|
وزع مقاعد الجنة على عامة الناس..لكنه نسى نفسه!! جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية
غريبة وعجيبة هي تصرفات الدكتاتوريات... وأينما كانوا... فلا تشبع رغباتهم حينما : ـ يحكمون الشعب بالحديد والنار.. ولاوجود لمن يرفع صوته حتى في الغناء !!الا حينما يُمجد!!. ـ كل الشعب و الثروات الوطنيه ملكه الشخصي.. كل شىء من صناعة وتجارة وزراعة ملكه وملك أفراد ألأسرة !!. ـ كل الصحف والمجلات وألأذاعات ومحطات التلفزة ووكالات ألأنباء شغلهم الشاغل تمجيده فقط ..ولا أعتبار لأذواق الناس... وألأهم على الناس أن يتابعوا كل مايكتب وينشر عنه وبالتالي عليه أن يحفظ خطابات سيادته على ظهر قلب!!. ـ وضع العشرات لابل المئات من التماثيل له ، تارة بالملابس المدنية وتارة بالعسكرية وتارة بملابس غريبة وعجيبة ... المهم تواجده بين الناس ليلأ ونهارأ !!. ـ توضع صوره في كل مكان : في الكتب المدرسية ، على العملات الوطنية .. في الدوائر..داخل المنازل ... الويل لمن يزيل صورة واحدة .. العقوبة جاهزة ... رميأ بالرصاص أو شنقأ حتى الموت !!. ـ يقومون بتأليف مؤلفات أشبه بقصص (القط والفار) مع ذلك تقوم الماكنة ألأعلامية بتضخيم ألأمور وتجعل من تلك (التفاهات والترهات) بمثابة كتب سماوية ..لالبل أكثر لكونها تخدم المرحلة الراهنة !!!. ـ الحزب الوحيد هو حزب السلطة .. لاوجود لأي حزب أخر...!!. ـ أعياد ميلاده وميلاد أفراد أسرته أهم من كافة ألأعياد الدينية والوطنية !!!. ـ كلامه كلام منزل... لابرلمان ولاحكومة ومجالس شعبية وبلدية .. هو وبس..لاكلمة فوق كلمته .. ومن يتجرأ ويقول العكس.. فالعقوبات جاهزة !!!. ـ أصدار قرارات غريبة وعجيبة ...يتدخل في كافة مفردات الحياة .. المهم يريد أن يقول : أنا كل شىء!!. ـ عشرات الأمتيازات والتصرفات ألأخرى !!. من بين هؤلاء من الذين حملوا أنفسهم عشرات ألألقاب وأبرزها (تركمان باشي) .. أي رئيس كافة التركمان .. هو الرئيس التركمانستاني (صابر مراد نيازوف) الذي توفي أمس ، ذلك الرجل الغريب والشاذ الذي حكم بلاده (تركمانستان) لأكثر من عشرون عامأ فكان ألأغرب من بين العشرات من دكتاتوريات العالم تولي "نيازوف" منصب الأمين العام للحزب الشيوعي في تركمانستان إبان الحكم السوفييتي السابق. ثم انتخب أول رئيس للبلاد بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991. يذكر أنه كان قد أعلن على الملأ أنه مصاب بعلة قلبية الشهر الماضي . وقبل أن نتحدث عن مأساة هذا الشعب المسلم يجب أن نعرف أن هذه الجمهورية السوفيتية هي واحدة من جمهوريات آسيا الوسطي الإسلامية تحدها من الشمال الشرقي أوزبكستان وكازاخستان من الغرب وبحر قزوين من الجنوب ومن الجنوب الشرقي أفغانستان، ويشكل المسلمون 95 % من سكان البلاد التي يبلغ تعدادهم 5 ملايين تركماني بينهم 5 % من الروس الأرثوذكس . وتعد العاصمة -عشق أباد- مركزا للسلطة وأهم مراكز المال والاقتصاد في البلاد ومعها عديد من المدن أهمها -سارد ودهور وياسوزا مادري-. ورغم أن تركمانستان تعد أقل دول آسيا الوسطي تعدادا للسكان إلا أنها تعد من الدول الغنية بالنفط والغاز الطبيعي، كما أنها تنتظر تقاسم ثروة بحر قزوين مع أربعة من الدول المجاورة لتصير من كبار الدول المنتجة للنفط في