المحاصصة واثرها على الاقتصاد العراقي

غفار العراقي / كاتب يعشق العراق

gaffar_1370@yahoo.com

ان مفهوم المحاصصة يعتبر مفهوما حديثا خصوصا بالنسبة للمجتمع العراقي الذي لم يألف هكذا أطروحات أو تقسيمات إبان الحكومات السابقة التي لم يكن للتعددية فيها من مكان. والغاية من أسلوب المحاصصة هو توزيع الموارد والمناصب بنظام وشكل طائفي أو عرقي أو حزبي أو غيرها من أساليب اقل ما يقال عنها أنها غير عادلة كونها لا تستند إلى التوزيع الجغرافي للسكان ولا على الكفاءة العلمية والثقافية التي يتمتع بها الأفراد فهؤلاء يهملون ويهمّشون لمجرد عدم انتمائهم لحزب أو طائفة. وأوضح ما يمثل هذا الأمر ما يحصل عند المعركة الانتخابية التي تكون أطرافها عدة أحزاب وقوميات وحركات فترى ان الكفاءة وحدها تفشل في الحصول على الأصوات التي توصلها إلى البرلمان لان الأعم الأغلب من الناخبين أما يتبع مرجعيته ( سواء الدينية أو السياسية) أو يتبع عقله وهواه أو لديه أغراض أخرى وفي تلك الأحوال لا يكون للتكنوقراط والمثقفين المستقلين أي مكان أو حضوة في الفوز.

ولم يك هذا التقسيم موجودا في العراق قبل دخول القوات المحتلة ارض العراق، فقد ساعدت تلك القوات وبصورة كبيرة وواضحة على إذكاء روح الطائفية والحزبية والقومية ومحاولة طمس وإنهاء المواطنة وخصوصا لدى القادة السياسيين الذين يتحملون وزرا كبيرا في ذلك. فمنذ تسليم إدارة العراق بيد السفير الأمريكي (بريمر) بدأ المخطط الكبير بتشكيل مجلس للحكم يتألف من عدة أحزاب وقوميات ومذاهب وكان هذا الرجل يؤكد على الطائفية في توزيع المناصب في ذلك المجلس - كما يذكر هو في كتابه- كما انه ابتدع أسلوبا جديدا لرئاسة المجلس (حسب الحروف الأبجدية ) وهو الحجر الأساس الذي وضع لبناء أسس المحاصصة الطائفية والمذهبية التي تخدم وجودهم في العراق ومخططاتهم المستقبلية الرامية إلى تقسيمه!

وفعلا كان لهم ما أرادوا وأصبح كل حزب بما لديهم فرحون وكلّ يجر النار إلى قرصه ويستميت (ويميت) في الدفاع عن مصالحه الشخصية والحزبية والمذهبية بدون الالتفات إلى مصلحة البلد والشعب، فالكورد تمسكوا بمشروع إقليم الشمال بل أنهم هددوا في أكثر من مناسبة بالاستقلال ( الانفصال ) عن العراق إذا ما عارض احد أي خطا أو التفاف على القانون أو حتى إذا طالبت هيئات النزاهة احد وزرائهم بالاستجواب!

أما القائمة الشيعية وعلى لسان رئيسها فقد وجدت أن لا خلاص لها من الدكتاتورية إلا التساوي مع أقرانهم الأكراد في إعلان فدرالية الوسط والجنوب ( رغم أنهم أغلبية ومتهمون بالدكتاتورية في الحكم من قبل جبهة التوافق وجبهة الحوار وجبهة المصالحة المحسوبات على إخواننا السنة ).

وهكذا استمر الشد والجذب السياسي الطائفي المذهبي واستغل الأعداء من تكفيريين وبعثيين هذه الفرصة وبدأوا بمخطط إشعال الفتنة الطائفية من خلال القتل والتهجير الذي مورس ويمارس ضد أبناء المذهبين.

وإزاء كل ذلك كان الاقتصاد العراقي يترنّح اثر الضربات التي توجه إليه من هذا الحزب أو تلك القومية أو ذاك المذهب فالكل يطالب بحقوقه الشخصية أو الطائفية أو المناطقية غير آبهين أو ملتفتين إلى الأثر السلبي الذي يتركه كل ذلك على اقتصاد وثروة البلد ولهذا السبب لا يمكن للقانون إيقاف الفساد الإداري المستشري في جميع مفاصل الدولة لان التوافقات بين القوائم والتراضي بين الفائزين بالأصوات أعلى وأقوى من قوانين الدولة، والأرقام الخطيرة التي كشفتها مفوضية النزاهة حول مال الشعب العراقي المغتصب لدليل واضح على غلبة المحسوبيات والعلاقات والتوافقات التي تقلب الحقائق ناهيك عن التهديدات التي تصدر من قبل بعض الساسة بترك العملية السياسية إذا ما تجرأت مفوضية النزاهة بإعلان أسمائهم أو تحويل ملفاتهم إلى القضاء فضلا عن الذين يهددون بحمل السلاح إذا ما كشفت مخططاتهم!

ولتلك الأسباب وغيرها استمر هدر مال المحرومين المساكين من أبناء العراق النازف الذين يحلمون براتب بسيط يكفيهم ذل السؤال ومرارة الحسرة والحاجة ولا يرغبون بالسيارات الفارهة ولا يتطلعون لقصور عاجية ولا مناطق خضراء ولا حمايات ولا كلاب بوليسية ولا ولا ولا... لأنهم وبكل بساطة اعتادوا القناعة منذ الولادة فالمحرومون هم الذين اخترعوا القناعة!

وعلاوة على كل ذلك فهناك هدر آخر للأموال العراقية التي أصبحت سائبة بفضل المحاصصة وهي :

1- هدر مبالغ طائلة عن طريق تهريب النفط والآثار وغيرها.

2- هدر مبالغ طائلة بمشاريع وهمية أو شبه وهمية.

3- هدر مبالغ طائلة لقوات الاحتلال وجنودها وكلابها.

4- هدر مبالغ طائلة لدفع التعويضات عن حروب صدام الخائبة التي لم يكن للشعب فيها أي رأي.

5- التهاون في استعادة أموال العراقيين المهربة من قبل صدام وأزلامه.

6- هدر مبالغ طائلة لحماية المسؤولين الحكوميين بسبب استمرار أعمال العنف (المفتعلة).

7- هدر مبالغ طائلة على آلآف المعتقلين غير المحكومين في السجون العراقية والأمريكية.

فما الذي بقي للشعب العراقي، وكيف ستستطيع الحكومة أن تواجه الإرهاب إذا كان الإرهاب المالي يمخر بها من الداخل!

إن على الحكومة أن تستنفر كافة طاقاتها لمحاربة تلك الآفة السرطانية اللعينة التي لا تقل إن لم اقل اكبر من خطر الإرهاب الدموي ويتم ذلك بعدة طرق أهمها :

1- تفعيل لجان النزاهة وإعطاءها أهمية كبيرة جدا من حيث العدد والصلاحيات.

2- تفعيل قانون الإرهاب واستحداث فقرة للفساد الإداري والمالي.

3- تفعيل القضاء والإسراع بمحاكمة المعتقلين وإطلاق سراح الغير مدانين.

4- العمل على إعادة أموال العراق المهربة من قبل نظام صدام.

5- مراقبة الصادرات النفطية من خلال استحداث قوات أمنية جديدة خاصة بهذا الغرض فقط.

6- مراقبة المشاريع الكبرى واستحداث لجان هندسية وفنية خاصة لهذا الغرض فقط.

7- تعديل رواتب الموظفين عموما بشكل يضمن التقليل من أو عدم قبولهم الرشا.

8- القضاء على البطالة المتفشية وتشغيل جميع العاطلين في المشاريع والدوائر المدنية والعسكرية.

9- مراقبة الحدود مراقبة جدية ووضع عناصر وطنية وكفوءة ونزيهة لهذا الغرض.

وآخر الكلام أقول إن العراق بلد للعراقيين جميعا فيجب على كل عراقي أن يعمل ما بوسعه ليكون بلده في المقدمة من جميع الجهات وفي كافة المجالات لان الإنسان مهما تقدم وحقق من نجاح فلا يعادل ذلك أن يقال إن بلده ناجح.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com