شخبطة على الحائط

هل الانسان قرد شمبنزي تأنسن؟ وما الذي سوانا بشرا؟

توما شماني – تورونتو / عضو اتحاد المؤرخين العرب

tshamani@rogers.com

(داروين لم يكن فظا في قوله باننا سليلوا القرود، بيد انه لم يذهب اكثر مما قال) هذا ما قاله (فرانس دي وال) العالم في حياتية القرود من جامعة ايموري الاميركية، ثم اضاف يقول (نحن قرود في كل النواحي ابتداء من اذرعنا وارجلنا الطويلة وفقداننا للذنب وعاداتنا وطبائعنا). الانسان في 96% من مورثاته (الجينات) تشابه مورثات قرد الشمبنزي، ولكن لماذا يختلف الانسان عن اخيه  قرد الشمبنزي. ان دماغ الانسان اكبر ثلاث مرات من دماغ قرد الشمبنزي ودماغ الانسان اكثر تعقيدا من دماغ قرد الشمبنزي. هذا ماقاله (ديفد هوسيير) من جامعة كاليفورنيا في دراسته للخارطة الوراثية للانسان والخارطة الوراثية لقرد الشمبنزي، وبالقاء نظرات على مناطق الطفرات الوراثية السريعة البارزة يامل الباحث وجماعته تحديد المواقع الوراثية الانسانية وذلك في ممتدات الـ (دي ان اي DNA) حيث بدات التبدلات قبل اكثر من 6 الى 7 ملايين سنه، وهو الوقت الذي انفصل الاجداد الى نوعين حياتين بعد ان كانوا متشاركون بها ولايزالون. وقبل هذا من المرجح ان يكون اجداد الانسان الحديث والشمبنزي قد استولدوا بينهم انواعا مهجنة، ذلك ما تقترحه التحليلات الوراثية الحديثة. كانوا يرون ان الانفصال حدث بوقت اسرع مما كانوا يظنون وهو 6.3 مليون سنة بدلا من 5.4 مليون سنة وهذا ما كان مظنونا. وقد انطلق  التفرع في شجرة الثدييات قبل مايقرب من 9 ملايين سنة وهو ما ظهر في دراسات المتحجرات المكتشفة. اما الانفصال الاخير فقد حدث قبل 4 ملايين سنة، هذا ماقالته مجلة (نيجر) في هذا العام 2006  ولكن الامر هو الاختلاف في الفترات التي ظهر فيها الانفصال. الواقع ان الباحثين وجدوا حاملات الوراثة نوع X المسماة (كروموزوم  X) وهو مورث المرأة وجدوه شديد الشبه بكروموزوم الشمبنزي الانثى وربما يعني هذا هو الذي انتج الثديية المهجنة. اما العظام المتحجرة التي جرى عليها البحث فقد اكتشفت في الجاد في افريقيا.  وفي هذا العصر جري البحث على شمبنزي ذكر اسموه (كلنت) درسوا الـ (دي ان اي) من دمه بيد ان (كلنت) مات بالضربة القلبية شابا. قارنوا الخارطة الوراثية لـ (كلنت) الشمبنزي الذي يشاركنا في 96% من الـ (د ن ا) فوجدوا ان الخلافات الوراثية بين الانسان والشمبنزي اقل بعشر مرات من الخلافات القائمة بين الفأر والجرد. وظهر ان المورثات الخاصة بادراك الاصوات ونقل الاشارات العصبية وانتاج الحيامن اخذة في التطور اسرع في االانسان والشمبنزي بالمقارنة مع الثدييات الاخرى. رغم التشابه في خارطتي الانسان والشمبنزي الوراثية فان الباحثين وجدوا 49 مليون اختلاف بين الاثنين من بين ملايين جزيئات الـ (دي ان اي) والنويات. ورغم ذلك فقد قرروا ان هذه الخلافات الهائلة ليست ذات اهمية، ولكن الباحثون استطاعوا ايضا معرفة الفين من الخلافات المهمة لاعطاء الانسان شكله كانسان واعطته الفرصة لتقرير مشيتة وهبة الكلام. ويقول (ايفان آيكلر) من جامعة واشنطون في دراساته (اذا تساءل الناس ما الذي جعلنا بشرا، فانهم لن يجدوا آثار دخان) ثم يضيف قائلا (الا انهم ماشون في ايجاد اقتراحات فيما يجب عليهم البحث عنه). الواقع ان الابحاث الجارية الآن في موضوع الانسنة او الشمبنزة تدور في 49 موضع تتسارع فيها خطى التطور الوراثي والتي يسمونها (مناطق التسارع الانساني) واكثرها يتعلق بالدماغ ووظيفته. الواقع ان دراسة الخارطة الوراثية للشمبنزي الاقرب نسبا للانسان مفتاح مفيد جدا لفهم بيولوجيا او حياتية الانسان وتطوره بالاظافة الى ما يفهم من خارطة الانسان الوراثية ويساعد العلماء في مهمتهم في التعلم اكثر فيما كان السبب لافتراقنا عن الحيوان. هذا المشروع تتولاه مجموعة عالمية من العلماء تسمى (وفاق تسلسل الشمبنزي