آنتباه .. لقد عاد الحلاج*..!! فأين المفر..؟؟

جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا

عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية

tcharmaga@hotmail.com

أنّ الحلاج قُـتل لأنّه قال: "أنا الحق" أي أنا الله، لأن الحق اسم من أسماء الله ومعناه الثابت الوجود فكفّره القاضي أبو عمر المالكي في بغداد ونفّذ الخليفة حكمه فقطعت يداه ورجلاه ثم قطعت رقبته ثم أحرقت جثته ورُمي رماده في نهر دجلة، وكان للحلاج أتباع اتبعوه في الضلال فنكل الخليفة المقتدر بالله العباسي بهم التنكيل الشديد حتى يرتدعوا لكن بعض أتباعه بقي على العناد فإنّهم افتروا وقالوا في اليوم الثاني من قتل الحلاج: "إنّه ظهر لنا عيانا" وقال: "أتزعمون كما يزعم هؤلاء البقر أني قتلت وصلبت إنّما قُتل شبهي". وافترى بعضهم بقوله "إن دم الحلاج جرى على الأرض‏ فكتب لا إله إلا الله الحلاج ولي الله" وهذا لم يحصل أبدا.!!.

وقال بعض العلماء إن الحلاج كان غائب العقل فلم يكفروه، وقال بعض الصوفية: إن الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه اعتبره سكران غائب العقل، أما سيدنا أحمد الرفاعي رضي الله عنه فقد قال في الحلاج: "لو كان على الحق ما قال أنا الحق". واعلم أنهم لم يختلفوا في أنّ هذا الكلام المنقول عن الحلاج كفر، وقد نقل الحافظ الخطيب البغدادي‏ عن ابن الحلاج في أبيه أمورا شنيعة‎.‎

الغرض من تلك المقدمة لم أعني بأنني أحد دعاة الصوفية..لا أبدأ فبقدر ما أحترم تلك الطريقة بالمقابل شخصياٌ بعيد كل البعد عنها.. نعم لقد حضرت عشرات جلسات الذكر لساعات طويلة وجلست مع كبيرهم الشيخ / محمد عبد الكريم الكسنزاني لساعات طويلة ..أستمعت الى محاضراتهم وطريقة الذكر وبقية الشعائر والتي كانت غريبة نوعما بالنسبة لي.. والنتيجة الدين ألأسلامي دين كبير وعظيم يتسع لعشرات العشرات من الطرق الصوفية والمذاهب.. وتلك أيضاٌ نوع من أنواع الديمقراطية .. ولكن بشرط أن لاتـُستغل لأغراض دنيوية !!.

قبل قرون أدعى ـ الحلاج ـ بأنه الحق.. فكانت النتيجة أنه خسر نفسه وأتباعه ومريدوه.. ولم تأت تلك النتيجة أعتباطاٌ.. بل نتيجة متابعة وحرص على ( الدين ألأسلامي) من ألأنحراف وبالتالي حصول ألأنشقاقات والكتل والجماعات وجميعها لاتخدم ألأغلبية لابل لها فوائد شخصية لعدد من المستفيدين وبالتالي فهم بعيدون كل البعد عن أي مكروه!!!.

مربط الفرس :

حتى لا أتهم بكوني أقف مع جماعة ضد جماعة أخرى لابد أن أوضح :

أنا عراقي..من أرض الرافدين... قبل أن أكون مسلماٌ.. فأنا عراقي.. قبل أن أكون سنياٌ..فأنا عراقي..قبل أن أكون شيعياٌ..فأنا عراقي.. نعم أنا عراقي..لا أريد أن أكون شيئاٌ أخراٌ.. ولا يهمني كيف سيفسرون كلامي..لا أعرف أكثر من هذه الشفافية !!.