العالم، ويحكم أوزبكستان نظام جمهوري غير تعددي حيث يسيطر الرئيس نيازوف على السلطات كافة هو وحزبه الديمقراطي التركماني وريث الحزب الشيوعي السوفيتي . تركمانستان شأنها شأن العديد من الجمهوريات السوفيتية السابقة حصلت على الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991 ، وحاول شعبها التواق إلى الإسلام العودة إلى جذوره بعد سبعين عاما من الشيوعية وهو ما أيده في البداية الرئيس نيازوف حيث خرجت أعداد كبيرة تصل إلى 15 ألفا لأداء فريضة الحج في المملكة العربية السعودية، وشهدت البلاد ازدهارا في إنشاء المساجد وعودة جمعيات الإغاثة والدعوة الإسلامية إلى العاصمة -عشق أباد- وهو الأمر الذي لم يدم طويلا حيث لم يكن الأمر إلا خطوة تكتيكية من الرئيس نيازوف لاجتذاب الدعم العربي وهو الأمر الذي تحقق في بداية الاستقلال. وما إن وصل الدعم إلى خزائن نيازوف حتى بدأ الانقلاب على المظاهر الإسلامية في تركمانستان من قواته التي بدأت تشن حملات على المساجد والمدارس الإسلامية وتعتقل المعلمين فيها ووجهت الآلة الأمنية للرئيس نيازوف ضربات قاصمة لكافة التيارات الإسلامية الوليدة في البلاد فأجهضتها وأغلقت العشرات من المساجد وقام باعتقال كل من يطالب بالعودة إلى الإسلام والحكم بالشريعة الإسلامية. أغرب قراراته : 1 / وبّخ مذيعي ومذيعات التلفزيون لوضعهم المساحيق بكثرة على وجوههم، مطالبا إياهم بأن يكونوا طبيعيين. 2 / أراد إعلان نفسه نبيا بشكل رسمي وقال المصدر نفسه إنه جرت مناقشة إطلاق حملة في هذا الاتجاه قريبا في أوساط تركمانباش (والد كل التركمان) كما يحب نيازوف أن يسمي نفسه.وجاءت هذه المعلومات عقب نشر جريدة نوترالني تركمانستان الرسمية مقالا للناطق باسم رئيس الدولة كاكامورا بالييف بعنوان: مقولات نبي- النبي صابر مراد. 3 / قرر منع اللحى والشوارب،.. البداية كانت مرسوما جمهوريا يمنع إطالة الشعر، ثم رأى فخامته أن الشنب واللحية شيء مقرف، طالما أنه كرئيس دولة مزمن و"مؤبد" بلا شنب أو لحية، ومن ثم فقد أعطى أفراد شعبه مهلة أسبوع واحد ليتخلصوا من لحاهم وشواربهم،.. وقال الفرمان الجمهوري إن وجود أي شعر على الوجه يعتبر جريمة تستوجب الملاحقة القضائية، ومن ثم صارت الشرطة في تلك البلاد توقف المارة وتلقي نظرة على وجوههم وإذا لمحوا أثرا لشارب أو مشروع لحية وضعوا ملصقا "ستيكر" على وجه الرجل، بما يعني أنه ارتكب مخالفة وعليه أن يذهب طوعا إلى مخفر الشرطة ليبقى في الحبس إلى حين حضور حلاق رسمي لتخليصه من جريمته، وبعدها يدفع الغرامة ويخرج، ولكن العقوبة ستصبح لاحقا السجن لأن اللحية والشنب يعتبران تحديا لفخامة الرئيس الذي تستنزف تماثيله ربع ميزانية الدولة! والمعروف أن التركمان بحكم أنهم أتراك يعتبرون اللحية والشارب المبروم من علامات الرجولة، ومن ثم قاوم بعض شباب الجامعات القرار النيازوفي فكان مصيرهم الطرد.. والمعروف أيضا أن تركيا تحرم اللحى المرسلة ولبس الجلباب والعمامة وينص دستورها على منع ارتداء الحجاب في المواقع المملوكة للدولة مثل الدواوين الحكومية والمدارس،.. يحدث هذا منذ عقود طويلة ولم تخرج مظاهرات في عواصم إسلامية أو أوروبية تحتج على ذلك! وهناك دولة عربية مسلمة و"شقيقة" ممنوع فيها على موظفي الدولة قضاء حوائج