|
فالح حسن ودوره في ديمومة وتطور الغناء الريفي جعفر المحمداوي / بغداد يدين الغناء الريفي ومحبيه بالفضل الكبير لعازف الكمان المبدع فالح حسن. ولد الفنان فالح حسن المطيري المحمداوي في محافظة ميسان في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي ونشأ وترعرع في أرضها وتحت سمائها حيث الطبيعة الخلابة ورائحة العنبر وأسراب الطيور و المشاحيف المنسابة في مياه أنهارها وأهوارها وهي تشق طريقها وسط أغصان البردي المتعانقة وكذلك ليالي السمر في مضايفها الجميلة حيث الحكمة والموعظة و الشعر والطرفة والمواويل والأصوات الفطرية الجميلة المعبرة عن واقع وهموم الناس. وسط هذه الأجواء نشأ فناننا حيث بدأت هذه الأنغام تحدث وقعا في قلبه ووجدانه وبدا وكأنه يملك حسا مرهفا و أذنا موسيقية مكنته من تلقف الأنغام والأطوار التي كان يرددها المطربون آنذاك حيث لم تكن آلة الكمان تستعمل في الغناء وكان الإيقاع يتم بالنقر على الصينية كما كان يفعل المطرب كريري (رحمه الله) ومما ساعد في ذلك كثرة المطربين الكبار الذين كانوا يحيون الحفلات في الأعراس و المناسبات المختلفة أو جلسات الطرب التي تقام في المضايف والدواوين ومن بين هؤلاء المطرب الكبير مسعود العمارتلي وجويسم كاظم وثجيل وهذال أولاد مهيون وغيرهم.ولحبه الشديد للطرب الأصيل سعى الفنان فالح حسن إلى ولوج هذا العالم من بابه الواسع كعازف وخصوصا أن نضجه الموسيقي واكب وجود عمالقة الغناء الريفي أمثال حضيري أبو عزيز وناصر حكيم وداخل حسن وهكذا أصر على تطوير وصقل موهبته أكاديميا فتعلم أصول العزف على آلة الكمان في (معهد الأمل) ببغداد وبدأ في ولوج هذا العالم الواسع بالاشتراك مع الفرق الموسيقية كعازف رئيسي حيث برع وتفرد بين أبناء جيله و عرف عنه إلمامه ومعرفته التامة بأسرار كافة أطوار الغناء الريفي واتقانه الشديد لمقامي الصبا والبيات والتي ترتكز عليهما معظم أطوار ألا بوذية وبدأ منذ ذلك الحين عطاء هذا الفنان الأصيل والمبدع فاعطى للكمان كل موهبته ووقته لا بل أعطى روحه فجعلك وأنت تستمع إليه تشعر وكأن هذا الصوت يخرج من صدره ليدغدغ شغاف قلبك ويملئه شجنا يشدك بالحنين إلى ريفنا الأصيل وطيبة الأهل وذكريات المضايف والدلال.مع الوقت ازدادت عبقرية هذا الفنان واصبح مطلوبا من قبل مطربي الريف و أصحاب شركات ومكاتب التسجيلات في إحياء الحفلات متنقلا بين محافظات جنوبنا الحبيب كافة وصاحب ذلك بزوغ نجم الجيل الذهبي من مطربي الريف أمثال السيد محمد السيد كاظم وخلف لازم وعبادي العماري وحسين سعيدة وسلمان المنكوب وجواد وادي وعبد الواحد جمعه وعبد محمد ومجيد الفراتي ونسيم عودة وسعدي الحلي وامتدت مسيرته مرورا بالجيل اللاحق أمثال فرج وهاب ومدلل عامر وسيد جليل وهاني الشموسي وصولا إلى مطربي الجيل الحالي يونس العبودي ورعد الناصري وكاظم شنينة وكامل كشاش وفيصل السيد محمد وغيرهم و مازال هذا الفنان يرفد مسيرة الغناء الريفي بعطائه وإبداعاته . وإذا نظرنا إلى مسيرة هذا الفنان وإنجازاته في مجال الأغنية الريفية نجد انه ابتكر وطور في العديد من الجوانب ففي مجال التسجيلات يعتبر فالح حسن أول من ابتدع اسلوب التوثيق فعند سماعك لحفلة مسجلة على شريط تجد اسم المطرب والفرقة الموسيقية وتاريخ ومكان التسجيل وكذلك الضيوف فأصبحت هذه اللازمة تضفي جمالية على التسجيل لما يمتلكه من عذوبة الصوت .أما في مجال العزف فقد ابتدع فالح حسن اسلوب إقحام مقطوعة موسيقية سائدة لتتخلل ألا بوذيات وذلك ليعطي للمستمع متنفسا ناقلا إياه من أجواء الشجن إلى أجواء الطرب .ومما يسجل ايظا للفنان فالح حسن قيادته للفرقة الموسيقية ولعبه دور الموزع الموسيقي أو المايسترو كما يطلق عليه من ضبط للإيقاع وإقحام للآلات الموسيقية في اللحظة المناسبة أضافه إلى توجيه المطرب وبخاصة قليلي الخبرة ليضعه على مسار الطور المطلوب من دون أن يشعر المتلقي بضعف أداء المطرب وهي ميزة يدين لها بالفضل معظم المطربين.بقي أن نشير إلى أن الفنان فالح قد وظف خبرته في توجيه وتدريب العازفين الجدد إيمانا منه في ديمومة واستمرار هذا التراث الجميل فلم يبخل عليهم بالمعلومة أو النصيحة.وفي مجال الإذاعة والتلفزيون كان فالح حسن نجما متألقا في العديد من البرامج واللقاءات وحفلات المطربين أمثال رياض احمد وحسين نعمه.هذا هو الفنان فالح حسن الذي يسحرك بصوت كمانه وخاصة عند استماعك لطور المحمداوي أو الصبي وغيرها من الأطوار الشجية .وكغيره من المبدعين لم ينل فالح حسن نصيبه من التقييم والتكريم لما قدمه من عطاء ولازال حتى يومنا هذا لما يمتلكه من موهبة و مهارة في العزف على آلة الكمان بما يجعله يضاهي كبار عازفي الكمان في الوطن العربي أمثال احمد الحفناوي ومحمود القصبجي وعبود عبد العال وسواهم.أمد الله في عمره وأدامه لفنه ومحبيه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |