ردّ ُ صدى نداء هيئة الدفاع عن الأديان والمذاهب في وادي الرافدين
محسن ظافر غريب / لاهاي
algharib@kabelfoon.nl
بادىء ذي بدء، نحن في زمن تجاوز مذهب" والترليبمان"(الإنسانوية) المتجاوز بدوره للربوبية نحو السعادة الإنسانية( موسوعة لالاند الفلسفية) الى حيث لبست فيه بعض الكلاب بعض الثياب وما زال البعض يعضّ إذ يعظ، وركبت فيه المرأة (العورة الفرج) السرج، وتبنى فيه رجل الدين مبادىء الديمقراطية وحقوق الإنسان على أسّ آيات القرآن التي تبدأ بسم الله وتنتهي بمفردة الناس إسم أحد المواقع الإلكترونية اليسارية، المفردة المكرورة 234 مرّة+ الإنسان=90 مرّة+ بشر=37 مرّة+ عباد لما يربو على مائة مرّة+ بني آدم=8 مرّت. تلك المبادىء كانت منطلقات صدر الإسلام الأوّل عندما كان الدين اليهودي يتعايش بإحترام وثقة في شبه جزيرة العرب مع الدين الإسلامي ومثله النصرانية في عموم البلاد العربية حتى شاطىء الأطلنطي، وعندما كان"الواعي الأوّل" لاجئا الى الشمال الأفريقي منتحلآ " إسم الأخضر" تناديه " أوراق العشب Leaves of Grass" نحو الشاطىء الأميركي حيث والت ويتمان(1819-1892م)، كما كان يتطلع الأديب التركي" أورهان باموق"( باموق تعني بالتركية " القطن" ولونه الأبيض) الحائز جائزة نوبل للعام الجاري، يتطلع من إسطنبول الى الغرب الأوربي عبر مضيق البوسفور، وعنوان رائعته روايته" إسمي أحمر"!؛ ليتعايش مع الآخر، كما كان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفرنسي المسلم رجاء روجيه غارودي يتطلع بحلم صبر 40 سنة، الى واقعية بلا ضفاف، خلافا لما كان عليه حال اليهودية البائس في ظلّ لعبة الحرب الباردة في أوربا المسيحية العجوز وفي ذلّ ظلت إرهاصاته لما قبل عام في ضواحي باريس وفي ظلّ صراع الصليب والصليب المعقوف النازي الغازي، ورُغم تداعيات ذلك إرتدّ في هذا الزمن، الفقيه بالتقدم والإشتراكية الى حلف الفضول في الجاهلية، الحلف الذي تبناهُ الإسلام مع ماتبنى من عُرف إيجابي، ونشوء فكرة إصدار إعلان إسلامي لحقوق الإنسان سنة1979م تناولها المؤتمرون لوزراء الخارجية في فاس بالمغرب، إسلام آباد، بغداد، نيامي، دكا، صنعاء، عمّان، الرياض، طهران، القاهرة، وعُرضت في ثلاثة مؤتمرات قمّة في الطائف، الدارالبيضاء، والكويت، وخلال عقد من الزمن تبلورت الفكرة سنة1989م، فتقدّم المؤتمر الإسلامي لدى لجنة حقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة بجنيف في نيسان 2004م، بمسودة ورقة عمل لمكافحة التجديف ضدّ الأديان وضدّ الميز ضدّ المسلمين، حظيت بموافقة الثلثين ومعارضة الثلث لأنّ دول الغرب أشارت الى الإسلام مرّة واحدة في مشروع ناهض العنف، بناء على إرث الثورة الفرنسية التي أصدرت جمعيتها الوطنية في26 آب1789م إعلان حقوق الإنسان والمواطن في17 مادة. وأصدرت الدستور الفرنسي سنة1791م، وديباجته من الإعلان ببلاغة ديباجة دستورالعراق، ودستور1793م الذي أقره المؤتمرالوطني كونفنسيون، أضيف إليه ما يُغطي الإقتصاد والإجتماع، فصار35 مادّة من أصل124 مادّة هي قوام هذا الدستور. 10ك1/1948م كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للأمم المتحدة، في30 مادّة، ألحقت به إتفاقية حقوق إقتصادية، إجتماعية وثقافية. وإتفاقية حقوق مدنية وسياسية. وبروتوكول إختياري يتعلق بالإتفاقية الثانية، بتاريخ16ك1/ قبل40 سنة، 1966م. وقد تمّ التوكيد على حرمة الأديان في الجمعية العامة للأمم المتحدة بضغط من الأقطار العربية والإسلامية، فإعتمد بنسبة 101 صوت ضدّ فقط 53 صوت. ليست فكرة النداء صدى، بل هي صوت مقموع بأصابع ذوي المواقع الإلكترونية التي تستسهل حجب نور الفجر كي ينفجر الفجر ببيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود. إنّ اليساروي الذي يعزل نفسه في برج عاج ليمدّ يده تبّت، بقفازات مخملية الى أزرار موقعه الإلكتروني ليتحسس بأصابع يعلم أنها كأبناء الثقافة ذات الحساسية العالية التي تعلو عليه، غير متساوية كأسنان المشط، ليبان على حقيقته فاقدة الصدقية تحت أشعة الفجر الصادق المجهرية، لمن يراه صغيرا بذات المنظارالذي يطلّ منه مُحاطا بهالة يساروية زائفة لايراها أناس كلّ ينظر من زاويته وفق بعده الثقافي بوجه ناضر، فكلّ حزب بما لديهم فرحون!.