النساء المحجبات،... أما خروج مظاهرات تندد بموقفها من المحجبات فأمر غير وارد لأن من تظاهروا ضد منع الحجاب في فرنسا يعلمون أن تظاهراتهم سيكون لها صدى من نوع أو آخر، وأن التظاهر حتى داخل فرنسا نفسها لن يجر عليهم الويلات.. ونحن مثل حكوماتنا لدينا خيار وفقوس، فما هو حلال على هذا حرام على ذاك،.. وأمريكا ودول أوروبا راضية على صابر نيازوف ومن ثم فإنهم لا يطالبونه بالكف عن اتخاذ القرارات السخيفة والمجحفة والكف عن ممارسة القمع الذي طال طالبا جامعيا هزم ابن أحد الوزراء التركمنستانيين في مباراة للتنس. 4 / وواصل نيازوف سخافاته إذ أصدر أوامر بترجمة كتاب -الروحنامة- إلى مختلف لغات العالم راصدا ملايين الدولارات من أموال الشعب التركماني الفقير لإنفاقها في هذا الغرض، كما أنه اشترط على الشركات الأجنبية العاملة في البلاد ترجمة آلاف النسخ من الروحنامة إلى لغات الأمة شرطاً لدخول المناقصات في قطاعي النفط والغاز. 5 / ويا ليت الأمر قد توقف عند هذا الأمر، بل إن نيازوف أمر السلطات الحكومية بزخرفة قباب الجوامع بمقتطفات من الروحنامة بشكل يجعلها تطغى على آيات القرآن الكريم، مما حدا بمفتي البلاد السابق نصر الله بن عبد الله إلى الاعتراض على هذا الأمر وتقديم استقالته، بل ورفض المفتي عدّ تركمان باشا وهو اللقب الذي يحب نيازوف أن ينادى به أي أبو التركمان رسولا أمينا وهو اللقب الذي يطلق على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد تعامل الرئيس نيازوف مع اعتراضات المفتي بتعسف إذ قرر إقالته من منصبه وتم تقديمه لمحاكمة سجنته 23 عاما بتهمة الخيانة العظمى. 6 / وقد استفاد نيازوف من العزلة التي فرضها على تركمانستان في تثبيت أركان حكمه فقطع الصلات بين بلاده والعالم لدرجة أنه لم يعد يعترف بالشهادات الجامعية التي منحت من الخارج حتى إذا كانت من أعرق جامعات موسكو أو واشنطن إدراكا منه أن هذه الكوادر يمكن أن تشكل نواة لمعارضته في يوم من الأيام. 7 / كما أن موظفي القطاع العام واسع الانتشار في البلاد لا يحصلون على ترقياتهم إلا إذا أجادوا قراءة وفهم ما يقدمه كتاب نيازوف الذي لا يزيد بحسب مجموعة من المراقبين عن مجموعة متلوية من التفاهات التقليدية المحرفة. لقد بلغ سخف نيازوف أن حاول استبدال -الروحنامة- بالقرآن الكريم وفرضه على معتنقي الأرثوذكسية في الكنائس بديلا عن الإنجيل، وهو ما خلق حالة من الهلع والفزع في أوساط التركمان المسلمين أو الأقلية المسيحية الروسية. 8 / أعلانه أن أي شخص يقرأ كتابه -الروحنامة- الذي ألفه في الفلسفة يضمن له مكانا في الجنة حيث ستمنحه القراءات الثلاث للكتاب غذاء روحيا للتعرف على الذات الإلهية على حد زعمه ويتوجه رأسا إلى الله!! وواصل نيازوف ترهاته بالزعم أنه طلب من الله بينما كان يكتب الجزء الثاني من كتابه أن يضمن للقراء المتحمسين عبورا سريعا إلى الجنة، مشيرا إلى أنه أراد خلق دستور جديد لسلوكيات مواطنيه بهدف تزويدهم بمجموعة من الأفكار عن كيفية تحولهم إلى مواطنين تركمانيين متميزين، وتعد ترهات نيازوف أحدث حلقة في المأساة التي يعيشها شعب تركمانستان. 9 / بعد ان اطلق اسمه على مدن ومطارات ونيزك اقترح تكريم الشهر الاول من العام بلقبه.