وتحليلاته) يشترك فيه 66 عالما في بحوث مشتركة. وهدفهم كما يتساءل ايكلر (ما الذي جعلنا بشرا) ثم يقول ان ذلك يمكننا تحديد لمناطق التي تحتوي المورثات التي احدثت تبدلات سريعة جدا في الارث الوراثي. الذي وجد هو حدوث طفرات مهمة فرقت بين الانسان والشمبنزي. والطفرات في المدلول الوراثي هي التبدلات المستمرة في الكائن الحي التي بمجموعها عبر الزمن الطويل يشكل طفرة حياتية. وقالت مجلة (نيجر) اذا نظرنا في الى نوعين من الضفادع منذ 10 ملايين سنة فاننا ربما لا نجد فروقا في الشكل او السلوك ثم تقول هناك فرضيات خاصة بتطور مشية الانسان وهي محددة بالخارطة الوراثية للانسان. هناك الكثير من الالغاز التي ماتزال غير محلولة ولكن الامل لايزال قائما في امكانية حلها لنعرف ما الذي سوانا بشرا وفصلنا عن الشمبنزي. الواقع ان الدراسات قائمة ايضا على دراسة العظام المتحجرة لمعرفة الازمنة التي ظهرت فيها سلالات متطورة من الانسان في احقاب زمنية مختلفة وقبلها حين كان فيها الاجداد البشر القردويون وثم الاجداد المنتصبوا القامات ويتنقلون على القدمين ولو على شكل بدائي. وكان الجد الذي اسمه (غراسيل) قصيرا شيئا ما. اما الاجسام الكبيرة للانسان بوجهه الصغير ودماغه الاكبر قليلا فقد جاءت متأخرة وبالاظافة الى هذا فان الانسان اصبح اكثر خبرة وتطورا في خبرته الثقافية والتكنولوجية البسيطة ما ساعده على العيش. ربما يمكن تقسيم الانسان الاول الى انسان شرق افريقيا والانسان (الهابيلس) المستعمل للادوات البدائية المصنوعة من الحجر الذي ظهر قبل مليوني سنة وكان اطول قليلا يملك دماغا اكبر قليلا وبعض الثقاة يقولون ان انسان شرق افريقيا كان رجلا والانسان (الهابيليس) كان امرأة. والمعروف ايضا ان تبدلات المناخ سارعت في عملية تطورات الانسان. بالمقارنة بين حجوم الادمغة نجد ان قحف ادمغة الشمبنزيات يتراوح بين 300 – 500 سنتمترا مكعبا اما قحف الرأس للانسان الاول فقد كان بين 509  -  752 سم مكعب اما الانسان الحديث فان قحف رأسه يتراوح بين 900 – 1880 سم مكعب وفي الوقت الذي اتسع فيه دماغ الانسان فان فمه غدى اصغر وكذلك اسنانه وخاصة الطواحن ويعني ذلك ان الانسان كان يختار الاطعمة الهشة . وعندما اصبح الانسان (هابيليس) يستنيط الادوات  اليديه من العزام والحجارة كآلات قبل 90 الف سنة في افريقيا فقد كانت هذه قفزه في تفكيره فبدأ بصيد السمك والحيوانات ومع مرور الاحقاب تطورت الآلات لتؤدي مهاما اكبر، ثم جاء العصر عندما بدأ الانسان بكتابة لغته على اشكال صور الحيوان والانسان ثم الارقام. وبعد ااتقانه الصيد انتقل الى الزراعة. واذا رجعنا الى الشمبنزي فانه يملك الان صفات بشرية منها ابعاد جثة الميت منهم ولهم بعض مراسيم الموت. كان المظنون ان الانسان وحده هو الذي يضحك، ففي تجربة وضعوا شمبنزي امام مرآة فوجدوه يتصرف وكانه يدرك انه كائن. الشمبنزي يظهر اشارات من الضحك عند لمسه وفي لعبة او دغدغته وبعض الشمبنزي يذهبون للصيد بمجاميع يقودهم ذكر. الاسم شمبنزي ماخوذ من لغة (الشيلوبا) الافريقية وتعني (الانسان المقلد) من باب السخرية. ومنذ ان ظهرت نظرية داروين في التطور ازداد اهتمام الباحثين بالشمبنزيات في علم الحياة وخاصة سلوكها وذكائها ولكنها بقيت غامضة حتى حل القرن العشرين. وقد شارك في البحوث علماء ثقات في علم النفس فنشر (كوهلر) دراسته الشهيرة (عقلية القرود). وفي دراسات اخرى ظهر ان معدل قوة الشمبنزي تفوق 5 مرات قوة الرجل ومن السهل له قتل انسان. واهم ما اهتموا به لغة القرود  فوجدوا ان الطالب في مستوى الكلية يخزن اكثر من 100 الف كلمة في ذاكرته اما معدل ما يستطيع تعلمه الشمبنزي فهو كلمة واحدة في عشرة ايام. اذا كان الشمبنزي ارتقى الى انسان فاننا نرى الكثير من البشر نزلت عقولهم بهم الى حد الشمبنزة ويهذا المنطق يتصرفون.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com