|
وزراء ولكنهم منافقون!! جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية
لا أعرف هل هي صدفة أم أن حظي العاثر هكذا ...!! أعيش في مدينة بالكاد أرى عراقياٌ.. لذلك أتخذت من مكتبتي الصغيرة ومن ألأنترنيت أقرب صديقين .. وفعلاٌ أن ( خير الجليس في الزمان كتاب ) .. مع ذلك أنا بشر وحتماٌ أحتاج أن التقي بأهلي وناسي في هذه المدينة .. ولكن ( منين ياحسرة ) .. هكذا هي الحياة في أوربا .. الجميع منشغلون بأعمالهم ..والا كيف يعيشون ؟؟. مع هذا وذاك قد التقي بأحدهم بطريق الصدفة ( رب صدفة خير من الف ميعاد ) .. تلك أيضأ قليلة جداٌ .. قبل أيام التقيت بأحدهم في الكافتريا الذي يملكه أبني الكبير ( آلان ) حيث أتواجد عصر كل يوم لساعتين أو أكثر فذلك أصبح مكاني المفضل لأسباب عديدة أهمها أنه وسط البلد!! ، التقيت به فوجدته متعباٌ ككل العراقيين بسبب الوضع الحالي ، حيث ألأخبار السيئة كل يوم.. وكان قد عاد قبل أيام من القاهرة ، حيث كان قد أمضى أجازته السنوية هناك .. فحدثني عن وجود الكم الهائل من العوائل العراقية .. ياسبحان الله أنقلبت ألأية .. هجرة معاكسة الى ( مصر ) .. ففي الثمانينات هجر الملايين من ألأشقاء المصريون الى العراق من أجل لقمة العيش .. أما العراقيون يتواجدوا على ( أرض الكنانة ) خوفأ من ألأغتيالات والخطف.. وآلآن العكس!!. .. هكذا هي الحياة !!. حدثني عن أن العراقيون يقدمون على شراء ( ألأملاك ) بشك ملفت للنظر ، حتى أمسوا مسببين أرتفاع أسعار الشقق يشكل ملحوظ .. حيث تترواح سعر الشقة ( حسب المنطقة ) بين 25 ــ 50 الف دولار وأكثر !!. بعد شرب الشاي والقهوة .. سألني صديقي : ـ ياهذا .. ياترى لماذا لايقوم المسؤلون العراقيون الكبار بتقديم مذكرة الى الحكومتين ألأمريكية والبريطانية لتحسين الوضع .. لابد من أن هنالك حل!!.. لكون أذا أستمرت الحالة هكذا سينتهي أهلنا في العراق بين الأغتيال وألأختطاف والهجرة !!!. كلام جميل ولكن الرد صعب... ولكن فجأة تذكرت حادثة رواها لي / الدكتور عبد الكريم هاني / وزير العمل والشؤون ألأجتماعية ألأسبق ، والذي كان معنا في معتقل / أبوغريب .. و كان محكومأ بمدى الحياة لأشتراكه في مؤامرة لقلب نظام الحكم السابق. لقد روى لنا هذه الحكاية الجميلة والطريفة في آن واحد : قبل أكثر من ثمانين عاماٌ عند تشكيل أول وزارة في العراق ، بعد الحرب العالمية ألأولى ، وكان عدد الوزراء على عدد أصابع اليد الواحدة وكانت برئاسة السيد ( عبدالرحمن النقيب الكيلاني) وكان في الثمانين من عمره تقريبأ .. وقد أشرف الحاكم البريطاني العام على تشكيلها وجرى أختيار ( طالب باشا النقيب) من البصرة ( ولاعلاقة له بعبد الرحمن النقيب غير علاقة النسب النبوي) وزيراٌ للداخلية ، وكان النقيب شخصية قوية جداٌ بحيث كان يطمح بعرش العراق أو بأنتخابه رئيسأ للجمهورية أذا أتفق على على أقامة نظام جمهوري ، وقد سبق له الخدمة في الدولة العثمانية كمتصرف في البصرة وألأحساء ..الخ ، وكانت وزارة الداخلية الجديدة أكبر وزارة وأكثرها أهمية ومسؤليات ، وعندما جرى الحديث على رواتب الوزراء، بدأ هذا ( النقيب) يطلب راتبأ أكثر من بقية الوزراء مبررأ ذلك بالمسؤليات الكبيرة التي يقوم بها وتنوع فعاليات وزارته .. الخ ، وبدا الضغط على الوزراء ألأخرين كي يوافقوا على هذا الطلب وأستمرت هذه الحملة وراء الكواليس فترة من الزمن ، وحين كان الوزراء يلتقون خارج الجلسات الرسمية كان بعضهم يحرض البعض ألأخر على رفض هذا الطلب ويلح على ألأخرين الا يكونوا ( جبناء)، على أساس أنهم جميعأ أسمهم وزراء ، فلماذا يفضل بعضهم على ألأخرين ؟؟. وحين تقرر أن يناقش الموضوع بصورة رسمية وعقدت الجلسة ، طرح ( سكرتير المجلس) هذا الموضوع وتلى كتاب وزارة الداخلية في طلب تمييز راتب وزيرها ، فبدا أشد الوزراء تحمسأ ضد ألأقتراح حين كان خارج الجلسة الرسمية ، فطلب الكلام وقال : أن ضخامة العبء الملقى على عاتق السيد وزير الداخلية وسعة مسؤليات دوائرها ومقام ( السيد طالب النقيب) وشخصيته الفذة ، توجب أن يكون مميزأ عن الباقين ولذلك فأنه ( أي المتكلم ) يؤيد طلب وزارة الداخلية بقوة!!!... وأضاف : شخصيأ أنا موافق على ألأقتراح !!. وتكلم متحمس أخر موافق.. وكذا ألأخر ( موافق ) أيضأ.. فوصل ألدور الى / عبد المجيد الشاوي ، وربما / جعفر العسكري ، لتشابه شخصيتيهما وأشتهارهما بـ ( النكات القوية ) فقال : ــ أني هم منافق !!!. مربط الفرس : من دون تجريح .. أنها حقائق .. أنا شخصيأ لا أعتقد بأن هنالك مسؤلاٌ عراقيا ( مهما كان ) أن يتجرأ ويناقش سفير أمريكا / خليل زاد ويقول له ( هذا صحيح وتلك لاء ) !!!. .. كلام السفير لاتقبل المناقشة أطلاقأ!!. .. وما بالكم بمناقشة الرئيس / بوش.. أو رئيس وزراء بريطانيا / توني بلير ؟؟؟. وهذه هي الطمة الكبرى .. لذلك سجلوا على أنا أيضاٌ .. أصرخ وأقول : ــ أنا أيضاٌ منافق !!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |