كيف يريد تقرير بيكر وهاملتون التوصل إلى إتفاق بشأن كركوك؟؟

 أحمد رجب

ahmad-rajab@maktoob.com

في الوقت الذي صدرت في بغداد مذكرة توقيف من قبل الحكومة العراقية بحق حارث الضاري الذي  يترأس الهيئة المسماة ''علماء المسلمين'' والذي قام بزيارات مكوكية بين الدول العربية الأكثر رجعية حيث استقبل بحرارة من قبل الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز والملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري حسني  مبارك ورئيس الجامعة العربية عمرو موسى وإستمرار السفير الأمريكي زلماي خليلزاده في لعبته القذرة بجمع بقايا البعث الفاشي وعناصر الإرهاب والقوى الظلامية وجرها إلى ما تسّمى بـ ''المصالحة الوطنية'' صدر تقرير جيمس بيكر و لي هاملتون.

عند قراءة تقرير بيكر ـ هاملتون يشعر المرء بأنَ الغباء قد سيطر على ''السياسيين المحنكين'' من أمثال جيمس بيكر ورهطه من الجمهوريين والديموقراطيين على حد سواء، ففي التوصية الأولى (النقطة الأولى) يريد أصحاب التقرير العمل مع الحكومة العراقية لبدء (هجوم) ديبلوماسي شامل قبل نهاية الشهر الجاري، وأن أهداف الحملة (الهجوم) في التوصية الثانية هي: دعم وحدة العراق وسلامة أراضيه، ووقف التدخلات وأعمال زعزعة الإستقرار من جانب جيران العراق، وتأمين الحدود بما في ذلك تسيير دوريات مشتركة مع دول الجوار، إلى مساعدة العراق على التوصل إلى إتفاق مقبول في شأن كركوك !!.

انّ الغباء عند بيكر وهاملتون قد وصل إلى درجات عالية، فتقريرهما الذي يحمل بذرات الشر للعراق وللكورد والمنطقة برمتها غير عادل وفي طيّاته العديد من ''التوصيات''  الخطيرة، ومحاولات يائسة، ولكنها محاولات أمريكية لفرض الشروط على الشعوب التي ناضلت وحاربت دكتاتورية صدام حسين،  كما من شأن هذا التقرير تقويض السيادة والإستعلاء على الدستور العراقي، ومن الجدير هنا طرح سؤال: أليس غبياً من يريد حل مشاكل العراق من خلال ''هجوم ديبلوماسي'' غير واضح المعالم؟!، وسؤال آخر: كيف يريد أصحاب التقرير خلال اسبوعين وقف التدخلات وأعمال زعزعة الإستقرار؟؟!!، كيف يتم تأمين الحدود، وكيف يمكن تسيير دوريات مشتركة مع دول الجوار؟؟!!. أبهذه السهولة يفكرون ؟؟!!.

هل يعلم الأغبياء بأنً لكل دولة مجاورة، أو الدول الأخرى أجندتها الخاصة، وأطماعها في العراق؟؟، أم إنهم يحاولون خنق العراق من أجل الآخرين؟؟.

منذ فترة ليست قصيرة يجري الحديث وتطلق شائعات بين فترة وأخرى عن إجراء أو إحتمال إجراء حوار بين الحكومة وأطراف أخرى، ويأتي في المقدمة دعوة أيتام البعث الساقط وقوى الإرهاب، وعناصر سنية موالية لهم، ويعلم الجميع بأنّ السفير الأمريكي زلماي خليلزاده قد لعب دوراً فعّالاً ومشبوهاً في جمع الذين كانوا السبب في جر الويلات والكوارث والحروب على العراقيين، ولكن مهما فعل ويفعل زلماي خليلزاده فانّ الحوار لا بدّ أن يرتبط بتوفير المستلزمات الضرورية التي من شأنها تهيئة الأجواء المناسبة من توفير الأمن لضمان الحد الأدنى من جدية هذا التوجه الفاشل لحد الآن.

من الضروري التأكيد على المسؤولين في الحكومة وعلى جماهير الشعب بعدم تصديق الوعود الأمريكية، فالأمريكان ينسون وعودهم، وهم يعملون على تفصيل الأمور حسب منهجيتهم الخاصة ورؤيتهم السياسية لمستقبل العراق ووجودهم في المنطقة، وعندما يجدون المناخ المناسب لتحقيق مراميهم وتوجهاتهم يضربون عرض الحائط إتفاقاتهم السابقة التي أقدموا على إبرامها يوم كانوا متلهفين وبحاجة ماسّة لها.

انّ التناقض بين الأقوال والأفعال والوعود الأمريكية بدا واضحاً، ممّا يثير تساؤلات كثيرة عن مصداقية إدارة جورج بوش، ويلقى بظلال كثيفة على سياسة دولة عظمى يفترض أن تتّحمل مسؤولية كبرى في صيانة الأمن والإستقرار لا في العراق فقط، بل في العالم.

انّ تقرير بيكر ـ هاملتون يدعو إلى مراجعة الدستور العراقي بمشاركة خبراء من الأمم المتحدة، وهذا أمر مرفوض جملةً وتفصيلاً، ويعتبر تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي للعراق، ويؤّثر سلباً في الأوضاع الشاذة التي يعيشها العراقيون.

تتركز توصيات بيكر على الجيش والشرطة ودول الجوار والنفط وكركوك وتقوية المركز على حساب الأقاليم، الأمر الذي دفع توني بلير ليقول كلاماً خطيراً في تصريحاته الداعية إلى تأسيس جيش عراقي قوي للحفاظ على مصالحهم، وقد نسى بأنّ العراقيين يدفعون لحد الآن دماؤهم كضريبة لجيش صدام حسين القوي.

أمّا بدعة مشاركة دول الجوار، هي وصفة أمريكية لإيقاظ الدوافع والنوايا الخبيثة المبيتة، وإشعار هذه الدول التي تتّخذ مواقف العداء للعراق بالتدخل في شؤونه بالضد من إرادة أبنائه، ويحاول أصحاب التقرير مواجهة تخصيب اليورانيوم من قبل إيران التي تعمل لإمتلاك السلاح النووي، أو عدم إنصياع النظام السوري الدكتاتوري لتنفيذ القرارات الدولية، أو التصرفات الشاذة للنظام التركي بالدعوة أو تقديم الرشوة من خلال الحوافز لتلك الأنظمة من خلال بسط يدها للتجاوز على إستحقاقات العراقيين.

تبدأ توصيات بيكر ـ هاملتون بكلمات وحروف الجر : ينبغي، يجب، يتطلب أو على، ولا تذكر لا من قريب أو بعيد أقليم كوردستان، وحتى أسم الكورد الذي ورد مرة واحدة في التوصية 27 عندما أقحم الأسم في ''المصالحة الوطنية''مع إعادة البعثيين والقوميين العرب إلى الحياة الوطنية، مع رموز نظام صدام حسين.

من هنا نقول بأعلى صوتنا ككورد ونقول : نؤيد كل ما جاء برسالة السيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان عندما قال : اننا غير ملتزمين وباي شكل كان بتقرير اللجنة.

ونقول :

انّ الكورد طالبوا ويطالبون الإلتزام بنصوص الدستور العراقي الذي أقّرّه العراقيون من العرب والكورد والتركمان والكلد الآشور السريان والأرمن، وهم يطالبون بعدم التدخل في عائدات النفط ومسألة كركوك كما جاء في التوصية 30، وفي الوقت الذي نرفض ككورد التحكيم الدولي في قضية داخلية، نؤكد بأن الدستور العراقي المقر من قبل الشعب يحدد الحلول الصحيحة لمسألة كركوك الهامة، ولا نوافق على تأجيل هذه المسألة القومية ، وندعو بالمقابل من حكومة السيد المالكي تطبيق المادة 140 من الدستور، واننا ككورد نرفض أي تدخل في شأن الدستور الذي حدّد آليات تطبيق هذه المادة التي لم تبدأ حكومة السيد المالكي للبدء في تطبيقها مع الأسف، بل عطّلتها وبالمناسبة نجدد دعوتنا لتطبيقها وسد الأبواب على الذين يحاولون دس أنوفهم في مسألة لا تعنيهم، ومن حقنا أن نتساءل عن إجراءات الحكومة المركزية لمعالجة أوضاع شعب كوردستا! ن المأساوية في كركوك والمناطق الأخرى المستقطعة من كوردستان، والتي هي نتاج السياسة الشوفينية الدموية التي قامت على التهجير والتعريب والإبادة الجماعية بأبشع صورها التي تمثلت بإستخدام السلاح الكيمياوي على نطاق واسع في كوردستان من قبل نظام صدام حسين المنهار.

أنّ حكومة السيد المالكي ليست جدّية في حل مخلفات النظام السابق، إذ أنّ معالجة الأمور تستلزم قبل كل شيء إعادة المهجرين إلى مدنهم وقراهم في كوردستان وتعميرها، حيث لا يمكن للمرء أن يعيش في العراء، والشتاء قد بدأ، كما يجب تعويض أولئك الذين هجروا، عمّا لحق بهم من أضرار.

وتقرير بيكر ـ هاملتون يشّدد على تقوية الحكومة المركزية وإضعاف في سلطة الأقاليم (كوردستان) مثالاً، وهذا يتعارض مع مباديء الفيدرالية والدستورالعراقي الذي يشّكل الأساس للعراق الديموقراطي الفيدرالي.

يعطي التقرير الحق لدول الجوار الرجعية والدكتاتورية التدخل في العراق، وهذا العمل عدواني ولا ينسجم ومصلحة الشعب العراقي عامة والشعب الكوردستاني خاصةً، وأنّ إطلاق يد الحكومات التركية والإيرانية والسورية غير منتج وغير مثمر، وان لكل واحدة منها أطماع وغايات باتت معروفة، وهذه الحكومات لا تحترم الحقوق المتدنية لشعوبها والقوميات التي تعيش فيها.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com