واقترح نيازوف على مجلس الشعب التركماني ان يصبح اسم اول شهور العام (تركمانباشي) عوضا عن يناير (كانون الاول). وتركمانباشي (رئيس كل التركمان) هو اللقب الرسمي لنيازوف.وتستخدم الجمهورية السوفياتية السابقة حاليا التقويم الدولي وتترجم اسماء الشهور مباشرة من اصولها اللاتينية. واللغة الرسمية هي التركمانية.وستعطى الشهور الاخرى اسماء مثل (العلم) و (الاستقلال) و(روخناما) وهو عنوان كتاب تعاليم روحية شبه ديني كتبه نيازوف ونشر في العام الماضي.اما شهر ابريل فسيسمى (الام) في اشارة واضحة لوالدة نيازوف التي ماتت عندما كان طفلا. وانتشرت تماثيل لها في انحاء العاصمة عشق اباد في السنوات الاخيرة وان كانت اقل بكثير من عدد تماثيل ابنها.ومنح نيازوف رئاسة البلاد مدى الحياة عام 1999بالرغم من قوله انه ربما يتنحى ويجري انتخابات عام 2010.ولكن مجلس الشعب رفض خلال جلسته امس والتي بثها التلفزيون الذي يحمل صورة ظلية مذهبة لنيازوف في جميع الاوقات بشدة ذلك حيث اصر نائب بعد الآخر على انهم يريدونه في السلطة حتى توافيه المنية.! 10 / أصدر مرسومًا بوقف بناء المساجد في البلاد اعتبارًا من أول مايو 2004، بدعوى أن البلاد بها ما يكفي من المساجد، وطالب بتكثيف الرقابة على أموال الزكاة. ونقلت وكالة الأنباء الوطنية التركمانية عن نيازوف القول: "إننا نطبق قانون حرية الديانة في تركمانستان.. سنوقف بناء أي مساجد جديدة في البلاد من الآن، لكننا سنكمل بناء 3 مساجد يجري بناؤها.. كفى بناء مساجد. في بلادنا مساجد تكفي". وجاءت تصريحات نيازوف بعد لقاء مع أعضاء "لجنة الشئون الإسلامية بتركمانستان" التي طلب منها عمل امتحان خاص للأئمة المرشحين للتعرف على توجهاتهم السياسية، منتقدًا اللجنة؛ لأنها "تختار أي أحد لمنصب الإمام"، معتبرًا أنه "يجب على الإمام أن يكون مخلصًا لبلاده". 11 / وأصدر في فبراير 2004 مرسومًا بإنشاء معهد متكامل لإجراء الأبحاث والفحوصات لزراعة وإنتاج القمح، بقيادة خبراء أجانب. وتم إنفاق نحو 10 ملايين دولار على بناء المعهد، دون جدوى في دولة تمثل الأراضي الصحراوية 60% من مساحتها. لكن الأكثر غرابة من هذه القرارات هو إصدار مرسوم بإنشاء بحيرة مائية على مساحة 4 آلاف متر مربع في وسط الصحراء بتكلفة 5 ملايين دولار أمريكي، من المقرر افتتاحها بحلول العام 2008 بهدف أن تكون مصيفًا قريبًا من العاصمة عشق آباد. وتأتي كل تلك المشروعات "الغريبة والعجيبة" في بلد من أفقر دول وسط آسيا، حيث سجل معدل الفقر به 58% من عدد السكان البالغ 5 ملايين نسمة وفقًا لإحصاء 2003. وبالأمس / يموت ذلك الرجل الغريب والشاذ في كل ألأشياء والذي كان [ يوزع مقاعد الجنة على الناس الغلابة..!! للأسف الشديد لقد نسى نفسه !!!] .. ................... والسؤال الذي يطرح نفسه : ـ هل ستفيده مؤلفاته وتحمله الى الجنة ؟؟؟. ـ هل بأمكان الشعب التركمانستاني المسكين التخلص من كل تلك التماثيل الذهبية (أعدادها بالمئات) والمؤلفات والخزعبلات والتي تعد (بالأطنان) وبمختلف لغات العالم ؟؟؟. نعم فعلأ (عشنا وشفنا) .. مسكين هؤلاء الشعوب.. ووأغبياء هؤلاء الدكتاتوريات حينما لايتخذون العبرة من زملائهم الذين ماتوا و.................... الى جهنم وبئس المصير !!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |