم الكثير وأستسلم أكثر وهرب البقية كل الى جهة!!.

من جانب أخر أقتحم جنود ـ المحررون!!ـ القلاع ودكوا ألأبراج وألأسوار وفتحوا ألأبواب للجماهير الغاضبة .. لقد دمروا كل شىء.. قلعوا ألأشجار نثروا ألأثمار.. أما جثث القتلى فحدث ولاحرج!!.

من المنطق أن يعين جيش المحررون أحدهم حاكمأ على البلاد لحين ألأستقرار .. وبعدها لكل حادث حديث.

وفعلاٌ عينوا أحدهم ( ذات العيون الخضر ) وأصبح هو الكل في الكل... خلال مدة قصيرة أفرغ مخازن النبيذ وهربها الى بلاده... فتح الخزائن وأستولى على كافة ممتلكات السلطان المهزوم!!.

كل هذا لايهم ولكن المهم والعجيب :

أن (ذات العيون الخضر) أمر بتشكيل فرق من أناس( ذوي النفوس الضعيفة) لتدمير البلاد وزرع الفتنة والطائقية بحيث أهل ( الخوخ ) يحاربون أهل ( الرمان ) والجماعتين يحاربون أهل ( العنب) .. وهكذا.. أشتعلت النيران بين أهالي جميع أنواع الفواكه!!!.

ألأغرب أن الشعب ( عامة الناس) كانوا لازالوا يعيشون نشوة النصر... موسيقى ودبكات رقص ( حتى مطلع الفجر)..لابل أكثر... كل شىء تهون مازال زالوا ذلك السلطان الجائر!!!.

الموت للدكتاتورية ... عاشت تلك الدولة التي جيشت الجيوش وحررتنا ... !! أنها دولة أنسانية ... عظيمة .. الله يعلي سعود ريسها ومجالسها وناسها وجنودها!!!.

يا فرحة اللي مادامت .... تعالوا ... أنظروا حولكم .. كفاكم رقص و( مزيقا ) ... أنظروا ... !!:

بعد فترة أصبح الناس يتسائلون :

ـ هل صحيح أن المخازن خالية من النبيذ؟؟.

ـ هل صحيح أن ألأشجار من غير ثمر ؟؟ وأن السلطات الجديدة قد أهملت ألأشجار ؟؟.

ينهض أحدهم ويخطب بالجماهير:

ـ ولايهمكم... السنة القادمة ستثمر ألأشجار...بأمكاننا أن نملأ المخازن بأجود أنواع النبيذ...الخير وافر، ألأيدي العاملة موجودة.. المصانع بخير..أصبروا ، شدوا أكثر من حزام على البطون ..كلها مسألة وقت... سنة واحدة فقط!!.

تأتي سنة و تذهب سنة.. والحالة من سىء الى أسوأ... لكن المفاجئة :

ـ قامت القوات ـ المحررة ـ بأعادة وتغيير ألأسيجة ولكن أعلى وأمتن وأقوى!!.

ـ شيدوا أبراجاٌ محصنة وجلبوا أسلاكا تسمى ـ أسلاك شائكة ـ !!!. .

ـ يقطفون الثمر مبكراٌ وترسل الثمار الى الخارج.

ـ ملؤا السجون والمعتقلات بالناس البسطاء !!! .

ـ شيدوا العديد من السجون .. ولكن لله .. أنها معتقلات نظامية ... فيها شروط الراحة ... معتقلات عصرية تلائم البشر!!!.

ـ الويل لمن يقول : أين النبيذ؟؟؟ أين البساتين؟؟؟:

العقوبة جاهزة : التآمر وتحريض الناس على القوات المحررة!!.

المعضلة أن أهالي بلاد البساتين لايجيدون لغة الجيش ( المحرر ) لذلك كلما يسألهم ( كبيرهم ) لايعرفون بماذا يردون ... لغتهم جديدة وصعبة عالناس.. لذلك ..يتفاجأ المواطن ( البرىء) حينما يرى نفسه قد حكم عليه بسنوات وسنوات !!.

تمر سنوات وعلى هذا المنوال... والشعب جائع وحيران .... لاخوخ ولا رمان!!!!.

ـ هنالك فصول أخرى ـ 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com