اليوم نرى العجب العجاب.. دين ألأكثرية هو الدين ألأسلامي.. أما بقية ألأديان فهم بفضل هذه الديمقراطية أصبحوا مهمشين و( صفر عالشمال !!) .. مع ألأكثرية الساحقة نرى ونسمع العجب العجاب :

· هنالك جماعة تنكر وجود الجماعة المقابلة .. يكفروهم عالأخر وكأنهم من ديانة أخرى وكلها الحاد وكفر وشرك!!!.

· بالمقابل هنالك رد للجماعة الثانية..لا .. والف لاء.. نحن ألأصل..أما الجهة ألأخرى فهم زناديق وكفرة ولايمثلون ألأسلام أطلاقاٌ!!!.

· أما نحن الغلابة الذين لادور لنا..لاحول ولاقوة..ما علينا أن نجلس يومياٌ (ونضرب أخماس بأسداس) .. ونسأل : ياترى من منهم على حق؟؟؟؟. .. مع كل تلك التآملات لايمكن أن نصل الى نتيجة مقنعة!!!.

النتيجة الأخيرة والعلمية لهذه العملية ( أدعاء الطرفان ) وكل طرف يدعى بأنه على حق و كأنه التعريف الهندسي الذي يعـُرف الخطان المتوازيا : هما الخطان اللذان لايلتقيان مهما أمتدا!!!.

أذن في هذه الحالة من منهم على حق ؟؟ لابد لجماعة أن تكون على حق وألأخرى على باطل !!.. وياترى ماعقوبة الجماعة الباطلة ؟؟؟.

هل نحتاج الى شخص يحمل صفات ذلك الخليفة العباسي الشجاع ( المقتدر بالله) .. وقاضيه الجرىْ ( أبو بكر المالكي ) ؟؟ أم ماذا؟؟.

الغريب والعجيب في المسألة أن ذلك الخليفة هو اليوم ( قوات ألأحتلال ) !! والقاضي الذي يحكم لاحول له ولاقوة.. وحتى لو أصدر قراره ..ياترى من سينفذ قراراته ... ؟؟ .. واليكم الدليل القاطع :

أصدر قاضي قضاة النزاهة العشرات من ألأوامر لمحاسبة الحرامية ... النتيجة: طز بالقاضي وبقراراته!!.. هاهم الحرامية يصولون ويجولون من دون أية ملاحقة!!.

مسكين أنت أيها الحلاج .. في عراقنا اليوم العشرات من أمثالك ولكنهكم ( محصنون ) تارة بأسم الدين والدرجات الدينية وتارة أخرى في الحصانة البرلمانية والنفوذ الشخصي والدخيل على الجماعات المتنفذة!!!.

في كل ألأحوال وبالعربي الفصيح :

لاوجود لسلطة القضاء في عراقنا الديمقراطي !!!.. ومن يقول لاء ليقدم البراهين.. وحينها سوف أقدم ألأضعاف ألأضعاف!!.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 * الحسين بن منصور الحلاّج من مواليد عام 858 ومتوفى عام 922م.
والحلاج متصوف فارسي كتب بالعربية. تتلمذ على التُستري والمكي والجنيد ثم انفصل عنهم، ونبذ حياة العزلة، وراح يبشر بالتصوف في خراسان والأهواز والهند وتركمانستان. ثم حج ورجع إلى بغداد فالتف حوله التلامذة. لكن السلطة العباسية أوقفته بعدما اتهمه المعتزلة بالشعوذة، وحرمه الإمامية والظاهرية. فعُذب وسُجن ثماني سنوات، ثم جُلد وصُلب في ساحة سجن بغداد وأحرق جسده. وقد نشأت فرقة هي الحلاجية تقول بإسقاط الوسائط أي بأن تستبدل بالفرائض الخمس ومنها الحج بأعمال أخرى. وقالت بوجود روح ناطقة إِلهية تتصل بالروح البشرية عند الزاهد، وهذا هو مذهب حلول اللاهوت في الناسوت، فيحق للولي حينئذ أن يقول : "أنا الحق"!!.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com