الصوت: أنّ التسامح والودّ المفقود وراء غياب الحوار الحضاري المتمدّن، وسمة الحال الطارىء في مهد الحضارات العراق، الدين والقومية براء منه، لكنها سياسة القطيع في المواقع، والأفق الأضيق ممّا بين زاوية العين والأنف المُرغم. كان اليساري بالأمس القريب يستهجن الميز العنصري(الأبارتيد) في جنوبي أفريقيا، لكنّ حزبه السياسي اليوم يُملي عليه الأخذ بعصبية الهُوية عله يجيّرها طحالب شبكة الإنترنت العنكبوتية السهلة الطفيلية. سنة1948م، إتعظت المنظومة الدولية إثر ويلات الحرب الكونية الثانية، فإتفقت على تكريس قيم مشتركة، حتى إذا بعُد عهد الصدمة أطلت الآيديولوجيا بقرنيها الدين والقومية بعد أدلجتهما، في الهزيع الأخير من لعبة الحرب الباردة سنة1993م؛ لشقّ الإجماع الدولي بإنتقائية حقوق الإنسان، الأمر الذي إستوجب عقد مؤتمر هيئة الأمم المتحدة بصدد حقوق الإنسان، ليرشح تشكيل منظومة بنية متكاملة غير قابلة للتجزئة، تعلو على ما سُمّي بآليات القيم الأوربية التي تهفو لها نفس باموق الأحمر والغربية التي تطلع لها من الجزائر(شاعر الشاعر السبعيني الصاعد الى الثمانين لا أبا له يسأم، ابن جيراننا في حيّ الجزائر بحاضرة البصرة الطيّبة الخربة الحلوب) الواعي الأوّل الأخضر. تلك القيم الغربية المدنية الحداثوية المتقاطعة وحضارتنا وأصل " البيان العالمي لحقوق الإنسان"، حيال الإختلاف والإئتلاف الثقافي، بإحتمال الخطأ مع الصواب كما في رؤية الإمام الشافعي ولدى مريديه في الشمال الأفريقي. أمين عام منظمة الأمم المتحدة المنتهية ولايته مع العام الجاري كوفي عنان، كان قد تبنى مبادرة الحوار الحضاري التي أطلقها رئيس الحكومة الإسبانية ثاباتيرو في أيلول2004م، تضمّ نحو20 شخصية شهيرة عالميا، يقف في طليعتها رئيس( الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تتبنى التقارب بين المذاهب الإسلامية) السابق محمد خاتمي، ومستشارملك المغرب الشاب محمّد السادس، " أندريه أزولاي" ( ومعه المناضل اليساري اليهودي المغربي إبراهيم السرفاتي)، والأسقف جنوب أفريقي" دسموند توتو".
