الحكيم ومواقفه المتناقضة

ياسر سعد / كندا

yassersaed1@yahoo.ca

وجه عبد العزيز الحكيم رئيس ما يسمى بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، انتقادات لاذعة وحادة لدعوة الامين العام للامم المتحدة كوفي انان لعقد مؤتمر دولي حول العراق. وقال الحكيم «نحن نعتقد ان مقترح الامين العام (كوفي انان) غير واقعي وغير صحيح وغير شرعي وغير قانوني». واضاف «هناك عملية سياسية انتجت برلمانا وحكومة، هي اقوى الحكومات في منطقة الشرق الاوسط، بسبب قاعدتها الشعبية الواسعة التي اتت من 12 مليون ناخب عراقي، هذه الحكومة تشكلت على اساس شراكة وليس من المعقول او الصحيح قبول الشعب العراقي بأن تصار قضاياه وتنحصر في مؤتمرات دولية». وتابع الحكيم، في مؤتمر صحافي في عمان، قبيل ساعات من توجهه الى الولايات المتحدة للقاء الرئيس جورج بوش، «نحن نعتقد ان الحل في بغداد وليس في مؤتمرات خارج العراق».

وفي ما يتعلق بزيارته الى الولايات المتحدة ولقائه ببوش، قال الحكيم «سيتم في هذه الزيارة التي اعد لها منذ فترة طويلة، بحث مختلف القضايا المتعلقة بالاوضاع العراقية والتطورات الحاصلة من اجل تقييم الاوضاع، فأميركا لها وجود مهم داخل العراق، وبالتالي المفروض ان يتم التباحث معها». واوضح ان «العديد من القضايا تحتاج الى توضيح وحديث ونقاش واتخاذ قرار»، مشيرا الى ان له جملة من الافكار التي «نريد طرحها على الرئيس بوش».

تصريحات الحكيم حافلة بالتناقضات الواضحة والتباينات الفاضحة, فالرجل يرى ان الحل في بغداد وهو يهرول ويهرع لواشنطن لإتخاذ القرارات حسب تصريحاته ذاتها. الحكيم يتكلم عن مقترح عنان بأنه غير واقعي وغير شرعي ولا قانوني, فهل يرى الرجل -الاسلامي بدعاويه وادعاءاته- ان الاحتلال الامريكي وما تبعه من عملية سياسية مبرمجة شرعي او قانوني او صحيح؟ يتحدث الحكيم عن اقوى حكومة في الشرق الاوسط, تلك الحكومة التي جاءت عبر انتخابات هزلية وباطلة لا تستطيع –ان لم نقل تفعل ذلك عمدا- ان تحافظ على الامن او تحمى موظفيها في وزاراتهم من عمليات خطف واسعة تنفذها ميلشيات نافذة ومن عمليات قتل وحشية تقترفها فرق الموت السوداء بحق علماء العراق ومواطنيه, بحيث اصبح من الصعب -ونحن نرى تلك العمليات تنفذ وبنطاق واسع فيما يرتدي مجرموها ثياب الشرطة والجيش- ان نقرر هل يتلقى اولئك المجرمون الدعم من الحكومة الطائفية ام تراهم جزء اصيل منها؟

السؤال الذي يفرض نفسه, لماذا يسافر الحكيم من عمان ليلتقي ببوش في واشنطن, وقد كان الرئيس الامريكي في الاردن؟ وهل يلتقي هذا الامر مع الرفض القاطع وتصريح الحكيم العنيف بحق عنان, برغم من ان ما يزعم انه قوات متعددة الجنسيات في العراق المحتل قد صبغت على وجودها الاحتلالي صبغة قانونية زائفة من خلال قرارات اممية ودولية!! يبدو لي ان هناك بودار صفقة امريكية-ايرانية عرابها رجل ايران الاول في العراق –عبد العزيز الحكيم- ولإن تلك الصفقة ستكون على حساب العراق ووحدته وسيادته بل وعلى حساب أمن جيرانه فالرجل لا يريد لتفاصيلها ان تتسرب في عمان ولا يريد لمشاركة دولية ان تفسدها.

 التناغم الايراني الامريكي حول الملف العراقي ليس جديدا ودور الحكيم فيه كان بارزا وفاعلا فقبيل الانتخابات التى رعاها الاحتلال الامريكي في العراق صرح كولن باول وزير الخارجية الامريكي وقتها بان حكومة عراقية مستقبلية خاضعة لهيمنة الشيعة ومتأثرة بأيران لن تشكل تهديدا للولايات المتحدة الامريكية أو مصالحها, فرد عليه عبد العزيز الحكيم في مؤتمر صحفي بانه اذا ما فاز تحالفه بالسلطة فانه لن يطالب بالانسحاب الفوري للقوات الأميركية، بل سينتظرون بدلا من ذلك اعداد جيش عراقي قوي أولا.

الحكيم حذر في مؤتمره الصحفي في عمان من ان «الحرب الطائفية ان وقعت، لا سمح الله، فلن يكون هناك رابح او خاسر، فالكل سيكون خاسرا». كذلك اكد ضرورة الحفاظ على وحدة العراق، وقال ان «المساس بوحدة العراق خط احمر، ونحن نرفض اي فكرة لتقسيم العراق». وحول رأيه بـ«مذكرة التحقيق» الصادرة في حق الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين السنة في العراق، التي تعد من اكبر المرجعيات السنية في العراق، قال الحكيم «لا اعرف ان كانت هناك مذكرة صادرة او لم تصدر، فأنا لم اتابع الموضوع وغير مطلع عليه». واضاف «لكن مع الاسف ان بعض الرجال هم رجال فتنة ورجال تشنج ورجال كان دورهم دائما دور التخريب ودور العداء للشعب العراقي ». الحكيم في تصريحاته يمارس تقية سياسية صارخة , فالرجل عندما كان رئيسا لما سمي بمجلس الحكم كان من اول تصريحاته بوجوب دفع تعويضات عراقية ضخمة لإيران, وهو الذي يصر وبإستماتة عجيبة على موضوع فيدرالية الجنوب وقانون الاقاليم واللذان سيشكلان مدخلا واضحا وبوابة عريضة لتفتيت العراق وتمزيقه لصالح الطموحات الايرانية في التوسع والهيمنة الاقليمية. وتتجلى تناقضات الرجل واضحة بزعمه انه لا يعرف بموضوع المذكرة المشينة بحق الضاري وانه غير متابع لهذا الموضوع الخطير والحساس وليس بمطلع عليه, فعلى أي الموضوعات إذا يطلع السياسي العراقي الحكيم ويتابع؟ وما قيمة حديثه عن الوحدة الوطنية ان لم يتابع مثل هذه الالغام؟ والتي تستهدف وحدة العراق وتماسك نسيجه الاجتماعي إلا اذا كانت تصريحاته –وهى كذلك برأيي- استهلاكا اعلاميا رخيصا ولذر الرماد في العيون.

لقد اقترف الحكيم وميلشياته المسماة بفيلق بدر جرائم ضد العراق والانسانية فقد شكلوا وما يزالون غطاء للاحتلال الامريكي واداة للهمينة الايرانية والتي استهدفت العراق دولة وسيادة وثروة وعقولا اكاديمية وعلماء, محولين العراق والتي تحكمه اقوى حكومة في الشرق الاوسط حسب الحكيم الى دولة ممزقة والى مقبرة جماعية واسعة, ناشرين فيه ثقافة الحقد والقتل الطائفي وزارعين في ارجائه فرق الموت والتعذيب الوحشي وكان من نتاج حكمهم وتسلطهم ونهبهم للبلاد انتشار الفقر المدقع والبطالة المفزعة والاحوال الاجتماعية والانسانية المفجعة والهروب الكبير لطاقات العراق وكوداره من عراق الحكيم وامثاله, عراق القتل والميليشيات السوداء الى الشتات والمجهول.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com