طريق الموت .. في بلد الموت

 جواد كاظم أسماعيل / اعلامي وكاتب عراقي

منذ زمن بعيد وابناء محافظات الجنوب كانوا يحلمون ان تمتد يد الاعمار  الى الطريق الذي يربط محافظاتهم بالعاصمة الحبيبة بغداد والذي يسمى مشهورا  بطريق  ناصريه---كوت كون هذا الطريق ذو ممر واحد وقد حصد الكثير من الارواح البريئة. وبقى هذا الطريق  الهالك منذ انشاؤه حتى يومنا هذا مهملا رغم المأسي الكثيره التي تحصل  بسببه..
   هذا الطريق الذي يبلغ طوله حوالي(350(( كيلو متر..  ولايتجاوز عرضه عن خمسة امتار وقد تقلصت المسافة لتصبح بمرور الزمن  اربع امتار فقط نتيجه لعوامل الدهر القاسيه. وقد ابتلعت فرامل هذا الطريق  كثير من النفوس البريئه وقد تشبعت تخسفاته ومطباته المليونية بدماء المساكين من المسافرين الذين  يقصدون العاصمة لانجاز عمل او لاغراض الدراسة او امور اخرى كثيره..
   حيث لايخلو يوم الا ونسمع فيه عن حادث او حادثين في مواقع متباينه منه  وقد بلغت الضحايا على هذا الطريق- الشبح المرعب- الذي يسمى بطريق الموت  ارقام لايصدقها عقل.
   ولاجل هذا ذهبنا الى مديرية مرور ذي قار لتزودنا بالارقام والاحصائيات  الان المسؤولين في هذه الدائرة امتنعوا عن ذلك بحجة عدم ادخال الرعب في  قلوب الناس..
   لقد تعاقبت على هذا الطريق النحس حكومات عديده ولم يدخل هذا الطريق ضمن  اهتمامات اية حكومه      ابتداءا من حكومة البعث والحكومات التي تلته.. ولم يدخل ضمن برامج اي  منها الا اننا استبشرنا خيرا حينما علمنا بواسطة وسائل الاعلام عن ان  الطريق تم احالة اعماره الى مقاول عراقي وعن طريق وزارة التعمير والاسكان  حيث دخل السرور بحق الى افئدتنا  المرتجفة عند سماعنا هذا الذي يعد لدينا اكبر من فرحة العيد لدى الاطفال  الابرياء كونه تم اهماله عمدا من قبل سلطة البعث- السرطان- وكون الة الموت لديه اسرع من الة  المقاصل التي استخدمها صدام ضد الابرياء من ابناء الشعب لكن فرحتنا لم تدم  طويلا حيث صدمنا حينما علمنا ان المقاول طالب الحكومة بزيادة نسب الاجور ورفض العمل بالمشروع نهائيا  تاركا أليات عمله على جانبي الطريق تعشعش بها فئران الخراب..
  وقد دخلت القضية اروقة المحاكم.. وكم هو معلوم ان مثل هكذا قضايا كيف  ومتى تحسم؟.. رغم ان الموضوع لايحتمل التاخير اطلاق.. فلابد  لنا هنا ان  نضع اكثر من علامة استفهام ونطرح اكثر من سؤال امام المعنيين حول هذا الامر .. اولهم.. هو ان الجهة  الحكومية التي تعاقدت مع المقاول المشار اليه.. الا تعرف عنوانه وتلزمه بشروط  التنفيذ التي ابرمتها معه وتخضعه الى القانون في حال مخالفته لتلك الشروط؟ ثم تحيل الموضوع الى مقاول اخر  ضمن شروط جديدة اكثر صرامة حفاظا على الوقت واهدار المال العام..
وثانيهم.. نود تذكير الحكومة والوزير المعني ومجالس محافظتي واسط وذي قار باعتبارهما المحافظتين  المعنيتين بهذا الامر .. نذكرهم ونقول لهم ان تصادم قطارين في اوربا قد يقال   بسببهما وزير وان حادث اخر تزهق فيه ارواح بريئه نتيجة حالات طارئه تحل بسبب ذلك حكومة كاملة وانتم  لايتحرك لديكم ضمير لارواح تزهق يوميا بسبب هذا الطريق وان الحل بايديكم  هو تخصيص اموال مناسبة واختيار شركة معروفه بالنزاهة والمثابره  والسمعة الطيبه او مقاول تنطبق  عليه هذه المواصفات لتنفيذ المشروع المعطل منذ اكثر من سنتين وانتم ايها  الحكومه لاتحركوا ساكن؟
ام ان الارواح بالنسبة لكم لاتساوي شئ ولاقيمة لها عندكم وهي غالية الثمن  بل تعادل الكون باسره لدى الاورببيين؟ لماذا تبقى قيمة الانسان في بلداننا  المغضوب عليها دائما رخيصة الثمن؟ هل هو الخلل في الحاكم ام المحكوم؟.. وهل ينفع استشفاعنا  هذا؟ ياسادة .. ياكرام.. ياحكومة.. وهل تذهب استغاثتنا هذه ادراج الرياح  كسواها من الاستغاثات المتكررة..

ونعود مضطرين لترميم توابيتنا استعدادا للرحيل؟ ام ان صرختنا هذه تصبح  امنية ترقص في عالم الخيال.. اعلموا ايها الساده ان الاحبة والاعزاء وانين  وعويل الثكالى والارامل واليتامى التي خلفها هذا الطريق-- طريق الموت هي بذمتكم الى يوم الدين  شئتم ام ابيتم وعندها الاتنفعكم لاحجتكم ولاعمرتكم لان قضاء حوائج الناس  افضل من الصلاة والتنفل بالمسجد الا توجعكم صرختنا هذه وان لم تسمعونا وان اذانكم قد  اصابها الصم  فان الله يسمع صرختنا وهو ولي بعباد وهو خير الناصرين.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com