لا ريب أن كلا من الإرهاب العالمي وبعض آليات محاربته يتصرف بغرض متعمد انطلاقا من نية التركيز على الاختلافات الثقافية القائمة. ولا ينبغي لصدمة أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول والتداعيات الناجمة عنها أن تجعلنا نحجب النظر عن "ذلك العدد الكبير من المطالب المحلية والتوترات الإقليمية الناجمة بسبب ضيق المصادر الأساسية". هذه المعطيات تم حجب الرؤية عنها بناء على قول الأمين العام السابق للأمم المتحدة، خافيير بيريتس دي كويار، من خلال الصراعات التي كانت دائرة في مرحلة الحرب الباردة. فقد أشار الأمين العام في تقرير صدر عام 1995 عن اللجنة العالمية المعنية بالثقافة والتنمية إلى أن تلك النزاعات والتوترات الإقليمية والمحلية جعلت "الناس مستهدفين من قبل دعاة الانتماءات الجماعية مما ولد عددا كبيرا من النزاعات الصغيرة بين الطوائف العرقية والدينية والقومية". هذا الأمر جزء من مسلسل "منطق الرفض" المشهود يوميا و"الإبراز الاستعراضي المبني على عشق الذات للفروق الطفيفة التي تستهدف السلام والأمن وتسلب كل إنسان معالم الكرامة الكامنة في عمق نفسه". في كتابه الصادر عام 1998 حول "الهويات القاتلة" وهو تحليل ميداني حول منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط ، يبين الكاتب أمين معلوف كيف أن الجيران يتحولون في بحر ليلة وضحاها إلى أعداء فقط لكونهم يعمدون فجأة إلى تهميش كائن حي مثلهم إلى صورة "الآخر" المختلف عنهم. هذه هي نفس الميكانيكية التي تعمد إلى خلق التجزئة بين الناس بسبب الانضواء تحت راية هوية جماعية مكتسبة طوعا أو إرغاما بدلا من الحفاظ على مبادىء حقوق الإنسان التي تكرس المساواة وتمنع الميز. وهنا هولندا المهجر التي تعرف مثل العراق بهويتها الفسيفسائية كما يتشابه علمها وعلم الوطن المهجع العراق، تبتعد حكومتها المنتخبة عن تركة ماضيها القرصني وعن تهميشها شعبها على أساس المذهب المسيحي الواحد الذي شاركه الإسلام اليوم الوطن الهولندي، فلم يعد الميز الديني على شىء من المعنى ولم يعد المبنى الإثني العنصري الشوفيني على أسّ أيّد راسخ.
إن ما نحن اليوم بأمس الحاجة إليه هو تطوير لغة مشتركة بغرض جعلنا قادرين على فهم الفروق الثقافية القائمة واحترامها دون المساس في هذا السياق بالقيم العالمية التي ندين بها. في هذا الصدد تحتل العناصر الخمسة التالية المتعلقة بمثل هذه اللغة المشتركة أهمية من نوع خاص. التعددية الثقافية سواء بين الدول أو داخل كل دولة على حدة أمر جوهري يتطابق مع التعددية البيولوجية للطبيعة. الفرد بحد ذاته يحتل أهمية فائقة بالنسبة للوصول إلى فهم أفضل للثقافات سواء كطرف ثقافي أو وسيط أو كعضو في المجموعة المتسمة بالتعددية الثقافية. من الضروري مراعاة العمليات التاريخية والبيوغرافية والفردية والجماعية للفروق الثقافية من حيث عناصر التقييم أو نقاط التشابك. إن تبني مقاييس الإيمان والمعرفة أمر جوهري. أما فرض القناعات الدينية على الآخرين فهو أمر يتناقض مع روح المعتقدات نفسها. وهذا يسري أيضا على إرغام الآخر بتبني قيم ما، لأن ذلك يتناقض "في آخر المطاف" مع القيم ذاتها على حد قول جاك ديلور. الأهم من ذلك هو ضرورة العمل على جعل مواطني العالم المتعدد الثقافات في القرن الواحد والعشرين قادرين على التعرف على الفروق القائمة في المجالات الثقافية والدينية ومن ثم فهم هذه الفروق واحترامها.
لقد جُبلت فطرة النفس الآدمية السوية على الإلفة، شعوبا وقبائل لتتعارف وتلتقي على مائدة الحوار الثقافي وزادها كلمة سواء بينها تتقاسمه، وما أكثر مثابات اللقاء الإنساني نسبة الى جزئيات التفاصيل ذات الخصوصية الجهوية والإثنية. ولم يكن الدين جزء من المشكل اليوم بعد مقولة ماركس بحقّ الكنيسة الظالمة لحقية دوران الأرض ولغاليلو وللبروتستانتي مارتن لوثر، على أنها أفيون العصر السوفيتي بقدر ما يكون جزء من الحل نحن في زمن من تداعياته؛ الحزب الشيوعي العراقي يعزّي صاحب العصر والزمان بإستشهاد سيّد شباب أهل الجنة سبط الرسول الإمام الحسين بن علي عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين. وهو ما تجاوز صاحب الإنترنت الإسلاموي والكردي الأوّل الذي يحجب نشرالغسيل الوسخ لجماعته، ومثله الثاني القوماني(القومجي) بالنسبة لقومه. أما اليساروي فيضع شرط الدفع بالدولار بإسم تبرّع، وثمّت من يهوّن بعبارة:" تبرّع ولو بدولار!" لموقع غيرمفضل لدى الأنتجلنسيا العراقية.
إستراتيجيا حوار الحضارات مسدسة الأضلاع:
1: عقم النمطية التقليدية لحوار الثقافات في العقود الماضية كونها قد كثفت جهودها على العناصر المشتركة للثقافات والأديان، وحري بها تدل على الأزمة الراهنة لضرورة تبادل حوار بصدد عناصر الإختلاف والإئتلاف.
2 : وجوب ملء فجوات المعرفة المتبادلة القائمة حيال الثيمات ذات "الحساسية الدينية"، حيث ينبغي نقل المعرفة للأفراد حول التعددية الدينية وبلغة خالية من التعصب الديني إلى الأشخاص المختلفين من حيث الدين والآراء وعلى مختلف مستوياتهم التعليمية. وجوب تضمين هذه المعلومات مداخلات عسيرة وأبعادا عاطفية مرتبطة بالشعائر والمشاعر الدينية. فجلّ الناس لا يعلمون بأن ثمّت قيما يعتبره الآخرون مقدس وقيما أخرى يرون فيها معالم للقذف.
3: في حالات عديدة للغاية شددت جهود متعلقة بالحوار على الهويات الجماعية القومانية (القومجية) الإثنية العرقية أو المذهبية الدينية، بدلا من الهُويات الفردية أو الهُويات الإجتماعية لمجموعة ما. بيد أنّ المنابر الحوارية المؤلفة من "ممثلي" الجماعات الدينية أو العرقية لها مردود عكسي. حيث ينبغي على حوار الثقافات إيجاد الأطر الملائمة للإحترام المتبادل حيال الهُويات الثقافية المتشابكة والمتعددة ذات الحراك سواء على صعيد الفرد أو الجماعة بالمفهومين الإجتماعي والثقافي.
4: ثمّت ضرورة ملحة لتقوية البعد الحواري القائم على أس حقوق الإنسان. إذ صادقت المجموعة الدولية قبل 60 عاما على مبدأ عدم إلحاق ضرر بشخص ما بسبب أصله أو صفته العرقية أو لون بشرته أو جنسه أو لغته أو دينه أو غير ذلك من أشكال المعتقدات والقناعات الفكرية. وبناء على المصطلحات الجديدة للأمم المتحدة ينبغي النظر إلى كافة الثقافات على صعيد واحد طيّب الرؤية. هكذا مبدأ ينفي في ذات الوقت مسوّغ المساس بحقوق الإنسان بدعوى وجود خاصية لتقاليد ثقافية ما.
5: بدلا من محض تقبل صيغة التعددية ينبغي تقوية أواصر التسامح الفاعل على أن يتسم ذلك العمل بروح الإحترام المتبادل. وذاك يتطلب توفر فرص علمية أفضل ونهج دراسي يُمنح الدارس دورا فعالا نشطا. في ذات السياق ينبغي ألا يكون التعليم حصرا على مجرد نقل المعلومات والمواد إنما يشمل أيضا ترتيب عمليات تعليمية أكثر تشعبا وشمولية. الدور الفعّال النشط يعني توفر المعرفة على نحو فاعل وجعل الدارس قادرا على تبوء أدوارا ومهام عدّة.
6: التنادي بمقاطعة شعب بكامله مؤشر ينذر بالخطر، و دليل على وجود تفاقم في الأحكام الإستباقية ورغبة في الثأر من شعور الميز من خلل القيام بفرز مضاد نحو طرف آخر. كما أنها تعني لجوء لأ نموذج الكيل بغير مكيال لأصل التذمّر.
______________________________________________________
(*) أيتها القوى الشعبية الأغلبية الصامتة. نحن أخوتكم في الهدف والمصير، من المثقفات والمثقفين العراقيين والعلمانيين والأكاديميين والعلماء في الداخل والمقيمين إضطرارا خارج الوطن. صارت أخلاقيات الغدر والقتل تخيف الملايين من أبناء شعبنا. كان وادي الرافدين.. طين العدالة مكتوبا عليه أوّل القوانين في القيم الإنسانية ذات الجذور الديمقراطية، ومنها أصغى الكون كله لتعاليم النبي الحنيف إبراهيم. نطالب الحكومة العراقية بالحزم ضدّ كل باغ معتد أثيم.. من بقايا لانظام البائد،
الساعين الى إشعال فتيل الحرب الأهلية. سلاما يا أتباع الديانات السماوية تحت الشمس المشرقة على وطن النهرين العظيمين وعلى الأرض العراقية التي منها إنبثقت رسالات العدل الأبدي. 24 ت2 / 2006م.